عذرا كريم يونس ...؟؟

بقلم: الأسير أمجد أبو لطيفة

كريم يا من لك من إسمك نصيب ثلاث وثلاثون عاما من العطاء ... من الصمود ... من تحدي النسيان ... كريم إسم دخل العالمية ليس بعدد السنوات التي امضاها اسيرا حرا خلف قضبان السجن إنما كونه كريما سخيا في عطاءه و جبروته على السجن والسجان تحديه لقهر النسيان ... كريم ... ذاك المارد الذي لم ينتظر الإعتذار من أحد ... لن يطلب ممن تركوه كل تلك السنين تبريرا لعجزهم ... كريم قاتل لأجل فلسطين ولا زال لم تنحني له هامة ولم يتوقف عطاؤه عند حدود الجدران فعيناه تحلقان في سماء الوطن من خلف القضبان ليعانق بهما الحرية ... يتنفس هواء عارة وعرعرة يعانق نسمات الصباح و يرسم مع إطلالة شمس كل صباح أجمل إبتسامة يردد بها صباح الوطن الجميل و تستمر رحلة الصمود. أيها الكريم ... لن نعتذر لك حتى و إن نسيناك لحظة ... أنت أكبر منا جميعا فأنت أجلنا وهبتنا الحياة ... فما أكبرك أيها الكريم و ما أصغرهم. كريم ثلاث وثلاثون عاما وأنت حي في مقابر الأحياء ... فكرك حر ... قلمك حر ... لم يحاصروا إلا جسدك ... تنقلت في أنحاء الوطن محاصر الجسد حاملا معك ذكريات الطفولة وأحلام الشباب ... حاملا معك آمالك ... قلبك طاهر أحب الجميع و أحببناه سكنته فلسطين وعقلك النير عرفنا فيه حب الوطن وإرادتك مدرسة للأجيال علمتنا دائما معنى الصمود. كريم ... مرت كل تلك السنين هم ذهبوا وأنت لا زلت باق ... سجانك نال منه الوهن وأنت زدت شموخا ... سقط الكثيرون وأنت في علو هناك إلى جوار القمر ، صورتك في سماء فلسطين نجم خالدا كلما نظر نحوك كبر على سيرتك و سار على دربك ... وكلما نظر نحوك من هم أصغر منك سقطت عيونهم عند أحذيتهم ومضوا. ماذا في حضرتك أيها الكبير ؟؟ أنت لا تنتظر الإعتذار من أحد، نعلم ذلك جيدا ... هم مسمرون معك في لعبة النسيان وأنت تكبر على جراحك وتستمر ... كبرياؤك كبرياء مناضل من ذاك الزمن الجميل ... فأنت من زمان وهم من زمان ... أنت منا وأنت لست منهم ... أنت للوطن إسم ومكان وزمان ، وهم عن الوطن أغراب أتوا متسللين في العتمة خلف نجمة داوود ليسرقوا من الوطن ويرحلوا ... هم ليسوا من الوطن والوطن ليس منهم في شيء ... هم لا يعرفوك ولم يعرفوك ... هم اتوا ليسرقوا آمالك وأحلامك ولن يسرقوها فالوطن باق لا يمكنهم أن يحملوه في حقيبة ويعودوا متسللين خفية خلف نجمة داوود. كريم ... نعلم جيدا أنك لا تنتظر الإعتذار من أحد ... نعلم أنهم تركوك كل تلك السنين ... فليس كل متروك منسي ... فمن منا ينسى فلسطين ... يا من تركوك محفورا فينا ... في قلوبنا ... في عقولنا ... على صدورنا ... على ظهورنا ... على جلودنا ... أنت كالوطن وهم يعلمون حين قاطعوا بيوت عزاء الشهداء أن كريم يونس في رحلته من سجن إلى سجن أنحنى أمام طفلا إلتقاه وقبل يداه الصغيرتان اللتان أشهرتا سكينا في وجه من سرق منه الوطن ... ورسم على جبينه قبلة و حضنه كأن الزمان عاد به إلى زمانه وقد تحررت ذكرياته وعاد إلى حلمه وأبتسم ومضى ليكمل رحلته حاملا معه آماله و آمالنا. ثلاث وثلاثون عاما مضت أيها الكريم وأنت كل صباح تعانق خيوط الشمس القادمة نحوك من سماء الوطن وعند المساء ترسم بعينيك على جدار الليل خارطة الوطن ... لم تنتصر على إبتسامتك قطرات السم التي تقطر من عيون السجان صباح مساء على باب زنزانتك ... لم ينتصروا عليك من تركوك ومن يصرقون منك ومنا آمالنا و أحلامنا وذكرياتنا ... أنت باق مثل الوطن ينتظرك أن تحلق حرا في سماءه ... و ستحلق نحو شمسك التي عانقت خيوطها ... ستحلق نحو القمر نحو خارطة الوطن التي نقشتها بنور عينيك. كريم ... ستعود ... وسنعود ... وستكبر فيك وفينا فلسطين وسيصغر أمامك أكثر كل من تركوك ... ستعود عظيما أبيا ... وحين تعود سيعود الكل لزمانك الجميل وسيرحل عنا كل من هم ليسوا من زمانك و عن الوطن أغراب.

بقلم الأسير :- امجد أبو لطيفه