اعتمدت الجمعية العامة للامم المتحدة، يوم 23 الاربعاء الفائت الموافق في 23-12-2015 مشروع قرار بعنوان "السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني على موارده الطبيعية" ويعيد هذا القرار التاكيد الاممي على الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني على موارده الطبيعية، بما فيها الارض والمياه ويعترف بحقه في المطالبة بالتعويض نتيجة لاستغلال موارده الطبيعية واتلافها او ضياعها او استنفاذها او تعريضها للخطر باي شكل من الاشكال بسبب التدابير غير المشروعة التي اتخذتها او ما زالت تتخذها اسرائيل بشان المصادر المائية الفلسطينية الجوفية والسطخية الذاتية والمشتركة والتي تشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي والقرارات الصادرة عن مجلس الامن الدولي والجمعية العامة للامم المتحد ذات الصلة. ويطالب القرار اسرائيل ان تتقيد تقيدا دقيقا بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الانساني الدولي، والا تستغل الموارد المائية الفلسطينية كموارد طبيعية اواتلافها او التسبب في ضياعها او استنفاذها والحاق الضرر بها كما يطالب القرار اسرائيل بالكف عن اتخاذ اي اجراءات تضر بالبيئة ، بما في ذلك القاء النفايات بجميع انواعها في الارض الفلسطينية المحتلة واعادة بناء وتطوير الهياكل الاساسية للمياه، ومنها مشروع محطة تحلية المياه في قطاع غزة.
ما جاء في هذا القرار يستند الى القانون الدولي ومرجعياته ،وخاصة قانون المياه وقانون حماية البيئة، وبموجب هذه القوانين على اسرائيل ان تلتزم وتتقيد بما ورد في هذا القرار وان تقوم بواجباتها في كافة الجوانب القانونية والادبية تجاه تمكين الفلسطينيين من ممارسة حق السيادة الدائمة على مواردهم الطبيعية ..... ومن ضمنها الانتفاع الكامل بحقوقهم في مواردهم المائية وترجمة ذلك على ارض الواقع وفق التدابير التي تضمنها القرار . فهل ستستجيب اسرائيل وتنصاع وتقوم عمليا وفعليا بما ورد في هذا الشان، بالتاكيد لن يحصل ذلك ولن تعترف اسرائيل بهذا القرار ولا بما سبقه ولن تنصاع ولن تفعل اي شيء ولهذا فان مصير هذا القرار سيكون كسابقه من القرارات الاممية ذات الصلة "قرارا غير قبل للتنفيذ" لان الاسرائيليين لا يعترفون بالاساس باية حقوق مشروعة للشعب الفلسطيني ، وما قامت به اسرائيل من اجراءات وانتهاكات تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة في موارده الطبيعية والمائية واهمها بل واخطرها تحويل مياه نهر الاردن الى مناطق السهل الساحلي وشمال صحراء النقب ، والقيام باغلاق منافذ الجزء الجنوبي لنهر الاردن وتحويل هذا الجزء الى جدول صغير ملوث وبالتالي حرمان الفلسطينيين من حق الانتفاع بمياه الحوض كطرف مشاطيء وشريك كامل مثله مثل اسرائيل وغيرها من الاطراف المشاطئة الاخرى للحوض، وكذلك قيام الاسرائيليين بنهب واستغلال شبه كامل لمياه الاحواض الجوفية الذاتية والمشتركة وتعريض تلك الاحواض لحالات الاستنزاف المدمر ، هذه الاجراءات والممارسات وغيرها تترجم بوضوح طبيعة النوايا الاسرائيلية وسياستها العدائية تجاه الفلسطينيين وحقوقهم المائية المشروعة والثابتة في تلك الاحواض ، ويترجم ايضا المخاوف الدائمة لدى الفلسطينيين ان تبقى القرارات الاممية ومن ضمنها مشروع هذا القرار مجرد حبر على ورق لا تفيد الفلسطينيين في شيء .
فكيف يمكن تنفيذ هذا القرار في ضوء ما تقدم من انتهاكات فاضحة للقانون الدولي ومرجعياته بشان الموارد والثروات الطبيعية الفلسطينية كما سبق واسلفنا ، واعتبار الاسرائيليين لتلك الاجراءات والانتهاكات وكانها قد اصبحت امرا واقعا ومنتهيا وغير قابلة للمناقشة او التفاوض ، يضاف الى ذلك المواقف الاسرائيلية المتشددة والرافضة للمطالب والحقوق الفلسطينية المشروعة في الاحواض المائية السطحية منها والجوفية، الذاتية والمشتركة . والرافضة دائما لكافة القرارات الاممية في كافة الجوانب المتعلقة بالشعب الفلسطيني وبحقه في تقرير مصيره . هذه الامور الخطيرة وغيرها تعيدنا الى نفس المربع الاول من المحاذير والمخاوف التي اعاقت ولا تزال تعيق تنفيذ القرارات الاممية السابقة واللاحقة ومن ضمنها هذا القرار الجديد.
بخلاصة شديدة ، اسرائيل لن تلتزم ولن تنصاع في تفيذ هذا القرار وستدير ظهرها له كما فعلت سابقا وكما تفعل دائما لان اسرائيل تعتبر نفسها فوق تلك القرارات وهي غير ملزمة بتنفيذها ولا حتى باحترام الجهة التي اصدرتها ، كما ان اسرائيل تعرف جيدا ان لا احد يستطيع ارغامها على ذلك .
لتوضيح الجوانب المرتبطة بهذا القرار بشان مصادر المياه الفلسطينية المنهوبة من قبل الاسرائيليين كموارد وثروات طبيعية فلسطينية وحجم واوجهه نهبها واستغلالها واستنزافها من قبل الاسرائيليين على مدى اكثر من ستة عقود ، نستعرض فيما يلي اهم الاجراءات والعراقيل والتعقيدات التي وضعها الاسرائيليون مسبقا بهدف تعطيل اي جهود او مساعي دولية ذات صلة بمسالة حق السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني على موارده الطبيعية ومن ضمنها الموارد المائية وتشمل :
- قيام الاسرائيليون مبكرا بتنفيذ سلسلة من الاجراءات على ارض الواقع لضمان السيطرة والتحكم الدائم على مصادر المياه المتجددة في الاحواض المائية الجوفية في الضفة الغربية والتي يعرفها الاسرائيليون "بالاحواض المائية الجبلية" وتضم ثلاثة احواض جوفية هي الحوضين المشتركين الغربي والشمالي الشرقي وتقدر طاقتهما المائية السنوية المتجددة بحوالي 600 مليون متر مكعب، علما بان 95% من مساقط ومنابع المياه لهذين الحوضين تنشا وتتكون داخل حدود الضفة الغربية، يستغل الاسرائيليون من هذه الطاقة ما يزيد على 90% اي ما يقارب 540 مليون متر مكعب ، يجري سحب تلك الكميات من المياه من خلال شبكة ابار عميقة حفرها الاسرائيليون تدريجيا على امتداد الخط الاخضر في المناطق المحاذية لمحافظات جنين ، طولكرم وقلقييلية، ويقدر عددها بحوالي 550 بئرا ذات انتاجية عالية جدا تصل في بعضها الى حوالي 0160 متر مكعب في الساعة اي ما يعادل الاربعون ضعفا من انتاجية الابار الفلسطينية ، هذا بالاضافة الى مجموعة ابار اخرى عميقة ايضا يصل عددها الى 40 بئرا تم حفرها داخل مناطق الضفة الغربية ، غالبيتها في الحوض الشرقي وتحديدا في مناطق الاغوار الفلسطينية لتزوييد المستعمرات الاسرائيلية بالمياه لاغراض الشرب والزراعة والصناعة . وفي نفس الوقت وضع الاسرائيليون قيودا صارمة على الفلسطينيين بموجب اوامر عسكرية للحيلولة دون قيام بحفر الابار او اصلاح القديم منها في كافة مناطق الضفة الغربية وخاصة في المنطقة المصنفة "ج" وهي المنطقة الخاضعة بشكل كامل لما يسمى بالادارة المدنية التابعة لسلطة الاحتلال ، وقد استغل الاسرائيليون الاتفاقية المرحلية للعام 1995 والتي تتضمن قيودا وشروطا على المشاريع التطويرية التي تخص الفلسطينيين في مجالي المياه والمجاري وفق ما نصت عليه المادة الاربعون من الاتفاقية المشار اليها اعلاه وربط الموافقة على تلك المشاريع "بالفيتو الاسرائيلي" الممارس من خلال لجنة المياه المشتركة .
اضافة الى القيود التي وضعها الاسرائيليون على الفلسطينيين سابقا ولاحقا في مجال المياه ولكي يضمنوا استمرار نهبهم وتحكمهم وسيطرتهم الكاملة والدائمة على مصادر المياه الجوفية للحوضين الجوفيين الغربي والشمالي الشرقي ولمنع الفلسطينيين من القيام باي نشاط من شانه ان يلحق الضرر باوجه النهب والاستغلال الاسرائيلي لمياه هذين الحوضين ، قاموا مؤخرا ببناء ما عرف بجدار الفصل العنصري داخل حدود الضفة الغربية وعلى امتداد الخط الاخضر، حيث يشكل هذا الجدار في حقيقة الامر احد اهم عناصر السياسة المائية الاسرائيلية واحد جوانب ومتطلبات الامن المائي الاسرائيلي .
اما الحوض الجوفي الثالث فهو الحوض الشرقي ، وهو حوض فلسطيني مستقل تقع كافة مساقط ومنابع مياهه داخل حدود الضفة الغربية ، وتقدر طاقته المائية السنوية المتجددة بحوالي 170 مليون متر مكعب ، منها حوالي 50 مليون متر مكعب تشكل تصريف ينابيع مجموعة الفشخة وغزال التي تصب في الجانب الشمالي الغربي من البخر الميت داخل حدود الضفة الغربية ، الا ان مياه هذه الينابيع ذات ملوحة عالية ، يستغل الاسرائيليون ما يزيد على 65 مليون متر مكعب اي حوالي 55% من طاقة هذا الحوض من المياه العذبة وحوالي 7 مليون متر مكعب من مياه الينابع المالحة .
نتيجة لعمليات السحب الزائد والمتعمد من قبل الاسرائيليين لمياه الاحواض الجوفية الثلاثة اعلاه ، فقد ابتدات تظهر مؤشرات خطيرة تدل على تعرض تلك الاحواض الى حالات استنزاف مفرط ومدمر ، من تلك المؤشرات الهبوط السنوي المتزايد لمستوى سطح المياه في ابار مياه الشرب العميقة الخاصة بالفلسطينيين ، واتساع معدل الملوحة في العديد من الطبقات الحاملة للمياه الجوفية في تلك الاحواض ، مما اصبح يشكل تهديدا حقيقيا لسلامة وامان النظام المائي الجوفي في الضفة الغربية واحتمال تعرض هذا النظام الى دمار شامل في المستقبل غير البعيد ، وبالتالي
سيفقد الفلسطينيون خلال سنوات قليلة المصدر الوحيد للمياه العذبة المتاحة لديهم حاليا ، وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا وخطيرا لحياة الفلسطينيين ولدولتهم القادمة ، هذا ان قامت تلك الدولة ورات النور ، وبالتالي لن تكون هناك اية فائدة للفلسطينيين من هذا القرار في حالة عدم استعادتهم لتلك الاحواض مبكرا وقبل فوات الاوان ، لان وضع تلك الاحواض وصل كما اشرنا الى حالات استنزاف قصوي واصبحت طبقاتها الصخرية الحاملة للمياه الجوفية مهددة فعليا بالدمار البيئي وخاصة مخاطر انساع الملوحة العالية .
الاجراءات الاسرائيلية في حوض نهر الاردن والتي ابتدات مع بداية الخمسينات من القرن الماضي ، وانتهت بعد حرب عام 1967 وهي الحرب التي عرفت بحرب المياه ، وقد انتهت هذه الحرب بسيطرة الاسرائيليين على اكثر من 80% من موارد مياه هذا الحوض .
وقد شهدت الفترة اعلاه وهي الفترة الواقعة من بداية الخمسينات وحتى نهاية حرب عام 1967 اجراءات وانتهاكات واسعة وخطيرة في مناطق حوض نهر الاردن من قبل الاسرائيليين،كان اكبرها ضررا على الفلسطينيين قيام اسرائيل باغلاق منافذ الجزء السفلي من النهر عند الساحل الجنوبي لبحيرة طبريا بهدف وقف تدفق المياه بشكل نهائي عبر هذا الجزء المحاذي للضفة الغربية والذي حولته اسرائيل الى جدول صغير ملوث بالنفايات السائلة ومياه الينابيع شديدة الملوحة ، كما تم اغلاق مناطق الاغوار الفلسطينية بشكل كامل واعتبارها مناطق عسكرية، بعد ان تم طرد المزارعين الفلسطينيين من نلك المناطق وتدمير كافة منشاءتهم التي كانت مقامة على ضفة النهر وبالتالي تحويل اهم واكبر المناطق الزراعية الفلسطينية وهي منطقة الاغوار الى مناطق جرداء ، وبالتوازي مع ذلك شرع الاسرائيليون في تنفيذ اكبر عملية انتهاك للقانون الدولي والمتمثلة بتحويل مياه نهر الاردن عبر بحيرة طبريا الى خارج مناطق الحوض باتجاه مناطق السهل الساحلي وحتى شمالي صحراء النقب وضخ اكثر من 550 مليون متر مكعب لري الاراضي الزراعية في تلك المناطق .
وفي اتجاه موازي للانتهاكات المتخذة في حوض نهر الاردن بقسميه الشمالي والجنوبي ، شرع الاسرائيليون مع مطلع الثمانينات من القرن الماضي في التخطيط والاعداد لتنفيذ مشروع قناة البحرين بمساره الاول من البحر الابيض المتوسط الى البحر الميت وهو الحلم الصهيوني القديم ، ورغم انهم عدلوا عن هذا المسار لاحقا لاسباب مالية نظرا للتكلفة العالية للمشروع ، الا انهم عادوا ودعموا بعد ذلك المقترح الاردني لانشاء القناة من البحر الاحمر الى البحر الميت ، وقد تبنى البنك الدولي هذا المقترح وسعى الى الحصول على تمويل دولي لتنفيذه ، حيث انتهت تلك المساعي كما هو معروف بالتوقيع على اتفاقية نهائية من قبل اسرائيل والاردن والسلطة الفلسطينية ، وبذلك حقق الاسرائيليون بموجب هذه الاتفاقية عدة مكاسب جوهرية كبرى من اهمها : شرعنة عملية تحويل مياه نهر الاردن الى مناطق تقع خارج حوضه وكذلك شرعنة اجراءاتهم في تدمير الجزء الجنوبي من الحوض بشكل كامل ونهائي والى الابد وبالتالي شطب المطالب الفلسطينية المتعلقة بحقوق المشاطئة والانتفاع بمياه هذا الحوض، اي حرمان الفلسطينيين من اعادة الحياة الى مناطق الاغوار الفلسطينية، هذه المناطق التي كانت تعرف تاريخيا بسلة غذاء فلسطين، بالاضافة الى ذلك فقد حقق الاسرائيليون كما اشرنا حلمهم في تنفيذ مشروع قناة البحرين بمسارها الجديد، لانقاذ البحر الميت من الزوال من خلال نقل المياه من البحر الاحمر الى البحر الميت ولضمان الاستمرار في تطوير الانشطة السياحية والصناعية الاسرائيلية المقامة على شواطيء البحر الميت . لهذا يمكن القول بان الفلسطينيين هم الخاسر الاكبر وفق هذه المعطيات القائمة على ارض الواقع وبالتالي لم تعد هناك اي فائدة للفلسطينيين في استعادة السيادة على جدول صغير وملوث بعد ان تم اقرار تنفيذ مشروع قناة البحرين كبديل لمياه نهر الاردن .
القرارات الاممية الصادرة تباعا منذ عقود طويلة بشان دعم المطالب والحقوق الفلسطينية المشروع بشان الموارد الطبيعية ومن ضمنها وعلى راسها الموارد المائية ، تلك القرارات بجديدها وبما سبق لم يستفد منها الفلسطينيون بشيء يذكر ، بل ازدادت ازمات العطش الفلسطيني حدة سنة بعد سنة بالتوازي مع ازدياد تلك القرارات ، فقد وصل الوضع المائي في الاراضي الفلسطينية، الى حالة حرجة للغاية بسبب النقص المتزايد في امدادات المياه التي اصبحت تسود معظم مناطق الضفة الغربية ، كذلك الامر في قطاع غزة حيث نسبة 90% من مصادر المياه الجوفية في القطاع لم تعد صالحة للاستخدام ، بسبب اتساع مناطق التلوث والملوحة العالية داخل الطبقات الصخرية الحاملة للمياه الجوفية ، والاسرائيليون يعرفون جيدا طبيعة ومخاطر الاوضاع المائية في الاراضي الفلسطينية الا انهم غير معنيين بمعاناة الفلسطينيين وما يواجهونه من معاناة معيشية قاسية سببها الاحتلال الاسرائيلي وممارساته ولنتهاكاته وتنكره للحقوق الفلسطينية المشروعة وفي مقدمتها الحقوق المائية الثابتة .
ملف المياه وقضايا المياه ضمن ملفات الوضع الدائم المعلقة والمجمدة ، لذلك لا زال هذا الملف ينتظر نتائج علم الغيب على طاولة المفاوضات المجهولة . الموقف الاسرائيلي تجاه الحقوق المائية الفلسطينية موقفا معروفا ً بالتشدد والعنصرية والرفض والتنكر لتلك الحقوق ، وقد تنصل الاسرائيليون من التزاماتتهم التي وقعوا عليها ، وفق المادة الاربعون من اتفاقية اوسلو2 لعام 1995 بشان المياه .
عناوين اللاءات الاسرائيلية بشان قضايا المياه معروفة ومكررة في كل مناسبة ، كما صرح بذلك اكثر من مسؤول اسرائيلي سياسي ومهني وكما سمعها المفاوض الفلسطيني مرارا وتكرارا ، اما مباشرة من على طاولة المفاوضات خلال اللقاءات التي عقدت في كافة مراحلها الانتقالية والنهائية ، او من خلال اللقاءات الاخرى وخاصة الاجتماعات الدورية للجنة المياه المشتركة ، وايضا من خلال اجتماعات مجموعة العمل حول المياه المنبثقة عن المسار متعدد الاطراف لعملية السلام وغيرها . يقول الاسرائيليون ويعيدون القول بما يخص ملف وقضايا المياه ، وبلغة اللاءات والتشدد ، وهي اللغة الوحيدة التي يجيدها مفاوضيهم :
• لم تعد توجد مياه عذبة في الاحواض المائية المشتركة ، للتفاوض حولها مع الفلسطينيين ، كافة مصادر المياه العذبة مستخدمة فوق طاقتها وبالتالي لم تعد توجد مياه قابلة للتفاوض مع الفلسطينيين وغيرهم ، ولن تعيد اسرائيل ليترا واحدا من مياه مستخدمة من قبل مواطنيها ، وهذا الامر منتهي بالنسبة لهم ،كما يقول مفاوضيهم دائما .
• يقول المفاوضون السرائيليون بان المفاوضات بشان قضايا المياه ستكون فقط حول مصادر مياه اضافية غير تقليدية ، من ضمنها مشاريع مركزية مشتركة لتحلية مياه البحر ، بما في ذلك المياه المحلاة التي سيتم انتاجها من مشروع قناة البحرين ومن مصادر بديلة اخرى مثل استيراد المياه من دول اخرى وتطوير اعادة استخدام مياه المجاري المعالجة لاغراض الري ، وتوسيع وسائل استخدام تقنيات الري ، وغير ذلك .
• يشدد المسؤولون الاسرائيليون على ان الحقوق المائية التي يطالب بها الفلسطينيون لن تكون باي شكل من الاشكال حقوق سيادية، لا سيادة لاحد على احواض مائية مستخدمة من قبل الاسرائيليين، للفلسطينيين الحق في الحصول على ما يحتاجونه من المياه للاغراض المنزلية فقط ولبعض الصناعات ان توفرت ، وباسعار مماثلة لما يدفعه الاسرائيليون ، ولن يسمح للفلسطينيين بتبذير مصادر المياه العذبة لاغراض الزراعة .
• يرفض المفاوضون الاسرائيليون ادراج حوض نهر الاردن ضمن اجندة التفاوض مع الفلسطينيين ويقولون بانه لا توجد للفلسطينيين ما يدعونه ويسمونه بحقوق مياه في حوض نهر الاردن ، ما يمكن مناقشته والحديث عنه في هذا الصدد ،قد يتعلق بحقوقهم في مياه الاودية الجانبية المشتركة بيننا وبينهم ، ليس الا ، ولن تعيد اسرائيل للفلسطينيين مترا واحدا من منابع المياه لنهر الاردن العلوي ، لان الفلسطينيين ليسوا شركاء في هذا الحوض .
بناء على ما تقدم عن اية سيادة فلسطينية يتحدث هذا القرار وعلى اية موارد مائية ستكون تلك السيادة ، فكما اشرنا اعلاه بان الاحواض الجوفية في الضفة الغربية وقطاع غزة على السواء قد صلت الى حالات استنزاف قصوي بل وكارثي كما ونوعا ، والجزء الجنوبي من نهر الردن قد تحول الى جدول صغير ملوث..... ولم يعد لدى الفلسطينيين اي امل في استعادة حقوقهم المائية من خلال المسارات التفاوضية الثنائية او المتعددة الاطراف بسبب المواقف الاسرائيلية المتشددة ، ولم يعد من الممكن انتظار الاسوا ، فالتحديات اصبحت بحجم البقاء او الفناء ، فبدون الارض والمياه لا يمكن ان تكون هناك حياة ، وقد بات التغيير لنهج المعالجات والبحث عن الحلول لضمان البقاء والبناء عليه لمستقبل امن للاجيال القادمة مطلبا لا خيار غيره ، وفي اطار هذه القناعة انهي هنا ما جاء في قوله تعالى في سورة الرعد /11 { ان الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم } صدق الله العظيم .
اعداد / المهندس فضل كعوش
الرئيس الاسبق لسلطة المياه الفلسطينية
الرئيس السابق للجنة المفاوضات حول المياه