أعاد قرار محكمة العدل العليا يوم الاثنين العظيم، القاضي ببطلان تعيين الرئيس لرئيس المحكمة العليا "رئيس مجلس القضاء الاعلى"، بقوة مسألة النظر في آلية تعيين رئيس المحكمة العليا، باعتبارها جزءا من اصلاح الجهاز القضائي، الى صدارة الاولويات الوطنية، ومنحه الاولوية لما له من مكانه في النظام السياسي وثقة الناس به فقط بل لتأثيره على مجرى العدالة وحقوق الانسان.
وهذه هي اللحظة التاريخية المناسبة لتعزيز استقلال القضاء، بعد قرار محكمة العدل العليا، بوقف القضاة عن تقاعسهم في حقهم اختيار رئيس المحكمة العليا "أي رئيس مجلس القضاء"، وانتزعهم هذا الحق ليكون "رئيس المحكمة" من بين أعضاء المحكمة العليا عن طريق الانتخاب.
هذا الامر يتطلب وضع آلية لانتخاب رئيس المحكمة العليا على غرار انتخاب "بابا الفاتيكان"؛ بأن تجرى هذه الانتخابات بطريقة التصفية بحيث يخرج من السباق كل من حصل على اقل الاصوات في كل مرة، وبأن تجرى عمليات اقتراع متتالية بين بقية المترشحين في نفس الجلسة للهيئة العامة للمحكمة العليا الى أن يبقى آخر مُرَشَحَيّن من اعضاء المحكمة العليا، ووضع نسبة عالية كأغلبية الثلثين أو الأغلبية المطلقة لأعضاء المحكمة العليا لنيل احدهما مهام رئاسة المحكمة العليا وطبعا رئاسة مجلس القضاء الاعلى.
هذه الطريقة لا تحتاج الى تعديل نصوص قانون السلطة القضائية بل الى تجسيم القضاة لحقهم في اختيار رئيس المحكمة العليا، وإجبار مجلس القضاء الاعلى على تنسيبه وفقا لنص قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002. وعدم التنازل عن حقه في التنسيب كما جرى في المرات الفارطة، ووقف تغول السلطة التنفيذية في اختيار رئيس مجلس القضاء الاعلى بسبب تقصير القضاة وتخلفهم عن القيام بمهامهم بحماية الجهاز القضائي وضمان استقلاله في تحديد رأس الهرم القضائي.
قرار يوم الاثنين العظيم "السابع من ديسمبر/ كانون اول 2015" يضع اعضاء المحكمة العليا وأعضاء مجلس القضاء الاعلى أمام مسؤولية تاريخية تحتم عليهم خلال الايام القليلة القادمة القيام بواجبهم بنفس قدر شجاعة قضاة محكمة العدل العليا وحكمتهم، بتنسيب رئيس المحكمة العليا ليقوم الرئيس بإصدار قرار التعيين باعتباره قرارا كاشفا لا مُنشأً، دون ذلك يُفقدُ القضاة أحكام القضاء من جهة، ويسمحون بالعبث باستقلال السلطة القضائية من حهو ثانية.
--
Jehad Harb
Researcher in governance & policy issues