استهل الرئيس محمود عباس مضمون خطابه في ذكرى ألانطلاقه الواحدة والخمسين للشعب الفلسطيني بالآية الكريمة ونصها "بسم الله الرحمن الرحيم ‘يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون’، صدق الله العظيم،
الرئيس محمود عباس استهل خطابه بالآية الكريمة وتفسيرها يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه اصبروا على طاعة ربكم ، وعلى ما ينزل بكم من ضر وبلاء وصابروا أعداءكم حتى لا يكونوا اشد صبرا منكم ، وأقيموا على جهاد عدوي وعدوكم ، وخافوا الله في جميع أحوالكم ، رجاء أن تفوزوا برضاه في الدنيا والآخرة
لقد استهل السيد الرئيس محمود عباس خطابه بالقول
إننا طلاب حق وعدل وسلام، وإن السلام والأمن، والاستقرار في فلسطين والمنطقة بل في العالم لن يتحقق أي منها إلا إذا تم الاعتراف بحقوق شعبنا وحل قضيته حلاً عادلاً ، عبر إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين المحتلة منذ العام 1967، وزوال الاستيطان وتفكيك جدار العزل والفصل العنصري وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار 194، وإطلاق سراح جميع أسرانا المعتقلين في السجون الإسرائيلية، وعلى نحو يفضي إلى استقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية .إن تحقيق السلام في منطقتنا، سيسحب الذرائع من المجموعات الإرهابية التي تعمل باسم الدين، وتستخدم اسم فلسطين والقدس ذريعة لإرهابها.
هذه هي رسالة الرئيس محمود عباس لكل دول العالم أن الفلسطينيون وقضيتهم مفتاح الأمن والسلام وهي مفتاح تحقيق الاستقرار لشعوب المنطقة وان حل القضية الفلسطينية حلا عادلا يسحب كل ذرائع الإرهاب الذي يضرب أطنابه في العالم وان الاحتلال هو الإرهاب وان ممارسات وأفعال الاحتلال الإسرائيلي تشعل نيران الإرهاب بتنكرها للحقوق الوطنية الفلسطينية ورفضها الانسحاب من كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس .
وبين للعالم اجمع أن الهبة الجماهيرية الفلسطينية جاءت كرد فعل على ممارسات الاحتلال واستمراره في كل ممارساته العدوانية من قتل وتهويد واستيطان وهدم منازل وعقوبات جماعية وتهرب من كل استحقاقات العملية السلمية حيث قال في الهبة الجماهيرية
"وأغتنم هذه المناسبة لأجدد التأكيد على أن الهبة الشعبية الذي تشهدها بلادنا، هي رد فعل ناتج عن استمرار الاحتلال والاستيطان وامتهان للمقدسات، وغياب حل عادل لقضيتنا، بل وانسداد الأفق السياسي ، وغياب الأمل بالمستقبل، الأمر الذي يولد الإحباط لدى الشباب في انبثاق فجر جديد يشعرون فيه بالأمن والأمان، فالاحتلال يستبيح بسياساته القمعية كل شيء، ويعمل على تعقيد حياة شعبنا، وجعلها جحيماً لا يطاق.
وان رسالة الرئيس محمود عباس للعالم في ذكرى ألانطلاقه الواحد والخمسين أن شعبنا الفلسطيني مستمر في نضاله وان جذوة النضال وشعلته لن تنطفئ لان شعبنا رفع شعار المقاومة حتى التحرير ، حيث اصر على ذلك برسالة بالغه بالقول .
"ورغم كل ذلك، فإن شعبنا لن يركع، ولن يستسلم، ولن يذل، وسينبعث من جديد، وسنعمل معاً على استكمال بناء مؤسسات دولتنا، وتطوير اقتصادنا، ومن ناحية أخرى، سنستمر في خوض معركتنا السياسية والدبلوماسية، وتثبيت جذور دولتنا المسلحة بالقانون الدولي وبعضويتها في الأمم المتحدة والمنظومة الدولية
وفي ابلغ تعبير عن تطلعات الشعب الفلسطيني للسلام وجه الرئيس محمود عباس في جزء من مضمون خطابه للاسرائليين ليذكرهم أن حكومتكم تضللكم وان حكومتكم اليمنية المتزمتة هي التي تدفع لمزيد من العنف والقتل غير المبرر ضد الشعب الفلسطيني وان تطلعات حكومتكم للتوسع والاستيطان ضمن مشروع يهودية ألدوله تدمير للسلام وتأجيج للعنف الذي لا بد وان يتوقف .
" وهذا ما تضمنته كلمات السيد الرئيس للإسرائيليين "نقول للشعب الإسرائيلي، إن حكومة بلادكم تضللكم، وهي لا تريد السلام لكم ولا لنا، وإنما تسعى بكل السبل لإطالة عمر احتلالها واستيطانها لأرضنا، وهي تريد الأرض والأمن والسلام لها وحدها، وهذا أمر مستحيل القبول به ،نعم لن نبقى وشعبنا تحت سطوة احتلالكم واستيطانكم، ولن نقبل باستمرار احتجازكم لجثامين شهدائنا، ولن نقبل استمرار اعتقالكم لأسرانا، فاخرجوا من حياتنا وأرضنا وارفعوا أيديكم عن مقدساتنا المسيحية والإسلامية.
إننا نرفض ما تمارسونه بحق شعبنا وبحق القدس وأهلها، والمسجد الأقصى المبارك، والمسجد الإبراهيمي في الخليل، والمساجد والكنائس في كل أرجاء فلسطين، وإننا لن نقبل بإطلاق العنان لعصابات المستوطنين الإرهابيين التي تحرق البيوت وساكنيها وتمارس الإرهاب والعنف ضد شعبنا الفلسطيني في مدنه وقراه ومخيماته ، إضافة إلى سياسة العقاب الجماعي وهدم المنازل.
إن دباباتكم ومدافعكم وطائراتكم وجدرانكم واستيطانكم، كل ذلك لن يجلب لكم أي أمن أو سلام، وإنما اعترافكم بحقوق شعبنا، وبالظلم التاريخي الذي ألحقتموه به، وإصلاح الضرر والإقرار بالحقوق، والتحلي بالشجاعة للقيام بذلك هو ما يصنع السلام، فهل انتم مستعدون لذلك؟.
نحن من جهتنا أعطينا الفرصة تلو الفرصة من أجل مفاوضات جادة ومثمرة، ولكن حكومتكم ظلت كما هو دأبها تدير الصراع، وتتهرب من استحقاقات السلام، وتعمل على إطالة عمر الاحتلال، وتسعى لتحويله إلى صراع ونزاع ديني ستكون عواقبه وخيمة على الجميع.
إن حكومتكم لا تريد حل الدولتين، فماذا تريدون إذن ومع من ستصنعون السلام وعلى أي أساس؟
وفي مضمون نص الخطاب المتضمن المطالب العادلة والمحق للشعب الفلسطيني قال الرئيس محمود عباس
، فإننا نمد إليكم أيدينا بالسلام القائم على الحق والعدل ونحن باقون هنا على هذه الأرض فهي أرضنا على ثراها ولدنا وعشنا وسنظل نعيش ونحيا وسنموت وندفن ولا توجد قوة في الأرض مهما بلغت عنجهيتها وغطرسة قوتها وبطشها تستطيع إلغاء تاريخنا وحضارتنا، ووجودنا الثقافي والإنساني قد تستطيعون قتل أجسادنا ولكن أحداً لن يقدر على قتل أحلامنا وإرادتنا في الحرية والعيش بكرامة في وطننا فلسطين
وجدد الرئيس محمود عباس على الثوابت الوطنية بالقول
نجدد التأكيد على أننا لن نعود للمفاوضات من أجل المفاوضات، ولن نبقى وحدنا نطبق الاتفاقيات الموقعة، ولن نقبل بالحلول الانتقالية أوالمؤقتة، وسنعمل على توفير نظام حماية دولية لشعبنا، وإننا مع إنشاء مجموعة دعم دولية، تضم عدداً أكبر من الدول ذات العلاقة، مثل المجموعات التي نشأت للتوصل لحل أزمات المنطقة، وكما نطالب بعقد مؤتمر دولي للسلام
وشدد الرئيس محمود عباس على أهمية وحدة الموقف الداخلي الفلسطيني وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية لثقل حجم المسؤوليات الملقاة على عاتق الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية مؤكدا على ضرورة إنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنيه ، حيث جاءت كلماته قاطعه في هذا الموضوع وتلامس الحقيقة وفق متطلبات ما تتطلبه حقيقة التغيرات الدولية والاقليميه التي تتطلب وحدة الفلسطينيين ،
وهنا نجد ان خطاب السيد الرئيس ركز على الصعيد الوطني "أما على الصعيد الوطني الداخلي، فإننا ندرك حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقنا، ونؤكد عزمنا على تحقيق المصالحة الوطنية، وتصميمنا على لم شمل شعبنا الفلسطيني واستعادة وحدته الجغرافية، وماضون في توجهنا الصادق لتشكيل حكومة وحدة وطنية، على أساس برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، فالواقع الذي يعيشه شعبنا وقضيتنا وخطورة المرحلة تفرض علينا أن نكون جسداً واحداً يكرس الوحدة الوطنية عبر حكومة تتمثل فيها فصائل وفعاليات العمل الوطني الفلسطيني كافة، بهدف تعزيز صمود شعبنا ومشاركة الجميع في تحمل المسؤوليات الوطنية.واضاف وإننا سنواصل العمل على فك الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، واستكمال مسيرة إعادة إعمار ما دمره الاحتلال، وإن عودة الشرعية لقطاع غزة، ستؤدي حتماً إلى تخفيف المعاناة وإنهاء العديد من المشاكل التي يعاني منها شعبنا هناك.
ومن هنا فإنه يتوجب، أن تتوقف جميع المزاودات وأشكال التحريض، وتصيد الأخطاء، لكي نمضي جميعاً في مسيرتنا نحو تحقيق الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال لشعبنا، كما ولا بد من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لتجديد هيئاتنا وأطرنا التنفيذية، فنحن متمسكون بالديمقراطية الفلسطينية الناشئة والواعدة، وهو أمر نعتز به كثيراً وسنظل نعمل على تنميتها وتطويرها،هذا في الوقت الذي نعمل فيه من أجل عقد المجلس الوطني الفلسطيني، بهدف تدعيم منظمة التحرير الفلسطينية، التي هي الإطار الجامع والممثل الشرعي الوحيد لشعبنا الفلسطيني حيثما وجد.
وختم الرئيس محمود عباس خطابه بالقول ، فإنني أود وأنا أتوجه لشعبنا الفلسطيني هنا في الوطن، ولأهلنا في الشتات بأننا على العهد والقسم محافظون، وإن فلسطين التي تسكن فينا، مثلما نسكن فيها، هي على موعد مع فجر الحرية القادم قريباً، وإنه لمن حسن الطالع في نهاية هذا العام، أن حلت علينا مناسبات متتالية، هنا على هذه الأرض أرض القداسة والنبوة، التي شهدت مسرى ومعراج سيدنا محمد صل الله عليه وسلم، وميلاد سيدنا المسيح عليه السلام اللذين صعدا من بيت المقدس، بوابة الأرض إلى السماء، وهي اليوم تحتفي بميلاد نبيين عظيمين وبرأس السنة الميلادية، وبالذكرى الواحدة والخمسين لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، لهي على موعد قريب بحول الله وقوته مع تحقيق الحرية والاستقلال .وفي هذه اللحظات الفارقة، نود أن نطمئن شعبنا بقواه كافة، بأننا متمسكون بمبدأ لن نحيد عنه، يقضي بأن جميع القرارات المصيرية، المتعلقة بمستقبل أرضنا وشعبنا، وحقوقنا الوطنية الثابتة في أرضنا ومقدساتنا المسيحية والإسلامية، ستخضع للاستفتاء العام، والمجلس الوطني، لإن شعبنا الذي قدم التضحيات الجسام، هو صاحب الولاية، ومصدر السلطات
المتمعن في معنى وكلمات ومفردات خطاب السيد الرئيس محمود عباس في ذكرى انطلاقة فتح 51 انه اخذ منحى جديد في تاريخ الصراع مع إسرائيل ، وان الخطاب ينبئ فعلا بوضع استراتجيه وطنيه فلسطينيه مستجدة لكيفية التعامل مع إسرائيل ، خاصة وان الرئيس ابومازن حمل إسرائيل كامل المسؤولية عن ما ترتكبه من جرائم وأكد بفحوى خطابه الحق المشروع للشعب الفلسطيني بالمقاومة الشعبية المشروعة وان الهبة الجماهيرية هي رد فعل مشروع على جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني
فهل مضمون ما تتضمنه خطاب الرئيس محمود عباس أن مرحله جديدة مع إسرائيل قد ابتدأت وهو التمهيد للشروع في تنفيذ توصيات اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي بخصوص تحديد إطار العلاقة مع إسرائيل والتحلل من الالتزامات والاتفاقات التي تحللت حكومة الاحتلال الإسرائيلي من تنفيذها والتقيد فيها
فهل التنسيق الأمني مع إسرائيل هو الآخر سيتم وضعه موضع التنفيذ وذلك بالتدحرج باتخاذ القرارات والمواقف وفق المراحل التي تتطلبها متطلبات الشعب الفلسطيني ،
كل المؤشرات تتدلل على أن السيد الرئيس محمود عباس يتجه باتجاه تشكيل حكومة وحده وطنيه فلسطينيه أشار إلى ذلك بمضمون خطابه وبضرورة مشاركة كل القوى والفصائل الفلسطينية بهذه الحكومة لمتطلبات ما تتطلبها المرحلة مع تضمينه لضرورة إجراء انتخابات تشريعيه ورئاسية ومجلس وطني
والسؤال على تتجاوب حماس مع هذه الثوابت وهذا التوجه الفلسطيني وتتجاوب مع مضمون ما تتضمنه خطاب السيد الرئيس خاصة وان هناك تحركات تركية سعوديه قد تكون عامل ضغط على حماس للقبول بذلك
ولا شك أن اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني قد تكون المؤشر لعملية التغيرات المرتقبة وإذا ما ستشارك حماس من عدمه في اجتماعات المجلس الوطني
وهنا لا بد لنا من الأخذ بعين الاعتبار لحقيقة وجوهر التغيرات الاقليميه والدولية ضمن سياسة المحاور والتي لها انعكاس على القضية الفلسطينية
هذه التغيرات أصبحت تتطلب موقف فلسطيني موحد ضمن عملية إلزام إسرائيل للالتزام بعملية السلام خاصة وان هناك إجماع أوروبي ورأي عام داعم للقضية الفلسطينية، وان مفتاح الأمن والسلام حل القضية الفلسطينية حلا عادلا واعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية
خطاب السيد الرئيس محمود عباس بذكرى ألانطلاقه 51 جاء جامعا ومتضمنا كل الثوابت الفلسطينية ، فنحن كما قال الرئيس طلاب حق نطالب بالتحرر من الاحتلال ، ولن نقبل أن نبقى تحت الاحتلال الإسرائيلي مع إصرار الرئيس بالمطالبة اخرجوا من أرضنا ولن نقبل باحتلالكم والى الأبد ، لقد رسم وحدد الرئيس محمود عباس السياسة الفلسطينية والتطلعات الفلسطينية في الذكرى الواحد والخمسين ، التي جميعها تتمحور بالحرية وإنهاء الاحتلال وركز على البناء الداخلي والاهتمام بالبناء الاقتصادي وأعطى للشباب الفلسطيني أهمية مما تضمنه جزء من خطابه ،كما تضمن الخطاب الحاجة ألماسه لإنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحده وطنيه
لا شك أن الأسابيع القادمة ترسم مؤشرات السياسة الفلسطينية وإمكانية التغيرات المتوقعة وفق الاجتهادات والتحليلات التي جميعها تصب في ذات السياق ووفق ما تتضمنه الخطاب التاريخي للرئيس الفلسطيني محمود عباس.
بقلم/ علي ابوحبله