رداً على يوسف زيدان .. الأقصى عقيدة ودين

بقلم: جبريل عودة

هل هي المؤامرة على القضية الفلسطينية ؟هل هو الإنحياز للإحتلال الصهيوني والإنتصار لمعركته في تهويد القدس وهدم المسجد الأقصى المبارك ؟ أم هي محاولة كبرى تستهدف هدم النصوص الدينية الإسلامية ورفع القدسية عنها ؟! أم هي إبطال للروايات الثابتة والصحيحة في معجزة الإسراء والمعراج وعملية الربط الإلهي بين المسجدين الحرام والأقصى , بكل تأكيد ما تحدث به يوسف زيدان خلال برنامج تلفزيوني على فضائية مصرية خاصة من ترهات ومغالطات قد تدخل في كل السياقات سالفة الذكر , فالتشكيك بقدسية المسجد الأقصى المبارك والقول بأن الأقصى المذكور في القرآن الكريم هو مسجد موجود بالطائف, يتنافى مع الثابت من النصوص في القرآن والسنة المطهرة , والتي تؤكد على أن المسجد الأقصى المبارك ,والذي أسرى الله عزوجل بعبده محمد صلى الله عليه وسلم إليه هو في فلسطين , ومن المسجد الأقصى تم المعراج إلى السموات العلى حتى أضحت القدس بوابة السماء في تشريف رباني لهذا المكان المقدس .

وهنا في عجالة أريد أن أذكر بعض الإشارات التي تكذب مزاعم زيدان ومن يقول قوله , فالمسجد الأقصى المقدس للمسلمين والمذكور في سورة الإسراء , والذي أسرى إليه رسولنا صلى الله عليه وسلم , وربط دابة البراق عند سوره وصلى بالأنبياء أماماً فيه , هو الأقصى الموجود في فلسطين قولاً واحداً , لا ينازع في ذلك الا مدلس , ولعل الترابط في الآيات بسورة الإسراء يؤكد على وحدة الرسل عليهم السلام في دعوتهم , فلقد شهد المسجد الأقصى وما حوله رسالات سماوية سابقة مثل اليهودية والنصرانية، وكانت القيادة البشرية آنذاك لأتباع تلك الديانات , فكانت حادثة الإسراء إيذاناً بإنتقال قيادة الدعوة للدين إلى أمة محمد صلي الله عليه وسلم , كما أن الإعجاز القرآني يكشف لنا حالة الصراع بين أهل الحق من المسلمين وأهل الباطل من اليهود, وحدثتنا السورة عن إفساد اليهود لمرتين بعد الآية التي ذُكر فيها المسجد الأقصى , وأخبرنا القرآن الكريم عن الإفساد الثاني لليهود وكما أجمع المفسرون سيكون في فلسطين , وسينتصر عباد الله المؤمنين ويتبروا ما علوا تتبيرا .

كما أن نصوص السنة المطهرة وما جاء فيها وبشكل صريح يؤكد أن الأقصى المذكور في حادثة الإسراء هو ذاته من يدافع عنه الفلسطينيون بصدورهم العارية , فعندما عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة وأخبر أهل قريش الخبر، ارتد كثيراً ممن كان أسلم ، وذهب الناس إلى أبي بكر ، فقالوا له هل لك يا أبي بكر في صاحبك يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع إلى مكة ؟ فقال أبو بكر : إنكم تكذبون عليه ! قالوا بلى ، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس ، فقال أبو بكر : والله لئن كان قالها فقد صدق ، فما يعجبكم من ذلك ! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من الله من السماء إلى الأرض في ساعةٍ من ليل أو نهار فأصدقه ، فهذا أبعد مما تعجبون منه ، ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال وهنا الشاهد يا نبي الله أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة ؟ قال نعم ، قال يا نبي الله فصفه لي ؟ فإني قد جئته فقال رسول الله فرفع لي حتى نظرت إليه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفه لأبي بكر ويقول أبو بكر : صدقت ، أشهد أنك رسول الله ، كلما وصف له منه شيئاً ، قال صدقت ، أشهد أنك رسول الله ، حتى إذا انتهى قال صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وأنت يا أبا بكر الصديق فيومئذ سماه الصديق .

إلى هنا أعتقد أنه كافٍ للرد على تلك الأباطيل , ولكن خطورة ما يطرح على الشاشات العربية في ظل إندلاع إنتفاضة القدس , وبذل الأرواح والدماء من شباب فلسطين , دفاعاً عن المسجد الأقصى المبارك في مواجهة محاولات التدنيس والتقسيم , يعطي إنطباعاً قوياً بأن خطراً شديداً يحوم حول المسجد الأقصى المبارك , وأن العدو الصهيوني يخطط لتنفيذ مؤامراته الخبيثة في إستهداف الأقصى ومحاولة هدمه لإقامة هيكلهم المزعوم , لذلك تأتي كل هذه الأقوال من هنا وهناك وبلسان عربي تارة بأن قتل المحتلين الصهاينة لا يجوز وحرام , وأخرى تشكك بقدسية المسجد الأقصى المبارك ,كل ذلك من أجل أن ينفض أهل فلسطين عن إنتفاضتهم ومقاومتهم , أو أن يتم تركهم لوحدهم في ميدان المواجهة مع المخطط الصهيوني , فلا يجدون من يساندهم أو يدعمهم من إخوانهم المسلمين , هذه الأقوال الباطلة هدفها تثبيط العزائم وصرف عموم المسلمين عن قضيتهم المركزية المتمثلة بالمسجد الأقصى المبارك , وكأن بأصحاب تلك الأقوال يريدون نزع الخوف والرهبة عن قلوب أحفاد اليهودية جولد مائير, فعندما تم إحراق المسجد الأقصى في 21-8-1969م , لم تنام جولد مائير ليلتها قلقاً وخوفاً ,بأن تتحرك جحافل الجيوش العربية والإسلامية نصرة للأقصى, وعندما أشرق الصباح ولم تجد شيء مما خشيته أو توهمته , عادت مبتسمة فرحه بجريمة إحراق الأقصى المبارك , فمن يريد نزع القدسية عن المسجد الأقصى والذي تشد رحال المؤمنين اليه بقول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم , كأنه يريد تهيأت المناخ المناسب للجريمة القادمة بحق المسجد الأقصى , وكأنه يسعى إلى إبعاد شباب المسلمين عن الإهتمام بشؤون المسجد الأقصى وأخباره , فأين علماء الأزهر الشريف من هذا الإسفاف واللغط , أين دورهم في تبيان الأمر والرد على المضللين , أين علماء الأزهر الشريف من وقف هذا العبث بالنصوص الدينية والوقائع التاريخية حتى لا يفتتن المسلمين بدينهم ؟ .

وعزاؤنا نحن أهل فلسطين أن المسجد الأقصى المبارك آية من قرآن ربنا عزوجل , ولقد تعهد ربنا قرآنه بالحفظ , فلن يضيع الأقصى وحافظه الله عزوجل , فلا أقوال المثبطين ولا أقلام المزورين , ولا أضغاث أحلام شياطين الأنس , تستطيع أن تنزع الأقصى من قلوب المسلمين , أو أن تمحي ذكره من أذهانهم, وأن جحافل الحق ستتحرك لتحقيق وعد الله عزوجل لتنتصر للأقصى وتعيده حراً مطهراً " فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً " .

بقلم/ جبريل عوده