الأبعاد النفسية للمصالحة الفلسطينية

بقلم: أحمد عليان عيد

إن ما يحدث حاليا في الشارع الفلسطيني خاصة وباقي البلدان العربية عامة من تعابير كبيرة اتجاه ((المصالحة الفلسطينية)) لها اثار نفسية قد تكون إيجابية وسلبية على أفراد أبناء شعبنا الفلسطيني الذي منذ سنوات عدة ينظر بعين الأمل والتفاؤل الى المصالحة ولم تتحقق رغم اللقاءات المتكررة مما أثر على نفوس الكثير وأنبت لديهم الإحباط واليأس ولم يشعروا ولو لمرة واحدة بالفرح والفوز الحقيقي بالمصالحة التي تحدد مصير كثير من المواطنين. لذلك يجب الانتباه الى الآثار اللاحقة والمستقبلية الخطيرة، وترسباتها العميقة على النفس الفلسطينية الفردانية والجماعية والديناميكية.
فمن أهم الأشياء التي لابد أن نأخذها بعين الاعتبار أن هناك فروق فردية بين أفراد المجتمع الفلسطيني وأن هناك مستويات مختلفة من قدرة أفراد الشعوب لتحمل نتائج الصراع والأزمات.
فأمل كثير من المواطنين هي تلك النافذة (المصالحة)، التي مهما صغر حجمها في نظر البعض، إلا أنها تفتح آفاقاً واسعة في حياة كثير من المواطنين، ولا يمكن اقتصار الآثار المترتبة على المصالحة، تحت جنح وحدة شعبنا الفلسطيني والتنمية الاقتصادية فقط وانما هناك آثار لها مردود نفسي يتمثل من خلال احساسا ايجابياً مهما كانت الظروف، ومهما كانت التحديات، ومهما كان المؤثر الخارجي.
لذلك نجد ان المصالحة محاولة من أجل إخراج المواطن من دائرة الصراعات التي طوقت عنقه طوال فترة من الوقت، وتوفير الجو الملائم الذي يشبع فيه ميوله واهتماماته.
فنجد أن البعض يبحث عن المصالحة الحقيقية التي من خلالها تتحقق أحلامه بالدراسة والآخر من أجل العلاج والآخر من أجل لقاء الأهل والأحباب وأخر من أجل الزواج وآخر من أجل التجارة وآخر من أجل العبادة فهذه أحلام ينتظرها كثير من المواطنين، فنجد ان تعبير كثير من المواطنين عن مشاعر الصدمة اتجاه عدم الاتفاق بأوجه مختلفة، منها العدوان نحو الآخرين والتعامل بخشونة مع الزملاء، وسرعة الاستثارة الانفعالية، فنراه يصرخ أحياناً بلا سبب، أو يغضب لأتفه الأسباب، ومن العادات السلوكية التي تعبر عن قلق هؤلاء الأشخاص نتيجة الصدمة خلل في توازن الأسر الفلسطينية، والتي تعتبر انعكاساً لحالة من الأمان التي كان يعيشها المواطن في مرحلة سابقة، وهو يحن للرجوع إليها كونها تذكّره بمرحلة ممتعة بالنسبة له.
لذلك نأمل أن تكون المصالحة عملية منظمة تهدف إلى مساعدة المواطن الفلسطيني كي يفهم ذاته ويعرف إمكاناته وقدراته ويحل مشكلاته، ليصل إلى تحقيق التوافق النفسي والتربوي والمهني والاجتماعي والديني وإلى تحقيق الصحة النفسية المتكاملة.
بقلم: أ. أحمد عليان عيد، ماجستير صحة نفسية ومجتمعية.