موشي يعلون الذي وجد نفسه محاصراً داخل الائتلاف الحكومي، لم يكتف ببيان رئيس الوزراء نتانياهو الذي أعلن دعمه لخطواته في إخلاء بنايتين وسط مدينة الخليل من المستوطنين، وذلك لأسباب سياسية وأمنية، بل حاول موشي يعلون أن يثبت لخصومة السياسيين الذين يزايدون عليه، ويتهمونه بعدم دعم الاستيطان، فقال لهم بصدق وحرارة المنتمي: إن الاستيطان تضاعف منذ وصولنا للحكومة الإسرائيلية عام 2009، حيث أصبح عدد المستوطنين وفقاً لأخر إحصاء هو 407 الف مستوطن يهودي في الضفة الغربية وحدها، في الوقت الذي كان عددهم سنة 2009 لا يتجاوز 280 ألف يهودي.
إننا نعمل بهدوء وصمت في ملف الاستيطان في الضفة الغربية، وذلك بسبب الانتقادات الدولية للاستيطان، بالتالي لا حاجة للانتقادات من داخل الحكومة، وأضاف يعلون: عليكم النظر للنتائج، وللزيادة في عدد المستوطنين، إذ لا يوجد تجمع سكني في اسرائيل زاد بهذه الطريقة منذ عام 2009 سوى المستوطنات في الضفة الغربية والقدس.
انته كلام موشي يعلون الذي لم يتطرق لمستوطني القدس الذين تجاوز عددهم 300 ألف مستوطن، فإذا أضيف هؤلاء إلى عدد 407 ألف مستوطن في الضفة الغربية، يكون ناتج عدد المستوطنين اليهود في الأراضي المحتلة أكثر من 700 ألف يهودي.
انته كلام موشي يعلون الواضح والفاضح، ولكن لم ينته فعل جيشه ومستوطنيه، حيث ما زال مسلسل الاستيلاء على الأرض الفلسطينية قائماً، وما زال هذا الحقل هو مجال التنافس المركزي بين جميع الأحزاب في إسرائيل، وما زال مجال الاستثمار الجماهيري، وكل محاولة فلسطينية لاختراق الإجماع الإسرائيلي في هذا الشأن هي تحايل على الفلسطينيين، وليس اختراقاً لإجماع الإسرائيليين؛ الذين صاروا يشكلون دولة قائمة فوق أرض الضفة الغربية.
فماذا سيفعل الفلسطينيون؟ كيف سيردون على هذا الاستيلاء المنظم على الأرض؟ وهل ستواصل القيادة خداع الناس، واستهلاك عقولهم، من خلال التأكيد لهم بأنها لم تفرط بالثوابت؟ وهل هنالك ثوابت أهم من الأرض التي تسربت بنسبة 62% إلى أيدي المستوطنين؟
وهل يستطيع الشعب الفلسطيني أن ينام بملء الجفون، ويثق بتصريحات قياداته السياسية، بينما الأرض تضيع؟ وهل نصدق بتصريحات أمين سر اللجنة التنفيذية د. صائب عريقات الذي توعد المستوطنين بالتقدم بمشروع قرار إلى مجلس الأمن حول المستوطنات؟ وهل نسي الفلسطينيون عدد القرارات التي صدرت عن مجلس الأمن، والتي تدين الاستيطان؟ هل نسي د. صائب عريقات نفسه القرار 452 في هذا الشأن؟ وماذا سيفعل الفلسطينيون بمزيد من قرارات الشجب والإدانة الصادرة من هنا وهناك؟ هل سيعلقها اللاجئون على جدران الغربة؟
يجب أن يضع الفلسطينيون حداً للاستيطان بقوة المقاومة، وكي ينتصر الشعب الفلسطيني في معركة الدفاع على الأرض، عليه أن يقطع رأس التنسيق الأمني فوراً، عليه أن يتخلص سريعاً من كل القيادات التي لا تؤمن بقدرات الشعوب، على الشعب الفلسطيني أن يقطع دابر النهج السياسي الذي أسهم في تعزيز الاستيطان، وتثبيت أركان الأمن للمستوطنين اليهود.
د. فايز أبو شمالة