جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان هي إحدى مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وهي تسعى لتقديم الخدمات الطبية والصحية للاجئين الفلسطينيين في الشتات الفلسطيني ومنها بطبيعة الحال لبنان، باعتبارها ذراع من أذرع الثورة الفلسطينية المشتعلة حينها، لتتولى هذه المؤسسة دورها في المجالات الطبية والاجتماعية والإنسانية، وتم تجسيد الحلم حقيقة راسخة استكمل إطاره العام بدعم من (م.ت.ف)، وكان لها إنجازات في كافة فروعها ومستشفياتها في الدول العربية ومراكزها التأهيلية وصروحها الطبية والمجالات التي خدمت شعبنا من خلالها.
ومن موقعنا نحن نثمن دور الجمعية في الضفة وغزة وسوريا حيث تعمل في أشد الظروف صعوبة وضمن دائرة الخطر مقدمة مئات الشهداء والجرحى والأسرى، وما نراه اليوم من دور في فلسطين من خلال الطواقم الإسعافية المرافقة للأبطال في هبات وانتفاضات شعبنا في مواقع المواجهة مع الاحتلال.
إلا أن الإهمال التي تعاني منه هذه المؤسسة جعل عملها يتركز مؤخرًا على الاستشفاء وخدمات الطوارئ والإسعاف، لتغطي جزءاً كبيراً من تقصير الأونروا في هذا المجال، وخاصة في ظل تفاقم الازمة الاقتصادية لدى اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ، ما يجعل الخدمات اسيرة للمزاجات السياسية للمانحين، وهو ما ينعكس تراجعا دائما في الخدمات الصحية والتعليمية والاغاثية والبيئية، في ظل ازدياد احتياجات اللاجئين وتواصل حالة النمو كأي مجتمع في البلدان المضيفة. هذا اضافة الى ازمة اللاجئين الفلسطينيين من سوريا التي زادت الامر صعوبة جرّاء تحلل الاونروا من مسؤولياتها، بحيث لم تقدم على وضع خطة طوارىء اسوة بأي منطقة منكوبة. حيث لم توفر الاونروا لهم الضمان الصحي الكامل ولا السلة الغذائية الشهرية ولا التعليم اللائق لابنائهم.
وامام ما يعانيه اللاجئين في مخيمات لبنان ، نتسأءل هل بأمكان جميعة الهلال الاحمر الفلسطيني ان تتحمل مسؤولية الوضع الصحي ، علما انها تتلقى الدعم من بعض الجمعيات المانحة التابعة للاتحاد الأوروبي وعدد من المؤسسات الدولية المانحة كاليونيسف، التي كانت تعمل على تزويد جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بالتجهيزات والمعدات الطبية، وتغطي بعض البرامج الطبية المختلفة، وخاصة انه خلال السنوات الخمس الماضية بدأت الأونروا بالتعاقد مع مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان أسوة ً بالمستشفيات الخاصة، وأصبح الكثير من اللاجئين الفلسطينيين يتلقون العلاج في مستشفيات الهلال على نفقة الأونروا، بما فيها أقسام التوليد، رغم ان الجمعية لم تقم بتحسين خدماتها داخل المستشفيات التابعة لها ، حيث تم إجراء بعض التحسينات لتتماشى مع الحد الأدنى من المعايير التي يجب أن تتوافر في المستشفيات.
وهنا نحن نوجه رسالتنا رغم تقديرنا لكل العاملين في جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني ، فكيف بجمعية لم تقدم خدماتها في مركز مخيم البرج الشمالي وتغلق مركزها في البص من توفير خدماتها الطبية، حيث ان المرضى يتم نقلهم في بعض الاحيان الى مستشفى بلسم وهذه مشقّة كبيرة ، كما ان مستشفى بلسم لا يلبّي احتياجات المرضى في أي وقت.
وفي ظل هذه الكارثة نحن نطالب بتجهيز مستشفيات ومراكز الهلال الاحمر الفلسطيني باحدث المعدات الطبية وفتح معظم الأقسام الأساسية، ومنها: الطوارئ وفي أي وقت، وعيادات فيها معظم الاختصاصات الطبية، قسم عمليات، الولادة، العناية الفائقة، الاشعة ، والمختبرات الطبية ، والجراحة بأنواعها، و تشغيل المولّدات الكهربائية على المازوت، رغم ما تقدّمه حتى تشمل جميع الأقسام والاحتياجات للمرضى، لأن مستشفيالت ومراكز الهلال لم تتمكن من استوعب الحالات الطارئة ،وخاصة ان الكثير من المرضى لا يجرأون على القدوم إلى مستشفى بلسم والهمشري ومستشفيات بيروت والشمال ، وهذا يتطلب من الجميع التحلي بالحس الإنساني والوطني ، حتى يتمكنوا من تقديم كافة قدراتهم وعطاءتهم لخدمة المرضى، من خلال تأمين العلاج اللازم والجو الملائم، وتأمين المعدات الطبية الضرورية ليستطيع الهلال الاحمر استقبال ومعالجة كافة الحالات المرضية، لا سيما في العيادات أو الحالات الطارئة، وذلك من اجل المحافظة على الوجود الفلسطيني، وتقديم الصورة الحقيقية عن الشعب الفلسطيني من خلال العمل الطبي أو التربوي أو المهني.
ان الشعب الفلسطيني في مخيمات لبنان يفتخر بعمل جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني الانساني، باعتبار ان هذه الجمعية الرائدة قامت بأدوار عديدة وقدمت الشهداء وعملت على نهج مؤسسها الشهيد فتحي عرفات ، وهي تمضس قدما في عامها السابع والأربعين رغم الظروف الصعبة والقاسية لفروع الجمعية في الشتات، حيث الوضع الانساني الصعب لمخيمات اللاجئين الفلسطينين في لبنان وتعقيدات الأزمة السورية وانعكاساتها على الشعب الفلسطيني في مخيمات سورية.
من هذا الموقع نتطلع الى منظمة التحرير الفلسطينية ان تولي مهمة تطوير وتعزيز دور الهلال الاحمر الفلسطيني من خلال تقديم الأجهزة الطبية وتطوير مستشفياته ومراكزه في المخيمات لاستقبال كافة الحالات المرضية.
في السياق ذاته فان الشعب الفلسطيني في مخيمات لبنان يتطلع الى منظمة التحرير من اجل دعم الضمان الصحي لابناء الشعب الفلسطيني و لاسر الشهداء ، ورفع جودة الخدمة وتوفير التجهيزات الحديثة وتأمين الكفاءات الطبية في كافة الاختصاصات وتأمين الدواء خاصة لاصحاب الامراض المستعصية .
ختاما : لا بد من القول ان مستوى المعاناة الصعبة نتيجة الواقع المجحف الذي يعانيه الشعب الفلسطيني في لبنان وتراجع خدمات الاونروا ، يستدعي من منظمة التحرير ودائرة شؤون اللاجئين العمل لوضع رؤية تستجيب لمصالح ابناء شعبنا حتى يتمنكوا من العيش بكرامة لحين ضمان حق عودتهم الى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها على ارض فلسطين .
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي