أطفال بعمر الورد وزهور لم تتفتح بعد ما زالت تتشكل بأيقونتها الجميلة , وما زالت تلهو وتلعب في الأزقة والحواري العتيقة , تتعرف على مكنون وجمال وسحر هذا الوطن الذي ارتوى بدمائه عشرات الآلاف من الشهداء على مذبح الحرية والاستقلال والعزة والشموخ والكبرياء منتصب القامة كجباله الشامخة في عنان السماء , لماذا تسيل دماؤكم الحمراء القانية في وادي النسيان والحقد والإجرام ، هل لأنكم لم تحسنوا الصراخ ، ولم يكن منظر أجسادكم الغضة الطرية وهو ممزوج باللون الأحمر بالشكل المطلوب يريح الاحتلال ويفرغ كل حقدة الدامي في طفولتكم الغضة , أم انه طقس من طقوس السادية والهمجية التي تمارسها أدوات الاحتلال وتتفنن فيها من بقر البطون وإخراج الأطفال من بطون أمهاتهم وقتلهم في أسرتهم بوسائل همجية وحرقهم أحياء وإطلاق النار عليهم بحجج واتهامات كاذبة وإعدامات ميدانية واعتقالات وضرب وشبح ....... الخ ووسط ركام الحقد الذي تكنه صدور جنود الاحتلال ومستوطنيه تجاه أطفال فلسطين تبرز في المقابل أخلاقيات المقاومة الفلسطينية التي لم تلوث أيديها بدماء الأطفال الإسرائيليين وهو تعبير عن ثقافة مستمدة من دينه السمح وعن نبل أخلاقة وإنسانيته وثقافته وتسامحه وان الأطفال يجب ان يكونوا خارج معادلة الكرة والحقد
أقولها مدوية عاليا ونيابة عن كل الأمهات والأصوات الصامتة ولا أخاف لومة لائم ولا نريد لا شعارات ولا مواعظ ولا دروس في الوطنية ’ يجب علينا من منظور وطني وسياسي وأخلاقي وأنساني وثقافي وأبوي اخراج الأطفال من هذه المعركة طويلة الامد وعدم زجهم في اتونها , فهذه المعركة ليست معركتهم ( الآن ... الآن ) ووضعهم الطبيعي هو في أحضان أمهاتهم وإبائهم ليرضعوا حليب الوطن من أثداء أمهاتهم وعلى مقاعد الدراسة ليتعلموا جغرافية فلسطين الطبيعية والسياسية , والتاريخ الدموي للاحتلال والمجازر التي ارتكبت بحق أرضهم وشعبهم ليتعلموا ان العالم تخلا عنهم وان أمريكيا وبريطانيا وفرنسا وأوروبا تاريخها استعماري ودموي ومعادية لحقوقنا الوطنية وان أعرابا أخوتا لنا تركونا ندافع عن العروبة وحدنا , علموهم ان هناك أكثر من 60% من الشعب الفلسطيني تحول لاجئ موزع على مخيمات اللجوء وعلى كل أقطار العالم ,علموهم من هو هذا العدو وطبيعته الدموية الكولونيالية , علموهم فن الصمود والتصدي وأبجديات المقاومة والتحرير
يجب اعداد هذا الجيل للمرحلة القادمة ليستلم الراية اذا كنا نؤمن بتعاقب الأجيال وان الحرب مع الاحتلال هي حرب طويلة الأمد قد تستغرق مئة عام وهي بحاجة الى نفس طويل وبحاجة الى أجيال مثقفة متعلمة تجيد فن السياسة كما تجيد فن المقاومة والكفاح والصمود على جميع الجبهات الداخلية والخارجية , يجب علينا ان ندرك جيدا اننا لا نستطيع قطف ثمار هذا الجيل قبل أوانه على الإطلاق , وان صور الإعدامات الميدانية للأطفال ملقاة على الشوارع مدرجه بدمائها تثير في القلب غصة على هذه الطفولة البريئة التي تعدم بدم بارد ونحن ندرك ان البنية الجسمانية لهؤلاء الأطفال غير قادرة على إلحاق الأذى الجسدي بالجنود المرتدين البدلات الواقية للرصاص , نحن شعبا ليس فائضأ عن حاجة البشر ولسنا اقل آدمية من احد , وكما اننا شعبا يعشق الشهادة دفاعا عن الوطن ايضا شعبا يعشق الحياة لاننا لم نخلق من اجل ان نقاد الى حتفنا هكذا جزافا , ومن واجبنا الوطني والابوي ان نعمل على توعية أطفالنا بان المرحلة القادمة هي مرحلتكم وليست الآن , وعلى وسائل الأعلام المرئية والمسموعة ومواقع التواصل الاجتماعي ان تكون أخلاقية وموضوعية في عدم الزج بهذه الزهور اليانعة قبل موعد قطافها
هذه المعركة معركتنا نحن معنا كل القوى الوطنية والإسلامية وكل الشعب بكافة أطيافه ومؤسساته وطبقاته ونحن وقودها ومن يجب علينا قيادة المركب في جميع الجهات وعلى جميع الجبهات فان تحقق الحلم الفلسطيني كان لنا المجد والفخار وان لم يكن علينا تسليم المركب للجيل القادم بعد إعداده , لا يمكننا الهروب إلى الأمام والتنصل من مسؤولياتنا الوطنية والأخلاقية اتجاه الأجيال القادمة , ان تنصلنا من المولود الجديد الذي أسميتموه هبة والذي اعتبرتموه مولودا غير مرغوب فيه ولقيط سياسي ومرحلي واني جاء في مرحلة وتوقيت وظروف غير طبيعية ترتب علية أبوية والتزام وأخلاقيات لم تعد أخلاقكم وإمكانياتكم ومصالحكم تسمح لكم بتبني مولدكم الجديد فدفعتم من هم غير اهلا لذلك
واجبنا الوطني والأخلاقي يفرض علينا تحديد خياراتنا الوطنية وإنهاء الانقسام المقيت وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل على أساس برنامج وطني كفاحي نضالي وبرنامج سياسي واضح يلبي الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وإعادة القضية إلى بريقها السياسي والوطني في المحافل الدولية بعد ان تراجعت , والتخلص من اتفاقيات أوسلو وما ترتب عليها
زياد اللهاليه