كيري هو وزير خارجية امريكا الداعمة الرئيسية لدولة الاحتلال ، وان نطق كيري ، فهي ليست جمل عابرة تحتمها التقاليد الدبلوماسية ، او عبارات تدخل في حقل الوساطة في النزاع والصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين ، بل كانت اقواله في زيارته الاخيرة للارض المحتلة ومقابلته لنتنياهو تحمل في طياتها قلق امريكي واضح على مستقبل اسرائيل وديموقراطيتها على حد تعبيره وعلى ماهية منطلقاتها كدولة تعمل اسرائيل لان تكون نقية العرق اليهودي .
تلك النصائح التي لها عمق استراتيجي في المكون الجغرافي السياسي في المنطقة وهي بالتاكيد تدخل في صلب الامن القومي والاقليمي لدولة الاحتلال .
قال كيري ناصحا نتنياهو : بأن فشل حل الدولتين والتوسع الاستيطاني في المنطقة cسيفرض حتما منظور حل الدولة الواحدة لقوميتين على الارض الفلسطينية ، استشاط نتنياهو غضبا وهو الذي يشترط لتطبيق حل الدولتين اعتراف منظمة التحرير بالدولة اليهودية ودولة للفلسطينيين منزوعة السلاح وبجغرافيا تقتضيها مصلحة الامن الاسرائيلي ورفض ان تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية ، الفلسطينيون ومع شروط نتنياهو اصبحوا على قناعة بان طرح اليمين الاسرائيلي لاستئناف المفاوضات لن يجدي نفعا للتقدم بخطوات ايجابية وذات سقف زمني لانهاء الصراع ولو بشروط الحد الادنى التي طالب بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس .
اثيرت في الايام الاخيرة فتح ملف توصيات المجلس المركزي وبنظرة رئاسية لتقنيين العلاقة مع الاسرائيليين في مجال التنسيق الامني والاقتصاد والاحوال المدنية وغيره من انشطة بل افادت بعض الانباء بان القيادة الفلسطينية ستدعو لانعقاد المجلس الوطني الذي اعترف باسرائيل عام 1988م بسحب اعترافه بناء على تعثر بل فشل المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي على مدار اكثر من عقدين من الزمن .
بالتاكيد ان كيري وما وراءه من مراكز ابحاث وصناعة الاستراتيجيات في الولايات المتحدة الامريكية وفهم الادارة الامريكية لتحولات جوهرية في الصراع اذا لم تبادر اسرائيل بالتوقف عن بناء المستوطنات في المنطقة c ,والتي تشكل مساحتها 60% من اراضي الضفة سيجعل من الصعب الفصل بين حدود دولتين وما نصت عليه القرارات الاممية ، بالاضافة ان الاحتلال لم يعد ملتزما بتفاهمات واتفاقيات اوسلو وهو يحتل فعليا كل الضفة الغربية مستغلالابندا في الاتفاقية تخول اسرائيل بمداهمة اي امكان يهدد امنها.
كيري في زيارته للمنطقة محاولا اخماد شعلة انتفاضة وصرخة القدس التي طليعتها شباب غير منظم بالطرق التقليدية للفصائل الفلسطينية دفعته لحالة الاشتباك المباشر مع سكان المستوطناتوالجنود بل في العمق الفلسطيني المحتل ، وهي ظاهرة وارهاصات الحرب الاهلية التي تزعج امريكا وتضعف اوراقها وديموقراطيتها وديموقراطية مايسمى اسرائيل امام العالم ، وما من خيار بعد ذلك الا حل الدولة الواحدة بالخيار الدولي الديموقراطي التي يشكل الفلسطينيين اغلبية فيه.
نظرة كيري وتخوفه على مستقبل اسرائيل اتت متقدمة على غباء نتنياهو الفئة الحاكمة في اسرائيل ، فالتطور التاريخي الديموغرافي وببعده وعمقه الاستراتيجي وبرامج الاستيطان الاسرائيلي جعلت من الصعب الفصل في حدود الجغرافيا السياسية وحدود الدولة وانتفاضة السكاكين والدهس هي ترجمة لهذا الواقع المتداخل بين التجمعات الفلسطينية والاسرائيلية والاستيطانية.
يفهم الفلسطينيون ان حل الدولتين بات حلما فاشلا لاستراتيجية فاشلة تحكمت في نسجها متغيرات ذاتيةواقليميةودولية ، واصبح من المحتم على الجانب الفلسطيني ان يحدث تغيرات في استراتيجياه والياته بالاعتماد على قرارات ومبادرات سابقة اثارت حل الدولة الواحدة وباي كيفية الكنفدارلية اوالفدرالية او الاندماج المدني والمكون للايقونة السكانية والنشاطية في انشوطة دولة واحدة تحكمها الديموقراطية ودستولر جديد.
ان حالة الاشتباك المباشر التي صنعها شباب فلسطين من الاهمية ان تؤخذ بالاعتبار ولانها فتحت مناخات سياسية وامنية جديدة اذا ما اخذت بجدية ستحدث تغيرا في الصراع والياته ومنطلقاته السياسية والامنية .
كيري كان صادقا في حديثه مع غباء شخصية نتنياهو وهو الحرص على دولة الاحتلال ومستقبلها على ارض فلسطين ، وعلى الجانب الفلسطينيان ينتهز ثغرة غباء نتنياهو وصناع القرار في اسرائيل لاحداث متغيرات جوهرية في خطاب الصراع والياته على المستوى الذاتي والاقليمي والدولي.
بقلم/ سميح خلف