سلام.. في الوطن

بقلم: وفيق زنداح

بحسب المعلومات الصحفية وصل الدكتور سلام فياض رئيس الوزراء السابق الى غزة... بدعوة من مؤسسة بيت الحكمة... لإلقاء محاضرة فكرية أمام محللين واعلاميين... حول رؤيته لإنهاء الانقسام ... والجذير بالعلم أن الدعوة للزيارة قد جاءت من الدكتور أحمد يوسف أحد قيادات حركة حماس .

وبداية... ومن حيث المبدأ... الدكتور سلام فياض له الحق بالتحرك بكافة أرجاء الوطن ... والالتقاء مع من يريد ... والحديث بما يريد ... وطرح وجهة نظره بكافة القضايا الوطنية ... اضافة لذلك ... وأيا كانت الأسباب ... لقدوم الدكتور سلام فياض ... فانه يأتي الى وطنه معززا مكرما مرحبا به ... على اعتبار أن لكل مواطن ... ولكل شخصية عامة حق التحرك ما بين محافظات وطنه ... والالتقاء مع من يريد ... والحديث بما يريد .

سلام فياض بمجيئه الى غزة لا يضير أحدا ... ولا يقدم خدمة لأحد ... ولا يضيف لأحد مكاسب سياسية ... ولا ينقص من أحد أية مكاسب ... أو اعتبارات قيادية أو سياسية ... وحتى يكون القدوم في اطاره وطبيعته ... بعيدا عن كافة التحليلات التي يمكن أن نشطح بها... أو يشطح بها غيرنا... أو نحاول روايتها تخيلا أو تحليلا ... نرى في هذا الرجل بحكم مسؤولياته السابقة ... تجربة غنية... لها ما لها وعليها ما عليها ... تجربة فريدة وغنية بعطائها ونظامها وانتظامها ... لكنها تجربة مؤلمة بنتائجها... وما أسفرت عنه من مواقف ... وما ترتب على مغادرة منصبه من أقاويل واتهامات... تعرض لها هذا الرجل في سياق ما تعرض ... عبر مسيرته من تهجمات حادة ... وصلت الى حد وطنيته وأمانته ... الا انه أثبت قدرة عالية على الصبر والعمل ... بحرفية ومهنية ... والتزام وانجاز ... بشفافية ونزاهة ... شهد له بها الأحباء والخصوم ... وجاءت بتقارير دولية أشادت بادارته ونزاهته وشفافيته .

سلام فياض وللأمانة الاعلامية المهنية عمل على بناء المؤسسات والوزارات ... وشيد القوانين والأنظمة ... المنظمة للعلاقات ما بين المؤسسات وما بين الأفراد ... ووفر ما يلزم من أموال لتغطية فاتورة الرواتب ... والنفقات التشغيلية للمؤسسات والوزارات بصورة منتظمة ... كما عمل على احداث التطوير ورفع الأداء بالعديد من المؤسسات والأجهزة التابعة للسلطة الوطنية .

سلام فياض كان متابعا ونشيطا وعاملا بجد واجتهاد ... وبصمت وهدوء ... ومن حوله اصوات وشعارات وهتافات ومسيرات تندد به وتطالب بعزله ... وانه لم يستجب بما يطلب منه... لهذا الشخص أو ذاك ... أو لهذا الفصيل أو ذاك.

سلام فياض رجل مستقل ... ذات مهنية عالية ... ويتمتع بكفاءة عالية المستوى بحكم تجربته وعمله بمؤسسات دولية ... اكسبته خبرات متراكمة وألزمته بسلوكيات... ربما تكون نادرة في مؤسساتنا ... مما وضعه في دائرة الاستهداف والاتهام... منذ اللحظات الأولى لتوليه منصبه كوزير للمالية ... ومن ثم رئيس للوزراء.

الدكتور سلام فياض ... تجربة غنية وفريدة من نوعها... لمستقل... أراد ان يخوض تجربته في مؤسسات الحكم... في ظل أجواء عاصفة بين الفصائل المتنافسة والتي لا يعجبها أداء ... ولا تقر بمهنية ... ولا تعترف الا بمن هم معهم ... وبمن هم داعمون لهم ... وبما لا يحيد عن مواقفهم ... حالة فلسطينية فريدة من نوعها ... يصعب على أية شخصية أن تتبوأ منصبا عاما ... في ظل انتقادات لا تتوقف... وتجريح وتشهير وقذف مستمر ومتواصل ... فلا هم عاملين ... ولا يتركون المجال لغيرهم في العمل .

كتابتي ... ومقالتي حول مجيئ الدكتور سلام فياض... لا علاقة لها بمعرفة سابقة ... ولا معرفة لاحقة ... وليس لي أدنى مصلحة معه... فأنا لست بالطريق الثالث ولن أكون ... أختلف معه... بالكثير... من القضايا والمواقف ... ولكني أقر له بخبرته وعطائه ومهنيته ... فهو من يقدر كيف يكون الاتفاق ... وكيف يكون الخلاف .

لقد وصلنا الى لعبة السياسة ولعنتها ... وربما انتهازيتها... وكم ظلم اناس... لا يستحقون أن يظلموا ... وكم تم رفع شأن أناس ... لا يستحقون أن يرتفعوا ... لكنها السياسة الملعونة ... وليس لنا الا أن نقول سلام في الوطن ... ولنرحب به بسلام الوطن .

بقلم/ وفيق زنداح