ديمومة فتح في حراكها الداخلي وتفاعلها البيني في داخلها على قاعدة الادبيات الاخلاقية والوطنية المنضبطة لقواعد الاختلاف والاتفاق ومن ثم تفاعلها الوطني مع المحيط من قوى وطنية واسلامية ، وباعتبار ان حركة فتح ديمومة العمل الوطني فان اخفقت فتح اخفقت كل ايقونات العمل الوطني واصيب البرنامج الوطني بالفشل والتاقضات في الممارسة وتعدد التبريرات والتعليلات لحالات الفشل ، وان نجحت فتح فانها رافعة بل هي نقطة الارتكاز وبؤرته لكل الميكانزمات الوطنية .
ومن هنا تأتي ضرورة ان تعود فتح في علاقاتها الداخلية الى القواعد الصحيحة لمضمون الاختلاف او الخلاف الداخلي الذي حافظ على توازنه التاريخيون فاستمرت الحركة في ابحارها رغم كثير من المعوقات والازمات والمنعطفات الخطرة .
مناسك فتحاوية تحفظها الادبيات والاخلاقيات الوطنية ومجموعة القيم النضالية اتي جسدت طموح الشعب ومطالبه نحو مشروع التحرير واقامة الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس الشرقية ، وهو المشروع الذي تلاقت حوله كل القوى الوطنية وعبر المجالس الوطنية والممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
فتح بنيت على النسيج المختلط الذ توحد في فكرة التحرير والتي جسدته الانطلاقة وبرنامجها الوطني ، فكان يحكم كل تلك المربعات وحدة الهدف وتفهم المرحلة ومستوجباتها ، وان حدثت تناقضات داخلية في مراحل مختلغة تم استيعابها.
فتح ومنذ اربع سنوات تعاني من انقسام عمودي وافقي في بنائها الداخلي واطرها من القمة للقاعدة ، واتي على قاعدة الاختلاف الحاد في فهم المرحلة بين فئة تصر على الاستمرار في طريق الفشل وعواملكثيرة من الفساد رافقت ذلك وفئة تطالب على قاعدة الاختلاف الاخلاقي والادبي ان يكون هناك مراجعات ومحاسبة سواء في تطبيق البرنامج او السلوكيات التي اضرت بوحدة فتح وبوجودها كطليعة تمثل الشعب الفلسطيني ، اجراءات وصلت لحد كسر العظم لشريحة كبيرة وعريضة طالت العديد من القيادات والكادر والعناصر من القمة للقاعدة ، راى التيار الطامح والمعول على الدور الدولي انه قد يحقق له مكاسب تمكنه من السير قدما في مشروعه وبدون نسيج مهم في تركيبة حركة فتح .....
ولكن هنا حقيقة واضحة وماثلة امام الفتحاويين والشعب الفلسطيني والقوى الوطنية ، وبعد الفشل الذي مني به هذا التيار على المستوى التركيبي الداخلي للحركة وعلى مستوى علاقة فتح بحاضنتها وعلى المستوى الخارجي والاقليمي الذي تكاد فتح ان تخسر حاضنتها وعمقها الاستراتيجي العربي ، فان المسؤلية الوطنية تستدعي ان يمتثل هؤلاء لضرورة وحدة فتح وان تحفظ وتحافظ على توازنها الداخلي ، فمن المهم ان تعود فتح لوحدتها لمواجهة متطلبات تفرضها المرحلة القادمة التي تلوح مظاهرها في الافق لاعادة صياغة معادلة الصراع مع الاحتلال الذي ضرب عرض الحائط بكل ما اتفق عليه دوليا ما بعد اوسلو عام 1993م ولاعادة هيكلة المؤسسات السيادية التشريعية والرئاسية والوطنية التي تجمع ولا تفرق وبصياغة برنامج وطني معدلا فرضته المرحلة وضروريات الصراع والمواجهة مع الاحتلال.
من هنا ياتي تفهم دول الاقليم لضرورة وحدة فتح والتقاء القامتين الفتحاويتين ابو مازن ومحمد دحلان ، وما ولته مصر العربية ذات الثقل في محيطها العربي والاقليمي والدولي لرعاية المصالحة الفتحاوية ، ففلسطين تعني تاريخيا واستراتيجيا لكلا من مصر والاردن بعدا هام ومهم في الامن القومي القطري والقومي ، وكذلك الجهد المدعوم من المملكة العربية السعودية والامارات العربية .
كثير من التفاؤل انتشر في خلايا الفتحاويين والقوى الوطنية لهذا المجهود الذي يتمنى الجميع نجاحه ، وبرغم خروج اصوات ناعقة لا تريد للوحدة الفتحاوية مستقبلا ضروريا للحفاظ على ايقوناتها الوطنية والتاريخية، بل نظؤروا لنلك المصالحة بنظرة ضيقة لاتتجاوز مصالحهم الخاصة ، التي يجب ان يتخلوا عنها ، ولكن ما يجعلنا ان نستبشر خيرا وبضغط مصري ودور مصري يجب ان ينجح بان تلك الهجمات على المصالحة وعلى محمد دحلان تصدر من دوائر ليست مقربة من الرئاسة التي وعدت ان تعالج موضوع الانقسام الداخلي .
فتح الان امام مفترق طرق ومنعطف شديد الخطورة فاما ان تخرج من هذا المنعطف قوية بوحدتها لتتبوء دورها الوطني والاخلاقي تجاه شعبها وان تفتح كل الابواب ولكل الاصوات الفتحاوية ان تمارس ديمومتها داخل الاطر الحركية بالتزام وانضباط لادبياتها ونظامها وبرنامجها وما ان تغلق الابواب مما سيترتب علية مواقف اخرى على المستوى الذاتي والاقليمي ، فالوقت ليس فيه متسعا لمتغيرات اقليمية وفلسفة الاحتلال الجديدة ان ينتظر الجميع انهيار حركة وانهيار برنامج وطني ..... وفي كل الاحوال لن تقف عجلة فتح وديموتها امام العصبويات والشرذمات والجغرافيات الضيقة ، ومازال المواطن الفلسطيني ينتظر ومتفائل لانجاح هذه المصالحة التاريخية التي ستسجل في التاريخ الوطني الفلسطيني
بقلم/ سميح خلف