رفع الرسوم على القضايا في المحاكم له انعكاسات على المجتمع الفلسطيني والمطلوب إصلاح منظومة العدالة في فلسطين

بقلم: علي ابوحبله

قرار مجلس الوزراء برفع الرسوم على المواطنين أضعاف ما هو محدد سابقا من شانه أن يرهق المواطن وتضيع الحقوق بسبب عجز المواطن عن دفع الرسوم الباهضه المعدلة ، وقد يدفعه ذلك للجوء إلى غير القضاء لتحصيل حقوقه . مما يخل بالتوازن الاجتماعي والأمن الاجتماعي .
إن استناد الحكومة في قرارها رفع الرسوم ا إلى قانون رسوم المحاكم بنص المادة 17 والتي جاء فيها " لمجلس الوزراء تعديل الرسوم ألمبينه في الجدول الملحق بهذا القانون حسب مقتضى الحال " ، وهنا تفسير مقتضى الحال يحتمل الكثير من التأويل والتفسير ، فإذا كان قصد المشرع في مقتضى الحال رفد خزينة ألدوله في زيادة المدخولات من خلال زيادة الرسوم معنى ذلك تجاهل مصلحة المواطن مع أن الأساس في التشريع مصلحة المواطن قبل غيرها من المصالح وإذا أخذنا بذلك فان مقتضى الحال هو بالنظر للأحوال المعيشية للمواطن وفق المنظور الاقتصادي إذا كان باستطاعة المواطن تحمل الزيادة في الرسوم من عدمها ، وللحقيقة أن التشريع هو في الأساس لمصلحة المواطن وتفسير مقتضى الحال في الوضعية الحالية للشعب الفلسطيني هو أن الشعب الفلسطيني في غالبيته يعيش في خط الفقر إذا ما أخذنا بعين الاعتبار لمستوى المعيشة المرتبط بمستوى المعيشة للإسرائيلي ، فخط الفقر في إسرائيل لمن يتقاضى راتب اقل من خمسة آلاف شيقل بينما الفلسطيني الذي يعيش دون خط الفقر فان متوسط الراتب لا يتجاوز ألف وأربعمائة شيقل وهنا لا بد من تفسير مقتضى الحال لمستوى المعيشة للفرد الفلسطيني وقدراته في دفع الرسوم من عدمها والتي يجب الأخذ بها .

استنادا للقانون الأساس الفلسطيني الذي كفل للمواطن حقوقه وكفل له حق التقاضي فقد نصت المادة 30 إلى أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ، ولكل فلسطيني حق الالتجاء الى قاضيه الطبيعي وينظم القانون إجراءات التقاضي بما يضمن سرعة الفصل في القضايا ،
وبالرجوع إلى نص المادة 41- 1- يصدر رئيس السلطة الوطنية القوانين بعد إقرارها من المجلس التشريعي الفلسطيني خلال ثلاثين يوما من تاريخ إحالتها إليه وله أن يعيدها خلال ذات الأجل مشفوعة بملاحظاته وأسباب اعتراضه وإلا اعتبرت مصدرة وتنشر فورا في الجريدة الرسمية .
وقد قيدت المادة 88 من القانون الأساسي سلطات مجلس الوزراء في إصدار المراسيم إذ أن تعديل رسوم المحاكم تم بموجب مرسوم وهو ما يتعارض في مضمونه ونصه مع المادة ( 88 ) من القانون الأساس الفلسطيني التي نصت ( فرض الضرائب ألعامه والرسوم وتعديلها وإلغائها لا يكون إلا بقانون ولا يعفى احد من أدائها كلها أو بعضها في غير الأحوال المبينة في القانون .)

لقد نصت المادة 97 من القانون الأساس إن السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وحدد القانون طريقة تشكيلها واختصاصاتها وتصدر أحكامها وفق القانون .
وان المادة 100 من القانون الأساس حدد كيفية إنشاء مجلس القضاء الأعلى حيث جاء بنص المادة ( ينشأ مجلس أعلى للقضاء وبين القانون طريقة تشكيله واختصاصه وقواعد سير العمل فيه ، ويؤخذ رأيه في مشروعات القوانين التي تنظم أي شان من شؤون السلطة القضائية بما في ذلك النيابة ألعامه .
إن التمعن في مجمل تلك النصوص في القانون الأساس وفي القوانين ذات الصلة جميعها تؤكد أن رفع الرسوم على القضايا في المحاكم مخالف لهذه القوانين وفيها ضرر يلحق في المواطن الفلسطيني الأمر الذي له انعكاسات وسلبيات في المجتمع الفلسطيني .

هناك أولويات يجب أخذها في الاعتبار قبل إصدار مرسوم برفع الرسوم على القضايا كان من المفروض أن تتعلق بخطة لإصلاح منظومة العدالة في فلسطين وذلك :-
انطلاقا من مبدأ سيادة القانون وحرصا على المصلحة العامة ومبدأ الفصل بين السلطات وبناء دولة القانون وعملاً بمقولة إذا صلح القضاء صلح كل شئ ونظرا لوضع القضاء الذي يتطلب خطة لإصلاح وتطوير منظومة العدالة الفلسطينية منها :

- تطوير المحكمة العليا بقسميها محكمة النقض ومحكمة العدل العليا

أ- تطوير عمل محكمة النقض لما ذلك من أهمية في إصدار وإرساء المبادئ العامة للقانون

ب- تطوير القضاء الإداري ليصبح على درجتين من التقاضي لتكون محكمة العدل العليا محكمة استئناف للقضايا الإدارية وإنشاء محاكم إدارية في كافة المحافظات وتضمين القضاء الإداري مبدأ التعويض إضافة لما هو معمول به وهو الإلغاء ضمن مفهوم القضاء الموحد

ج- إنشاء نيابة إدارية متخصصة وتباشر مهامها باسم الحق العام وتوسيع صلاحياتها في ذلك بالاطلاع على القرارات والأنظمة واللوائح التي تصدر عن أشخاص القانون العام وإعطائها صلاحية إرسال الإخطارات في حالة مخالفة القانون وفي حالة عدم امتثال مصدريها التوجه للقضاء لإلغائها

- تفعيل مبدأ المحاسبة والمسألة والشفافية في كافة قطاعات منظومة العدالة(القضاء ،النيابة ، المحامين ،......ألخ )

- العمل بمبدأ التدوير بين النيابة والقضاء

- رفع سن التوظيف لأعضاء النيابة والقضاء إلى سن 30 ومعاوني النيابة إلى 25 سنة و الحصول على إجازة مزاولة مهنة المحاماة

- جعل سن التقاعد للقضاة 60 سنة بدل 70

- العمل بمبدأ الانتداب من الأعلى للأسفل ومن الأسفل للأعلى

-اعتماد مبدأ التخصص للقضاة وان يكون الانتداب وفق هذا المبدأ

- اعتماد نظام الدرجات للقضاء والعمل بمبدأ الكفاءة والمهنية للترقيات

-إعداد المباني اللائقة والمناسبة للمحاكم ورفدهم بالعدد الكافي من القضاة وأعضاء النيابة والموظفين كل حسب اختصاصه

-تحديد السقوف الزمنية للفصل في القضايا عملا بالمبدأ القائل القضاء المتأخر هو الظلم بحد ذاته واقتراح بان يكون الفصل وإصدار الأحكام في كافة القضايا في مدة أقصاها ثلاثة شهور ما عدا القضايا الجنائية يكون ستة شهور وأن تكون التأجيلات بين الجلسات تتراوح بين ثلاثة وعشرة أيام حسب تقدير القاضي وتحديد ساعات للنظر في القضايا

-التعيينات في منظومة العدالة على مبدأ تكافؤ الفرص

-إنشاء مجلس قضاء انتقالي مكون من قطاعات العدالة والمتمثلة من مجلس القضاء والنيابة العامة ونقابة المحامين ووزارة العدل وكليات الحقوق وهيئة مكافحة الفساد

-العمل على تشريع وتعديل القوانين اللازمة وكذلك المتعلقة بالحقوق والحريات ووضع ضوابط للتوقيف

- إنشاء المحكمة الدستورية المنصوص عليها بالقانون

- ضرورة التكامل والتعاون فيما بين أركان العدالة لما ذلك من دور هام وبناء في بناء دولة القانون وسيادته بعيدا عن الأجندات الخاصة

- حل مشكلة الانتدابات الباطلة وكذلك القضايا التي شطبت نتيجة موجة الاحتجاجات

- تفعيل سياسة تدوير المناصب والوظائف منعا للوقوع في الشبهات وتكريسا لمبدأ الشفافية والنزاهة والمسألة والمحاسبة.

- دوام السادة القضاة والنيابة .....الخ

- استقلال ميزانية السلطة القضائية واعتمادها على وارداتها لما ذلك من أهمية في إرساء مبدأ الفصل بين السلطات وعدم وقوعها تحت تأثيرات السلطات الأخرى

واستنادا إلى ما تقدم فان مصلحة الوطن والمواطن هو في اخذ مجلس الوزراء لما فيه المصلحة ألعامه وفق مقتضيات ما تتطلبه تلك المصلحة مع الأخذ بعين الاعتبار للوضعية المعيشية والاقتصادية وتطلعات المواطن الفلسطيني للإصلاح القضائي حتى تستقيم العدالة في فلسطين وذلك قبل إصدار أية قرارات تثقل من كاهل المواطن قبل الإقدام على عملية الإصلاح والتطوير التي يتطلع المواطن لتحقيقها ضمن خطة وطنيه للنهوض في مؤسسات دولة فلسطين

 علي ابوحبله