من السهل ان نرفع شعار البناء سواء على مستوى الدول او المؤسسات او حركات التحرر او الثورات الاصلاحية والتصحيحية ، ولكن من المهم ان نحدد مفاهيم البناء على المستوى المرحلي او التكتيكي والاستراتيجي، وكلمة البناء تشمل ، تشييد العمل واصوله امرحلية بغية الوصول للهدف الاستراتيجي ، ومن هنا نستطيع تقييم مقدار النجاح والفشل .
وما يهمنا هنا تناول مفهوم البناء في حركات التحرر والثورات التصحيحية او الاصلاحية ولكل لها مقوماتها وظروفها وعناصرها واليات تنفيذها ودوافعها سواء في مقاومة الاحتلال او خروج الثورة عن مساراتها التحررية واهدافها ومبادئها او تعثر وفشل في تطبيق البرامج المرحلية وتفشي حالات الفساد والخروج عن نصوص الادبيات وما تحمل من اخلاقيات وقيم ابداعية وظهور البيروقراطيات وانسداد الافق السياسي والوطني والاخلاقيات المعمول بها في داخل اطرها وعلاقتها مع الحاضنة الشعبية وعمقها الاستراتيجي.
القواعد الاخلاقية والسلوكيات الفردية والمجتمعية التي مخزونها التراث الوطني هي من اهم العناصر لنجاح الفكرة وهي العمود الفقري لميكانزمات التطور والابداع في تنفيذ المهام الملقاه على عاتق الفرد والجماعة والاطار ، وما يفشل المهام التمحور خارج الفكرة او خارج التصور المرحلي او الاستراتيجي بالاضافة لعدة عوامل اخرى قاتلة . كظهور النرجسيات الفردية والجماعية والشللية والمناطقية في داخل الاطر والمهام ومصادر القرار ، تلك الظواهر كفيلة بان تخلق حالة الانفلاش والعصبويات المحلية والصراعات حول اهداف انية تخرج عن فكرة تصور الاطار واهدافه، ومن ثم افشال فاعلية الاطر واختفاء الكفاءات الوطنية من ذوي الفكر والثقافة والعمل الجاد، ومن هنا تحدث الانهيارات التنظيمية والسياسية والامنية والاجتماعية سواء على مستوى الاطار او علاقة الاطار بما يحيط من حوله من عوامل خارجية ومؤثراتها وقدرته على تناول جميع الظواهر سيان كانت ايجابية او سلبية.
وقد نصنف عوامل البناء في الاهتامات الاتية على جدول برامجها :
1- البناء التظيمي
2- البناء الاجتماعي
3- البناء الوطني
4- البناء القومي
ولكل من تلك المفردات برامجها والياتها وكادرها والتي قد تلتقي بمهامها الفردية والجماعية والتظيمية في بوتقة واحدة تعبر عن نشاطات واهداف وبناء الفكرة الاصلاحية او التصحيحية ، وتعني بناء الثقافة الشاملة التي عمقها طبيعة مداوات المشكل واثاره السلبية على البناء المجتمعي الوطني .
بطبيعة الحال ان البناء الفوقي من راس الهرم للقاعدة يتنافى مع القواعد الانشائية الصحيحة للبناء فقاعدة الهرم هي الموازين الحقيقية لاستقرار وعمل ونهوض وقامة البناء الهرمي وصولا لقمة الهرم وعدم الاهتمام بالمستويات الوسطى للكادر قد تقسم وتفصل راس وقمة الهرم عن قاعدته وهنا تكمن خطورة الانشاء والتكوين .
حاولنا في هذا المقال ان لا نفرد مكانا للتخصيص السلوكي ومنظومته الاجتماعية والثقافية في الواقع الفلسطيني ، ولكن بالتاكيد ان مجمل الظواهر قد عانت منها الايقونة الوطنية مما خلق انفلاش فصائلي وغياب لبرنامج الوطني وفقدان اليات تنفيذه والحفاظ عليه ، وباعتبار ان حركة فتح عي البناء الفقري الافقي والعمودي للهرم الوطني المتصدع الجوانب والحواف والقاعدة والقمة ، مما يستعدي الاستناد من جديد الى بناء قاعدة الهرم وتحضير مستوياته الافقية الوسطى للوصول الى بناء قيادي وصولا لراس الهرم وهذا عمكل انشائي بنائي يحتاج ليس لمواد تكوينه الشكلية بل الاهم من ذلك يحتاج لذوي الفكر والثقافة والابداع واستيعاب المرحلة على ضوء التجربة الماضية وللوصول الى التقنية الصحيحة لفكرة الاصلاح او التصحيح .
في القواعد الاخلاقية تتبوء فكرة بناء الانسان او الكادر المرتبة الاولى لاهمية انجاح الفكرة وتحقيق نجاحات في تنفيذ البرامج والاهداف المصبو اليها ، ولذلك المهام كبرى والواجبات اكبر وما تواجهه من عراقيل داخلية وخارجية ومن هنا قد نستطيع رسم ملامح الفشل او النجاح للفكرة والاصلاح وتصحيح ما افسده الدهر من سمات ثقافية اثرت على المنحى الوطني وترجماه التنظيمية والسياسية والاجتماعية والامنية والثقافية ، بل على كل الايقونة الوطنية بجمعها وتخصيصها .
سميح خلف