لعل أبرز القضايا التي ينبغي تعديلها وتطويرها في قرار تأسيس وكالة "الأونروا" رقم 302 والصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8/12/1949 مفهوم الحماية الجسدية للاجئين الفلسطينيين، فبغياب الحماية الجسدية للاجئين دُمرت مخيمات وأزيلت أخرى عن بكرة أبيها، وتم مسحها عن خريطة التوزيع الجغرافي لوكالة "الأونروا"، وبغياب الحماية الجسدية يُقتل اللاجئ الفلسطيني ويُعتقل ويُحاصر ويُهجر وتُنتهك حقوقه الإقتصادية والإجتماعية، وتُهان كرامته كإنسان أمام سمع وبصر المجتمع الدولي..!
بعد صدور القرار 194 في 11/12/1948 الذي أكد على حق العودة والتعويض واستعادت الممتلكات. أطلقت الجمعية العامة للأمم المتحدة "لجنة التوفيق الدولية حول فلسطين UNCCP" من كل من أمريكا وفرنسا وتركيا وأوكلت إليها مهمة حماية اللاجئ الفلسطيني جسدياً، وتسهيل عودته إلى دياره التي هُجِّر منها إبان النكبة قبل تاريخ 15/5/1948، ولهذا لم يتضمن قرار تأسيس "الأونروا" بند الحماية الجسدية، وعندما دار النقاش بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة حول توفير الحماية الجسدية للاجئين الفلسطينيين وإلحاقها بالأونروا كان الرد بأن هذه مهمة لجنة التوفيق الدولية، لذلك اكتفت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلحاق الحماية الإنسانية والقانونية للأونروا، وتعريف الحماية الإنسانية تتمثل بتقديم المساعدة من خدمات الإستشفاء والتعليم والإغاثة والمناصرة، أما الحماية القانونية فتتمثل بتقديم النصائح والإستشارات القانونية للاجئين ليس إلا..!
على الرغم وجودها وتقديم تقريرها السنوي للأمانة العامة للأمم المتحدة، إلا أن الدور الوظيفي للجنة التوفيق الدولية فقد تم تعطيه في منتصف خمسينيات القرن الماضي، وكنتيجة بالإضافة إلى حجم التقليصات الكبير والخطير في الخدمات الإنسانية والقانونية التي تقدمها "الأونروا" في الوقت الحالي، فلا يزال أكثر من ثمانية ملايين لاجئ فلسطيني يمثلون ثُلثيْ الشعب الفلسطيني، بدون أي منظمة أممية توفر لهم الحماية الجسدية ويعيشون في المخيمات والتجمعات والمناطق، ولهذا إما أن يجري العمل على ضم صلاحيات لجنة التوفيق الدولية الى "الأونروا"، أو تعديل وتطوير القرار 302 نفسه وهذا يحتاج إلى حراك سياسي ودبلوماسي وقانوني، فلسطيني وعربي وإسلامي ودولي..!
لا يعقل أن تبقى الوكالة ومعها اللاجئ الفلسطيني يعيشا وبشكل دائم حالة الخوف والقلق من توفير الميزانيات المطلوبة للاستمرار في تقديم الخدمات، خاصة أن الدول سواءً عربية أو إسلامية أو غربية فانها تساهم طوعاً في الميزانية العامة للوكالة، وما الذي يمنع من أن تتحول ميزانية "الأونروا" إلى ميزانية ثابتة تلتزم بدفعها الأمم المتحدة كما تدفعها لبقية منظمات الأمم المتحدة كاستحضار لحالة إنسانية من المفترض أن تتفاعل معها دول العالم حتى بدون أية إجراءات قانونية لتعديل وتطوير سياسة عمل "الأونروا" التي تعود الى الجمعية العامة..؟! خاصة أن قضية اللاجئين الفلسطينيين بقيت الأطول بين قضايا اللاجئين في العالم بعد مرور اكثر من ستة عقود، وتشكل وصمة عار أمام المجتمع الدولي..!
بقي مجموعة من القضايا التي يجب تطويرها هي الأخرى ولا تقل أهمية عن مفهوم الحماية الجسدية والميزانية؛ ضم فاقدي الأوراق الثبوتية وغير المسجلين من اللاجئين الفلسطينيين إلى سجلات "الأونروا"، وكذلك تحويل مكتب تنسيق "الأونروا" في جمهورية مصر العربية إلى مكتب خدمات بعد وجود ما يقارب المائة الف لاجئ فلسطيني محرومون من حقوقهم الإقتصادية والإجتماعية، بالإضافة إلى تفويض "الأونروا" بالبحث مع الدول المضيفة بتوسيع مساحة مخيمات اللاجئين التي بقيت على حالها منذ العام 1948، وتقديم الخدمات كاملة للاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في التجمعات أسوة بمن يعيش من اللاجئين في التجمعات والمناطق المختلفة، وإشراك اللاجئين الفلسطينيين في صناعة القرار في "الأونروا" من خلال ضم منظمات غير حكومية ومستشارين إلى اللجنة الإستشارية..!
علي هويدي*
كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني
بيروت في 8/12/2015
--