حكاية شعب منتفض من جيل إلى جيل

بقلم: وسيم وني

من أبرز ما يميز انتفاضة القدس المباركة اليوم ، ظهور جيل فلسطيني جديد يحمل على كتفه وفي عقله عنفوان غضب، و بطولة ثورية عهدناها منذ اغتصاب أرضنا الفلسطينة فالمنتفض الفلسطيني اليوم يقف اليوم كالمارد مدافعاً عن شرف الأمة ومقدساتها، ليظهر هذا الجيل الجديد صاحب الإرادة والعزيمة ليقود ويرسم ملامح هذه المرحلة الهامة، فمنذ اندلاع هذه الانتفاضة العفوية أصبحنا نجد هذا الجيل الشاب في المشهد الثوري، و أصبح الغضب اليومي يتصاعد ويتنامى وسط شبابنا وشاباتنا المقدسيات الذين هبوا وانتفضوا دفاعا عن القدس والمسجد الأقصى، كما أنهم يصرون ويقاومون في كل يوم لااستمرار انتفاضة القدس رغم كافة محاولات اجهاضها و وإخمادها التي دائما تبوء بالفشل .
ثم ماذا بعد لاأدري ولكن
كل ما أدريه أن الحق لا يفنى ولا يقوى
عليه غاصبون
وعلى أرضي هذي لم يعمر فاتحون
إن الجيل الفلسطيني الجديد أفشل حسابات العدو الصهيوني ، و مخططات الإدارة الأمريكية التي أرسلت وزير خارجيتها كيري لإبرام اتفاقية جديدة من شإنها القضاء على انتفاضة القدس ، حيث أجرى الكثير من اللقاءات التي راح يستجدي بها هنا وهناك لإنجاح هذه المبادرة الفاشلة أساساً؛ إلا أن إرادة وتصميم الشبان المنتفضين في كافة أراضينا الفلسطينية صمموا على مواصلة الانتفاضة وأصروا على تحدي هذا الغاصب، و رفضهم لكافة محاولات اخماد الثورة الفلسطينية الثائرة في أرضنا والانقضاض على الحقوق والثوابت الفلسطينية
فقل لليهود وأشياعهم لقد خدعتكم بروق المنى
ألا ليت بالفور أعطاكم بلاد له لا بلاد لنا
منذ زمن بعيد راهن العدو الإسرائيلي على الجيل الفلسطيني الجديد، عندما قالت النازية الحيزبون (غولدا مائير) " الكبار يموتون والصغار ينسون"، وطبعا ماتت هي والمئات ممن لحق بها من القادة الإسرائيلين ، وبرغم ذلك لم ولن ينسى الجيل الفلسطيني حقوقه وثوابته وأرضه المقدسة برغم مراهنتها على شعبنا هي وقاداتها ، فلقد تغيرت المعادلة اليوم، وأنجبت فلسطين أجيالا جديدة لا تعرف الهزيمة متمسكة بأرضها تعرف جيدا عدوها، وتستطيع المقاومة بشتى الوسائل برغم امتلاك العدو الاسرائيلي أعتى أنواع الأسلحة ليظهر جيل يحمل سكيناً يخيف به قاداتهم وجنودهم رافعين شعار أنّ ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة .

إن ما يجري اليوم من انتفاضة في القدس وباقي الأراضي المحتلة هو بحاجة ماسة إلى الدعم والمساندة من قبل كافة أبناء شعبنا الفلسطيني في شتى أصقاع العالم ، لذا فإن شعبنا الفلسطيني في دول الإغتراب الأوروبية والشتات يستعدون لدعم ومساندة استمرار هذه الهبة التي قام بها أبناء شعبنا البطل ، حيث تقوم منظمات وجهات فلسطينية ناشطة في أوروبا ودول عربية بتنظيم حراك تضامني واسع مع انتفاضة القدس وباقي الأراضي الفلسطينية، ويتضمن هذا الحراك فعاليات في الكثير من العواصم والمدن الأوربية والعربية نصرة لشعبنا الفلسطيني وانتفاضة القدس، وبالطبع فإن هذا الحراك في المجتمعات الأوروبية خاصةً له تأثيره الكبير على الاحتلال الإسرائيلي والمنظمات اليهودية في أوروبا، بل ويزيد من عزلتها عالمياً وهاهي حملات المقاطعة لمنتجات المستوطنات الإسرائيلية تنشط في كل دول أوروبا ، إضافةً إلى المقاطعة الأكاديمية والتعليمية التي تشهدها الكثير من الجامعات الأوربية وتزداد انتشارا في شتى مدن أوروبا .
إن هذه الانتفاضة التي اشتعلت وبرزت عفوية بقيادة جيلنا الفلسطيني تمثل جسراً وامتداداً لانتفاضة أبطال الحجارة عام 1987م التي كان العنصر المكون فيها شبابنا الفلسطيني الذي واجه المحتلين بالحجر والسكين، ثم انتفاضة الأقصى عام2000م التي كان عمادها وخزانها جيل الشباب الذي استطاع أن يجعل من الحجر والكوفية الفلسطينية رمزا للحرية ومقاومة الاحتلال .
لقد فشلت محاولات جهاز الموساد الإسرائيلي في تدمير جيل شبابنا الفلسطيني ، حيث عمل هذا الجهاز على تشكيل وحدات خاصة لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك وغيره ومحاولة اصطياد الشباب الفلسطيني وإسقاط فكره وعقيدته هذا في مستنقع العمالة له ، وهاهنا من جديد خسرت كل مراهنات العدو الصهيوني على هذا الجيل الذي استطاع أن يجعل من وسائل التواصل الاجتماعي الجديد رعبا وكابوسا مزعجا لهذا الغاصب ، حيث انتشرت صور شبابنا المنتفضين والثائرين وهم يحملون الحجارة وزجاجات المولوتوف وحتى السكاكين في كافة مواقع التواصل الاجتماعي في نضال الكتروني مقاوم فريد جعل من قضيتنا الفلسطينية تتصدر وسائل الإعلام وكافة المواقع الالكترونية برغم أنف ذلك العدو، مما جعل المنظمات الصهيونية توجه مناشدة لإدارة الفيسبوك لحذف صور الانتفاضة و فيديوهات عمليات طعن الجنود الصهاينة في شوارع القدس والضفة المحتلة بمحاولة يائسةٍ لردِ إعتبارها .
كما أن جهاز الموساد أطلق(5000) حساب (فيس بوك وهمي ) عربي، لمراقبة تحركات شعبنا المقاوم المنتفض من أجل الحصول على معلومات عن طريق هذه الحسابات التي استخدم فيها أسماء وصور نساء يتكلمن اللغة العربية من أجل الحصول على معلومات لتحركاتهم وحتى أماكن تواجدهم كما أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو توجيهات بالعمل على تشكيل جنود فيسبوكيون ممن يتقنون اللغة العربية، لمراقبة شعبنا الفلسطيني الثائر على مواقع التواصل الاجتماعي، و الكشف عن أي عملية يتم التحضير لها قبل تنفيذها ضد الغاصبين الصهاينة .
فهل أصبح الفيسبوك والحرب الالكترونية تشكل خطراً على العدو الإسرائيلي ، ليحشد له جنوده والرأي العام العالمي ، حيث قامت جمعية اسرائيلية تطلق على نفسها "هناك قانون" برفع دعوة قضائية في محكمة أمريكية بولاية نيويورك ضد إدارة موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي، بحجة أنه يروج لمنشورات تحرض على العنف وقتل الإسرائيليين، و قامت الجمعية بجمع تواقيع 20 ألف (إسرائيلي) لمطالبة المحكمة بوقف ما وصفوه بالتحريض عبر فيسبوك، زاعمةً أن نجاحها في جمع هذا العدد من التواقيع يشير إلى حجم المخاوف الإسرائيلية من تأثير فيسبوك على تنفيذ عمليات فلسطينية مسلحة ضدهم كونهم يمارس عليهم الإرهاب الفلسطيني على حد زعمهم .
إن الجيل الفلسطيني الجديد قد أصبح اليوم وسابقا عقدة كبيرة تؤرق (إسرائيل) في هذه الأيام، فالكثير من شهداء انتفاضة القدس كتبوا وصاياهم قبل استشهادهم بالدماء على صفحات الفيس بوك؛ رافعين شعاراتهم البراقة :
بأننا لا نعرف قدس شرقية وغربية.. فقط نعرف أن لنا قدساً واحدة غير مقسمة وكل بقعة فيها مقدسة، " وما يحدث لنساء الاقصى والاقصى لن توقفه أساليب وإرهاب الإحتلال فنحن شعب يأبى الذل ويدافع عن حرمة الاقصى ونسائه لأنهم شرفنا و عرضنا والدفاع عنهم حق قانوني مقدس لاعودة عنه. "
إن شاباتنا وشبابنا الفلسطيني الذي يقود انتفاضة القدس وباقي الأراضي الفلسطينية هو جيل عصي على الانكسار وهو عنوان المرحلة المقبلة، يرفض المبادرات السلمية الواهية التي يصنعها العراب كيري و التي تقضي على الحقوق والثوابت الفلسطينية
بقلم الأستاذ وسيم وني :