الجميع يعرف من هم مجرمي الحرب، من يقتل ويعذب الأسرى، ومن يعتقل نواب الشعب الفلسطيني وآخرهم المناضلة خالدة جرار، ومن يحرق الأطفال، ويهدم البنيان ويحرق الأشجار، ويقطع الطرق ويعزل المدن ، ومن يعدم الناس في الشوارع بدم بارد، ولقد آن الأوان أن يعلو الصوت العالمي، بدلاً من أن تدور الحرب مرة أخرى في منطقة كتب عليها التعاسة والأحزان والدمار والفقر، آن للعالم أن يحرر شعبنا من دنس الاحتلال وأن يساعد بقرار قوي وحاسم بقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس ومعالجة ملفات الحل النهائي المعطلة منذ أكثر من 15 عاما.
لكي نفهم ما يدور اليوم في الرأي العام الإسرائيلي يمكن أن نحلل ما قالته سارة نتنياهو زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي حين اجتمعت مع عدد من ناشطات منظمة اليسار الإسرائيلية "نساء يصنعن السلام" المعتصمات منذ شهر أمام مقر منزل نتنياهو احتجاجا على سياسة حكومته فيما يتعلق باستمرار جمود مفاوضات السلام مع الفلسطينيين، حيث قالت للناشطات "أنه يجب عليهن التظاهر أمام منزل عباس في رام الله لأنه هو السبب في جمود المفاوضات وليست سياسة زوجها، وقامت باتهام الرئيس أبومازن بأنه يقوم بالتحريض ضد (إسرائيل) في المحافل الدولية بدلاً من بذل الجهود لفك جمود العملية السياسية..؟!".
الرئيس أبو مازن قام بكل شيء من أجل إحياء عملية السلام والدفع بها للأمام، وحذر كثيرا من سياسة نتنياهو العنصرية، وقال بوضوح أن ما ينتظر المنطقة هو الدمار إن تم إعدام السلام.
السلام هو اتفاق وليس إملاءات ، ولكن نتنياهو يمارس سياسة الاملاءات ويتنصل من أي اتفاق، وعطَّل إطلاق سراح أسرى الدفعة الرابعة، ويعرف زعماء (إسرائيل) أن عملية السلام لم تكن لتبدأ قبل عشرين عاما، إلا لأن الفلسطينيون توجهوا إلى عملية السلام من خلال الإدراك أن العملية السلمية ستضمن تحسنا ملموسا على ظروف حياتهم في الفترة الانتقالية "تنتهي في 1999" وأن مدتها خمس سنوات، وأن التسوية الدائمة ستؤدي إلى تطبيق قرارات مجلس الأمن 242،338.
ولكن ما حدث حتى اليوم هو فصل المدن وتقطيع أوصال الضفة الغربية، ومواصلة المعاناة اليومية واشتداد القيود المفرطة على الحركة والتنقل و الحصار المطبق على قطاع غزة، وتدهور الوضع الاقتصادي، والتغول الاستيطاني ومصادرة مئات الآلاف من الدونمات.
من الأهمية أن نذكر ما قاله هارتسوج زعيم حزب العمل الإسرائيلي والمعارضة الإسرائيلية في 20/8/2015: "بعد مضي 100 يوم على تشكيل نتنياهو لحكومته الجديدة، وإضافة إلى التسع سنوات الماضية فشل في كافة التحديات سواء الاقتصادية أو الأمنية، والوضع الأمني في تدهور مستمر وان نتنياهو يقود (إسرائيل) في طريق الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، ولم يقم بطرح أي مبادرة سياسية لفك جمود العملية السياسية أمام الفلسطينيين ، ومستمر في سياسة عزل (إسرائيل) .
في 3/10/2015 قام الشاب مهند حلبي يطعن مستوطنا في باب الأسباط ببلدة القدس القديمة، ثم استولي على سلاح كان معه وأطلق النار في كل الاتجاهات، ما أدى لإصابة أربعة آخرين، قبل أن تستقر الحصيلة على قتيلين وثلاثة مصابين بجروح متفاوتة، وينظر للعملية على أنها بداية ما يعرف ب"ثورة السكاكين" ولاحقا أطلق عليها أسماء عدة ومنها الانتفاضة الفلسطينية الثالثة وبلغت حصيلتها فلسطينيا حتى اليوم أكثر من 120 شهيد والآلاف الجرحى ومئات المعتقلين، وإسرائيليا تم قتل أكثر من 25 إسرائيلي من جنود الاحتلال والمستوطنين وإصابة أكثر من 1500 إسرائيلي.
نحتاج إلى ماكنة إعلامية وتدويل لكل الأحداث وتنشيط كافة الأصدقاء والأحرار في كل العالم لكي يقفوا مع شعبنا الصامد في انتفاضته ولكي يتم فضح ممارسات الاحتلال وانتهاكاته المستمرة ضد حقوق الانسان، وكذلك توضيح وجهات النظر الفلسطينية في كافة الملفات التي تخص قضيتنا الفلسطينية، فلسطين بحاجة الى كل الجهود المخلصة .
ملاحظة: التقارير الإسرائيلية تتحدث عن صعوبة الانتفاضة وأنها تزداد قوة.
بقلم د.مازن صافي