بسم الله الرحمن الرحيم
حينما تمشي في طريق الحقيقة بكل وفاء ، وفجأة يحرف بعض المتسلقين المسار فلا تلتفت لهم ولا تسير خلفهم ، وامضي بطريقك حتى لو بقيت وحيدا ، وتحدي كل الأشواك والعقبات وامضي ولا تلتفت لانحرافهم ، وامضي حتى لو حوربت من كل الاتجاهات ، ففي النهاية لا يصح إلا الصحيح وتنتصر الحقيقة ،
حينما تكن في سفينة الحق بعرض البحر وتلاطمها الأمواج وتتعرض لأسهم الغدر من كل الاتجاهات فاصمد وكافح وتشبث بالسفينة بكل الوفاء ، فإذا خفت الأمواج وهدأ الهجوم ، ورأيت المتسلقين تشعبطوا بالسفينة وتسلقوا دفة قيادتها وحرفوها عن مسارها ، فلا تتردد واقفز منها واستمر بطريقك حتى لو كنت وحيدا سابحا باتجاه طريق الحق وتحدي الأمواج العاتية ، ففي النهاية ستصل بإرادتك ووفاءك وإخلاصك لبر الأمان ،
المناضل حامل الفكر والمثقف هو الأقدر علي الصمود وحمل رسالة الوطن والانتصار للقضية ، وقد لخص غسان كنفاني كل الكلام بهذه الجملة حينما ردد : " ليس المهم أن يموت الإنسان قبل أن يحقق فكرته النبيلة ، بل المهم أن يجد لنفسه فكرة نبيلة قبل أن يموت"
فالهدف هو الفكرة النبيلة التي تستحق أن نضحي لأجلها ، وان نقاتل لحمايتها والانتصار لها ، فابحث عن الفكرة النبيلة وإن وجدتها فانتمي لها بكل وفاء وتضحية وعطاء ، فان تسلق هذه الفكرة شلة من الفاسدين وتربعوا علي قيادتها وتحكموا بها فلا تكمل المشوار ودعهم واتركهم لأنهم سيستغلون نبل الفكرة وطهارتها وصدق انتماءك ليسخروها لمصالحهم وتجارتهم وسمسرتهم وملء كروشهم العفنة وتضخيم ثرواتهم وملء جيوبهم الفاسدة ،
وابقي كما أنت علي العهد بالوفاء للفكرة النبيلة ، بعيدا عن استغلال الفاسدين والمتسلقين ،
فكرة نبيلة طاهرة يسرقها الفاسدون ويركبوها فيفسدوها وتفقد طهارتها وصدقها ونبلها ويحرفوها عن مسارها الصحيح لا تستحق أن تضحي لأجلها ، فلا تبقي في هذا الركب وانسحب بعيدا عنهم ، وابقي ثابتا متمسكا بالفكرة مدافعا عنها رغم كل التحديات ،
وعليك السير بطريق الحق مهما بلغت التضحيات ومهما زاد التحريض والمحاربة ضدك ، فلا تستوحشوا طريق الحق لقلة السائرين فيه ، ولا تلتفت للانتقادات الهدامة الحاقدة ، فمن ليس له أعداء أو حاسدين أو حاقدين معناه انه ميت ، وقد علمنا الشيخ الجليل متولي الشعراوي الكثير من قوله : إذا لم تجد لك حاقدا فاعلم انك إنسان فاشل ،
والمثل اليوغسلافي يقول : إنسان بلا أعداء إنسان بلا قيمة ، فالنجاح دوما له أعداء فلا تكترث بهم ،
فهل يستطيع عدوك أن يحبس الشمس ؟؟ فالشمس تمشي في مستقر لها لا تقف ، لا يوقفها إلا خالقها, فكن أنت كذلك ، حتى لو تخلي عنك الجميع ، ابقي كما أنت ، وكن مع الحق ، فلا تتنازل عن مبادئك وإن كنت وحدك ثابتا عليها ، وكن كما أنت تريد ، ولا كما يرغبون ، وكن كالأسد يمشي وحيدا واثقا من نفسه ولا تكن كالخروف يمشي مع القطيع خائفا من الذئاب ،
ليس خطأ أن تتراجع وتتوقف عن المضي بطريق سرت به طويلا ، حينما تكتشف انتهازية المتسلقين وكذبهم واستغلالهم للطريق وحرفه عن الحقيقة ، فهذه قضية وطن أكبر من كل الأشخاص وأكبر من كل الامتيازات والمراتب والمكاسب ، فالوطن تضحية وفداء وعطاء وتواضع وانتصار للبسطاء والفقراء ، وليس وظيفة ومرتبة وتجارة وامتيازات وموازنات وبرستيج ،
باقون علي عهدنا ، أوفياء للوطن ، أوفياء للفتح ، أوفياء للفكرة النبيلة ، هذا دربنا وعنه لا لن نحيد ،
كتب : حازم عبد الله سلامة " أبو المعتصم "
[email protected]