الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وكتائب أبو علي مصطفى “التنظيم والرؤية والقيادة”

بقلم: سميح خلف

............................................
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فصيل وتنظيم عريق لعب دور في الحركة الوطنية الفلسطينية يمتاز بالصلابة وله بصمات واضحة وأساسية في حركة النضال الوطني الفلسطيني وتعد الجبهة الشعبية الآن ثالث أكبر الفصائل المقاومة في الساحة الفلسطينية وثاني أكبر الفصائل في منظمة التحرير الفلسطينية تمتد جذور هذا الفصيل العريق إلى حركة القوميين العرب التي لعبت دور في أوساط شعبنا الفلسطيني وخاصة الطبقة المثقفة في الخمسينات والستينات حيث أحدثت تفاعل ثقافي وطني فضحت من خلاله الواقع المزري الذي يعيشه الشعب الفلسطيني بما تمتلكه حركة القوميين العرب من دعائم قومية وحدوية في اتجاه توحيد الصفوف والطاقات تجاه معركة الأمة وهي تحرير فلسطين في ذاك الوقت لعبت حركة القوميين العرب كما قلت مع حركة الإخوان المسلمين دورا ً ومعهما حزب البعث العربي الاشتراكي ليشكلوا تفاعلا مهما ً في أوساط الشباب الفلسطيني الذي كان يتوق ويتطلع إلى ممارسة دوره في اتجاه مقاومة العدو الصهيوني واسترداد الحقوق في حين أن النظام الرسمي العربي حارب كل تلك الحركات والأحزاب واحتكر آليات العمل الوطني لابسا ً ثوب فلسطين في اجراءته الداخلية والخارجية ولقد لاقت حركة القوميين العرب اضطهاد من النظام الرسمي العربي كبقية الأحزاب الأخرى كحزب البعث وحركة الإخوان المسلمين إلا أن تلك التنظيمات الثلاث أحدثت تفاعل كما قلت في أوساط شعبنا هذه التفاعلات شكلت إرهاصات حقيقة وأكيدة نحو بزوغ الكفاح المسلح كوسيلة هامة بل أساسية في مواجهة الاحتلال الصهيوني للأرض الفلسطينية .
تأسست الجبهة الشعبية في لبنتها الأولى في عام 1967 كامتداد مسلح لحركة القوميين العرب الفلسطينية وقام بتأسيسها كل من جورج حبش ووديع حداد ومن السمات الأساسية لهذا الفصيل المقاوم أنه انتهج أسلوب خطف الطائرات في بداية طريق الكفاح المسلح للشعب الفلسطيني بالإضافة إلى تشكيلاته القتالية على الأرض سواء في الأردن أو في الساحة اللبنانية أو داخل الوطن حيث تمتع تنظيم الجبهة الشعبية في عام 1970بعنف عملياته وتركيزها داخل الوطن في المعسكرات الوسطى في غزة وفي شمال غزة في مخيم جباليا ومن أشهر قادته الميدانية الذي تمكن العدو الصهيوني من قلته الشهيد ( جيفارا ) في ذاك الوقت أعلن ” موشي ديان ” أن غزة نحكمها في النهار ويحكمها “المخربين” ليلا ً .
لقد حدث تحول في نهج قيادة الجبهة الشعبية حيث تحول برنامجها السياسي والأدبي إلى الفكر الماركسي وتعتبر الجبهة الشعبية من أبرز التنظيمات اليسارية والراديكالية على الساحة الفلسطينية إلا أن الجبهة الشعبية في فترة التسعينات أيضا أحدثت تغيير في برنامجها السياسي والتنظيمي في اتجاه تدعيم وجودها القومي الثقافي والنضالي في الأمة العربية كامتداد طبيعي لها ولوجودها .
انضمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى منظمة التحرير الفلسطينية عام 1968.
*الجبهة الشعبية ومواقفها السياسية والنضالية:-
الجبهة الشعبية تنظيم يتمتع ببعد النظر ولأنه يستند في بنائه على أيديولوجية ويتمتع أفراده وقيادته بالالتزام والانضباط والثقافة العالية وعملية التأطير فيها تخضع للكَيف وليس للكم .
ولذلك الجبهة الشعبية ومنذ وجود الثورة الفلسطينية في عمان رفعت شعار ( عمان هانوي العرب ) شعار له امتداد ويعتبر برنامج عمل نضالي كامل وكثير من القوى الفلسطينية عارضت هذا النهج الذي تطرحه الجبهة الشعبية وبعد مرور أكثر من 36 عام على هذا الطرح ماذا لو مثل هذا الشعار جوهر للعملية النضالية كسلوك ووسيلة لتحرير فلسطين هل يا ترى أننا يمكن أن نكون في نفس المصيدة الإسرائيلية التي تعيشها الكينونة الفلسطينية الآن ؟! . هل يمكن أن نكون قد سلكنا مسلكا ً أوصلنا إلى أوسلو وما بعدها ؟؟!! هل لو أصبحت عمان هانوي ألم يكن ذلك سيحدث متغيرات إقليمية كثيرة في اتجاه إيجابي نحو تحرير فلسطين ؟؟!! من الخطأ أننا لم نستوعب طرح الجبهة الشعبية في ذاك الوقت على الرغم أن القيادة السياسية في حركة فتح أدانت هذا الأسلوب وهذا التوجه واعتبرته وسيلة من وسائل توريط الثورة الفلسطينية في معارك جانبية أدت إلى خروج المقاومة الفلسطينية من أكبر جبهة مواجهة لفلسطين المحتلة وأريد هنا أن أسجل أن من الصواب تحديد جبهة للأصدقاء وجبهة الأعداء ليتسنى لنا كيفية التعامل مع الواقع وهذا ما حددته الجبهة الشعبية وحددت مواقفها منه أما قيادة حركة فتح فلم تحدد مفهوم لجبهة الأعداء وجبهة الأصدقاء ولذلك تاهت في مستنقع من التناقضات العربية والإقليمية والتي هي من أحد الأسباب التي جعلتها تنزلق إلى أن وصلت إلى دروب أوسلو ووديانها ومستنقعاتها ولما كانت حركة فتح أيضا لاقت اختراق كبير في صفوفها جعلتها متحللة منفلشة .
ونستطيع القول أن المقاومة الفلسطينية كانت في ذروة الفعل سواء داخل الوطن أو خارجه في فترة 68 و 69 وعندما تلقت المقاومة الفلسطينية ضربة أستطيع أن أقول قاسمة في الأردن أضعفت كل من الجبهة الشعبية وفصائل المقاومة بما فيها فتح.
وخروج أدى إلى انتقال الثورة الفلسطينية إلى الجنوب اللبناني التي غاصت بدورها في التناقضات المذهبية والطائفية اللبنانية أما على مستوى الداخل فلقد تلقت الجبهة الشعبية ضربة قوية لقواعدها في غزة عام- 70 ، 71 ،72 -وكذلك حركة فتح حيث كان للفصيلين قوى قتالية نشطة على الأرض ونتيجة اختراقات تم تصفية المقاتلين والعناصر النشطة في ملاجئها تحت الأرض التي كانت تعتمد عليها كوسيلة للاختفاء من مطاردة العدو، و كان ذلك في المعسكرات الوسطى ” البريج ” وشمال غزة ” جباليا ” حيث استطاعت إسرائيل تصفية كوادر فاعلة في كل من الجبهة الشعبية وفتح ، وعلى سبيل المثال لا الحصر، القيادات الميدانية في المعسكرات الوسطى “جيفارا غزة” و”خلف خلف” من الجبهة الشعبية و” أبو العبد” من فتح .
أما على الموقف السياسي فلقد رفضت الجبهة الشعبية وبصرامة زيارة القدس التي قام بها السادات وكذلك اتفاقية كامب ديفيد وعارضت اتفاقية أوسلو وملحقاتها متمسكة بالخيار للدولة الديمقراطية على الأرض الفلسطينية وكذلك عارضت وثيقة جينيف .
كتائب أبو علي مصطفى :-
تعتبر كتائب أبو علي مصطفى الذراع العسكري للجبهة الشعبية وتبلور فعله بصلابة وبقوة بعد استشهاد الأمين العام للجبهة الشعبية ” أبو علي نصطفى ” إثر حالة اغتيال صاروخي قام بها الطيران الإسرائيلي على مكتبه ، وعلى إثر ذلك ، قامت الجبهة الشعبية بعملية نوعية كانت نتيجتها قتل وزير السياحة الإسرائليل ” رحبعام زئيفي “
حيث تسلم الشهيد أبو علي مصطفى رئاسة الجبهة الشعبية وأمينها العام منذ عام 2000 بعد أن تنحى القائد المؤسس جورج حبش عن موقعه بسبب الحالة المرضية وقيل عن هذا الرجل وتناقلت الألسن عن مرضه والشلل الذي أصيب به فقيل له ما هو السبب ؟؟ فقال : ممارسات حركة فتح هي التي جلطتني .
علما بأنه قد تم اغتيال الشهيد أبو علي مصطفى في 27 أغسطس 2001 ليستلم منصب الأمين العام احمد سعدات المعتقل في سجن أريحا الفلسطيني تحت حراسة رجال أمن بريطانيين وأمريكان بعد صفقة بين رئيس السلطة الفلسطينية وكل من الأمريكان والبريطانيين وإسرائيل تم بناءا عليها سجن سعدات و4 من أعضاء الجبهة الشعبية بعد محكمة صورية لهم أقامها عرفات ونقلو تحت حراسة أمريكية بريطانية إلى سجن أريحا وبالمقابل فكت إسرائيل حصارها عن عرفات (مؤقتا). وتتهم إسرائيل سعدات وزملائه بالوقوف وراء اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي ردا على قيام القوات الإسرائيلية باغتيال الأمين العام السابق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو علي مصطفى.
ومنذ شهور ماضية عدة قامت إسرائيل بعملية كبرى ، اقتحمت خلالها مبنى المقاطعة في أريحا وقامت باعتقال الأمين العام ورفاقه وبعض المعتقلين الآخرين ، ونقلتهم إلى داخل إسرائيل ، عملية إسرائيلية مشبوهة في توقيتها ، ومازال الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات معتقلا في سجون الاحتلال في فلسطين المحتلة .
تقوم كتائب أبو على مصطفى بدور مهم الآن في الساحة الفلسطينية داخل الوطن في مواجهتها العنيدة الصلبة ضد الاحتلال حيث تقوم بعمليات مستقلة بضرب الصواريخ والكمائن والمواجهات الميدانية مع قوات الاجتياح الإسرائيلي مؤتلفة مع بعض المجموعات الجادة من كتائب شهداء الأقصى وطلائع الجيش الشعبي حيث لم تنساق وراء الفتن الداخلية والاقتتال الداخلي ولم تضع نفسها في موضع الشبهات سواء في غزة أو في الضفة وكتائب أبو علي مصطفى ترفض الانجرار وراء النزاعات الفصائلية والصراعات فقد حددت أهدافها بجد وفعالية موجهة سلاحها وقدراتها نحو العدو الصهيوني أما عن موقفها السياسي فهو مرتبط كليا بالموقف السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لم تتنحى عن دورها السياسي في الساحة الفلسطينية فلقد طرحت أكثر من مبادرة على مائدة الحوار الوطني وقامت بوساطات متعددة بين حركي فتح وحماس للم الشمل بينهما إلا أنها تتعامل مع هذا الواقع بحذر وأتت موافقتها على وثيقة الأسرى أيضا بحذر وتحفظات على بعض من بنودها ، وكذلك لها وجهة نظر في حكومة الوحدة الوطنية والتي كما تراها يجب أن تكون محافظة على الثوابت الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال داخل الخط الأخضر وخارجه .
*أهداف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين :-
تؤمن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بأن الكفاح المسلح هو أنجع الطرق لدحر الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية على الأرض الفلسطينية كحل مرحلي وإقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية على كامل التراب الوطني الفلسطيني تكفل تلك الدولة جميع الحقوق لجميع المواطنين بدون تمييز في الدين أو اللون أو العقيدة وتنوه أن الحل المرحلي إقامة الدولة الديمقراطية على أي جزء محرر من الأرض الفلسطينية بشرط أن تكون القدس عاصمة لها ، وبدون تنازلات تخضع لها الكينونة الفلسطينية للإملاءات الأمريكية والإقليمية .
بعد فشل نظرية ” عمان هانوي العرب ” اتجهت الجبهة الشعبية في سلوكها إلى نقل طاقاتها وكوادرها إلى أرض الوطن وعزز هذا الاعتقاد خروج المقاومة الفلسطينية من الساحة اللبنانية بغطاء دولي وتعهدات دولية قادت قوات الثورة الفلسطينية إلى هيكليات من الجيش الكلاسيكي وتخلوا من طبيعة آليات التثوير والتوجه الثوري وفي اعتقادي أن تحول قوات الثورة الفلسطينية إلى جيش تحرير وطني هو قفز عن المرحلة ومن ضمن اشتراطات الخروج من بيروت غطاء دولي حيث قيل في ذاك الوقت أن القضية الفلسطينية ستوضع عن المائدة السياسية للدول العظمى .
توجهت قيادات الجبهة الشعبية إلى الداخل باعتبار أن الداخل هو الأصل في الصراع أما الخارج هو رديف لذلك وتتوافق نظرية الجبهة الشعبية مع نظرية الشهيد ” أبو جهاد ” حيث عمل ليلا نهارا لنقل الصراع بشكله المباشر بين الشعب الفلسطيني وبين إسرائيل على الأرض محولا أن يتخلص من المؤثر الإقليمي والدولي الذي أثر بشكل ضاغط على آليات عمل منظمة التحرير وفصائلها في الدول المحيطة بفلسطين فلقد كان للجبهة الشعبية دورا رائدا ً في الانتفاضة الثانية .
* الهزات التي تعرضت لها الجبهة الشعبية:-
تعرضت الجبهة الشعبية لهزات عنيفة لقد تعرضت لعدة انشقاقات على خلفية الماركسية اللينينية والتفسيرات المختلفة لمباديء الماركسية اللينينية وكانت الانشقاقات على النحو الاتي
1- الجبهة الديموقراطية
2- القيادة العامة
3-جبهة التحرير
واستطيع القول لو لم تحدث الانشقاقات لتبؤت مكانا هاما ومقررا في الساحة الفلسطينية ولربما ايضا تغير مسار النضال الوطني الفلسطيني على ما هو عليه واجد نفسي مضيفا لاسباب الانشقاقات العامل الاقليمي المؤثر والمتدخل في شئون الفصائل الفلسطينية وحال الجبهة الشعبية هو حال حركة فتح التي تعرضت لانشقاقات فرضتها المنعطفات التي مرت بها الثورة الفلسطينية تلك المنعطفات التي افرزت وجهات نظر مختلفة على الصعيد الذاتي والفصائلئ الفصائلي حول المرحلة واليات العمل السياسي والنضالي وكذلك اليات العمل التنظيمي وانضباطياته واوجه القصور في الاداء والتوجه.
*الأمناء العامين والمؤسسين للجبهة الشعبية :-
1- جورج حبش ( الحكيم) :-
أطلق عليه “الحكيم” لصواب نظرته واستقرآته الموضوعية والحديثة ولرصانة تفكيره وإيمانه بإتحاد كل الطاقات من أجل بلورة عمل خلاق يمتاز بتواضعه الشديد بين مقاتلي الجبهة الشعبية وكوادرها، ويعتبر مرجعية وطنية وقومية وأممية وله انتقادات للوضع العربي والفلسطيني مضيفا ً حلولا ً للمشاكل الوطنية التي تمر بها الساحة الفلسطينية والعربية .
السيرة الذاتية :
الدكتور جورج نقولا رزق حبش، مناضل فلسطيني كرّس حياته وعمله الدءوب والمتواصل من أجل القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني، ويناضل من أجل مستقبل أفضل للأمة العربية، مؤمناً بالهوية العربية وبحتمية الانتصار وهزيمة المشروع الصهيوني على الأرض العربية. طبيباً رمت به التراجيديا الفلسطينية خارج الوطن فلسطين، خارج مسقط رأسه اللد، يحمل مع شعبه جراح المنفى واللجوء، لا يتوقف عن النضال من أجل حق العودة، عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وبيوتهم وأراضيهم التي هجروا منها، وهو اليوم أحد أبرز الرجال الرموز المنادية بالتمسك بحق العودة باعتباره حق شرعي وقانوني وممكن. ويمثل اليوم أحد المرجعيات الوطنية الفلسطينية المناضلة، يواكب فعل الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية بكل تفاصيلها، وتواضعه لا يثنيه عن مزيد من العطاء والتوجيهات والإرشادات للقوى واللجان الفلسطينية. يحمل مع شعبه الهموم الوطنية للوصول إلى الحرية والاستقلال والعودة وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
ولد الدكتور جورج حبش في اللد عام 1925 ، ونشأ وسط عائلة ميسورة الحال .
هوية الدكتور المؤسس جورج حبش :
ماركسي، يساري الثقافة، التراث الإسلامي جزء أصيل من بنيته الفكرية والنفسية، معني بالإسلام بقدر أية حركة سياسية إسلامية كما أن القومية العربية مكون أصيل من مكوناته .
وهو في حالة انسجام مع قوميته العربية – ومسيحيته – وثقافته الإسلامية – وماركسيته التقدمية .
الوضع العائلي والطفولة:-
تتألف عائلة الدكتور جورج حبش من سبعة أفراد وتمتلك أراضٍ زراعية ومحلات تجارية. كان والده تاجراً معروفاً في فلسطين. كما كانت والدته تحرص على توجيه أولادها لمتابعة دراستهم والحصول على الشهادات الجامعية. أكمل المرحلة الابتدائية في اللد، ثم انتقل لمتابعة دراسته الثانوية في كل من مدينتي يافا والقدس. ثم تخرج من مدرسة ترسانتا في القدس. والجدير ذكره هنا، أنه انتقل إلى يافا حيث عمل مدرساً لمدة عامين، مع أنه لم يكن قد تجاوز السادسة عشر من العمر. وكان الشعور العام آنذاك في فلسطين مشحوناً بالغضب والاستياء من الانتداب البريطاني الذي مهد الطريق للعصابات الصهيونية ( الهاغاناه، شترن، الأرغن…الخ) الأمر الذي أدى إلى احتلال فلسطين من قبل هذه العصابات واقتلاع غالبية الشعب الفلسطيني من أرضه، ومن أبرز الشعارات التي كانت تطرح في تلك المرحلة شعار يسقط الاستعمار – يسقط وعد بلفور .
مرحلة الشباب والجامعة الأمريكية في بيروت:-
انتقل إلى بيروت عام 1944 للالتحاق بكلية الطب في الجامعة الأمريكية، وتخرج منها طبيباً عام 1951. والجدير ذكره أنه كان طالباً ناجحاً ومتميزاً، عاش حياته الجامعية، جامعاً بين الدراسة والهوايات المفيدة، الرياضة وحب الفنون والموسيقى والسباحة اهتماماته العامة في هذه الفترة تحديدا ثقافية وأدبية يمتلك صوت جميل حيث كان يغني أحيانا.
ويقول المناضل جورج حبش :
في نهاية يونيو – حزيران من عام 1948م كانت الهجرة من فلسطين على أشدها قررت العودة إلى اللد حيث تفاجأ والدي بعودتي – حاول العمل في مشفى اللد مع طبيب من عائلة زحلان فأخذت العمل إلى جانبه في هذه الأثناء كان هناك لجنة اسمها اللجنة القومية فرع اللد برئاسة الحاج أمين الحسيني كانت تدعو إلى عدم الهجرة وعدم مغادرة المدينة ولكن العصابات اليهودية شنت هجوما ودخلت اللد في حينها كنت في المشفى مع الدكتور مصطفى زحلان وكان الخوف يعم البلدة وكان الجرحى من المقاتلين والأهالي يملئون المشفى كان المشهد قاسيا ورهيبا في هذا اليوم توفيت أختي الكبيرة وبهذا المصاب تأثرت كثيرا وقمنا بدفنها قرب البيت بسبب تعثر الخروج إلى المقبرة بعد ثلاث ساعات من الدفن داهم اليهود المنزل وكان يوما حارا ومن أيام شهر رمضان البعض شبه ذلك اليوم بيوم القيامة في هذا اليم قتل جارنا أمين حنحن بدم بارد ، هذه هي الصهيونية يتحدثون عن السلام ويقتلون بدم بارد .
تم إخراج العديد من السكان بالقوة وتحت التهديد بالقتل وهنا راودتني أفكار عدة منها عدم العودة إلى الجامعة – وأخرى من نمط ماذا يمكن إن نعمل – وكيف سنعود إلى اللد – ولكن إرضاء ونزولا عند رغبة والدتي عدت إلى الجامعة الأمريكية في بيروت لأتابع الدراسة في الجامعة في بيروت شاركت في حضور حوالي عشر ندوات للدكتور زريق وتأثرت كثيرا بشخصيته وفي هذه الفترة كان لنا نشاط ثقافي في ( العروة الوثقى ) وأدركنا أن ما حدث كان هزيمة .
عقد أول اجتماع للعروة الوثقى وفية انتخبت نائبا للرئيس – الرئيس كان أسمة إدمون فيلاوي الذي ترك لي موضوع الاهتمام بنشاط العروة الوثقى ومن الأسماء التي دعوناها لإلقاء محاضرات وندوات الشاعر عمر أبو ريشة – وكمال جنبلاط
من زملاء الدراسة:-
هاني الهندي — وديع حداد — أحمد الخطيب — صالح شبل — حامد الجبوري.
وفي هذه المرحلة ركزتا جميعا على النشاط الطلابي في كل لبنان كنا نفكر في عمل يتجاوز النشاط الطلابي في هذا الموضوع تحاورت مع وديع حداد – واحمد الخطيب – والهندي وركزنا على أهمية العمل السريع والمؤثر مثل قتل الخونة وكبار المؤولين في سلطة الانتداب البريطاني .
في هذه الفترة طرح هاني الهندي أن في سوريا أشخاص يفكرون مثلنا وفي هذه الأثناء نشأت كتائب الفداء العربي إشتغلنا أنا وهاني وجهاد ضاحي وحسين توفيق وآخرون نستهدف الخونة بالدرجة الأولى ثم الإنجليز وإسرائيل .
بعد محاولة اغتيال الشيشكلي الفاشلة بدأت أفكر في أنه من غير المعقول أن نحرر فلسطين من خلال هذه الأعمال وبالتالي لا بد من حركة سياسية .
فقام بتأسيس حركة القوميين العرب مطلع الخمسينات. هذه الحركة التي لعبت دوراً بارزاً في إيقاظ المشاعر الوطنية والقومية في الوطن العربي، وكانت أساساً لحركات قومية ووطنية وتقدمية في الوطن العربي. وكان الدكتور جورج حبش قائداً لهذه الحركة منذ تأسيسها.
تخرج الدكتور حبش من كلية الطب في الجامعة الأمريكية/ بيروت في العام 1951، وعمل في الخمسينات في عمان كطبيب في مخيمات الأردن لمدة خمسة أعوام.
في مطلع الخمسينات، وبعد ممارسة الطب لمدة خمسة أعوام، تفرغ كلياً للقضية الفلسطينية، وكرس حياته كلها لتحرير فلسطين، ولعب دوراً أساسياً في تبني الثورة الفلسطينية للماركسية اللينينية.
أسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في كانون الأول 1967 بعد حرب الأيام الستة التي احتلت فيها إسرائيل بقية فلسطين. وكان أميناً عاماً للجنة المركزية للجبهة من العام 1967 وحتى العام 2000، حيث تنحى عن الأمانة العامة ليكون بذلك أول مسئول فلسطيني يتنحى طوعاً عن موقع المسئول الأول.
قائد ثوري وطني وقومي عربي. كرس حياته كلها ليس للقضية الفلسطينية فحسب، بل لعب دوراً أساسياً في النضال التحرري العربي. وكان لفروع حركة القوميين العرب دوراً واضحاً في العديد من الأقطار العربية، من لبنان و سوريا والعراق وليبيا والأردن وبلدان الخليج. وهنا تجدر الإشارة إلى الدور المميز لجورج حبش وحركة القوميين العرب في ثورة اليمن وتحريره من نير الاستعمار البريطاني.
وكان الدكتور جورج حبش، كذلك قائداً ثورياً على الصعيد العالمي، حيث ناصر ودعم نضال الشعوب من أجل التحرر والاستقلال والحرية.
الوضع الأسري:-
في عام 1961 تزوج ابنة عمه يلدا حبش من القدس، التي وقفت إلى جانبه وشاركته في جميع مراحل حياته النضالية على مدار أربعين عاماً بشجاعة نادرة وما زالت، وخاضت نضالاً مديداً في تصديها لكافة المؤامرات التي تعرض لها الحكيم، من محاولات اختطاف واغتيال، وتحملت عناء الاعتقال والاختفاء إلى جانب نشاطها الجماهيري والنسوي المتميز بعيداً عن الأضواء، خاصة أثناء الحرب الأهلية في لبنان. له ابنتان، ميساء وهي طبيبة متزوجة ولها ثلاث أولاد، ولمى وهي مهندسة كيماوية.
2-وديع حداد ( القلب الفولاذي والعزيمة والإرادة الخارقة):-
إلى عام 1968 كان ينظر العالم للشعب الفلسطيني بمنظار إنساني واصفا ً له وصف اللجوء واللاجئين ويتعامل العالم مع الشعب الفلسطيني من خلال القوانين واللوائح الدولية التي تتعامل مع الكوارث الطبيعية والإنسانية الناتجة عن الحروب متمثلا ذلك في وكالة الانروا واليونوسكو والمؤسسات الدولية الأخرى ولم ينظر للقضية الفلسطينية كقضية حقوق ووطن سلب وهجر أهله ول1لك رأى وديع حداد الأسلوب الناجع لفرض الحالة الوطنية للشعب الفلسطيني على الواقع الدولي أسلوب خطف الطائرات كأسلوب نضالي وإعلامي ليجعل القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني بندا ً مطروحا ً في الشارع الأوروبي والعربي وفي أروقة السياسيين والمنظمات الإنسانية والشعبية والرسمية وليلاحق العدو الصهيوني أينما وجد.
*وديع حداد والمناضل الاممي كارلوس وليلى خالد والعمل الخارجي :-
لابد من التطرق أيضــا لبعض الأعمال التي قامت بها الجبهة الشعبية في تلك الآونة حتى تتضح صورة تلك الأيام أكثر وسيتم ذلك بصورة مختصرة بعض الشيء ، وقد يتم تفصيل بعض تلك الأعمال لاحقــا بصورة أفضل كحادثة اختطاف الإسرائيليين المشاركين في الألعاب الأولمبية
لن أطيل عليكم ، فلـنتابع ما جرى .
بعد أسابيع من اللقاء مع بسام أبو شريف ، توجه كارلوس نحو معسكر التدريب الفلسطيني شمال عمان في الأردن ، حيث تدرب هناك على الأسلحة والمتفجرات ، و على الرغم من تفوق كارلوس في دروسه ، إلا أنه لم يكن يأخذ اختبارات المعسكر التي كانت عبارة عن هجمات مزيفة على محمل الجدية ، معللا ذلك بأنه ينتظر التجربة الحقيقة ، وفي أسبوعه الأخير في التدريب تحققت أمنيته عندما قامت إسرائيل بضرب أحد المعسكرات التابعة للحركة وقتل أحد حراس الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات – رحمه الله ، بعد ذلك بأسبوع قام أبو سمير أحد الضباط في الحركة بنقل كارلوس لمعسكر متقدم آخر لتجهيزه للعمليات .
في السادس من سبتمبر سنة 1970 ، أمر وديع حداد – رئيس الجبهة الشعبية – باختطاف أربع طائرات ، وأمر ليلى خالد باختطاف إحداهن وهي طائرة متوجهة من إسرائيل إلى نيو يورك ، بعد أن نجحت في قيادة عملية اختطاف طائرة الـTWA المتوجهة إلى دمشق ،
ليلى هي إحدى الملازمات في الجبهة الشعبية والتي كان يثق بها وديع كثيرا وفي 1970 نجت ليلى بأعجوبة من أربع صورايخ أطلقها الموساد على منزل وديع حداد خلال أحدى الاجتماعات السرية .
كانت الطائرة ستتوقف في أمستردام قبل أن تكمل رحلتها ،و كانت مهمة ليلى أن تقوم هي ومساعدها باتريك أرجويلو بركوب الطائرة في أمستردام على أن باتريك هو زوجها ، ثم اختطاف الطائرة عند اقترابها من السواحل البريطانية ، وقد باءت العملية بالفشل وسقط باتريك صريعا وتم أسر ليلى في الطائرة ، وهبطت الطائرة اضطراريا في مطار هيثرو حيث اختلفت الحكومة البريطانية مع الحكومة الإسرائيلية حول مسألة من له الحق في اعتقال ليلى ، في النهاية فشلت الحكومة الإسرائيلية وقامت السلطات البريطانية بسجن ليلى .
الهجمة الثانية أيضا واجهت بعض المصاعب حيث لم تستطع الطائرة المختطفة الهبوط في المطار الأردني الذي حدده حداد ، فتوجهت نحو القاهرة حيث أُمر الطاقم والمسافرين بالنزول قبل أن تنفجر الطائرة ، أما الطائرتين الأخريين القادمتين من زيوريخ وفرانكفورت فقد تم السيطرة عليها بنجاح ، و تم الهبوط بها في مطار الزرقاء في الأردن كما هو متفق عليه .
وفي إعلان رسمي صرحت الجبهة الشعبية بأن هذه الهجمات هي رد على قيام أمريكا بقتل القضية الفلسطينية عن طريق مد إسرائيل بالأسلحة ،وطالبت بـإطلاق صراح بعض السجناء الفلسطينيين المسجونين في سويسرا وألمانيا الشرقية لفك احتجاز الرهائن .
بعد ذلك تم اختطاف طائرة تحمل 150 راكبا متجهة من بومباي إلى لندن وإنزالها في مطار الزرقاء في الأردن ، وطالبت الجبهة الشعبية السلطات البريطانية بإطلاق صراحة ليلى خالد وستة من الرفاق ، وقد تم ذلك بعد 24 ساعة من بدء المفاوضات ، قامت الجبهة الشعبية بإطلاق صراح الرهائن وتفجير الطائرة ، ولأن كارلوس كان جديدا على المنظمة فلم يتم الاستعانة به في تلك الهجمات ، وأمضى وقته في قيادة مجموعة تقوم بحراسة مستودع للذخيرة تابع للجبهة الشعبية .
كان الملك حسين – رحمه الله – متعاطفا مع القضية الفلسطينية بشكل كبير ، حيث سمح بإقامة حوالي 50 معسكر تدريبي في بلاده ، ولكن بعد الهجمات الفلسطينية واعتبار الأردن ذات علاقة بالأمر ، وازدياد الضغوط الدولية عليه شيئا فـ شيئا ، أمر الملك حسين في نفس العام جميع الحركات الفلسطينية بتسيلم أسلحتها ومغادرة الأردن ، وحصلت بعض الاشتباكات بين المقاومة الفلسطينية في الأردن والجيش الأردني .
كان كارلوس يقاتل مع أبو شريف ضد الجيش الأردني حتى نهاية عام 1970 حين انتهت الحرب بانتصار الجيش الأردني و مات خلالها أكثر من 3000 فلسطيني ، كسب كارلوس خلال هذه السنوات سمعة طيبة كونها مقاتل محترف عديم الخوف ..
بعد انقضاء الحرب هرب كثير من أعضاء الجبهة الشعبية إلى فلسطين حيث فضلوا الذهاب إلى هناك على أسرهم من قبل السلطات الأردنية ، لم يكن كارلوس من ضمن الفارين حيث كانت لـ جورج حبش خطط أخرى بالنسبة له ..
تم اختيار كارلوس ممثلا للجبهة الشعبية في لندن ، وكانت مهمته هناك هي تصفية أو اختطاف بعض الأهداف في لندن ، وتم إرساله لمعسكر تدريبي آخر ثم سافر في 1971 إلى لندن ، اجتمع كارلوس هناك مع عائلته مرة أخرى ومع نفوذ أمه و ثروتها عاد كارلوس مرة أخرى لحفرة حفلات الشراب والفتيات مجددا .
التحق بالجامعة هناك لدراسة الاقتصاد ، كما أخذ بعض دروس اللغة الروسية هناك ، وقد كان كل هذا مجرد تغطية ذكية لمهمته هناك .
كانت حلقة الوصل هناك في لندن هو شاب جزائري من أكثر أتباع وديع حداد إخلاصا ويدعى محمد برعي ، وهو المسئول عن عمليات أوربا الغربية .
كان اهتمام كارلوس منصبا على إيجاد الشخصيات البارزة التي هي إما يهودية أو متعاطفة مع الشعب الإسرائيلي عن طريق الصحف البريطانية ، وبعدما أكمل قائمته المحتوية على أسمائهم ، بذل مجهودا شاقا للغاية للحصول على جميع المعلومات الممكنة عنهم ، متضمنة عناوينهم وأرقام هواتفهم وأسمائهم المستعارة وأي معلومات شخصية يمكن الوصول إليها ، وقد انتهى من تلك القائمة في ديسمبر عام 1971 والتي كانت تحتوي على مئات الأسماء .
خلال فبراير عام 1972 بينما كان كارلوس في لندن ، نجحت مجموعة تابعة لـ وديع حداد في اختطاف طائرة لوفتهانزا متجهة نحو عدن تحمل 172 راكبا ، كان من بين الرهائن جوزيف كندي ابن الرئيس الأمريكي روبرت كيندي في ذلك الوقت ، وتم إطلاق الرهائن بعدما دفعت حكومة ألمانيا الشرقية مبلغ خمسة ملايين دولار كفدية .
في الشهر الذي يليه أرسل حداد ثلاثة أعضاء من الجيش الياباني الأحمر للقيام بهجوم في مطار تل أبيب ، حيث فتح الثلاثة النيران على جميع من في الصالة وأسفر ذلك عن مصرع 23 شخصا و إصابة 76 بـجروح ، وتوفي اثنين من الثلاثة اليابانيين بالخطأ في الهجوم ، مات أحدهما بطلقة خاطئة من صديقه ، فيما انفجرت في الآخر بالخطأ قنبلة يدوية حاول إلقائها .
وفي سبتمبر من نفس العام قام أعضاء من جماعة ياسر عرفات أطلقوا على أنفسهم اسم جماعة ” أيلول الأسود ” بالدخول إلى منقطة السكن الخاصة باللاعبين الإسرائيليين في الألعاب الأولمبية في ميونخ ، وقاموا بقتل بعض الرياضيين وأحد المدربين واحتجاز البقية ، وطالبوا بإطلاق صراح 200 فلسطيني من الفلسطينيين المسجونين في السجون الإسرائيلية .
بعد يوم من المفاوضات وافقت حكومة ألمانيا الشرقية على توفير طائرة لنقل الجماعة مع الرهائن للقاهرة ، وسار كل شيء حسب المتفق عليه إلا أن القناصة الألمان فتحو النار في المطار وفقا للأوامر على الجماعة ، حيث توفي 9 من الرياضيين و 5 من جماعة أيلول الأسود ، عندما وصلت هذه الأخر لـ كارلوس استشاط غضبا لأنه لم يكن طرفا في أحد هذه الهجمات الثلاث التي هزت العالم .
محمد البوادعي : هو رئيس عمليات الجبهة الشعبية في باريس ، وقد قام بالعديد من العمليات في غرب أوروبا شخصيا أو عن طريق أتابعه ، حتى تم اغتياله عام 1937 ، عن طريق وضع لغم تحت مقعد سيارته من قبل منظمة إسرائيلية تدعى ” غضب الرب ” تحظى بدعم من رئيس الوزراء الإسرائيلي شخصيا آنذاك ، جولدا مائير .
بعد ثلاث أسابيع من اغتياله ، عاد كارلوس إلى بيروت طالبا من الجبهة الشعبية أن يكون هو ممثلها في باريس بعد وفاة البوادعي ، على الرغم من إعجاب وديع حداد بمهارات كارلوس وأعماله في لندن ، إلا أنه لم يشعر بأن كارلوس مؤهل تمام وذو خبرة لمهمة كهذه ، فأرسله إلى لندن مجددا ، أثناء ذلك تم نصحه بأن يكون مساعدا لـ ميشيل مخربل المرشح لـ منصب البوادعي ، ولكن ذلك لم يعجبه كثيرا ..
وقد كان كارلوس مصرا على الانتقام لمقتل البوادعي بضرب أهداف صهيونية في أوروبا .
قام كارلوس بهجومه الأول على أحد البنوك الإسرائيلية في لندن ، فتحت باب البنك في الفترة الصباحية وقام بإلقاء جهاز تفجير موصول بـ 600 جرام من المتفجرات البلاستيكية ، إلا أن الانفجار لم يكن كاملا بل أصبح – شبه فاشل – فـقد كانت النتيجة تضرر بعد النوافذ ومدخل البنك بالإضافة لبعض الجروح التي أصيب بها سكرتير كان يعمل هناك .
الضربة الثانية كانت بمساعدة ميشيل مخربل مسئول الحركة في باريس موجهة لصحيفة فرنسية متعاونة مع إسرائيل ، تم وضع أربع سيارات مفخخة أمام مبنى الصحيفة وضبط ساعات المتفجرات فيها لتنفجر في تمام الساعة الثانية ظهرا لتقليص الأضرار البشرية ، انفجرت ثلاث من السيارات محدثة أضرارا متعددة .
في تلك الأثناء أيضا أرسل وديع حداد أحد أعضاء الجيش الياباني الأحمر ليتحالف مع الاثنين ” كارلوس و مخربل –” هناك ويساعدهم ، ويدعى يوتاكا فيوريوا ، ولكن تم القبض عليه في مطار باريس بسب اكتشاف ثلاث جوازات سفر مزورة بحوزته ، و مبلغ عشرة آلاف دولار في حوزته ، بعد التحقيق والاستجواب اعترف يوتاكا بكونه عضوا في الجيش الياباني الأحمر ومساندا للقضية الفلسطينية ، وبعد البحث والتحري وُجد أن يوتاكا متورط في أكثر من 7 قضايا أوروبية ، وتم الحكم عليه بالسجن .
خطط كارلوس مع ميشيل مخربل لإرسال ثلاثة من أعضاء الجيش الياباني الأحمر للهجوم على السفارة الفرنسية لاختطاف السفير الفرنسي جاك سينارد ، على الرغم من وجود بعد العراقيل وإصابة أحد اليابانيين إلا أنهم نجحوا في اختطاف السفير وعشرة من طاقم السفارة واحتجازهم في مكتب السفير
كانت مطالبهم واضحة ، إطلاق سراح يوتاكا بالإضافة إلى طائرة بوينج 707 للهرب ، وتم الإفراج عن يوتاكا وإرساله مع مرافقين مسلحين للمكان المتفق عليه لإكمال المفاوضات ، مع أوامر من جاك شيراك شخصيا بقتل يوتاكا في حالة تعرض أحد الرهائن للأذى
تمت المفاوضات ، وتم إطلاق سراح يوتاكا مع تجهيز الطائرة بالإضافة إلى مبلغ 300,000 دولار كفدية .
كخطوة أخرى قام كارلوس بالتعاون مع جونز واينريخ بالتحضير لضربة جديدة ، إسقاط إحدى الطائرات الإسرائيليات وذلك لمنع مطار باريس من استقبال أي طائرة إسرائيلية ..
كان كارلوس و جونز جالسان في سيارة مستأجرة على بعد 20 مترا من المطار ، وكانت الطائرة تهبط شيئا فـ شيئا وكارلوس مستعد بـ الباوزكا الروسية RPG-7 ، وعندما أصبحت الطائرة على بعد 130 مترا ، وضع كارلوس البازوكا على كتفه وأطلق الصاروخ إلا أنه أخطأ هدفه وأصحاب إحدى السيارات في المواقف ولكنه لم ينفجر
سارع كارلوس بإطلاق الصاروخ الثاني ولكن مع العجلة ، انحرف الصاروخ عن مساره مارا بجانب طائرة يوغسلافية كانت على المدرج ثم أصاب في النهاية أحد المباني التي تستعمل كمطبخ في المطار ، ولكن لحسن الحظ كان المبنى خاليا في ذلك الوقت فلم يصب أحد
فر كارلوس ورفيقه على الفور من الساحة ، وقاما باستبدال السيارة واختبأ الاثنان مؤقتــا
في المساء وصلت مكالمة هاتفية لـ وكالة رويترز للأنباء في باريس مفادها بأن هذه العملية كانت من أجل محمد البوادي ، وبأننا لن نخطيء هدفنا في المرة القادمة .
خيانة كارلوس ، واختطاف وزراء النفط الذين كان من ضمنهم وزير النفط السعودي في الجزء القادم بإذن الله ..
والله الموفق .
كتب المناضل والكاتب نضال حمد عن وديع حداد بتاريخ9/5/2006 تحت عنوان: الفدائي وديع حداد رمز المقاومة وجيل التحرير.
لم يكن المرء بحاجة لشهادة كاتب إسرائيلي حتى يعرف أو يقتنع بأن الذي اغتال القائد الفدائي وديع حداد هو جهاز تجسس إسرائيلي أو عملاء عملوا لصالح الاحتلال و في خدمة المشروع الصهيوني. فقد ذكرت صحيفة يديعوت احرانوت ان الموساد هو الذي سمم وديع حداد في بغداد.
وديع حداد كان جمرة ملتبهة أشعلت الأرض تحت أقدام الاحتلال. واستطاع أبو هاني ، أبن صفد عروس الجليل الأعلى ، أن يقدم القضية الفلسطينية عبر العنف الثوري إلى كل العالم بأسلوب عنيف ودومي في أحيان كثيرة. لكن هل كان هناك أمامه وأمام جيله وأبناء شعبه الفلسطيني طريقة أخرى لشرح قضيته على الذين كانوا سببا و شريكا في مأساته ومعاناته ونكبته. الذين كانوا السبب في ضياع وطنه وتشتته وتهجره وتحويله من صاحب ارض ووطن وهوية إلى لاجئ بلا وطن وارض وهوية. والى لاجئ يعيش في الخيام والتشرد وفي أوضاع مأساوية صعبة لا تليق حتى بالبهائم. حيث حوصر وأقفلت عليه الأبواب ووضعت الأسلاك الشائكة والحواجز والعوائق والأساور كأنه في سجن جماعي كبير اسمه المخيم.
من تلك البقعة التي اسمها المخيم ، التي صارت عنوان التشرد والضياع واللجوء انطلق الوديع مع رفاقه ليؤسسوا حركة القوميين العرب ، فالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، ليقودوا نضال الشباب الفلسطيني المؤمن بان الكفاح المسلح هو الطريق الصحيح والسليب والوحيد لجعل الاحتلال يخضع وينحني أمام أصحاب الحق والأرض والوطن. ومن وحي تلك القناعات وذاك الإيمان بحتمية تحرير فلسطين تأسست الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بهمة وعمل ونضال الدكتور وديع حداد إلى جانب رفاقه الدكتور جورج حبش وآخرين منهم الأحياء ومنهم الشهداء الذين آمنوا بفلسطين عربية وبان ما أخذ بالقوة لا يسترد سوى بالقوة.
ولد وديع حداد في مدينة صفد الجليلية الفلسطينية في العام 1927، وبعد نكبة عام 1948، اضطر للهجرة من وطنه ولجوئه مع عائلته ووالده إلى مدينة بيروت حيث استقر بهم الحال هناك، وفي هذه الأثناء التحق وديع بمقاعد الدراسة في الجامعة الأميركية ليدرس الطب. هناك تعرف على زمليه بالنضال والطب الدكتور جورج حبش مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وخلال دراستهما انخرطا في العمل و النشاطات الوطنية والإنسانية المدافعة عن الشعب الفلسطيني. وكانا معا من أعضاء جمعية “العروة الوثقي” التي بدأت بلعب دور سياسي بعد انخراط الشباب القومي المتحمس للعمل السياسي بها، وتولى الشهيد وديع موقعاً قيادياً في هذه الجمعية. بعد تخرجه كطبيب من الجامعة الأمريكية وانتقاله إلى الأردن حيث كان قد سبقه الى هناك رفيق دربه الدكتور جورج حبش ، شكلا معاً العيادة المجانية إلى جانب عيادتيهما، معتبرين نشاطهما الأساسي والرئيسي، النشاط الوطني والقومي وليس الطبي. وكانا يعالجان اللاجئين الفلسطينيين مجانا. أيمانا منهما بان كسب الجماهير ومساعدتها هما أفضل الطرق لبناء جيل التحرير والانطلاق بالعمل الفدائي السليم. تعرض وديع للاعتقال في الأردن ومكث لثلاث سنوات في سجن الجفر الصحراوي. لكنه بعد ان أفرج عنه التحق بالجبهة الشعبية في دمشق ، ثم في بيروت وتولى مسئولية العمل العسكري والأمني والمالي في حركة القوميين العرب ومن ثم الجبهة الشعبية. وقاد بنفسه عملية اختطاف جورج حبش من سجن عسكري سوري حيث كان مقررا إعدام الأخير. ولوديع أثره الطيب في ثورة اليمن وفي ليبيا والجزائر ومصر كذلك.
بعد سنوات من النضال الطويل والكفاح المسلح على كافة خطوط التماس العالمية وبناء على شعار وراء العدو في كل مكان ، اختلف الوديع مع رفاقه في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على مواصلة النهج المذكور. حيث ارتأت قيادة الجبهة ان الهدف من العمليات الخارجية قد تحقق فعلا وأن القضية الفلسطينية أصبحت مفهومة وواضحة لكافة الناس في العالم وبالذات في أوروبا. وأن مواصلة هذا النوع من العمليات سوف يلحق الضرر بالقضية الفلسطينية ويوصمها بالإرهاب. لذا قررت الجبهة وقف العمليات الخارجية مثل خطف الطائرات وتفجير المطارات وغير ذلك. وبما أن الوديع رفض تلك الرؤية وعبر عن نيته عدم الالتزام بقرارات رفاقه اتخذت قيادة الجبهة قرارا بفصله هو ومن معه. ورغم قرار فصله فقد قام الحكيم جورج حبش بنفسه بنعي رفيق دربه عندما استشهد وتصرفت الجبهة الشعبية وكأن وديع حداد لازال عضوا في قيادتها المركزية ومكتبها السياسي. نعته وأصدرت ملصقات تحمل صوره وعدداً خاصاً من جريدة الهدف عنه وعن تاريخه الحافل بالعطاء والوفاء والنضال. وقد بكاه الحكيم عندما ابنه في كلمة طويلة وحزينة تحدث خلالها عن خصال الصفدي الذي كان ملاحقا من كل أجهزة مخابرات العالم ، والذي كان المطلوب رقم واحد على لائحة الموساد والمخابرات الغربية.
بدأت فصول نهاية حياة وديع حداد في بغداد الرشيد سنة 1978 ثم أعلنت وفاته في ألمانيا الشرقية نفس السنة وذلك بعد أن عانى من مرض مجهول ، قال البعض انه مرض عضال. وقال آخرين انه تسمم أو مرض غير معروف. وقد كشف النقاب اليوم عن ان الموساد الإسرائيلي هو الذي قام باغتياله بواسطة الشوكولاته البلجيكية. فقد علم الموساد نقطة الضعف تلك عند الوديع أبو هاني، وهي ولعه الشديد بالشوكولاته البلجيكية، ولأن تلك الشوكولاته لم تكن متوفرة في العراق ، فقد عمل الموساد جاهدا عبر عميل له على إيصال بعض الشوكولاته التي ادخلوا عليها موادا بيولوجية سامة، تميت ببطء ، إلى وديع حداد عبر عميل فلسطيني كان يعمل معه. وسبق إرسال الشوكولاته أن اتخذ الموساد قرارا بتصفية وديع حداد على اثر عملية عنتيبي في أوغندا سنة 1976. وليس جديدا على الفلسطينيين أن يكون الموساد هو المسئول عن تصفية واغتيال قادتهم ومناضليهم.
نقول للوديع الفلسطيني الراحل ، الذي صنع مجد الفدائي الأول وعزز قيم الولاء والوفاء للشعب والوطن، وجعل الفدائي رمزا للقواعد والبنادق والنضال ولجيل التحرير، أن الحرب مع الصهاينة لازالت مستمرة وان كانت عمليات الاغتيال مؤجلة في هذه الأيام بسبب عدم وجود قرار إسرائيلي البدء فيها. لكنهم وقت الحاجة يقومون بذلك بغض النظر عن أي شيء. وهم يكتفون الآن بتصفية واغتيال قادة وكوادر ونشطاء المقاومة في فلسطين المحتلة. الحرب مستمرة مادام شعبنا مشردا ومشتتا وبعيد عن أرضه ووطنه ومادام الاحتلال موجودا في فلسطين التي أنجبت وديع حداد وكل شهداء النضال الوطني الفلسطيني الطويل.
*السيرة التفصيلية للمناضل وديع حداد :
الشهيد القائد : , وديع حداد
ولد الشهيد وديع حداد في مدينة صفد في العام 1927 ، وكان والده يعمل مدرساً للغة العربية في إحدى المدارس الثانوية في مدينة حيفا ، وبحكم وجود والده في مدينة حيفا فقد تلقي تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في هذه المدينة ، وأثناء وجوده على مقاعد الدراسة بمراحلها المختلفة تميّز الشهيد وديع بذكائه المتقد ونشاطيته المميزة وتفوقه في مادة الرياضيات ، كما أنه كان شابا رياضياً يمارس رياضة الجري وأنشطة رياضية أخري.
ونتيجة للمأساة التي حلت بالشعب الفلسطيني نتيجة النكبة عام 48 ، اضطر الشهيد وديع للهجرة من وطنه ولجوئه مع عائلته ووالده إلي مدينة بيروت حيث استقر بهم المآل هناك ، وفي هذه الأثناء التحق وديع بمقاعد الدراسة في الجامعة الأميركية ليدرس الطب.
لقد ولّدت النكبة داخل الشهيد وديع شعوراً عالياً بالمسؤولية تجاه شعبه وقضيته التي ازدادت مأساوية علي ضوء النكبة ، الأمر الذي عكس نفسه علي اهتماماته وتوجهاته المستقبلية ، ودفعت به باتجاه الإنخراط الفعلي في الفعل الوطني الكفاحي للشعب الفلسطيني ، وقد تجلّت بواكير هذه التوجهات خلال انخراطه وهو ما يزال علي مقاعد الدراسة في اغاثة أبناء شعبه المشردين جراء النكبة ، ولاحقاً عبر انخراطه في جمعية “العروة الوثقي” التي بدأت بلعب دور سياسي بعد انخراط الشباب القومي المتحمس للعمل السياسي بها ، وتولي الشهيد وديع موقعاً قيادياً في هذه الجمعية
وما أن أعلن عن تشكيل “هيئة مقاومة الصلح مع اسرائيل” والتي تم تشكيلها من قبل “الشباب العربي القومي” تصدّر الشهيد وديع الأنشطة السياسية التي كانت تقوم بها هذه الهيئة كعضو قيادي فيها ، وكانت هذه الهيئة تقوم بأنشطة عديدة لمناهضة الصلح تمثلت بالمظاهرات والمنشورات ، الى جانب دورية “الثأر” ، ويمكن القول أن الشهيد وديع بدأ عمله السياسي كمحترف وقائد سياسي وجماهيري بعد تخرجه كطبيب من الجامعة الأمريكية وانتقاله الى ساحة الاردن والتحاقه برفيق دربه الدكتور جورج حبش الذي كان قد سبقه الي هناك ، ليشكلا معاً العيادة المجانية إلي جانب عيادتيهما ، معتبرين نشاطهما الأساسي والرئيسي ، النشاط الوطني والقومي وليس الطبي.
وفي سبيل تعميق وتجذير التوجه الذي اختطّاه في العيادة الطبية ، قاما بإنشاء صفوف تدريس لمحو الأمية لكبار السن ، كما استطاعا وعبر رفاق اردنيين أعضاء في الحركة النفاذ إلي نادي “المنتدي العربي” واعتباره أحد المنابر التي إنطلق نشاط الحركة من خلاله
وقد تتوجت تلك التوجهات ببلورة نواة كحركة القوميين العرب في الأردن ، استطاعت وبزمن قياسي أن تساهم بشكل أساسي في المواجهات التي خاضتها الحركة الوطنية الأردنية في مواجهة “تمبلر” ومشروع حلف بغداد واسقاط حكومة هزاع المجالى وتالياً تدريب قيادة الجيش رحيل كلوب باشا ، وقد مثلت هذه التوجهات بداية نهوض وطني عام في الأردن.
وعلي ضوء هذه المعارك والمواجهات والدور الملموس الذي لعبته الحركة خلالها ، أصبحت تحظي بدور وسمعة جماهيرية عالية وكبيرة ، وبرز الشهيد وديع بوصفه الدينامو المحرك والموجه لفعلها الميداني المتنامي.
لكن النظام الأردني لم يسلم بالهزيمة التي لحقت به ، وقام بهجوم معاكس تمثل بانقلابه الأسود في نيسان عام 1957 ضد حكومة النابلسي الوطنية ، واتبعها بحملة اعتقالات واسعة طالت رموز وقيادات الحركة الوطنية ونشطائها ، وكان من ضمن الذين ألقي القبض عليهم الدكتور وديع الذي أودع في المعتقل الصحراوي المعروف “بسجن الجفر”.
ومكث الدكتور وديع حداد ثلاث سنوات في معتقل الجفر الصحراوي ، وبعد جهود مكثفة افرجت السلطات الاردنية عنه ، وخلال وجوده في المعتقل مثل الدكتور وديع نموذجاً وقدوة لكافة القوي ، ولم ينس رسالته الانسانية والجماهيرية ، حيث قام وخلال سجنه باغاثة وعلاج أبناء العشائر البدوية المقيمين في المنطقة بشكل طوعي ومجاني.
التحق الدكتور وديع فوراً بمقر الحركة في دمشق بعد تحرره ، وهناك وعلي ضوء العلاقة الجيدة بين الحركة وقيادة الجمهورية العربية المتحدة وعبد النصار ، ونظراً لاندماجه في المواضيع العملية ، انخرط في دورة عسكرية في دمشق وكان المسؤول الأول عن هذه الدورة ، ولاحقاً أسندت له الحركة مسؤولية العمل الفلسطيني والذي كان حتي ذلك الوقت ممثلاً برأس قيادي في إطار الحركة ولم يكن فرعاً متكاملاً.
وعلي ضوء عملية الانفصال التي حصلت بين مصر وسوريا ، انتقل وديع الى بيروت واستمر في تولي مسؤوليته القيادية للجانب الفلسطيني ، وفي مرحلة لاحقة تولي مسؤولية العمل العسكري لكل فروع حركة القوميين العرب حيثما تواجدت ، حيث أسندت له مهمة الإعداد للعمل الفدائي فلسطينياً وعربياً (اليمن – ليبيا – وأقطار أخري) وعلي المستوي الفلسطيني كان الشهيد وديع من أكثر المتحمسين لبدء العمل المسلح ضد الكيان الصهيوني.
وجاءت هزيمة حزيران 1967 لتزيد اندفاعته وحماسه في ممارسة الكفاح المسلح ، خصوصاً وبعدما تأكد عجز الأنظمة العربية وقصور برامجها ، وكان الشهيد وديع مشدوداً لانشاء جبهة فلسطينية كاملة تضم كل القوى المسلحة على الساحة الفلسطينية علي شاكلة الجبهة التي تشكلت في الجزائر ، ولاخراج هذه الفكرة إلي حيز الوجود الفعلي ، قام الشهيد وديع مندوباً عن الحركة بفتح حوار مع كل من حركة فتح وجبهة التحرير الفلسطينية ، و “طلائع حرب التحرير الشعبية” (الصاعقة) وفشلت المحاولة بسبب موقف قيادة فتح من مسألة الجبهة الوطنية.
وفي ظل الأجواء الملبدة بغيوم الهزيمة العربية الرسمية في حزيران 67 ، وفي ظل الشعور المتزايد لدي قيادة حركة القوميين العرب أن النضال القومي قد غيّب الخاص الفلسطيني ، فقد اتجهت الجهود نحو تشكيل أداة فلسطينية تكون مهمتها النضال من أجل تحرير فلسطين ، عبر تبنيها لأشكال نضال ووسائل كفاحية تتخطي وتتجاوز الأشكال والأساليب التى اتبعتها الأنظمة العربية الرسمية ، والتي ثبت عجزها علي مواجهة التوسع الصهيوني واسترداد فلسطين ، وتم تشكيل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من شباب الثأر وأبطال العودة وجبهة التحرير الفلسطينية وعدد من الشخصيات والرموز الوطنية القومية الناصرية.
ومنذ التأسيس تولي الدكتور وديع مهمات قيادية أساسية جداً في الجبهة حيث أسندت له مهمتان رئيسيتان هما المالية والعمل العسكري الخارجي ، وأثبت الرفيق الشهيد من خلالهما قدرات قيادية وعملية جديرة بالاحترام والتقدير ، حيث جسد شعار “وراء العدو في كل مكان” بطريقة فاعلة.
ومهما تكن وجهات النظر التي طرحت سابقاً وربما تطرح الآن بخصوص هذا الشكل الكفاحي ، فإن العمليات العسكرية التي نفذتها الجبهة ، والخط التكتيكى العسكري الذي قاده الرفيق الشهيد وديع كانت في حينه ضرورة من ضرورات اشهار القضية الفلسطينية وتعريف العالم بقضية هذا الشعب ومعاناته جراء الغزوة الصهيونية الغاشمة التي شردته من أرضه ووطنه ورمت به في شتات الأرض ومخيمات اللجوء المختلفة.
لسنوات مضت قبل استشهاد وديع عاشت قيادة الجبهة مع الشهيد خلافاً تنظيمياً تلمس رفاق الشهيد د. وديع حداد الدور الكفاحي الذي لعبه علي المستويين الوطني والقومي ، وأعاد المؤتمر الوطني الخامس الإعتبار التنظيمي له ، باعتباره رمزاً وطنياً وفلسطينياً فذاً قدم كل شئ في سبيل فلسطين التي حلم وعمل دائماً من أجل الوصول إليها بأقرب الآجال وبأقصر الطرق.
استشهد في عام 1978 في ألمانيا الشرقية.
3-الشهيد القائد أبو علي مصطفى السيرة الذاتية والنضالية:-
الإسم الكامل : مصطفى علي العلي الِزبري .
مكان الولادة وتاريخها : عرابة ، قضاء جنين ، فلسطين ، عام 1938 .
درس المرحلة الأولى في بلدته ، ثم انتقل عام 1950 مع بعض أفراد أسرته إلى عمان ، وبدأ حياته العملية وأكمل دراسته فيها .
والده مزارع في بلدة عرابة ، منذ عام 1948 ، حيث كان يعمل قبلها في سكة حديد حيفا.
انتسب إلى عضوية حركة القوميين العرب عام 1955 ، وتعرف إلى بعض أعضائها من خلال عضويته في النادي القومي العربي في عمان ( نادي رياضي ، ثقافي اجتماعي ) .
شارك وزملائه في الحركة والنادي في مواجهة السلطة أثناء معارك الحركة الوطنية الأردنية ضد الأحلاف ، ومن أجل إلغاء المعاهدة البريطانية والأردنية ، ومن أجل تعريب قيادة الجيش وطرد الضباط الإنجليز من قيادته وعلى رأسهم جلوب.
اعتقل لعدة شهور في نيسان عام 1957 إثر إعلان الاحكام العرفية في البلاد ، وإقالة حكومة سليمان النابلسي ومنع الأحزاب من النشاط ، كما اعتقل عدد من نشطاء الحركة آنذاك ، ثم أطلق سراحه وعدد من زملائه ، ليعاد اعتقالهم بعد حوالي أقل من شهر وقدموا لمحكمة عسكرية بتهمة مناوئة النظام والقيام بنشاطات ممنوعة والتحريض على السلطة وإصدار النشرات والدعوة للعصيان .
صدر عليه حكم بالسجن لمدة خمس سنوات أمضاها في معتقل الجفر الصحراوي .
اطلق سراحه في نهاية عام 1961 ، وعاد لممارسة نشاطه في الحركة وأصبح مسؤول شمال الضفة التي أنشأ فيها منظمتان للحركة (الأولى عمل شعبي ، والثانية عسكرية سرية ).
في عام 1965 ذهب بدورة عسكرية سرية ( لتخريج ضباط فدائيين ) في مدرسة انشاطي الحربية في مصر ، وعاد منها ليتولى تشكيل مجموعات فدائية ، وأصبح عضواً في قيادة العمل الخاص في إقليم الحركة الفلسطيني .
اعتقل في حملة واسعة قامت بها المخابرات الأردنية ضد نشطاء الأحزاب والحركات الوطنية والفدائية في عام 1966/ توقيف إداري لعدة شهور في سجن الزرقاء العسكري ، ومن ثم في مقر مخابرات عمان ، إلى أن أطلق سراحه والعديد من زملائه الآخرين بدون محاكمة .
في أعقاب حرب حزيران عام 1967 قام وعدد من رفاقه في الحركة بالإتصال مع الدكتور جورج حبش لاستعادة العمل والبدء بالتأسيس لمرحلة الكفاح المسلح ، وكان هو أحد المؤسسين لهذه المرحلة ومنذ الإنطلاق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .
قاد الدوريات الأولى نحو الوطن عبر نهر الأردن ، لإعادة بناء التنظيم ونشر الخلايا العسكرية ، وتنسيق النشاطات ما بين الضفة والقطاع .
كان ملاحقاً من قوات الإحتلال واختفى لعدة شهور في الضفة في بدايات التأسيس .
تولى مسؤولية الداخل في قيادة الجبهة الشعبية ، ثم المسؤول العسكري لقوات الجبهة في الأردن إلى عام 1971 ، وكان قائدها أثناء معارك المقاومة في سنواتها الأولى ضد الإحتلال ، كما كان قائدها في حرب أيلول 1970 وحرب جرش – عجلون في تموز عام 1971 .
غادر الأردن سراً إلى لبنان إثر إنتهاء ظاهرة وجود المقاومة المسلحة في أعقاب حرب تموز 1971.
في المؤتمر الوطني الثالث عام 1972 انتخب نائباً للأمين العام .
تولى مسؤولياته كاملة كنائب للأمين العام حتى عام 2000 ، وانتخب في المؤتمر الوطني السادس أمين عام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .
عاد للوطن في نهاية أيلول عام 1999.
عضويته في مؤسسات م.ت.ف:
- عضو في المجلس الوطني منذ عام 1968 .
- عضو المجلس المركزي الفلسطيني .
- عضو اللجنة التنفيذية ما بين عام 1987 – 1991.
استشهد يوم الإثنين الموافق 27/8/2001 ، إثر عملية اغتيال جبانة استهدفت تصفية هذا القائد الوطني الفلسطيني والعربي القومي الأممي ، والقضاء على الضمائر الحية في تاريخ قضيتنا الوطنية الفلسطينية.
4 المناضل الاسير احمد سعدات الامين العام السيرة الذاتية والنضالية:-
الأمين العام : أحمد سعدات
- ولد الرفيق الأمين العام أحمد سعدات عبد الرسول في مدينة البيرة عام 1953، لأسرة مناضلة هُجرت من قريتها الأصلية دير طريف عام 1948 إثر الغزوة الصهيونية
- عاش طفولته وترعرع في مدينة البيرة شاهداً على ممارسات قوات الاحتلال الصهيوني، فأنهى دراسته حتى تخرج من معهد المعلمين في مدينة رام الله عام 1975 – تخصص رياضيات.
- التحق الرفيق أحمد سعدات بصفوف العمل الوطني في إطار العمل الطلابي منذ نعومة أظفاره، بعد هزيمة حزيران عام 1967. وفي عام 1969 انضم لصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
- اعتقل أكثر من مرة إثر نشاطه الوطني وكانت المرة الأولى في شهر شباط عام 1969 حيث اعتقل لمدة ثلاثة شهور، ولم تمض شهور قليلة حتى أعادت سلطات الاحتلال الصهيوني اعتقاله للمرة الثانية في نيسان من العام 1970 وأمضى 28 شهراً في سجون الاحتلال.
- في آذار عام 1973 اعتقل للمرة الرابعة وأمضى عشرة أشهر، وأعيد اعتقاله للمرة الرابعة في أيار 1975 لمدة 45 يوماً، وفي أيار عام 1976 أعتقل للمرة الخامسة وحكمت محاكم العدو عليه بالسجن مدة أربع سنوات.
- اعتقل للمرة السادسة في تشرين الثاني 1985 لمدة عامين ونصف، وبعد اندلاع الانتفاضة المجيدة الأولى وتحديداً في شهر شهر آب عام 1989 أعيد اعتقاله للمرة السابعة فأمضى في الاعتقال الاداري مدة تسعة أشهر. وفي المرة الثامنة أعتقل عام 1992 لمدة ثلاثة عشر شهراً أمضاها في الاعتقال الإداري أيضاً.
- بعد توقيع القيادة المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية اتفاقات أوسلو سيئة الذكر، وتولي السلطة الفلسطينية مهامها في مناطق الحكم الذاتي، أقدمت السلطة الفلسطينية على اعتقال الرفيق أحمد سعدات ثلاث مرات ، في كانون أول 1995 ، وفي كانون الثاني 1996وفي آذار 1996.
- تقلد الرفيق أحمد سعدات مسؤوليات متعددة ومتنوعة داخل السجون وخارجها ، وانتخب عضواً في اللجنة المركزية العامة للجبهة في المؤتمر الرابع العام 1981، وفي المؤتمر الوطني الخامس عام 1993 أعيد انتخابه لعضوية اللجنة المركزية العامة والمكتب السياسي أثناء وجوده في المعتقل الإدارى، وأعيد انتخابه لعضوية اللجنة المركزية العامة، والمكتب السياسي في المؤتمر الوطني السادس العام 2000.
- كان الرفيق الأمين العام عضواً في لجنة فرع الجبهة الشعبية في الوطن المحتل، وأصبح مسئولا لفرع الضفة الغربية منذ العام 1994.
- إثر إقدام حكومة الاحتلال الصهيوني على اغتيال الرفيق المعلم القائد الوطني أبو علي مصطفى، تداعت هيئات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لانتخاب أميناً عاماً للجبهة، فانتخبت الرفيق أحمد سعدات بداية تشرين الأول العام 2001.
- في الخامس عشر من كانون ثاني عام 2001 أقدمت السلطة الفلسطينية وبمؤامرة دنيئة على اعتقال الرفيق أحمد سعدات تنفيذاً لإملاءات وضغوط الحكومة الإسرائيلية إثر قيام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بتصفية المجرم الصهيوني رحبعام زئيفي في تشرين أول 2000، وفي أيار 2001 نُقل الرفيق أحمد سعدات ورفاقه الأبطال الذين تتهمهم إسرائيل بتصفية المجرم زئيفي إلى سجن أريحا تحت وصاية أمريكية – بريطانية، فيما سُمي في حينه صفقة المقاطعة سيئة الصيت والسمعة ولقد اجتاحت قوات الغزو الصهيوني العام الماضي المقاطعة ودمرتها واعتقلت الأمين العام احمد سعدات ورفاقه وهم الان في المعتقلات الإسرائيلية داخل الخط الأخضر وتمت العملية بتواطؤ أمريكي بريطاني وإقليمي والآن المناضل احمد سعدات على رأس قائمة المطالب الفلسطينية للإفراج عنه في صفقة التبادل بين حماس وإسرائيل بعد عملية الوهم المتبدد التي تم فيها اسر الجندي الإسرائيلي جلعاد.
الخاتمة:
تتعرض الكينونة الفلسطينية لحالة من الاحتقان والتناقض السياسي الشديد بين ما يسمى بالمعتدلين والمحافظين ، حيث فشلت جميع الوساطات في إيجاد نقاط اتفاق في منتصف الطريق بينهما ، وفشلت الأطراف في تسير آليات عمل واحدة لوثيقة الأسرى ووثيقة الوفاق الوطني ونتوخى أن تلعب الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بتجربتها النضالية الرائدة والزخم التاريخي لهذه التجربة أن تلعب دورا في اتجاه تعزيز وصمود شعبنا وفصائله المقاومة ضد تيار الإملاءات وتيار قبولها على أرضية ما يسمى بالمبادرة العربية .
عندما اقتحمت قوات الإحتلال الصهيوني سجن أريحا واعتقلت الأمين العام وعدد من رفاقه ، نشرت مقالة بعنوان ” ابعاد الهجوم الاسرائيلي على سجن اريحا (ابو مازن وبرنامج الرئاسة ) ، نشرت في العديد من الصحف يوم الجمعة الموافق 17 مارس 2006 .
نص المقالة :
ان المفهوم المباشر للعملية الاسرائيلية هو رد عملية اغتيال الوزير الاسرائيلي واعتقال المشتبه في تنفيذ هذه االعملية والمخططين لها وقضايا امنية اخرى كقضية فؤاد الشوبكي وسفينة المعدات والاسلحة ولااريد القول كغيري من الكتاب ان القضية من وجة النظر القانونية لعملية الاعتقال وتداعياتها والاتفاقيات المبرمة بين الجانب الفلسطيني والجانب الاسرائيلى بهذا الخصوص ولااريد ايضا أن اوضح انه اذا كان الاخ سعدات وفؤاد الشوبكي والعديد من الاخوة المناضلين قد وقعوا ضحية الضغوط الاقليمية اولا والدولية ثانيا وتقع علىالسلطة الوطنية في العملية الاجرائية لاعتقالهم الاانني استطيع القول ان المخرج الامني والدبلوماسي لهذه الازمة كان كما طرحته الرباعية ودول عربية لها الباع الطولى في الشأن الفلسطيني واذا كنا سنقوم بعملية الاستنكار كالعادة من الاجراء الاسرائيلي الناقض للاتفاق المبرم بشان الاتفاقيتين السالفتي الذكر وصب حمم غضبنا على القرصنة الاسرائيلية والدور الامريكي والغربي في تلك الواقعة وكالعادة ايضا يقف النظام الرسمي العربي مذهولا لهذا الاجراء الاسرائيلي العنيف وما يسببه من احراجات لمن كان لهم دور في ابرام تلك الاتفاقية التي دمرتها الدبابات الاسرائيلية بنيرانها وقرصنتها ومع فرضية حسن النية بان هذه العملية قد فاجات النظام الرسمي العربي ولكن من البديهيات التاريخية في سلوك الصراع لاشي عند الجانب الاسرائيلي ملزم ومقدس واسرائيل سياسيا تعتمد في سلوكها على سياسة الكثبان الرملية المتحركة وبالمقابل الدبلوماسية العربية بما فيها الفلسطينية المتشابهة النسيج مع المنظومة السياسية العربية تقف متكلسة غير قادرة على طرح أي متغير جديد ومتمسكة بما اقرته امريكا من وجهات نظر واتفاقيات وتفاهمات .
هذا الموقف الذي يجعل لاسرائيل حرية الحركة في تنفيذ رؤيتها وسياساتها على الساحة الفلسطينية بل العربية والدولية ويجعل لها دور مقنع للرأي العالمي لما تنتهجه من سياسات قمعية تتحد في خطابها مع النظرة الشمولية التي تقودها امريكا في محاربة ما يسمى بالارهاب .
ولكنني سأنتقل الى محور آخر في هذه المقالة أتناول فيه الاهداف الغير مباشرة أي الهدف السياسي من عملية اريحا .. فكثير من الاخوة الكتاب والمحللين تناولوا هذا الحدث بأنه دعاية انتخابية لاولمرت وحزب كاديما ويمكن ان يكون هذا التصور احد الاهداف السياسية التكتيكية في المعادلة الاسرائيلية ولكنني متشجع لان اطرح الهدف الاستراتيجي للعملية رابطا هذا التحليل لما سبقه من مقدمات للهدف الاستراتيجي في الصراع الذي تناولته اسرائيل وامريكا كبرنامج لاسقاط المشروع الوطني والسياسي لحركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية تلك السياسة التي اعتمدت على الاسلوب التوريطي وعملية الحرق الاعلامي والسلوكي وكذلك الاقتصادي والامني والسياسي والذي جعل حركة فتح تتوجه لها اصابع الاتهام والمحصورة بين الفشل السياسي في تنفيذ برامجها وحالة عدم الاستقرار الامني والاقتصادي وما اثير من قضايا الفساد المالي والسلوكي وهنا اسجل ان كل تلك الظواهر اصييبت فيها الكينونة الفتحاوية واريد ان اسجل ايضا مداخلة اخرى واتحدث جازما بان جميع من مارسوا هذه الظواهر في حركة فتح واجهزة السلطة هي بمثابة اختراقات للكيننوة الحركية واجهزتها وتعتبر تلك الظواهر في حالة توافق والتئام مع المشروع الصهيوني الامريكي والذي تتصدى له حركة فتح هذه المعركة المتعددة الجوانب والتي استطاعت ان تسقط الورقة السياسية لها في انتخابات البلديات والمجلس التشريعي وما صاحبها من حملة مسعورة للتجهيز عليها شعبيا من خلال ما تناولته الادوات الاعلامية من ملفات الفساد والتجاوزات المالية لافراد في السلطة والمبالغ الباهظة لشراء السيارات لبعض افراد السلطة والتي تبين مظاهر الارستقراطية لرجال السلطة هذه الحالة التي اساسا تسبب الحساسية للمواطن الفلسطيني في ظل ضنك اقتصادي واجتياحات متكررة للقوات الاسرائيلية وممارسات الحصار . تلك الممارسات الهادفة التي تحاول ان تقطع الطريق على حركة فتح في عملية أي مصالحة بينها وبين كوادرها وجماهير الشعب الفلسطيني .
وفي اعتقادي ان الهجوم الاسرائيلي واعتقال سعدات والشوبكي ليس بسبب ما نسب للرئيس ابو مازن حول هذا الموضوع ايضا ولكن يتعلق الموضوع لما نسب للرئيس ابو مازن من تصريحات حادة في الاسابيع القليلة الماضية ردا على ما صرح به اولمرت حول خطة الانسحاب الاحادية.. تصريحات الرئيس ابو مازن التي اتت متشددة وخارج التصور الامريكي والاسرائيلي في حين ان حماس قد ابدت موافقتها وبرؤيتها الخاصة للصراع ومضافا على ذلك التحركات على المستوى الداخلي الفتحاوي أي ان الهجمة المستمرة لاسقاط حركة فتح سياسيا بعد التشكيك فيها ممارسة وسلوكا وبما تمتلكه مؤسسة الرئاسة ومنظمة التحرير من رؤية سياسية للمرحلة والموضوعة تحت الجدلية مع برنامج حركة حماس هذه الرؤية التي اوضحها الرئيس الفلسطيني في خطابه أمام المجلس التشريعي والتي تتنافا مع الرؤية الاسرائيلية الاحادية وما تثيره حكومة اولمرت من جديد بعدم وجود شريك فلسطيني في عملية السلام ولذلك فان اسرائيل تحاول اسقاط برنامج الرئاسة المسؤولة والداعمة له حركة فتح واذا استطاعت اسرائيل وامريكا النجاح في ذلك فذلك يعني انهيار للموقف السياسي الفلسطيني الذي سينعكس على الصراع برمته ولذلك اتى الاجتياح الاسرائيلي لسجن اريحا ليؤكد لكل القوى بانه ليس هناك احتكام اورجوع او التزام باي اتفاقيات موقعة مع الجانب الفلسطيني بما فيها اوسلو وخارطة الطريق وهذا ما يحمله ابو مازن في اجندته السياسية أي ان عملية اريحا قد قطعت الطريق امام برنامج الرئاسة الفلسطيني واحرجته على المستوى الشعبي بل هناك من الاصوات قد طالبت باستقالة ابو مازن مثل الدكتور ابراهيم حمامي هذه المطالبة التي تنسجم مع المخطط الامريكي الاسرائيلي بقصد او بدون قصد لاسقاط حركة فتح ومكتسباتها الوطنية وعلى راسها انهاء دور ابو مازن وهذه الحلقة الاخيرة في سيناريو المعادلة الفلسطينية التي سيتبعها معادلات اخرى وللذين يساورهم الشك ولو للحظة واحدة لو كا نت اسرائيل وامريكا والرباعية جادين في تناول معطيات العملية السلمية لما كانت وعود بوش ولما كان الخنق الاقتصادي ولما كانت الاجتياحات ولما كان تدمير لمؤسسات السلطة ولنفذ اتفاق اسلو وخارطة الطريق بامانة ولانسحبت اسرائيل من الضفة وغزة ولامتنع العابثين في الشأن الفلسطيني اقليميا ودوليا عن العبث وما كانت ان تتم عملية الاغتيال لرمز الشعب الفلسطيني ولما غذيت عملية الفساد من جهات مختلفة وعدم تنفيذ ذلك يعني ان فتح تخوض معركة مع امريكا واسرائيل واعوانهما في المنطقة واتى نتاج هذا الصراع والمعركة لصالح الطرف الاخر في المعادلة الفلسطينية وهو اسقاط برنامج فتح وبرنامج الرئاسة وليس نهايته استقالة ابو مازن او اضعافة او تنحيه او تنحيته.
والمعركة مازالت مفتوحة بين فتح والمخطط الامريكوصهيوني ..وما زال الهدف اسقاط غصن الزيتون و مشروع السلام ومحاربة الكينونة الفلسطينية بما تطرحه حماس التي تصفها تلك الدوائر بلغة الارهاب وهذا هو المازق الحقيقي الذي بواجه صناع السياسة الفلسطينية
المراجع :
1/ التحليل والرؤية السياسية والنضالية للكاتب والمحلل ، سميح خلف .
2/ السيرة الذاتية للقادة العظام ، أخذت من المصادر التالية :
أ?. الكاتب والمناضل : نضال حمد .
ب.الموقع الإعلامي لكتائب الشهيد أبوعلي مصطفى .
جـ. مواقع إخبارية من خلال الشبكة المعلوماتية .
بقلم : سميح خلف