مأساة أخرى تضاف إلى مآسينا

بقلم: هادي زاهر

نشرت صحيفة " يسرائيل هيوم" يوم الثلاثاء 2015- 12 – 29 مقالًا للمدعو "عبد الله الدلك" من الكويت، ترجمه إلى اللغة العبرية الدكتور ادي كوهن، وعبد الله هذا كما جاء تحت المقال، يكتب زاوية ثابتة في صحيفة الوطن الكويتية، وقد عرف نفسه من خلال مقاله بأنه صحفي وكاتب، ويبدو أنه فاقد البصر والبصيرة بل وحاسة السمع ايضًا، إذ أن من رسائل الكاتب العمل على تنمية الضمير الإنساني بعيدًا عن الانحياز الأعمى وهو في بداية مقاله يدعو  بأن تعيش دولة اسرائيل والشعب اليهودي بسلام وهنا لا اعتراض لنا على ذلك ولكن للسلام مستحقاته الواضحة، وهي تتلخص بان يحصل كل ذي حق على حقه، ولا نريد أن نذكر القرارات الشرعية الدولية التي تتهرب منها إسرائيل.
قلنا بان المذكور البعيد فاقد لحاسة السمع، إذ انه يهاجم اهل غزة ايضًا فهو لم يسمع  اصوات القصف برًا وجوًا وبحرًا، لم يعلم باستعمال اليورانيم الابيض واستعمال القنابل العنقودية، لم يسمع عن استعمال الاسلحة المحرمة دوليًا، لم يسمع اصوات الانفجارات هناك، لم يسمع صراخ الشيوخ والنساء والأطفال الذين هدمت اسرائيل الملاجئ على رؤوسهم، لم يسمع صراخ المرضى التي ارادت اسرائيل أن تريحهم من معاناة الوجود فهدمت المستشفيات على رؤوسهم.. ولا صراخ المصلين في المساجد حين هدمت عليهم وهم يصيحون الله واكبر  والتلاميذ في المدارس التي نُسفت والمتزج الركام مع الاطراف الغضة؟ لم يسمع عن الاعتداءات اليومية على المسجد الاقصى، ولا نريد أن نسترسل أكثر ولكن نسأل كيف يمكن مهاجمة الضحية بدلا من مهاجمة المعتدي.. مهاجمة من يدافع عن المقدسات بالنيابة عن الأمة كلها. اين العقل.. اين الضمير؟؟ ثم هل يعتقد حضرته بان الافعال التي ذكرها تأتي عفوًا؟ هكذا بدون سبب، هل هو جاء إلى الحياة  دون رغبة أهله في قدومه إلى الوجود؟ ألم يعلم بان الثورة تنمو في رحم القهر.. هل الطفل الفلسطيني الذي يرى وهو  يرافق امه في ذهابها وإيابها لتصريف الامور الحياتية الطبيعية في سبيل العيش عندما تُذل على الحواجز يوميًا ربما عدة مرات، هل يعتقد بان مشاهدته  لذلك  سيولد في قلبه الحب لسلطات الاحتلال؟ فإلى متى مع انتهاج سياسة " الكاثوليكي أكثر من البابا "
 ويقول أنه مواكب لأعمال الإرهاب.. السكاكين والحجارة والجرائم التي يرتكبها الفلسطينيون ضد الجنود وسكان الإسرائيليين وأولادهم الابرياء.
وهنا نسأل: هل هناك فرق بين دماء المسفوكة هدرًا من كلا الطرفين؟ هل دماء الطفل الاسرائيلي غالية في حين أن دماء الطفل الفلسطيني الذي منعه الاحتلال حتى من ابسط حقوقه في ممارسة طفولته بشكل طبيعيـ  اسوة بأطفال العالم ، هل هذه الدماء رخيصة؟ وهكذا فالمعتدي هو الفلسطيني.. ذكاء خارق لم يسجله التاريخ  
وحتى يضفي على كلامه بعض الموضوعية يقول" لا استطيع أن اوافق على كل ردود الفعل التي تقوم بها دولة اسرائيل المتنورة من اجل حقها الطبيعي في الدفاع  عن نفسها وعن ارضها وشعبها ولكن ما يثير استغرابي هو صمت المجتمع الدولي عن الارهاب الفلسطيني ضد الشعب الإسرائيلي وعن حقه في الوجود على ارضه. هذا كله على حد تعبيره.
لم يبدي حضرته استغرابه عن تنكر إسرائيل لقرارات الشرعية الدولية والتي في طليعتها حق الشعوب في تقرير مصيرها، ثم هل كانت هذه الارض خالية من السكان؟ وهل ارض صهيون يجب أن تمتد من النيل إلى الفورات؟
 اخشى أن تحقق إسرائيل طموحاتها في ظل هكذا كُتاب يقلبون الحقائق رأسًا على عقب
ويضيف: إن وسائل الاعلام العربية اصيبت بالجنون وفقدت قوة الإدراك الخ من اوصاف ساقطة تثبت فعلًا " إن الكلام صفات المتكلم" ونحن هنا لا ندافع عن وسائل الاعلام المتخاذلة وهي كثيرة.
ثم يقول بان الآلاف من المسلمين يُقتلون في الكثير من دول العالم ولا يطلق عليهم لقب  "شهداء" في حين انه عندما يقتل جندي اسرائيلي مخربًا فلسطينيًا دفاعًا عن نفسه  يطلق عليه لقب شهيد، ويضيق : ان وسائل الاعلام المنحطة هذه تزيف الحقيقة تطلق على المخربين الفلسطينيين  لقب شهيد دون غيرهم.
طبعًا نحن من موقعنا الإنساني المسؤول ندعو ونعمل من أجل السلام ولا نريد أن يُقتل أحد ولكن الغاصب المحتل لا تحلو له حياة بدون أن يتعس من حوله، انها عقدة السادية لدى كل محتل، فالمحتل اينما كان لا يستطيع أن يفرض ارادته على من يحتله بدون ارتكاب اقسى انواع الاجرام وهل هذه الحقيقة تخفى على أحد؟ ان هناك من المتنورين الإسرائيليين من يستنكر ويشمئز من جرائم الجيش الاسرائيلي في حين يأتي مثل هذا ويدافع عن ارتكاب هذه الجرائم ويبررها، انها مأساة أخرى تضاف إلى مآسينا.    

هادي زاهر