ما تزال غزة غارقة في ازماتها و معاناتها التي تتفاقم مع مرور الايام ، دون ان يلوح في الافق أي بصيص من الامل من شانه ان يساهم في اعادة الحياة في اجزاء هذا القطاع الكئيب ، عاصفة الازمات التي مرت على القطاع و ما زال الغزين يعانون منها ، تنعكس على جميع شرائح المجتمع بلا استثناء ، كما انها اثرت على تركيبته الديمغرافية ، و حولت طبقات المجتمع الثلاث المعتادة في أي مجتمع ( الغنية ، المتوسطة ، الفقيرة ) الى طبقات اجتماعية ببنية جديدة اوجدها الواقع الحالي في قطاع غزة و هي كالتالي ؛ طبقة غنية مكونة من شريحة اجتماعية قليلة ينسب اليها اتباع حزب سياسي معين ، وهم من لهم النفوذ الاقوى في السيطرة و الحكم في القطاع بالإضافة الى شريحة التجار ، و طبقة اقل من متوسطة وهم عامة سكان قطاع غزة ، الذين يستطيعون ان يوفروا قوت يومهم ومستلزمات الحياة الضرورية دون ان يحلموا بجزء من الرفاهية ، و طبقة فقر مدقع وهي الطبقة المعدمة التي تلقى تجاهل كامل من المسئولين بدون ان يتلقوا أي مساعدات سوى من اصحاب الخير وهم قلة ايضا ، و مع ذلك يعاني الغزين بشكل عام ازمات تكاد ان تكون مزمنة ، كأزمة الكهرباء و البطالة والحصار و غيرها ، و لعل اكثر الفئات تضررا هم الجيل الجديد من الاطفال ، الذي ولد و ترعرع في ظل الواقع المأساوي من حروب و كوارث الي انعدام الامن الاجتماعي و المادي ، حتى ان وصل الحال ان يكون من يعيل عائلة بأسرها هم اطفال و فتيان يبيعون في الشوارع و الطرقات العامة بين السيارات ، فهذه الظاهرة انتشرت بشكل كبير في انحاء متفرقة من قطاع غزة ، وهي ظاهرة صادمة و جديدة على المجتمع الغزي ، فهؤلاء الاطفال تنزع منهم طفولتهم و حياتهم الطبيعية التي دمرتها الة الحرب الاسرائيلية و سلبت منها براءتها و املهم في الحياة ، واليوم يدفع الطفل الفلسطيني في غزة بالإضافة لواقع الاحتلال و الحصار ، يدفع ثمن التناحر السلطوي و الانقسام ، الذي يلعب دورا كبيرا في ما يعانيه سكان غزة من مآسي ، و هو ما جعل اطفال شعبنا ينتهي بهم الحال باعة متجولون في الطرقات العامة ، و لعل من واجب المسئولين ان يوجدوا حل لإيقاف هذه الظاهرة ، او حتى منع الاسباب التي ادت لوجود هذه الظاهرة و تفاقمها ، انه فعلا لواقع مأساوي مقلق و حزين ، حينما نرى اطفالا لا ذنب لهم في واقع فرضه عليهم اشخاص لا يؤمنون بحقهم في الحياة الامنة بعيدا عن الواقع المدمر ، لكن رغم ذلك يبقى الامل في الطفل الفلسطيني الذي عجز الاحتلال على قمعه و ايقاف ثورة التحرير الذي بدأها لنيل الحرية ، بأن يقدر على مواجهة تحديات واقعه اليوم ، وان يبقى لديهم الامل في التغيير الى واقع افضل يوفر لهم حياة كريمة امنة ، ينعمون بطفولتهم و براءتهم كما يجب ان يكون .
الكاتبة الصحفية :
وئام أبو هولي
