ثمة اساسيات يجب ان لا تغيب وارتكازا للتجربة الحركية والتجربة الوطنية بعيدا عن المشوشات والعواطف المرافقة لهذه السلوكيات ، تلك المذهبات للقدرات والمفاهيم الحركية التي نخرت الجسد الحركي وبشكل اوسع الجسد الوطني ، ولان فتح ومنذ انطلاقتها عبرت عن نفسها بانطلاقتها وادبياتها واهدافها الاستراتيجية والمرحلية وعملت على ذلك .
فتح بديمومتها وتجربتها التفاعلية سواء على المستوى الخارجي او ما يحيط بها وبتطور مفاهيم الصراع مع الاحتلال على المستوى الذاتي والاقليمي والدولي وما اضفى من نجاحات في بعض الحقول واخفاقات في حقول اخرى ، واختلافات داخلية وخلافات وتوافقيات، يبقى العمود الفقري للاساس لا للاستثناء ان فتح تمثل رأس المشروع الوطني والتي يجب ان لاتغيب عنها شمس انطلاقتها وشهدائها وجرحاها واسراها وما تمثله من القيم النضالية العليا للشعب الفلسطيني.
مرت في تاريخ فتح منعطفات ومحطات فرضها الصراع تارة وفرضتها ايكونتها الداخلية المتحركة ولانها حركة تحرر تأخذ بالثوابت الوطنية وادوات واليات تنفيذها عنصرا لوحدتها ، تلك الثوابت التي لا تتناقض مع مطالب الشعب الفلسطيني بل تعبر عن جذور الماساة والنكبة وتاخذ بالاعتبار المتغيرات على الارض على المستوى الاقليمي والدولي ،محطة بل محطات انطلقت منها تناقضات داخلية وخلافات ادت الى انشقاقات اثرت على وحدة فتح وعطائها وادائها ، ولكنها حافظت على عممودها الفقري التي اراد له الكثيرين الشلل والعطل الفقري .
في جميع المنعطفات لم يكن في فتح وعاء كافيا لخاصية الجمع لا الطرح بل ظهرت التيارات الداخلية ومراكز القوى لتعبر عن نهج سلوكي وفعلي وتفاعلي في داخلها رافقه استهدافات تصفوية من العدو الاسرائيلي ، وظهرت خاصية الاقصاء بسلوكياتها النرجسية لتفرض برنامجا سياسيا وامنيا ومظاهر اقتصادية ابتعدت خطوات شاسعة عن مطالب الكوادر والقاعدة التنظيمية المهمشه بل افتقدت فتح خاصية التلاحم بين جماهيرها وحاضنتها الشعبية التي تمثل الشعب الفلسطيني والقوى الشعبية العربية .
في جميع المنعطفات كان الشعار والسؤال : كيف نمارس الاصلاح في فتح في غياب العامل الديموقراطي وغياب النظام ..؟؟ كيف نمارس الاصلاح وتطبيق مبدأ المحاسبة والرقابة على الاطر الاعلى في ظل سياسىة تحديد الخيارات والمتجهات التي قد تفرض قصرا على مؤسساتها ..؟؟؟ كانت الامور في منتهى التعقيد.
التيار الاصلاحي الديموقراطي الذي لم يغيب في اي زمن من ازمنة التجربة بدأ من انطلاقتها الاولى الى محطات بارزة في حياتها الى 1970 و 1974 و1982 و1994و2004م وحزمة قرارات الفصل والاقصاء التي مورست والتي بدأت في يونيو 2011م بحق عضو المركزية محمد دحلان واخوة اخرين.
التيار الاصلاحي الديموقراطي هو من اشد الحريصين على وحدة فتح ووحدة برنامجها وان صادف كثير من العراقيل والمصدات بغية تنحيته عن دائرة الفعل والتفاعل والقرار ، ولكنها معركة وطنية حركية بامتياز امام كثير من اوجه الفساد بكل الوانه التي اضعفت الجسد الحركي وشوهته امام الشعب بل اضعفت الفعل الحركي الوطني وتعامله مع الصراع الوحيد الذي يعتمده التيار الاصلاحي الديموقراطي مع الاحتلال.
يحرص التيار الاصلاحي الديموقراطي على توفير مناخات مفتوحة للراي والراي الاخر واحترام كافة وجهات النظر في اطار الخيارات الوطنية والمعمول بها في نظامها الداخلي وبرامجها الاستراتيجية والمرحلية ، في حين لابد اذابة الخلافات والهواجس ونظرية المؤامرة في داخل الاطر والمؤسسات الحركية والوطنية .
الاخ محمد دحلان ولقطع كثير من التساؤلات والتشكيك في ماهية التيار الاصلاحي الديموقراطي واخوة اخرين امتداد سلوكهم الاصلاحي منذ عقود وسنوات ان الاخ محمد دحلان هو على رأس هذا التيار واخوة اخرين دفعوا اثمانا باهظة لتبنيهم فكر الاصلاح الديموقراطي ، ولا ينفصل هذا التوجه عن مطالب القاعدة العريضة الحركية بل اصبح مطلبا شعبيا فلسطينيا ، مديمومة الاصلاح هي من عمق وجذور الديمومة الحركية وبقائها ، ويجب ان يفهم الجميع ان وحدة فتح لا خيار دونها ، وحدة فتح ، وحدة فتح ، وحدة فتح،
المصالحة مع الاخ الرئيس ابو مازن هي مطلب ملح لاعادة فتح لقوتها وامل الجماهير الفلسطينية بها ، ومن هنا يجب ان تخرس كل الاصوات الناعقة التي تجد في الماضي ملاذ لها ولنفوذها ومصالحها وتحاول ان تعيق الجهود المبذولة للمصالحة ، ولان هؤلاء عاشوا حياتهم على بذر نبتات التشكيك والوهم والفرقة في داخل اطر فتح ومؤسساتها وعبر تاريخها .
يجب ان تمثل القاعدة الفتحاوية واطرها القيادة اوراق ضاغطة في اتجاه اتمام المصالحة التي ستكون تاريخية في حياة فتح والحركة الوطنية الفلسطينية ، وكي نتلافى اخطاء لم تحسم في الماضي بحلول خلاقة اثرت على الجسد الحركي ، والوعاء النظيف في هذه المرحلة من يبحث ويكرس وحدة الحركة ووحدة ابنائها ، وهذا موقف وسلوك واخلاقيات ومباديء القائد الفتحاوي محمد دحلان زالديموقراطيين الاصلاحيين ، وكما قال كفانا خلاف واختلافات ولنغلق صفحة الماضي لانقاذ ما يمكن انقاذه من سلطة ومنظمة واقول فتح التي تنادينا ان نتجمع لا ان نطرح بعضنا البعض ، فالظرف عصيب على الجميع بل على مستقبل فتح والحركة الوطنية بل على القضية برمتها .
بقلم/ سميح خلف