في غزة: شكراً زعفران !!

بقلم: حسن عطا الرضيع

شكراً زعفران, هي حالة تعبر عن المأساة المتفاقمة في الأراضي الفلسطينية وخصوصا في قطاع غزة والذي يعاني من جملة من الأزمات الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية المُعقدة والمتداخلة بسبب قيود الاحتلال وسياساته التدميرية , إضافة لمرور عقد كامل على حالة الانقسام السياسي الفلسطيني- الفلسطيني, والذي يظهر بقوة عند الحديث عن حلول للمشكلات القائمة سواء الاقتصادية منها كتفاقم آفتي الفقر والبطالة أو المعيشية والمتمثلة بالنقص الحاد في مستويات المعيشة واشتداد أزمتي الكهرباء ومعبر رفح ,وهي المشكلتين الأكثر تأثيراً على الواقع المعيشي والتي مست معظم الأسر الفلسطينية في قطاع غزة, الكهرباء التي باتت الكابوس والغول الأكثر رعباً للأسر إذ أن ساعات وصلها يوميا لا يتجاوز أل 4-8 ساعات في أحسن الأحوال, في حين أن مسببات الأزمة وحقائقها لا تخرج عن كونها أزمة سياسية مُفتعلة وقضية فرض ضرائب البلو ولاحقا إعفاء محطة التوليد منها والخصومات التي تقوم بها الحكومة الفلسطينية والتي شكلت سيفاً على رقاب الفقراء وهم صغار الموظفين والبالغين قرابة 80% من مجمل عدد العاملين في الجهاز الحكومي في قطاع غزة والبالغين قرابة 77 ألفاً منهم 60 ألف موظف يجلسون ببيوتهم دون عمل أو إنتاج معين .

أمام تلك الأزمات المتفاقمة ومع الخطوات البطيئة للمصالحة ومع تعدد العواصم العربية التي استضافت وتستضيف جلسات الحوار منذ سنوات, لا زال اليأس والإحباط يُخيم على أهالي قطاع غزة , والذين رفعوا شعارات مفادها " شكراً زعفران" , زعفران القائد الفلسطيني الوطني والإنساني الكبير الذي تمكن من إنهاء حقبة سوداء في تاريخ شعبنا الفلسطيني , استطاع أنهاء الانقسام وإدارته السوداء والتي تسببت بالمزيد من المشكلات التي أدت إلى اختلال بنيوي في النسيج المجتمعي.

رغم أن أهالي غزة قد خرجوا للشارع واحتفلوا بإنهاء الإدارة الخالدة للانقسام بعد خمسين عام (2057 م احتفالات أهالي غزة بمناسبة اتمام المصالحة بين حزبي فتح وحماس) دليل واضح أن هناك ديمومة وخلود لإدارة الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني .

ومع إشاعة أجواء من التفاؤل الحذر من الدوحة القطرية والتي تستضيف مدراء الانقسام لإمكانية إتمام المصالحة, فإن رد الفعل الشعبي الفلسطيني وهنا 99% من أهالي قطاع غزة تراوحت ما بين المتفاؤل والمتشائم ولكن جُل ما يمكن ملاحظته هو ديمومة حالة المتشائل.

ماذا يعني زعفران كقائد وطني فلسطيني لديه القدرة في الاستمرار لقيادة المسيرة المُتعثرة منذ سنوات :

1- أن هناك استمرار للنتائج المأساوية على المجتمع الفلسطيني للجرائم الناعمة لأصحاب الياقات البيضاء لا تقل عن الجرائم السوداء , حيث أن الأولى : تضرب مؤسسات دولة وتُشرعن لاحقا جرائم الثانية وربما تكون دعما وسندا لها وأحيانا تضفيها هالة من القداسة إذا تعلق الأمر بوجود عمليات غسل ماهرة من المستحيل اكتشافها ,تلك العمليات يمكن ملاحظتها في مشاريع خدماتية ومالية ذات قيمة اقتصادية منخفضة جداً من جهة وذات عائد مالي مرتفع لمن يجلس خلف المكاتب الفخمة .

2- يعني أن تروي لي زرقاء يمامتي أن الملك المغربي محمد السادس حفظه الله قبل عدة أعوام تعهد بدفع 500 مليون دولار لإتمام المصالحة الفلسطينية , في المقابل هناك ابو فراس رئيس حكومة الحرافيش في الأراضي الفلسطينية المحتلة تعهد بإتمام المصالحة دون طلب الحاجة من الغير وذلك بتمويل ذاتي والتكلفة كانت 0 دولار وأحيانا ب 5 دولار سعر فنجاني قهوة بأحد فنادق غزة التي تميل أسعارها ما بين الشعبي والسياحي .

رغم ذلك أرادت قطر التدخل , ولكن السؤال في ظل انخفاض أسعار النفط ل 28 دولار وفشل جلسات الحوار التي فاقت أل 60 جلسة في عواصم " القاهرة, صنعاء, بيروت, الدوحة, مكة , وغيرها) هل يمكن القول أن هناك أملا قريبا بالمصالحة .

هذا ما ستجيبه الأيام, بين الأمل والإحباط : هناك مأساة تتفاقم في الأراضي الفلسطينية.

3- أن تستمر الجرائم الناعمة لأصحاب الياقات البيضاء , في أحد المؤسسات في الأراضي الفلسطينية يتعامل السادة وكأنهم في بقالة الوالد؛ يتصرف ذاك الرئيس للمؤسسة تصرف المالك بملكه بعيداً عن معايير المؤسسية والمهنية لصالح المزاحية وتتداخل هنا ثالوث الديكتاتورية " المال, العائلة , الانتماء الحزبي الضيق".

عن تفاقم ممالك الشخوص في جزء صغير جداً من الوطن أتحدث !

4- أن السياسة الاقتصادية الحكومية الفلسطينية كالبطة العرجاء ذات العين الواحدة

1036 موظف بالحكومة الفلسطينية يتلقوا سنوياً 100 مليون شيكل.

إذن المتوسط الشهري للراتب لتلك الفئة = 8044 شيكل .

المتوسط الشهري للراتب ل 80 ألف أسرة تتلقى مساعدة الشؤون الاجتماعية في قطاع غزة = 385 شيكل

المتوسط الشهري لراتب العاملين في الأجهزة الأمنية = 3600 شيكل

المتوسط الشهري للراتب ل 230 ألف عاطل عن العمل = صفر شيكل

المتوسط الشهري للراتب الأساسي لأعضاء التشريعي = 12000 شيكل

المتوسط الشهري للراتب الأساسي لأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير = 24000شيكل

أمام تلك الأرقام لا زال أحد أبرز الحلول للأزمة الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية أعادة النظر بالسياسات المنتهجة والترشيد في الانفاق دون المساس بالشرائح المجتمعية , والأهم رفع الحد الادنى للأجور والرواتب لحدود 2800 شيكل ( حد الفقر النسبي للأسرة ) وخفض الحد الاقصى للراتب لحدود 7 ألاف شيكل , بهذه السياسة يمكن توفير قرابة 250 مليون دولار كحد أدنى سنويا كفيلة بتوفير 25 ألف فرصة عمل سنوياً من جهة وتقليل التفاوت المتنامي في المجتمع الفلسطيني .

تخيلوا الأرقام :

24000 شيكل ( 18 شخص)

12000 شيكل (132 شخص)

8044 شيكل (1036 شخص (

3600 شيكل ( الالاف)

385 شيكل ( 80,000 شخص )

0 شيكل (230,000 شخص)

5- أن يكون هناك عملية بحث مستمرة عن مالك المدينة في الأراضي الفلسطينية لتفسير تلك الاختلالات:

متوسط الراتب الشهري / عدد الأشخاص

شيكل ( 18 شخص- أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير) 24000

12000 شيكل (132 شخص - أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني)

شيكل (1036 شخص- كبار الموظفين في الادارة الحكومية) 8044

( شيكل ( الالاف في الأجهزة الأمنية3600

( شيكل ( 120,000 شخص - المستفيدون من برامج الحماية المجتمعية 385

(0شيكل (370,000 شخص - من يبحث عن العمل دون جدوى في الضفة وغزة

الموضوع ليس لغة الأرقام بقدر ما هو فلسفة اقتصادية تنتهجها الحكومة الفلسطينية لم تُشكل سنداً ودعما للاقتصاد الوطني , ولم تراعي الوضع المعيشي الذي يميل للسوء مع مرور الوقت

6- جاري البحث عن نظرية جديدة لديمومة إدارة الانقسام الفلسطيني-الفلسطيني من وسط الدوحة القطرية,

عن ديمومة الإدارة الفلسطينية الناجعة للانقسام أتحدث.

7- هم طرفاً للانقسام وليسوا طرفين, هي عملية إدارة للانقسام وليست عملية انقسام.

- جاري البحث عن أسباب ابتسام مدراء الانقسام أمام شاشات التلفاز من دوحة قطر8

تستمر الابتسامات المُدججة بحفنة من الدولارات لا يدرى أحد كم حجمها , حفنة من الابتسامات يقابلها إشاعة أجواء من التفاؤل الممتلئة بالتخذيرات, حيث أن هناك ادمان مجتمعي على اليأس والاحباط والتفاؤل الحذر أحيانا والذي يقترب من أن يكون مخدرا

سؤال هؤلاء المخدرين : هل سيتنازل من هم 1% من شعبنا الفلسطيني عن مغانمهم ومكاسبهم الرثة من استمرار ادارة الانقسام لصالح 99% ممن عانوا من ويلاته , كحسن نية من الأقلية القليلة جداً كُحسن نية رغم عدم وجود تلك النية الحسنة والانسانية في مفاهيم المصلحة والسيطرة والتملك الضعيف للقرار الأضعف لقضية صاحبة أكبر الفرص الضائعة منذ عقود.

ما هي أحد معالم أن القضية الفلسطينية الآن هي صاحبة أكبر الفرص الضائعة : هي أن تكون أزمة الكهرباء في قطاع غزة ضمن الملفات الرئيسة للمصالحة الوطنية مثلها مثل الانتخابات وتشكيل حكومة وحدة وطنية وعقد الاطار القيادي لمنظمة التحرير وحل مشكلة اعتماد موظفي حكومة غزة السابقة.

ما هي مراحل التطور في ملفات الانقسام:

انقسام , ادارة للانقسام , استمرار لا دارة الانقسام , والآن عملية ديمومة وتخليد لإدارة جديدة للانقسام من وسط الدوحة.

9- لمدراء الانقسام في الدوحة - قطر

تذكروا:

- تكلفة الانقسام على الاقتصاد بغزة بلغ 2 مليار دولار : أي يساوي ما ينتجه الفلسطينيين بغزة سنوياً.

متوسط دخل الفرد سنويا 970 دولار , أي يقل عن متوسط الدخل قبل عقدين من الزمن.-

- - لم يتم إنشاء محطة لتحلية المياه في قطاع غزة منذ عشر سنوات بسبب نجاحكم بإدارة الانقسام.

. 90%من الفلسطينيين بغزة يفتقرون للحصول على المياه الصالحة للشرب

لم يتم لغاية الآن إنشاء مستشفى للأمراض التخصصية في غزة , وخصوصا لمرضى السكر والسرطان

. حالة مًصابة بمرض السرطان في غزة بحاجة لعلاج سريع يا سادة 16800

-هناك ازدواج ضريبي يتحمله فقراء قطاع غزة , أسعار السلع ترتفع بشكل طردي مع ارتفاع وتيرة الفقر وكذلك العكس.

- بسبب ادارتكم الناجعة للانقسام : هناك استمرار لحلب النملة

عن الرغبة الجامحة للحكومة الفلسطينية في فرض الضرائب على الفقراء لتمويل الأغنياء أتحدث.

- هناك توحش في بعض الأنشطة الاقتصادية : انظروا السلوكيات غير الرحيمة لشركات وطنية فلسطينية بحق المواطنين وخصوصا ؛ الاتصالات , الكهرباء.

ما هي أخبار غاز بحر غزة والذي يُقدر عائده السنوي ب 3 مليار دولار. -

-أن الموت يُخيم على أهم نشاط اقتصادي في الأراضي الفلسطينية - وخصوصا في غزة / الإنتاج الزراعي

أن غزة كان بها ميناء - مطار - ممر آمن- كهرباء - ماء صالح للشرب - احتكارات -

ولكن لم يكن بها:

مشاريع تنموية حقيقية : محطة تحلية المياه, قطاع عام منتج , مستشفى تخصصي, جامعات حكومية نظام التعليم بها مجاني, تكافل مجتمعي حقيقي.

-كيف يقتل الهدف الأوحد للرأسمالي " الربح السريع والفاحش " الإنسان ؟ من خلال الركد السريع للحصول على حفنة من الدولارات حتى لو على حساب المجتمع الأكثر مرضاً

في قطاع غزة : هناك مزارعين يستخدمون النيماكور بكميات ضخمة للإسراع في نمو الخضروات وللاستفادة من ارتفاع الأسعار.

النتيجة : ربح فردي فاحش وفقر مجتمعي شديد

تخيلوا أنه في حال أن قام مزارع بزراعة 50 دونماً من الخضروات واستخدم المبيدات الخطيرة وحقق ربحاً خلال شهرين بحوالي 25 ألف دولار : أي كل دونم ربح 500 دولار.

ربح ذاك المزارع 25 ألف دولار في المقابل , تخيلوا لو تم اصابة 5 مواطنين بمرض السرطان بسبب تلك المبيدات :تكلفة علاج هؤلاء أل 5 مرضى هي 500 ألف دولار لمدة ستة شهور ثم الوفاة المؤكدة هكذا يفكر الرأسمالي.

جميل لو رفعنا شعار شكراً زعفران خلال أيام بدلاً من الانتظار للعام 2057-

فعلاً هناك حاجة مُلحة الآن لزعفران لقيادة المسيرة وإنهاء حقبة سوداء في تاريخ الشعب الفلسطيني , حقبة ألقت بظلالها على مناحي الحياة كافة.

- ماذا يعني ضرورة اعادة النظر : يعني أن يكون هناك حاجة ملحة الآن لترشيد النفقات الحكومية في الأراضي الفلسطينية وتقليص النثريات والغاءها لشخوص واقتصاد أعزل لا زال مُسيطر عليه بشكل شبه كامل من قبل الاحتلال.

نفقات مكتب الرئيس الفلسطيني : 165 مليون دولار سنوياً , أي 3.8% من الموازنة العامة البالغة 4300 مليون دولار , وتشكل تلك النفقات لمكتب الرئيس في رام الله المحاطة بالحواجز الاحتلالية 5.5 أضعاف حصة الزراعة التي تكفل حياة آلاف الأسرة الفقيرة

نفقات مكتب الرئيس الفلسطيني سنوياً : 165 مليون دولار -

أفضل ما يُقال في ذلك ؛ ماذا لو تمعن القادة الفلسطينيين في فتوى الشيخ عز الدين بن عبد السلام.

" أما أخذ الأموال من الشعب مع بقاء الآلات الفاخرة في أيدي الجنود فلا "

إذ أن تلك النفقات الكبيرة هي حصيلة لفاتورة الضرائب غير المباشرة التي يدفعها الفقراء مُكرهين إضاقة للمساعدات والمنح الخارجية التي تذهب لتمويل تلك النفقات المرتفعة ذون مساهمة تنموية حقيقية.

انظروا : الأداء التنموي أصدقائي للحكومات الفلسطينية خلال الفترة 1994 -2015

-ربما يُعلن قريبا عن تشكيل حكومة وحدة وطنية في الأراضي الفلسطينية

زعفران وزيرا للكهرباء والبنية التحتية والمعابر ولدائرة حماية المستهلك والبيئة والمصالحة.

ما دام هناك وزارا ت فلسطينية للاقتصاد والتخطيط -

إذن ما قيمة تلك الوزارات في ظل وجود أزمات للكهرباء والمياه والمعابر والإنتاج الوطني في قطاع غزة.

-جميل لو وُجدت وزارة لذلك أو تم إلغاء تلك الوزارات لصالح إدارات صغيرة وبمكاتب من انتاج محلي ومقرات من الكرفانات والمباني الصغيرة وليست قصور تكلفتها الملايين من الدولارات.

بقلم/ حسن عطا الرضيع