إهتمامي بتفاصيل مجمل الأحداث السياسية والأخبار والكتابات والندوات والتجمعات الفلسطينية بدأ يتراجع عما قبل حين كنت متابعا لكل شيء 20 ساعة في اليوم وذلك ليس بسبب التعب أو عدم القدرة لأنني أصرف كثيرا من الوقت الذي كان مخصصا للعمل السياسي لاهتمامات أخرى مثل متابعة المسرحيات والأفلام والتواصل مع الأولاد والاهتمام ببعض الترتيبات الغذائية والمشي خمس مرات في اليوم على كورنيش بحر غزة رغم أن كتابة المقال وبعض التعليقات مستمرة كالسابق ولكني أخذت قرارا حازما بالتوقف عن المشاركة في برامج الاذاعة والتلفزيون لأن المطلوب فيها تعبئة فراغات وحشر برامج اداراتها ليستمر العمل بمؤسساتهم وتولدت لديا قناعة بأنها تكرر نفسها وباتت غير مدهشة للجمهور ولم يعد لها التأثير السابق لدى الناس فهي مؤسسات تصرف الكثير في غير محله وهي في واد والشعب في واد آخر تماما كما كانت منظمات المجتمع المدني قبل انتخابات 2006 تقضي وقتا طويلا وتصرف أموالا طائلة على تعليم الناس الديمقراطية والتنوير والابتعاد عن الفصائل الدينية وفجأة وجدنا نتائج هذا الجهد من هذه المؤسسات وتحذير الناس من المتدينين ودفعهم نحو العلمنة تذهب في الاتجاه المعاكس وفوجئ هؤلاء الفاشلين أن المجتمع ينتخب حماس بأغلبية مما يدل على عدم فهمهم للمجتمع وفشل التعليم والتأثير في الجمهور وقد صرفوا الاموال لتعليم الناس فذهب الناس في الاتجاه المعاكس مما يثبت أنهم كانوا في واد والشعب في واد آخر رغم الديباجات التي كانوا يقدمونها ويرتزقون بل ويغتنون من ورائها.
الآن أشعر أن الحالة السابقة الذكر تتكرر من الراديو والتلفزيون في فلسطين بذاك الخطأ الاستراتيجي غير الاستراتيجي وعدم الأهلية لعمل المطلوب وطنيا وأشعر انها معزولة عن الواقع وعن المطلوب منها لشعب محتل منتفض يريد التخلص من الحكام والاحتلال وهذه البرامج الموجهة في الاتجاه الخطأ والمضمون الخطأ تعيد تشكيل عناصر أزمة الشعب والقضية أكثر مما تنتبه بشكل عميق ومدروس ومخطط بوعي للخلاص من الاحتلال وغلبت عليها الفئوية والمناكفة وهي غير مفيدة كما أتصور للحالة الراهنة وتحتاج مراجعة جادة برامجا واداراتا وعاملين ....
عدم الاهتمام الذي أشعر به ليس بسببا ذاتيا ولا تقصيرا متعمدا ولكنه بسبب وجيه وهو أن الفلسطيني بدأ يمل من كل ما هو موجود حيث لا أحد يقدم له شيئا نوعيا ومفيدا بل هو تكرار لنمطية فاشلة في كل برامجهم واداراتها ولم يقدم أحدا منهم ما ينقذه من محنته وما يرفع عنه معاناته وهي ظاهرة ترى كثيرا من المهتمين قد بدأوا بمراجعة مواقفهم وتحركهم ونشاطهم لأن النتائج كانت بعد ثماني سنوات صفر إلا من بعض المتكسبين من العمل السياسي وهو عملهم الذي يرتزقون به وهؤلاء هم ليسوا بيث القصيد لأنهم لا يشكلون النواة الصلبة في العمل السياسي فهم كمن يحيي الأفراح وتكون لهم وصلة غنائية مدفوعة الأجر وتلك لا تحرر شعوب ولا أوطان ولا تشكل رأيا عاما وتوجها جماهيرا حقيقيا.
لعل الوقت مبكرا عند البعض لاكتشاف ما أتحدث به وذلك لعدم الاهتمام و المتابعة والتقييم السليم واواصل الهمبكة .. وعليه هنا حالة من الركود السياسي والثقافي ستستمر وتتسع في قطاع المحترفين وليس الموظفين والمترزقين من السياسة.
بقلم/ د. طلال الشريف