ثمة مخاطر حقيقية قد تعصف بتاريخ فتح والتجربة الوطنية الفلسطينية ان لم يتيقظ الجميع لخطورة المرحلة وما تعطيه من ارهاصات بل مقدمات لتآكل المشروع الوطني وانهيار للبرنامج امام برامج اليمين الاسرائيلي الذي يتقدم وبخطوات تدعمها القوى العظمى لتثبيت مشروعه التهويدي للارض الفلسطينية في الضفة وهو تبوب لبدائل حل الدولتين سواء بالحكم الاداري الامني الاقتصادي او الانسحاب من طرف واحد واسقاط السلطة باغلاق كل الابواب امامها ونعني هنا الاسقاط السياسي تمهيدا لبرنامج امني شامل تعد عناصره والياته مسبقا .
لقد ادرك الكادر الحركي ودول الاقليم اهمية وحدة حركة فتح وهذا ماترجمته النشاطات والتحركات سواء من القاهرة او دول اخرى تعنيها وحدة فتح كقائدة للمشروع الوطني الفلسطيني والذي بناء عليه تحدد السياسات الاقليمية تجاه القضية الفلسطينية .
كانت اخبار المصالحة بين قطبي حركة فتح ابو مازن ومحمد دحلان محور الاهتمام اليومي للمواطن الفلسطيني على مدار الاسابيع الماضية ، وبين التفاؤل والتشاؤم الذي بدى واضحا بين منيرى المصالحة قريبة وبين منهم يثق بقوة مصر وتاثيرها التاريخي في محاور القضية الفلسطينية التي تعتبر جزء هام من الامن القومي المصري ، خفتت الانفاس المتفائلة بعد كل يوم يمضي بدون احراز نتائج في الحوار القائم في القاهرة ومع ارتفاع اصوات شاذة في الضفة لا تريد واقعا جديدا لفتح ولوحدتها ، تلك الاصوات التي تحافظ على تراثها المغامر في فتح والتي تقوده نرجسيتهم ومصالحهم.
اصبح المواطن الفلسطيني في حالة تمزق مركب وتداعيات تزداد يوما بعد يوم بين الانقسام الحادث بين فئة من فتح وبين حماس وكلاهما جزئي من سلطة اوسلو والتمزق الاخر في داخل فتح نفسها واستئثار فئة منها بالقرار الحركي وبالسلطة وبناء علية ترسم السياسات والبرامج والمواقف بعيدا عن النظام والتقاليد الحركية التي هي عمق البرنامج الوطني .
يبدو ان المناخات للان لم يحدث فيها تقدما او بشرى تزف للفتحاويين او للمواطن الفلسطيني الذي يحلم مع كل ساعة ودقيقة ان تنقشع الغيوم وتحل كثير من المشاكل والقضايا العالقة وخاصة في غزة والساحات الخارجية والضفة ايضا ، بل اكثر قتامة ويأس ما تحمله الاخبار عن تحديد موعد لعقد المؤتمر الحركي السابع وبشكل سري وغير معلن للان ، وهذا يدل عن عبث ما يحدث في داخل اللجنة التحضيرية وتوجهاتها من استثناءات جغرافية ومن غزة بالتحديد وانتقاء من الساحات الخارجية وتكليف بعيدا عن مؤتمرات الاقاليم وما افرزته للجانها .
ان حدث ذلك فهي طعنة تحضر لها اللجنة التحضيرية في خاصرة فتح التي ستحدث متغيرات جمة على واقع فتح وعلى واقع وحدة الوطن وبقاياه المحتل في الضفة وغزة .
ان صحت الانباء الواردة عن مثل هذا السيناريو وقبل تحقيق نجاح في وساطة مصر لابرام المصالحة بين قطبي حركة فتح وانعقد المؤتمر الحركي السابع بلون واحد ونسيج واحد وتوجه واحد يخدم الجغرافيا ويخدم توجهات الرئيس ورؤيته للحركة وللبرنامج الوطني ولمستقبل الرئاسة ، فان ذلك يعني مزيدا من ضعف الحركة واضعاف للبرنامج الوطني والقوى الوطنية وتعني قدما بقراءة الفاتحة على حركة فتح وما تبقى فيها من انفاس حركة التحرر، ومؤشر خطر على الحركة الوطنية الفلسطينية والتي تحتاج لوقفة جادة امام هذا الانهيار قبل حدوثه ، ومؤشر حاد ونحدر شديد الخطورة لانقسام ما تبقى من ارض الوطن في الضفة وغزة وهذا ينسجم مع النخبة من قادة الاحتلال الاسرائيلي في تصوراتهم وتوجهاتهم لمستقبل الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة .
ان وحدة فتح وعدالة التمثيل الجغرافي بين كوادرها وقادتها هو من صلب العملية السياسية والوطنية للمشروع الوطني ، وهذا مالم يعجب البعض وفي لعبة خطرة يحاولون استمرارية لعبتهم المدمرة التي بدأوا في مشروعها منذ عقود .
وهنا نقول لبعض من اعجبتهم هوايتهم في تدمير فتح بناء على تجارب فاشلة في 82 وما قبلها وما بعدها ان المناخات في ذاك الوقت تختلف عن المناخات الذاتية والاقليمية الان وان مناخات وجود الزمز ابو عمار ومؤثراته العاطفية ليست موجودة الان ليستمر هذا النهج في لعبته بتدمير فتح .... خيارات يجب ان تكون جاهزة على المستوى الوطني والحركي لمواجهة سيناريوهات معدة لتدمير فتح واستمرارية انقسام ما تبقى من ارض الوطن ... بل خيارات على المستوى الشعبي وعلى مستوى النخب الوطنية ... ان تمادى هؤلاء في عصيانهم وغيهم في تكريس الانقسام العمودي والافقي في فتح وفي الوسط القاعدي للشعب الفلسطيني .... وع ذك كله نأمل ان يستيق النائمون من نومهم ..... ونامل ان يتنازل هؤلاء عن نرجسياتهم ، ونامل ان تتحقق وحدة فتح وان تحقق النجاحات وتكلل الجهود المصرية والعربية بالنجاح.
سميح خلف