اقتصادي يدعو إلى إنشاء نقابة للعمل والشغل الفلسطيني !

بقلم: حسن عطا الرضيع

حسن الرضيع: إنشاء نقابة العمل والشغل الفلسطيني مستقلة ضاغطة في الأراضي الفلسطينية يُعتبر أولوية وطنية وإنسانية, ودون ذلك فلا يُمكن الحديث عن حلول لأزمة اختلال سوق العمل المتفاقمة وخصوصا في قطاع غزة , هدف هذه النقابة هي إبراز حجم المعاناة التي يتعرض لها العاطل عن العمل من جهة ومكافحة استغلال العمال وزيادة الدور النشط للحكومة الفلسطينية لتكون الراعي الرئيس للفقراء عبر إنشاء قطاع عام مُنتج يوفر احتياجات المواطنين الأساسية والابتعاد تلقائيا عن سياسات السوق النيو ليبرالية التي رهنت الفلسطينيين لأطماع وجشع العائد المالي للقطاع الخاص الذي يستوعب ثلتي العاملين والتي أثبت عدم جدواها الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية, إضافة لتوفير مستويات لائقة للمعيشة جوهرها رفع الحد الأدنى للأجور وتقليل التفاوت بين الشرائح المجتمعية وإصلاح التشوهات الهيكلية في بنية الاقتصاد الفلسطيني وخصوصا في ما يتعلق بتقليل العجز المُزمن في فجوة الموارد المحلية : فجوة الادخار- الاستثمار, وفجوة الإنتاج- الاستهلاك, وبناء إستراتيجية وطنية لتعزيز قيم الإنتاج والتنوير على حساب قيم اللصوصية والثراء الفردي الفاحش القائم على استغلال حاجات الأُناس الأكثر ضعفاً.
تُعتبر الأراضي الفلسطينية وخصوصا قطاع غزة بيئة خصبة لإمكانية إنشاء نقابة تدافع عن حقوق العمال والعاطلين عن العمل بسبب الأعداد المتزايدة من العاطلين عن العمل والارتفاع الكبير في معدلات البطالة والفقر والحرمان وكذلك ارتفاع وتيرة اللا عدالة وغياب البعد الاجتماعي والتنموي للحكومة الفلسطينية لتلك الشرائح المُستغلة والنازفة وبشكل مستمر ويميل إلى سيادة اللا إنسانية أحيانا مع مرور الوقت بسبب استمرار التناقضات والتعقيدات في الاقتصاد الفلسطيني الذي تُعتبر أحد سماته الرئيسة اختلال سوق العمل وتعمق التشوه في بنيانه وهياكله واتساع فجوة الموارد المحلية وتنامي مشكلة العدالة في توزيع الدخل والثروة والتي تظهر بارتفاع معامل جيني .

كل ذلك يستدعي من الخبراء والباحثين الاقتصاديين البحث عن آلية للضغط على صُناع القرار الاقتصادي رغم أنهم لا زالوا يعملون ضمن بروتوكول باريس الاقتصادي والذي يُرهن الاقتصاد ويجعله تابعاً وبمحض الإرادة لشروط وزارات الأمن والاقتصاد والتجارة الخارجية الإسرائيلية ,إضافة لوجود اتحاد جمركي عمق التشوهات في الاقتصاد الفلسطيني, تلك الآلية تتمحور في البحث عن نقابة للعمل والشغل الفلسطيني بدلاً من عقد عشرات الورش والندوات والمؤتمرات الاقتصادية والتي تستنزف موازنات الجمعيات والمؤسسات الأهلية العاملة في الأراضي الفلسطينية والتي تراجع دورها لصالح المؤسسات الدولية التي تحمل فلسفة العمل الإغاثية البحت على حساب العمل التنموي الذي يعزز الاقتصاد الوطني ويؤسس لمرحلة من البناء .
ورشات عمل كثيرة عُقدت في قطاع غزة لتدارس مشكلة البطالة وخصوصا بطالة الخريجين التي يفوق عدد الملتحقين فيها 100 ألف منهم ما لا يقل عن 500 مُتعطل عن العمل يحملون شهادات عليا في شتى التخصصات ( ماجستير ودكتوراه ).
إذ يتخرج سنويا في قطاع غزة حوالي 18 ألف خريج يعمل منهم قرابة 3.5 ألف (18% فقط يعملون و72% ينتسبوا مُكرهين لبراثن الفقر والبطالة , وفي المُجمل لا تتجاوز مساهمة الحكومة 5% في أحسن الأحوال).
أمام هذه الأرقام الكبيرة , لا زال دور الحكومة دون المستوى المطلوب , فمنذ العام 2003 تقرر إنشاء صندوق وطني لتشغيل العاطلين عن العمل , لم يوفر فرص للعمل في قطاع غزة, وأعيد العمل بهذا الصندوق بقرار من وزراة العمل في حكومة التوافق الفلسطينية , إلا أن تشغيل ذاك الصندوق لم ينعكس بشكل ملموس في واقع سوق العمل حتى بعد إعلان رئيس السلطة الفلسطينية بإنشاء صندوق وطني لتشغيل الشباب خاصة الخريجين من خلال تحويل أفكارهم لمشاريع ناجحة ومنتجة, كذلك لا زالت الإعلام الحكومي يتحدث عن إمكانية لإعداد خطط لاستيعاب وتشغيل العاطلين عن العمل وتوفير آلاف فرص العمل خلال أيام , وكأن تلك الأيام لم تأتي بعد , هكذا يُراد دائماً.
إن واقع قطاع غزة المرير, وهذا الارتفاع الكبير في معدلات البطالة بحاجة إلى وجود حزب جماهيري يحمل تلك العناوين والقضايا العادلة , حزب على شاكلة اتحاد العمل والشغل التونسي , بإمكان هذا الحزب أو النقابة أن يكون عدد أعضائها ربع مليون شخص هم العاطلون عن العمل في قطاع غزة ومثلهم عمال لا يتمتعون بحقوقهم الأساسية من حيث توفر بيئة العمل المناسبة والتعويضات والتأمينات والأجر العادل.
أن تستوعب الحكومة الفلسطينية 20-25% من فرص العمل المتولدة سنوياً في حين تترك الأسواق للقطاع الخاص الذي لا يوفر أجور تراعي وتُحسن مستويات معيشة العاملين لا زال بحاجة لإعادة نظر , لأن ما توفره الحكومة من فرص عمل غير مُنتجة لا تولد دخولاً ولا تحقق روافد رئيسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
الارتفاع الكبير لمعدلات البطالة في قطاع غزة وتشكيلها المنطقة الأعلى عالمياً يعني أن العاطل عن العمل في غزة يختلف عن أي بقعة أخرى بالعالم وهذا له علاقة بطبيعة الاقتصاد والمجتمع الفلسطيني غير المستقر سياسيا وأمنياً, بهذا المعنى فإن تعريف العاطل عن العمل أراه كالتالي :
هو أي شخص يتمتع بالجنسية الفلسطينية ويعيش تحت سماء غزة يبحث عن العمل ويرغب باستماتة في الحصول عليه, يقبل أجورا حتى لو كانت دون حد الفقر بكثير , ولكن دون جدوى , إذ أنه مُعطل عن العمل بقرار سياسي غير مسئول وغير حكيم ممن يحكمه ويرُهن حياته ورغيف خبزه لأخطاء سنين عقدين عجاف ,ذاك المُعطل يبحث عن حلول دون جدوى , يحاول الخروج من عنق الزجاجة عبر إيجاد اتحاد العمل والشغل الفلسطيني , اتحاداً يترأسه ويديره نخبة من العاطلين عن العمل وليسوا وكلاء وزارات مُتحالفين مع رؤوس الأموال, وأعضاء مكاتب سياسية لأحزاب تبنت سابقا قضايا العمال وصغار الكسبة والفلاحين, ودورها صامت كصمت القبور , ذاك الصمت الذي يظهر في عدم تفكيرها ولو للحظة في الدعوة لمثل تلك الفعاليات الوطنية المُنصفة للفقراء والعاطلين عن العمل .
وعليه اقتصادياً تبقى جميع ورش العمل والندوات والمؤتمرات التي تعقد في فنادق ومطاعم وقاعات غزة الرئيسة مجرد حلقات للتعارف والعلاقات المجتمعية والابتسام أمام الكاميرات غير المنتجة , وتبادل الصور والتي يتم تحميلها على شبكات التواصل الاجتماعي بافتتاحية مفادها " اليوم على هامش ندوة للخروج من أزمة البطالة بصحبة الدكتور فلان والناشط المجتمعي والحقوقي والاقتصاد فلان".


نظرة عامة لمؤشرات البطالة في قطاع غزة :
تشير التقارير الرسمية الفلسطينية أن هناك ارتفاعاً كبير وحاد لأعداد الخريجين العاطلين عن العمل في غزة وبلوغهم لنسب كبيرة إذ تعتبر الأعلى عالميا وفقا لتقارير دولية, وفي السياق يشير عدنان أبو حسنة الناطق الرسمي بوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين ؛ إن لدى الوكالة حاليا 231 ألف طلب عمل من عاطلين عن العمل, منهم قرابة 100 ألف خريج منهم 56 ألفا يحملون شهادة البكالوريوس، و30 ألف يحملون شهادة الدبلوم، و265 يحملون شهادة الماجستير والعشرات من حملة شهادات الدكتوراه.
ورغم الارتفاع الكبير في معدلات البطالة إلا أن جهود حكومة التوافق/ الثنائية الفلسطينية لا زالت دون المستوى المطلوب , إذ أقر سابقا وزير العمل في حكومة الوفاق الفلسطينية مأمون أبو شهلا بأن قطاع غزة شهد خلال السنوات الأخيرة إنفاق مبلغ 95 مليون دولار كمنح ومشاريع تشغيل "لكنها لم تحد من البطالة المتفشية".", وذكر أبو شهلا أن "هناك 600 إلى 700 مليون دولار وصلت صندوق التشغيل الفلسطيني تحت عنوان التشغيل", مين يسمع كلام الوزير ينبسط , ولكن عندما يرى الفلسطيني في غزة واقع الخريجين ينصدم .
تلك المشكلة المتفاقمة قد انعكست على الواقع الاقتصادي والمعيشي لنسبة كبيرة من الأسر الفلسطينية في قطاع غزة, إذ تراجعت مستويات المعيشة وانخفض الدخل الحقيقي وارتفعت حدة الفقر والحرمان وتهاوت المؤشرات الاجتماعية ككل, على صعيد الدخل الفردي الحقيقي بلغ ما يقرب من 970.3 دولارا في نهاية العام 2014 هو الأدنى منذ عشرين عاما، وهي الفترة نفسها التي ازداد فيها عدد السكان بنسبة 230 %, كما أن نحو 80 % من الغزيين هم من متلقي الإعانة الاجتماعية, على صعيد صادرات غزة للعالم الخارجي فقط اختفت فعليا، وقطاع التصنيع انكمش بمعدل بلغ 60 % في العام المُنصرم, إضافة لانعدام الأمن الغذائي , إذ تزيد نسبة الأسر التي تعاني من نقص حاد في مستويات الأمن الغذائي 70% , في حين أن هناك 93% من الأسر في غزة لا تلبي احتياجاتها الضرورية من السلع والخدمات, وارتفاع نسب التلوث وتراجع مستويات البنية التحتية والنقص الحاد بالمياه القابلة للشرب , إذ تشير التقارير أن 90% من المياه غير صالحة للشر ب في قطاع غزة, و تراجع مستويات الصحة والتعليم, وارتفاع معدلات الجريمة.


كأنه تسول بامتياز : لسان حال خريجي الدراسات العليا عند طلب فرصة عمل مؤقتة
يُعتبر التسول أحد أبرز المشكلات الاجتماعية التي تنجم عن تردي الأوضاع الاقتصادية في أي بلد مهما بلغت درجة رقيه أو تخلفه , إذ هو طلب الحاجة من الآخرين سواء مال أو طعام ومسكن والأخطر الطلب الحذر للحصول على فرصة عمل حتى لو مؤقتة أو عابرة لفترة شهر أو اثنين , ويدخل في ذلك قضية طلب واستجداء عدداً من الأكاديميون العاطلون عن العمل للحصول على ساعات دراسية في الجامعات الفلسطينية التي تخضع لتأثير ديكتاتورية العائلة والحزب وممالك الشخوص , وخصوصا في قطاع غزة الذي يعاني من معدلات نمو عالية في التعطل عن العمل والتي تعتبر الأعلى عالمياً .
قطاع غزة : عشرة سنين عجاف كيف مضت ؟!
قبل عشرة أعوام (20-1-2006) كنت بمرحلة الثانوية (أي لم يكون لي شرف الانتخاب ) , مررت بأحد الأحياء الفلسطينية الفقيرة جداً في شمال غزة , ذاك الحي يقطنه آلاف العاطلين عن العمل والفقراء , رأيتهم بشغف يستمعون لكلام جميل يُعبر عن آمال تمناها الكثيرون في تلك الساعة التي ضجت بالتكبير والتهليل والابتهاج بإمكانية حدوث تحسن في مستويات المعيشة لهؤلاء الفقراء الذين كانوا قبل عامين أو يزيد ضمن قوة العمل النشطة في الأرض المحتلة عام 1948.
تلك الآمال تحدث عنها مرشحو قائمة الإصلاح والتغيير والتي فازت ب 76 مقعد من أصل 132 في المجلس التشريعي الفلسطيني في دورته الثانية وكأنها الأخيرة ؛ ما أتذكره بعد 10 سنوات هي الآمال التالية :
- وظيفة لكل أسرة ( أي أن يكون هناك عدالة في توفير فرص العمل الحكومية , إذ لا يجوز أن تحصل أسرة على 4 او 5 وظائف حكومية وأسرة أخرى بلا دخل وهذا سمة للحكومات الفلسطينية السابقة والتي اعتمدت في برامج التوظيف على الانتماء السياسي والواسطة والمحاباة ).
- سيكون لكل شخص عاطل عن العمل راتبا شهريا ( أي سيحصل جميع العاطلين عن العمل على إعانات منتظمة على غرار برامج الحماية الاجتماعية ).
- سيتم استيراد البضائع من جمهورية مصر العربية الشقيقة بدلا من إسرائيل مما يوفر ذلك اسعار أقل ومستوي معيشة أعلى وخصوصا سعر أنبوية الغاز التي لن تزيد عن 10 شواكل ( في العام 2006 كان سعر الانبوية 12 كيلو حوالي 30 شيكل, اليوم لا تقل عن 55 شيكل).
- سيتنازل عضو التشريعي المنتخب والفائز بأصوات الفقراء والعاطلين عن العمل وصغار الكسبة وضحايا التوظيف السياسي للسلطة والحكومة ما قبل انتخابات 2006 عن جزء من راتبه ؛ يعني كأن ذاك العضو يقول / ليه أحصل على 3000 دولار شهريا , بالإمكان أحصل على 1500 دولار ويتم توزيع أل 1500 دولار الأخرى على الشرائح الفقيرة وهو ما لم يتم .
- لن يقوم النائب باقتناء سيارة أو جيب حديث كالنواب السابقون له, ويتجول في شوارع وأزقة مخيم يحوي نسبة كبيرة من الفقراء , وسيقوم بالذهاب إلى جلسات المجلس التشريعي الفلسطيني وسط غزة عبر سيارات الأجرة والتاكسيات العامة لسببين وهما : التواضع وهي صفة العضو ما قبل التمكين والوصول لمقعد التشريعي, واتراك المجال للسائقين الغلابة (ضحايا فساد السلطة الفلسطينية) للحصول ل على لقمة العيش عزيزة وبكل كرامة وشرف .
- لا للفساد, لا للمحسوبية, لا للرشوة , لا للإقصاء الوظيفي , دعاة حق ورواد إصلاح : لا زالت تلك العناوين الرئيسة لتلك القائمة موجودة على حائط بيت صديقي ومع التغيير المناخي والأمطار ذابت تلك الشعارات كما ذابت من الواقع الملموس في غزة, وباتت لا تُقرأ بالعين المجردة ولا يمكن التماسها على أرض الواقع , يعود ذلك لمرور 10 سنوات على تلك الكتابة على الجدار من جهة وعدم جودة البويات والشعارات الرنانة التي تستجدي الضعفاء لسرقة أصواتهم عبر انتخاب القوي الأمين .
قبل 20 عام : تحدثت رموز السلطة الفلسطينية عن إمكانية إنشاء نموذج اقتصادي متطور في قطاع غزة على غرار دول جنوب شرق أسيا , وهو أن غزة سنغافورة العرب .
تخيلوا كيف باتت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في غزة , خلال الفترة الممتدة من مشروع غزة سنغافورة وليس انتهاء ً بالسلام الاقتصادي الذي يمر بمراحل تتراوح ما بين الرواج والركود
يتساءل البعض أنه في حال ما حدثت انتخابات عام 2006 وبقيت السلطة الفلسطينية مسيطرة على الأراضي الفلسطينية وخصوصا غزة ولم يحدث حصار وسياسات إغلاق مستمرة ؟ هل بالإمكان أن تنخفض معدلات البطالة وترتفع مستويات المعيشة للفلسطيني الغزي ؟ الجواب بالتأكيد لا فمعدلات البطالة في أحسن الأحوال لن تنخفض عن 25% فالمشكلة ليست في الحصار نفسه بقدر ما هي بسبب عدم ملائمة السياسات الاقتصادية المنتهجة فلسطينياً والقائمة على النيو ليبرالية واقتصاد السوق من جهة ومحدودية الموارد من جهة أخرى وغياب الإنتاج الوطني الحقيقي إذ لا يوجد قطاع زراعي وصناعي يمكن التلويح به لتحفيز الاقتصاد.
سؤال : هل يجوز للفلسطيني العاطل عن العمل مساءلة الحكومة والقوائم الحزبية التي فازت بمقاعد بالتشريعي عن أسباب تفاقم البطالة وعن أسباب عدم تحقيق ما جاء في برامجها الاقتصادية؟
المفترض نعم .
هل يجوز أيضا لذاك العاطل عن العمل القول " وعد الحر دين عليه " في إشارة لتلك البرامج؟
المفترض نعم .
بعد عشر سنوات من الانتخابات ووجود الحصار واستمرار الانقسام ؟ هل هناك أمل بالإصلاح والعودة إلى أوضاع العام 1999 م ؟ بالتأكيد لا , ويعتبر ذلك مستحيلا وضربا من ضروب الخيال .
اقتصادياً : ما هي تكلفة إنهاء الانقسام / الجواب دولار واحد وهو ثمن فنجاني قهوة سادة في أحد الأماكن الشعبية بصحبة رئيسي حركتي حماس وفتح ليوقعوا على المصالحة مع بث تلك المقابلة مباشرة عبر قناتي أحداهما لفتح والأخرى لحماس إذ أن البث مجانا كون كل قناة لديها رغبة جامحة لإذاعة كلمة قائدها المُبجل التي ترعاه رعاية الرحمن.
حلول الحكومة لأزمة البطالة في قطاع غزة :
متى يمكن القول أن هناك حكاوي وتغريدات خارج السرب ؟
عند استماع الخريج بكل تمعن لتصريحات وآما ل وزير العمل الفلسطيني في حكومة التوافق الوطني.
وزير العمل الفلسطيني :لدينا خطط تشغيلية لاستيعاب50 ألف خريج خلال الأعوام الثلاثة القادمة.
التعليق/
شئ رائع معالي الوزير ولكن أريد أن أتساءل عن شكل ونوع تلك الفرص التي سيتم توفيرها , تتحدث عن 50 ألف فرصة دائمة , يعني تتحدث عن تكلفة سنويا تقدر بحوالي 600 مليون دولار.
على افتراض أن الحكومة ستوفر تلك الفرص خلال أل 3 سنوات القادمة فإن تمويل ذلك في الواقع يعتمد على عدة موارد مالية وإنتاجية هي فعلياً غير موجودة في الاقتصاد الفلسطيني , وأهمها محدودية الموارد المحلية واختلال سوق العمل واللذان يُعتبرا سمة رئيسية للاقتصاد الفلسطيني.
مشكلة البطالة هي بنيوية ويُستحال حلها أو خفضها في السنوات القادمة في ظل الواقع الحالي , إذ لا يمكن لسياسات حكومية تعتمد على النيو ليبرالية _( اللبرلة الاقتصادية الجديدة ) والتي تعتمد على المنافسة الحرة والاحتكارات وغياب مساهمة الحكومة الاجتماعية وتخليها عن الشرائح الفقيرة _ التخفيف من حدة البطالة للأسباب التالية :
في أحسن الأحوال فإن الحكومة تستوعب 25% من فرص العمل سنوياً في حين القطاع الخاص يستوعب أكثر من 60% , ذاك القطاع الذي يبتعد عن فلسفة التنمية ذات البعد الاجتماعي إذ أن الأجور المُدفوعة غالبا تنخفض عن حد الفقر الشديد , ( عامل في غزة يعمل 12 ساعة يوميا ب 20 شيكل (5دولارات) , يعيل أسرة من 6 أشخاص وينزح عنده أسرة من 5 أشخاص : هنا اجتمعت مأساة البطالة وتأخر الإعمار وانعدام الدور الحكومي الذي يُفترض أن يكون الراعي الرئيس للفقراء والعاطلين عن العمل).
هناك تفاقم لفجوة الموارد المحلية : فجوة الادخار- الاستثمار / إذ يعاني قطاع غزة من معدلات ادخار سالبة ولا تكفي لتمويل حجم الاستثمارات المطلوبة , وفجوة الانتاج- الاستهلاك : إذ أن الاستهلاك يزيد عن 130% من حجم الانتاج, وهذه سمة خطيرة تعني عدم وجود إنتاج محلي
اقتصاديا / لتوفير مبلغ 600 مليون دولار للاقتصاد الغزي أي أننا بحاجة لخفض واردات غزة بحوالي 28% أو زيادة حجم الإنتاج المحلي ب 27% , وهذا مستحيل في اقتصاد أعزل لا يمتلك مقومات صمود ومقاومة , لا يمكن زيادة الانتاج وتقليص الاعتماد على واردات الخارج وخصوصا الإسرائيلية منها إلا في حالات معقدة تتمحور في اعادة النظر بشكل جدي بالسياسات الاقتصادية المنتهجة وإعطاء دور مركزي للقطاع العام المنتج , القائم على الاستثمار الكثيف في الزراعة والصناعة والبنية التحتية والعنصر البشري , أي أن يزيد دور القطاع العام عن 50% .
وهذا لا زال صعبا لان الحكومة الفلسطينية تعتمد على ضرائب المقاصة في تمويل موازناتها غير التنموية , تلك الضرائب جاءت على حساب إفقار الفلسطيني وسلب كرامته الانسانية , في المقابل هناك تعطيل من قبل التشريعي والحكومة بالتناوب لمشاريع تنموية ذات هدف اقتصادي - اجتماعي , الحكومة تمتنع بسبب العجز والتي تحاول تمويله من خلال فرض الضرائب.
- هناك 230 ألف عاطل عن العمل في قطاع غزة والعدد قابل للارتفاع للضعف خلال أقل من 5 سنوات.
وعليه فإن حكاوي الوزير عن توفير 50 ألف فرصة عمل هي تغريدات خارج السرب.

بقلم / حسن عطا الرضيع
الباحث الاقتصادي- غزة