كعادته سماحة السيد حسن نصرالله يتحدث بعمق وحكمة وطول صبر ...شارحاً مقاصد ومرامي واهداف العمليات التي تنفذها الجماعات التكفيرية والإرهابية بحق الضاحية الجنوبية،والتي تريد فيها خلط الأوراق،وتشعيب الفتن في مجتمعات أدخلتها تلك الجماعات وحواضنها ومن تقف خلفها تمويلاً وتسليحاً وإمداداً بالخزان البشري المتطرف الفائض عن الحاجة في خلق الفتن المذهبية والطائفية،الجريمة البشعة التي حدثت في عين السكة في برج البراجنة من قبل منتحرين إرهابيين،والتسريبات بشأن كون اثنين من القتلة المنتحرين فلسطينيي الجنسية،كان الهدف منه خلق فتنة بين فلسطيني مخيم برج البراجنة خاصة واهل البرج والطائفة الشيعية عامة،ونزع الفلسطينيين من البيئة المقاومة الحاضنة لهم،وكذلك كان الهدف تهديد الامن والاستقرار الداخلي والسلم الاهلي في لبنان،وتشكيل عامل ضغط شعبي على حزب الله لوقف مساندته ومشاركته للجيش السوري والدولة السورية حربها على الإرهاب هناك ضد عصابات القاعدة ومتفرعاتها من "داعش"،النصرة"،"جند الشام" و"احرار الشام" وغيرها من المجاميع الإرهابية من الألوية والكتائب التكفيرية.
سماحة السيد حسن نصر الله قال بان اعتقال احد الإرهابيين من طائفة ما،ليس حجة على هذه الطائفة،فالطائفة سنية او شيعية بعلمائها وشيوخها ومفكريها ومثقفيها وقادتها لا يقرون او يتفقون او يوافقون على تلك الجرائم الوحشية،وكذلك لو كان احدهم من اللاجئين السوريين في لبنان، فلا يعني ذلك ان نجرم اللاجئين السورين بذلك،ونحملهم مسؤولية هذا الإرهابي.
إطلالة سماحته يوم السبت الماضي وبهذه السرعة القياسية،هي اتت من اجل وأد الفتنة وامتصاص أية تداعيات قد تنتج عن مثل هذه التفجيرات،تداعيات تشعل الفتن على اكثر من جبهة وساحة بهدف خلط الأوراق،ولذلك هو قال للإرهابيين ومشغيلهم ومموليهم وحاضنيهم" تفترضون أن قتل رجالنا ونسائنا وأطفالنا وهدم بيوتنا وحرق أسواقنا يمكن أن يضعف الإرادة والعزم لدى المقاومة أو يغير في رؤيتنا وبصيرتنا فإنهم مخطئون،بل هذا يزيدنا عزيمة وبعد ذلك نحن سنبحث عن جبهات مع «داعش» ليكون حضورنا أقوى للوفاء للشهداء الذين سقطوا في هذه التفجيرات".
هذا هو القائد الحقيقي،الذي تستلهم منه الشعوب فكراً وثقافة ووعياً ونضالاً وإنسانية واخلاقاً،ليس من تعميهم مصالحهم واجنداتهم وحقدهم عن إدانة وإستنكار مثل هذه العمليات الإرهابية الوحشية،محاولين ان يجدوا الحجج والأعذار لإرتكابها والقيام بها.
"غول" الإرهاب هذا الذي ربوه واحتضنوه واوجدوا له البيئة الحاضنة وسخروا له كل مقدراتهم من مال واعلام وسلاح وفائض بشري يريدون الخلاص منه،وما رافق ذلك من دعم استخباراتي ولوجستي وتدريبات عسكرية وغرف عمليات مشتركة وفنادق وإقامات،بعد التدخل العسكري الروسي المباشر ومشاركة القوى الجوية الروسية في توفير الدعم الجوي للقوات السورية،وما لحق بتلك المجاميع الإرهابية من هزائم ساحقة وخسائر بشرية كبيرة،ودخولهم في مرحلة الإفلاس والأزمة،لم يعكسوا أزمتهم وإفلاسهم وإنهياراتهم على الضاحية الجنوبية فقط،بل على من شغلهم واستخدمهم ووظفهم خدمة لمشاريعه وأجنداته ومصالحه،حيث ضربوا قلب باريس في عمليات منظمة ومخططة ومدروسة،موقعين أكثر من مئة وخمسين قتيلاً وأكثر من مائتي جريح من المواطنين الأبرياء.
ولعل هذه الضربة المؤلمة والموجعة والتي نحن نستنكرها وندينها وفق نظرتنا بأن الإرهاب واحد مارسته دولة او جماعة او فرد،ولا يوجد إرهاب جيد أو إرهاب سيء،كما تحاول بالذات باريس ومن معها من أمريكان وغرب استعماري ومشيخات نفطيه عربية ودعاة الخلافة من التتريك وغيرهم،ان يفصلوا ذلك خدمة لأجنداتهم ومصالحهم واهدافهم في الشام،تجعل فرنسا تدرك بأن الإرهاب ومجامعيه لا يمكن السيطرة عليه،ويشكل خطراً على البشرية جمعاء،وان عليهم ان يعدلوا ويغيروا من مواقفهم ونظرتهم لتلك المجموعات الإرهابية،وان يتعاونوا مع الدولة والقيادة السورية في دك اوكار تلك الجماعات الإرهابية واجتثاثها.
في عملية عين السكة حدد سماحة السيد حسن نصرالله مسؤولية "داعش" المباشرة عن العملية،وطبعاّ له هذا تداعياته وتبعياته وما سيبنى عليه لاحقاً،وكذلك لأول مرة تتبنى "داعش" بشكل واضح المسؤولية عن التفجيرات الإجرامية في الضاحية الجنوبية،وهذا الذي حدا بسماحة السيد للقول سنوسع من دائرة المواجهة الميدانية مع "داعش" ،أي ان الحزب لن يكتفي بالدفاع،بل سينتقل الى مرحلة مهاجمة تلك العصابات المجرمة في اوكارها.واضح بأن قرار الحزب يعني مطاردة "داعش" في كل الساحات العربية في لبنان وسوريا والعراق وليبيا وحتى اليمن،هو قرار استراتيجي بمجابهة الإرهاب واجتثاثه حتى النهائية،ولا هودة في محاربة الإرهاب.
سماحة السيد حسن نصرالله كان دائماً موحداً وداعياً لواد الفتن والتنبه والحذر من المؤامرات المستهدفة لهذه الأمة ووجودها،ألم يقل سماحته بأن هذه الملايين التي تضخ من أجل تدمير الأمة وإدخالها في حروب التدمير الذاتي،وكذلك الخزان البشري الفائض من المتطرفين لو أرسل منه جزء يسير الى فلسطين،بدل تدمير سوريا والعراق وغيرها من البلدان العربية لتحررت فلسطين.
بقلم/ راسم عبيدات