كثير من الأصوات تحدثت على أن حركة فتح ينقصها ( القائد والقرار ) ، أقصد هنا القائد الذي يمكن ن يتخذ القرار المصيري لإنقاذ حركة فتح مما هي عليه ، وإن كانت قضية المؤتمر هي القضية الملحة والواجهة الرئيسية لتثبت حركة فتح بقيادتها الحالية بأنها غير قادرة على قيادة مرحلة وإدارة صراع ، وإذا لم تكن المقاومة الداخلية من ترابط وتآزر لكل جسيمات وأطر الحركة قادرة على مجابهة العواصف والرياح والضغوط الخارجية ، فإنها بالتأكيد في طريقها إلى الانهيار بعدما أحدثت الظواهر الخارجية كثير من مظاهر التشوه ووضع قوى قص عمودية وأفقية في داخلها ، حتى أصبحت قوى القص هي مركز الفعل ورد الفعل في آن واحد .
أزمة المؤتمر والمراوحة بين انعقاده من عدمه ، أو احتماليات المكان والزمان ، حيث أصبحت المشكلة الرئيسية أمام حركة فتح هي كيف تعقد مؤتمرها وكيف تدفع الاستحقاقات الوطنية المطلوبة منها للشعب الفلسطيني والشعب العربي بأكمله ، فحركة فتح في النموذج العام هي رائدة النضال الوطني الفلسطيني ، وليس من السهل أن نقول أن حركة فتح ليس لها تأثير على البنية الفكرية والثقافية والنضالية للشعب الفلسطيني ، وليس من السهل أيضا أن نقول أن حركة فتح بذوبانها أو بإختفائها عن خريطة العمل الوطني هو من مصلحة أحد بل الجميع معني بأن تكون حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح هي عمودا فقريا كما كانت لحركة النضال الوطني الفلسطيني ، ومن هنا نستطيع القول أن جميع القوى المنتقدة لمسلكيتها الحاضرة ليس عداء لفتح بل هو الفراغ الذي يمكن أن يحول إطارات النضال إلى حلقات هلامية من الصراعات لتصنع دوامة كبرى تعصف بكل التجربة الفلسطينية والشعب الفلسطيني ومن هنا يأتي حجم الانتقادات لحركة يمكن أن تكون لها الفضل في الأداء وفي الاستمرارية .
ربما أظهرت مشكلة المؤتمر عيب أساسي في بنية حركة فتح بعد تغييب برنامجها الأصلي وأدبيتها ومنطلقاتها وهي البنية الفكرية والثقافية التي فقدتها حركة فتح هذا البناء الذي كان يمكن أن يكون حامي لكل أطر وتشكيلات حركة فتح لتحافظ على استمراريتها .
هل نستطيع أن نقول أن أبو مازن هو المسؤول فقط عن انهيار حركة فتح أم أن المسؤولية تجمع كل إطارات القرار في داخل حركة فتح ؟ .. وخاصة لجنتها المركزية ومجلسها الثوري ، وإذا كان أبو مازن هو المسؤول ، فماذا تفعل اللجنة المركزية ؟ .. هل قامت بدورها في حماية حركة فتح وتوجهاتها الوطنية سلوكا وممارسة ونهجا ؟ .. وهل استطاعت اللجنة المركزية أن تتحمل مسؤولية قرار ممنوح لها بحكم مبدأ المركزية الديمقراطية وقضية الأغلبية في القرار ، لماذا نقول أن أبو مازن هو المتواطئ فقط على حركة فتح ؟ .. وعلى مناضلي حركة فتح ، أليست المسؤولية بحكم النظام هي أكبر على اللجنة المركزية ، ولماذا نطالب بمحاسبة أبو مازن فقط ، أليس من الأجدر محاسبة الجميع ؟؟
المؤتمر قضية لها الوجه المكاني والزماني لانعقاده ، ولكن هي قضية انعكاس لحال حركة فتح وحال قيادتها بكل ما أصيبت من الظواهر التي لا تليق بقيادة شعب ، فمن لم يستطع تحمل اتخاذ قرار لحل مشكلة كادر أو عدة كوادر في حركة فتح ظلموا أو من لم يستطع أن يحافظ بقرار على شهداء حركة فتح وأسرهم ، ولم يستطع حماية أهداف ومنطلقات حركة فتح ، لن يستطيع حل مشكلة وطن ، والجميع في قفص الاتهام ..
سميح خلف