حركات تحرر ام احزاب انقسام .. !

بقلم: وئام أبو هولي

كثيرة هي ازمات الواقع الفلسطيني ، و مع تكرارها تتحول جملة الازمات الى معاناة واقع حقيقي ، لا يكون هناك خيار امام الفلسطيني إلا ان يعتاد التأقلم معها ، لتزداد حياة المواطن تراكمات من البؤس و الاضطهاد و العجز ، و بدون شك ان السبب اولا و اخيرا للاحتلال الذي اوجد واقعا كئيبا مغلقا مجرد من الحقوق ، و الحريات الممكنة للعيش التي تتناسب مع أي طبيعة بشرية يتوجب ان تعيش بطمأنينة و امآن ، و بطبيعة الحال ذلك ينطبق على مجمل الاراضي الفلسطينية المحتلة ، و تحديدا قطاع غزة الذي يزداد به المشهد مأساوية و قسوة ، حيث اصبح اقليم منعزل عن الكل الفلسطيني ، تطبيقا لمخطط اسرائيلي يهدف الى الفصل الجغرافي و السياسي للقضية الفلسطينية ، و يجعل البعد الاقليمي امتداد للحالة الاجتماعية المتباينة في المجتمع الفلسطيني .
ان اسرائيل كدولة احتلال من الطبيعي ان توجد مخططات و سياسات تهدف لمنع وجود قوة معارضة موحدة تهدد وجودها تنبع من الشعب المحتل ، حتى يتمكن من التمتع بنوع من الاستقرار و الامن المؤقت ، و هذا فعلا ما تحاول اسرائيل تحقيقه كلما حانت الفرصة من خلال اللعب بالسياسة الفلسطينية و نصب الافخاخ المغرية بطريقة غير مباشرة في مسار القضية ، و الغريب في الامر ان الاحزاب و الفصائل الفلسطينية تعلم مكائد الاحتلال و اغراضه في تغيير مسار القضية من مقاومة الاحتلال الى التناحر على السلطة ما بين الاحزاب الفلسطينية ، و هناك جملة من سياسات الاحتلال التي نجح فيها في التأثير على مصير الواقع الفلسطيني ، ابتداء باتفاقية اوسلو و تداعياتها و قيام السلطة الفلسطينية و انشغال منظمة التحرير بمصالحها الخاصة ، و انتهاء بطامة الانقسام التي نتجت عن انتخابات 2006 ، و التي احدثت انشطارا في النسيج الفلسطيني الوطني ، و حولت حركات التحرر التي وجدت في الاصل لمقاومة الاحتلال و تحرير الارض الى احزاب سياسية لاستحواذ المناصب و السيطرة الشمولية على مناحي الحياة .
و واقعيا اليوم ما زال المواطن الفلسطيني يعاني اشد المعاناة بسبب الانقسام ، و غزة هي من لها الحصة الاكبر من المعاناة بعد سيطرة حماس على الحكم فيها منذ اكثر من 9 سنوات ، و بدون ان نوجه الاتهام لحزب معين دون غيره ، لكن الحقيقة ان جل معاناة المواطن اليوم في غزة يتوجب ان تتحمل مسؤوليتها حركة حماس ، و بما ان الوضع الانساني فاق الاحتمال ، و المواطن لم يعد يحتمل كل هذا الكم من المعاناة ، فانه يتوجب على الفصائل الفلسطينية ان تترك للمواطن حقه في اعلاء صوته برفض الواقع المفروض عليه ، و الامتناع عن تكميم الافواه و اخماد الاصوات التي لا تتناسب مع المصالح الخاصة ، كما ان على المواطن ان يتمتع بحرية التنقل و الحركة ، أي بالمقابل يمنع احتكار الواقع و تغليب العنصرية السياسية ، فانه لا يعقل ان يتم التحكم بمصير مليوني مواطن من اجل مصلحة اقلية منتفعة بطريقة او بأخرى ....!!!

الكاتبة الصحفية :
وئام ابو هولي