كلية العلوم الإسلامية في جامعة السلطان محمد الفاتح مسحة عطاء متجدد

بقلم: نزار نبيل الحرباوي

تلتهب مشاعرك شوقا لأيام كان فيها العلم رائد النهضة والصحوة ، وتقتحمك ذكريات الأمس وأنت تتجول في رحاب جامعة من أكثر جامعات العالم ندرة في موقعها وتاريخها ومميزاتها وبساطتها الآسرة ، لتمر عليك الذكريات في فضاء جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية الخاصة في قلب اسطنبول فتنفخ فيك روح الماضي وعبق التاريخ ونقاء العلم .

في مبناها القديم ، وبنفس ميزات العلم الذي تعارف عليه العلماء في العهد العثماني ، تمد كلية العلوم الإسلامية أشرعتها لتستوعب طلبة العلم من كل أنحاء المعمورة ، فتجد الأستاذ العراقي يدرس الطالب الماليزي ، والطالب الإريتيري يتتلمذ على يد العالم السوري ، وتمتع ناظريك بمشهد سفراء العلم وهم يجتمعون في فناء الجامعة التاريخي ينهلون من معين العلم  في جو من الهدوء يأخذك بعيداً عن ضوضاء اسطنبول المزدحمة .

البروفيسور أحمد طوران أرسلان ، الذي يقود دفة السفينة في هذه الكلية ، علم من أعلام تركيا بفضل خبرته التخصصية ، وشخصيته اللبقة ، وعلمه الوفير ، وهو إنسان ومعلم وعالم ، ومن الذين يعملون بصمت لإنشاء جيل عربي تركي يفهم دينه وحياته وعالم العصر الحديث كما كانت المعاهد العلمية في القدم تتفاعل مع الطالب لصناعته إنساناً منتجاً في مجتمعه .

وبوجود مثل هذه المعاقل العلمية في زماننا ، وتوجيهها لمنح الطلبة العرب والأتراك فرصة العمل باللغة العربية في بيئة عثمانية الطابع والهوية ، يمكن لنا أن نلمس حجم الجهد المبذول من إدارة الكلية في ترسيخ مفاهيم العلم وقيمه الجامعة ، والمناهج الدراسية التي تحاول التوأمة بين الماضي والحاضر في موئل علمي يقدم للطلبة الفرص المميزة في العلم التخصصي والعطاء مع نخبة النخبة .

وكأكاديمي حاضرت لسنوات في هذه الجامعة العريقة ، أجد لزاماً علي أن أعرج عليها في الإعلام لأعرف بها كقلعة معرفية ، وحصن للعلوم والمعارف ، فالتخصصات الموجودة فيها ، والكادر التدريسي الذي يتم انتقاؤه بعناية فائقة ، والظروف التعليمية ، جعلت من هذه الجامعة ببنائها القديم ، وحالة العلم العصري فيها حالة من حالات التميز في اسطنبول برمتها .

المستشار د . نزار نبيل الحرباوي
@drnizar06