العنف في القاموس الإسرائيلي تدمير للآخر وفي ثورتنا نسميه فلسطين مستقلة حرة

بقلم: علي ابوحبله

العنف في المفهوم الإسرائيلي كقوة احتلال تمارس استخدام القوة المادية لإلحاق الأذى والضرر بالأشخاص والممتلكات. ويمكن الإشارة في هذا السياق إلى أن الحاخامات اليهود (الاثنين24 أغسطس الحالي) أصدروا فتوى تنص كالآتي «اقتلوهم وأبيدوهم بلا رحمة للحفاظ على إسرائيل».هؤلاء الحاخامات شكلوا قبل عشر سنوات حركة أطلقوا عليها اسم «هسنهدرين هحداشا» (مَجْمَع الحاخامات الجديد). أسس هذه العصابة الحاخام عيدان شتاينليزتس، الحاصل على «جائزة إسرائيل» و«وسام الرئيس الإسرائيلي»، وهما يعدان أرفع الجوائز الإسرائيلية.

وان العنف والعنصرية والقتل هي سمه بارزه في المجتمع الصهيوني وقد بثت القناة الإسرائيلية العاشرة الليلة الماضية تسجيلا مصورا لأحد أعراس المستوطنين يظهر تحول العرس إلى مهرجان احتفالي بقتل الفلسطينيين، خاصة حرق عائلة دوابشة.

ويظهر التسجيل عشرات المستوطنين المتطرفين في قاعة للأفراح في القدس يرقصون في حفل زفاف وهم يحملون البنادق والمسدسات والسكاكين والزجاجات الحارقة.

ويظهر التسجيل المصور أحد المستوطنين وهو يغرز سكينا في صورة يحملها للطفل علي دوابشة الذي استشهد حرقا مع والديه في عملية إرهابية نفذها المستوطنون في يوليو/تموز الماضي.

وقالت القناة العاشرة إن حفل الزواج لمستوطنين معروفين في وسط اليمين الإسرائيلي المتطرف، وإن العشرات من المحتفلين هم أصدقاء المعتقلين الثلاثة المشتبه فيهم بحرق عائلة دوابشة.

وكان مستوطنون قد حرقوا نهاية يوليو/تموز الماضي عائلة دوابشة من بلدة دوما جنوب نابلس، مما أدى إلى مقتل الرضيع علي دوابشة على الفور، ووالديه في وقت لاحق.

ولم تقدم سلطات الاحتلال أي لائحة اتهام بحق مستوطنين في جريمة الحرق على الرغم من الإعلان أكثر من مرة عن تقدم في التحقيق على هذا الصعيد.

وبحسب القناة، فقد كان حفل الزفاف قبل ثلاثة أسابيع في قاعة بالقدس، وقد صادر جهاز الأمن العام الشاباك شريط الفيديو وفتح تحقيقا في الحادث.

وحول مفهوم العنف في القاموس الإسرائيلي هو الاستخدام غير العادل للقوة من قبل الأفراد لإلحاق الأذى بالآخرين والضرر بممتلكاتهم، فالعنف هو كافة الأعمال التي تتمثل في استخدام القوة أو القسر أو الإكراه بوجه عام ومثالها أعمال الهدم والإتلاف و التدمير والتخريب وكذلك أعمال القتل والفتك والتعذيب وما شابه، ويعرف العنف أيضا بأنه " الاستخدام غير الشرعي للقوة أو التهديد باستخدامها لإلحاق الأذى والضرر بالآخرين ويـأتي في هذا السياق تعريف بيير فيو: الذي نظر إلى العنف بأنه ضغط جسدي أو معنوي ذو طابع فردي أو جماعي ينزله الإنسان بالإنسان.

ولو تناولنا أبعاد هذا التحليل للمفهوم في الحقل السوسيولوجي لأمكننا القول بأن العنف - بالمعنى السوسيولوجي- ممارسة للقوة الفاعلة والمؤثرة ضد الآخر بهدف السيطرة عليه أو إلحاق الأذى به، وبالطبع يمكن أن نميز بين العنف المشروع الذي يكون دفاعا عن النفس أو حماية المواطن أو حماية الوطن، وقد يكون العنف غير مشرع مثل الاعتداء والاحتلال والإذلال والعبودية والقهر. ومما لاشك فيه أن مشروعية العنف وطريقة توظيفه مسألة نسبية تؤخذ في سياقها الاجتماعي وفي دلالاتها الفلسفية والإنسانية ،.

يمكننا القول بأن كل نضال هو برهان على القوة. وفي السياق الاجتماعي الاقتصادي أو السياسي يمكن القول أيضا بأن كل علاقة مع الآخر ترتسم في صورة علاقة قوة. وبالتالي فإن الظلم ينجم عن خلل في ميزان القوى، حيث يجد الضعيف نفسه مكرها على طاعة القوي، وحيث يعمل القوي على إلغاء الضعيف. وهنا يبرز النضال أو الصراع من أجل بناء علاقات جديدة من القوة، أي من أجل إعادة بناء التوازن الذي يضمن احترام حقوق الجميع. وهذا يعني بالضرورة أن العمل من أجل العدالة هو عمل من أجل تحقيق التوازن في مدارات القوة، وهذا لا يمكن أن يكون إلا عبر القوة نفسها التي تعتمد ذاتها في إحداث الخلل وإسقاط التوازن. وليس ممكنا أبدا أن نبخس القوة ونرفضها إلا في الحالة التي ينظر فيها إلى هذه القوة بوصفها مشروعة كليا. ومن الضرورة بمكان في هذا السياق رفض المزاعم الواقعية التي تبرر مشروعية القوة باعتبارها قائمة في أصل الفعل الإنساني نفسه، كما يجب رفض النزعة الروحية التي ترى بأن القوة ملازمة للفعل. فالقوة لا وجود لها إلا في الممارسة وهناك إمكانية كبيرة لرفض القوة ورفض استخدامها عبر برامج فعالة قوامها ترفض اللجوء إلى القوة وتمتلك القدرة على إعادة التوازن في علاقات القوة من أجل تحقيق العدالة واستحضار القانون وإعادة الاعتبار إلى الحقوق الإنسانية

فممارسة القوة تؤدي في النهاية على إنهاء الصراع بحثا عن معادلة جديدة للعدالة بين الأطراف المتعادية. وهنا يأخذ العنف صورة فعالية مضادة أو صورة ردة فعل على فقدان التوازن العادل القائم على العدالة في منظور من يمارس هذه القوة ذاتها.

وإذا أخذنا في مفهوم القوه وفق المنظور الإسرائيلي الذي هدفه إلغاء لوجود الآخر ضمن ساديه إسرائيليه تمارس العنف بأبشع أنواعه وقد عبر المستوطنون الإسرائيليين عن ساديتهم وانعدامهم لإنسانيتهم في احتفال العرس للتعبير عن الساديه الاسرائيليه حين قاموا بالسكاكين بطعن صورة الفتى الدوابشه وهذا هو مكمن التعبير عن التوجهات الاسرائيليه في مفهوم القوه والعنف لإلغاء الوجود للآخر الفلسطيني ، ففي24/12/2015 وفي اقل من أربع ساعات أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي النار على شبان فلسطينيين واستشهد أربع فلسطينيين ، فقد أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي النار على شاب كان يقود سيارته بالقرب من "معسكر الرام" شمال القدس، بزعم محاولته تنفيذ عملية دهس، ظهر اليوم الخميس.وجاءت هذه الحادثة بعد استشهاد الشاب إياد جمال عيسى ادعيسات 25 عاما من يطا برصاص قوات الاحتلال بعد زعم محاولته طعنه لجندي بواسطة "مفك"، بالقرب من منطقة الفحص في الخليل صباح اليوم الخميس.كما استشهد الشاب محمد زهران عبدا لحميد زهران 23 عاماً من قرية كفر الديك.

وفي ذات السياق أعلن مسعف إسرائيلي بشكل صريح عن عدم تقديمه العلاج لجرحى فلسطينيين، في رسالة تأتي تعزيزا للرواية الفلسطينية الموثقة بالصور والفيديو بأن المسعفين الإسرائيليين تركوا جرحى فلسطينيين ينزفون حتى الموت.ويؤكد هذا الاعتراف أن ضباط الإسعاف الإسرائيليين امتنعوا عن علاج كثير من المصابين الفلسطينيين برصاص جيش الاحتلال، بالإضافة لمنع جنود الاحتلال طواقم الإسعاف الفلسطيني من تقديم العلاج للمصابين، وهو ما تداولته وسائل الإعلام الفلسطيني ونشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي معززا بفيديوهات وصور تؤكده.

وان المسعفون الإسرائيليون بتصرفاتهم وأفعالهم هذه يخالفون كافة القوانين التي تلتزم بها منظمات الإسعاف دوليا بتقديم العلاج لأي مصاب حتى لو كان ذلك في أوقات الحروب وبصرف النظر عن جنس المصاب أو دينه أو عرقه.ويذكر هذا الاعتراف بالجريمة التي ارتكبها مسعفون إسرائيليون بحق الطفل أحمد مناصرة الذي مرت عنه ثلاث سيارات إسعاف بعد إطلاق الرصاص عليه في مستوطنة مقامة على أراضي القدس، حيث ترك حينها ينزف دون علاج فيما المستوطنون يكيلون له الشتائم النابية ويقولون له "موت موت ". ,ويشار إلى أن أحد شهيدي عملية باب الخليل أمس التي تحدث عنها المسعف الإسرائيلي في تغريدته كان قد قتل ضربا من قبل المستوطنين بعد تعرضه لإطلاق النار، حيث كان من الممكن تقديم العلاج له لكنه تعرض للضرب وترك دون علاج حتى استشهاده.

إن غريزة القتل ومفهوم العنف والساديه الاسرائيليه هي السمة الظاهرة للاسرائليين ضمن نظرية ومفهوم فرويد : القوة تعادل العنف ، وأن الإنسان مفطور على تحقيق رغباته بالعنف لولا وجود كوابح يتعلمها من محيطه الأسري في مرحلة الطفولة . وأن الإنسان القوي يفرض رأيه على ما دونه ويحول رأيه لقانون لابد أن يطاع ومن يخل بالقانون يعاقب بعنف .

هذا هو حال الإسرائيليون في تعاملهم وتصرفاتهم مع الفلسطينيون الذي هم ضعفاء فيما يملكونه لمواجهة المحتل الإسرائيلي لكن المحتل الإسرائيلي يملك كل أدوات القوه وهو يحاول فرض قانونه ضمن فرض القوه للسيطرة والتحكم لتحول دون رغبات الفلسطينيين من تحقيق إرادتهم للعيش بأمن وسلام ودون تحكم جبروتي من الاحتلال الذي أصبح أهم سماته لفرض هيمنته وسيطرته تعطشه للدم واستباحة الدم وقتل الفلسطيني الذي يرفض الانصياع لمنطق الاحتلال المدعوم بالقوة الغاشمة

لم يدرك الإسرائيليين بعد أن غريزة البقاء عند الإنسان أقوى من غريزة حب السلطة ؛ وهذه الغريزة تبحث عن حاجات البقاء البسيطة الممثلة بالمشرب والمأكل والملبس والمسكن والشعور بالأمان وحاجته للتكاثر ، كما وضعها ماسلو في قاعدة هرم حاجات الإنسان وصنفها أنها أساسية لكل بني آدم مهما اختلفت مراتبهم الثقافية والعرقية . وأن عنف الإنسان ليس فطريا بل هي حاجة اضطرارية هدفها إعادة حاجاته الأساسية ؛ ولم تسير الجيوش إلا بإقناع الجنود أن حاجاتهم الأساسية بخطر ولابد الدفاع عنها ؛

وهو لب فلسفة ثورات الشعوب وهي غريزة الدفاع عن النفس ضد خطر يهدد بقاؤها ؛ وهذه الغريزة تلغي كل الكوابح المانعة ضمن مفهوم التضحية من أجل جماعة وحاجاتها الأساسية ، وان المقاومة الفلسطينية مشروعه ومحقه ضمن حاجة الفلسطينيين للأمن وتامين مستلزمات حياتهم بعيدا عن التحكم في مقدراتهم وبعيدا عن منازعتهم بأرضهم التي هي حق سيادي لهم ضمن تطلعهم لتحقيق حريتهم وممارستهم للسيادة على ارض وطنهم ،

ووفق كل النظريات للدفاع عن النفس تقول إن آلية قتال الثوار لا تعتمد على قوتهم المادية بمقدار رفض إرادتهم الروحية الانصياع لقوة العدوان عليهم ، وهي قوة تلغي قانون القوة العنقية وتضع قانون الحق الدفاعي لرد العدوان وإعادة الحقوق المشروعة المنزوعة .

وفي نفي تام أن القوي يسعى لتدمير نفسه من أجل السيطرة وبسط النفوذ ، نرى أن الخصم الضعيف يقدم تضحيات كبيرة ومستعد للفناء حفاظا على حريته في امتلاك حاجاته الأساسية ؛ وهذا يظهر جليا بدراسة تاريخ الاستعمار في القرن السابع عشر والثامن عشر حيث قدمت الشعوب الضعيفة أكثر من مائتين مليون ضحية رفضا للاحتلال الأوروبي للبلدان البدائية ؛ ومن زاوية ثانية فإن سيطرة الدول الاستعمارية على البلدان البدائية لم تمنعها من حروب الكبار بين بعضها البعض وهو دليل آخر أن نزعة العدوان التوسعية لا تقف عند حدود فرض قانون القوة على ضعفاء بل يتعداه لترسيخ السيطرة المطلقة على البشرية ضمن مفهوم ضمان الأمن القومي للأجيال القادمة مما خلق إخلالا حقيقيا بمفاهيم الاقتصاد السياسي وجعله يتشكل ضمن أطروحات إمبريالية تسعى لسحق أي تمرد يخرج العالم من قانون العبد والسيد

هذه الأفكار الثورية التي غيرت مفاهيم العلم الحديث خرجت من ثورات الشعوب المضطهدة مثل نظرية العفاف والاقتصاد المغلق التي تبناها ماوتسي تونغ وسياسات مقاطعة بضائع الاستعمار التي تبناها غاندي ونظرية التمرد المتمدن التي أبدعها مانديلا ومارتن لوثر كنغ ؛ في فن الثورة التي قالت أن الضعيف يملك قوة الإرادة وهي قادرة على قهر القوة الاستعمارية العسكرية

ولم يعرف العصر الحديث أمة ضعيفة قبلت أن تستعبد من جيش قوي ؛ ونقول أن هناك أمم قبلت أن تفنى وتم قتل أغلبها دون أن تقبل أن تتحول إلي عبيد للسيد القوي والهنود الحمر خير مثال على ذلك .

إن حماسة الشعوب لتقاتل دفاعا عن حقها بالحياة أي حقها بامتلاك الحاجات الأساسية للحياة وأهمها مسكن آمنه نسميه مجازا وطن الأحرار يجعل المحارب القوي يقف احتراما لتضحيات ثورات الشعوب المضطهدة ؛ وهي التي فرضت قانون استقلال بلدان العالم الثالث رغم استمرار ضعفه مقابل عتاد المستعمر الشرس .

لم تعد حكومة الكيان الإسرائيلي لتدرك أن قانون القوي تدميري لكل البشرية وأن العدل الحقيقي لا يؤمن إلا بالمساواة بين القوي والضعيف وحرية كل البشر بامتلاكهم الحاجات الأساسية للحياة وعلى رأسها مسكن آمن يسمى وطن حر عند ثوار العالم ؛ وفي ثورتنا نسميه فلسطين مستقلة حرة.

بقلم/ علي ابوحبله