واقفا على حافته بالأمس .. أتأمل في تقلب موجاته .. فكرت في نفسي لوهلة
.. أوجست في نفسي خيفة ..
كيف فعلت ذلك ؟
رجعت بي الذاكرة إلى سبع سنوات مضت .. ذات المشهد يرسم في مخيلتي وتبصره
عيناي .. صورة الأب اللاجئ الفلسطيني الهارب مع ابنتيه من الموت في
العراق .. إلى هنا في بحر إيجة .. طوق النجاة ومدخل الحياة من تركيا إلى
أوروبا السعيدة...
سمعت قصتهم وكتبت عنها في مجلة العودة .. قصها علي الناجي الوحيد من
المجزرة البحرية .. التقيته في خيمة صحراوية
بمخيم التنف المتوفى بين الحدود السورية العراقية ...
موجة عاتية تمسك بالقارب الخشبي وتضربه في الصخور .. يتناثر اللاجئون في
البحر .. الأب لا حول ولا قوة له .. في حيرة
من أمره .. أي ابنتيه ينقذ الكبيرة أم الصغيرة .. عانقته إحدى بناته ..
بينما غاصت الأخرى في البحر .. وسرعان ما لحقا بها
هذا المشهد المأساوي .. يتكرر اليوم مع هجرة اللاجئين الفلسطينيين
والسوريين الهاربين من جحيم الحرب هناك ..
بحر أيجة الذي يبتلع في إحشائه العشرات من البشر .. ماتوا غرقا وهم
يبحثون عن طوق النجاة .. لكن الكثير ممن حالفهم
الحظ .. ليعبروا درب الأشواك إلى الضفة المقابلة في اليونان .. ليكتب لهم
عمر جديد .. وبداية لحياة أخرى .. ليشقوا طريقهم
إلى أوروبا...
هنا في جزيرة ميتيليني اليونانية .. حملة الوفاء الأوروبية تستقبل
المهجرين .. تطعم الصغار .. وتساعد النساء .. وتشد من أزر
الرجال .. تدفئ الأجساد الباردة .. تطمئن القلوب ...
استيقظت من وهلتي .. حامدا الله عزوجل على وصول عائلتي إلى بر الأمان في
الضفة المقابلة، وإن عادت بي الساعات ..
لربما رجعت عما عزمت عليه..!!
قصصت عليكم الحكاية وهذا مشهد مصور أبلغ رسالة :
اعداد : ماهر حجازي