الرهان السعودي التركي على تغير الموقف الأمريكي بشأن سوريا رهان خاسر

بقلم: علي ابوحبله

تصريحات المسؤولين السعوديين عن اعداد جيش قوامه مائة وخمسون الف مقاتل للحرب في سوريا مشترطة في ذلك قيادة امريكا لهذا التدخل العسكري لن يجلب سوى المزيد من الخيبات والخذلان لحلفاء امريكا ، اجتماع بروكسل لدول التحالف الستيني بقيادة الولايات المتحده الامريكيه وعنوانه محاربة الدوله الاسلاميه هو الاخطر منذ نشوب الازمه السوريه لان الحلف الاطلسي امام خيارين لا ثالث لهما اما فرض الحل السياسي بالقوة العسكريه ، او الاستسلام امام مستجدات تغير موازين القوى على الارض لصالح الدوله السوريه والجيش العربي السوري .

الرئيس التركي يتصرف بجنون لانه يدرك ان مخططاته تجاه سوريا تبخرت وان تركيا معرضه لخطر انهيار حكم حزب العداله والتنميه وان الرئيس التركي اردغان هدد اوروبا باغراقها بعشرات الالاف من اللاجئين السوريين اذا لم يتجاوبوا مع مطالب تركيا للتدخل المباشر في الازمه السوريه والسعوديين اكثر ارتباكا من اردغان لانهم وبحقيقة انفسهم باتوا يدركون عدم قدرتهم بتحقيق اهدافهم لاسقاط الدوله السوريه واستهداف الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد ، وان العرض الذي حمله الامير محمد بن سلمان ولي العهد ووزير الدفاع الى بروكسل لارسال قوات سعوديه خاصه الى سوريا عبر البوابه التركيه لم يجد تجاوبا من قبل حلف الناتو .

روسيا ما زالت تمسك بخيوط اللعبه العسكريه والسياسيه في سوريا وهم يكسبون الوقت لوقف اطلاق النار كشرط لانجاح محادثات جنيف المقبله بين الدوله السوريه والمعارضه ، وان الرئيس الروسي بوتن متيقن ان نجاح الحرب على الدوله الاسلاميه مرتبط باغلاق الحدود السوريه التركيه امام تدفق المجموعات المسلحه وان قطع الامدادات العسكريه عن المجموعات المسلحه يفتح الباب امام الحل السياسي .

الروس والايرانيون وحلفائهم يملكون خطه استراتجيه تستند على منع سقوط الدوله السوريه وان هناك موقف استراتيجي للتصدي لاي قوات غازيه للاراضي السوريه باعتبار انه عدوان على سيادة دوله عضو في الامم المتحده .

في ختام مفاوضات مكثفه في ميونخ بجنوب المانيا اعلنت المجموعه الدوليه لدعم سوريا عن خطة طموحة لوقف “الأعمال العدائية” في سوريا على أن يتم وقف المعارك خلال أسبوع.واتفقت القوى الكبرى خلال الاجتماع الذي حضره ممثلون عن 17 دولة وثلاث منظمات دولية، أيضا على تسريع إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدن المحاصرة في سوريا في الأيام المقبلة.

وفي مقابله حصريه مع وكالة فرانس برس أجريت الخميس مع الرئيس السوري بشار الأسد في مكتبه في دمشق، ردا على سؤال حول قدرته على استعادة الأراضي السورية كافة، “سواء كان لدينا استطاعة أو لم يكن، فهذا هدف سنعمل عليه من دون تردّد”، موضحا انه “من غير المنطقي أن نقول أن هناك جزءا سنتخلى عنه”.وأشار إلى “الحالة الحالية المتمثلة في الإمداد المستمر للإرهابيين عبر تركيا، وعبر الأردن (…) هذا يعني بشكل بديهي أن يكون زمن الحل طويلا والثمن كبيرا”.وأبدى الأسد خلال المقابلة التي أجريت قبل ساعات من توصل الدول الكبرى إلى اتفاق في ميونيخ حول “وقف للأعمال العدائية”، استعداده للتفاوض مع معارضيه و”مكافحة الإرهاب” في آن معا.وقال “نؤمن إيماناً كاملاً بالتفاوض وبالعمل السياسي منذ بداية الأزمة، ولكن أن نفاوض لا يعني أن نتوقف عن مكافحة الإرهاب”. ورأى انه “لا بد من مسارين في سوريا.. أولا التفاوض وثانيا ضرب الإرهابيين، والمسار الأول منفصل عن المسار الثاني”.

اتفاق ميونخ يعبر عن اتفاق روسي أمريكي ، فقد أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري بعد محادثات مطولة شارك في رعايتها مع نظيره الروسي سيرغي لافروف أن الدول ال17 المشاركة في لقاء ميونيخ ليل الخميس الجمعة اتفقت على “وقف للمعارك في جميع أنحاء البلاد في غضون أسبوع″.كما اتفقت المجموعة الدولية لدعم سوريا على “بدء تسريع وتوسيع ايصال المساعدات الإنسانية فورا”. وقال كيري ان ذلك “سيبدأ هذا الاسبوع أولا إلى المناطق الأكثر احتياجا، ثم إلى الذين يحتاجون إليها في البلاد وخصوصا في المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها”.لكن بالنسبة للغربيين، فان على روسيا، الجهة الداعمة الرئيسية لنظام الرئيس السوري في هجومه العسكري على الفصائل المعارضة ان تبدأ بتطبيق الاتفاق.

وقالت كريستين فيرتز المتحدثة باسم الحكومة الألمانية “الأقوال يجب أن تترجم إلى أفعال (…) وهنا المسؤولية الكبرى تقع على عاتق روسيا”.من جهته، قال وزير خارجية فرنسا جان مارك آيرولت الجمعة أن فرنسا ستحكم على الاتفاق من خلال “أفعال” كل طرف.والاتفاق لا يشمل وقف القصف على مواقع التنظيماتالتي تعتبرها الدول المشاركة في ميونخ إرهابيه مثل تنظيم الدولة الإسلامية أو جبهة النصرة.

وزير الخارجية الروسي لافروف قال “سنستمر كما التحالف بقيادة أميركية في محاربة هذه المجموعات”.

ودعا لافروف في تصريح مساء الجمعة إلى “قيام تعاون بين العسكريين على الأرض، أكان ما يتعلق بمسائل إنسانية أو أخرى مرتبطة بتطبيق وقف إطلاق النار”، في إشارة إلى الجنود الروس وقوات التحالف بقيادة أميركية.لكن وزارة الدفاع الأميركية قالت أنها لن تزيد التعاون مع روسيا أكثر من تبادل معلومات لتفادي التصادم في أجواء سوريا.

الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رحب بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في ميونيخ قائلا “أرحب بقرارات المجموعة الدولية لدعم سوريا بشأن تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، ووقف الأعمال العدائية على المستوى الوطني”.فيما أعرب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الجمعة عن اعتقاده بان بلاده يمكنها العمل مع السعودية بشان النزاع في سوريا. وقال في مؤتمر ميونيخ للأمن “نعتقد انه لا يوجد اي شيء في منطقتنا يمنع ايران والسعودية من العمل معا لتحقيق مستقبل افضل لنا جميعا”.

المواقف جميعها تؤشر على ان امريكا لن تغرق مباشرة في الصراع على سوريا وانها لن تشارك بقوات بريه على الارض .

وقد أشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، إلى أن "العملية العسكرية الروسية في سوريا تؤدي إلى تقسيم الشرق الأوسط الأميركي إذ أدرك بعض الدول ضرورة التعاون مع الكرملين بشأن الملف السوري"، لافتةً إلى أن "هذا التطور الجديد يأتي بالمزيد من المشاكل بالنسبة للدبلوماسية الأميركية التي قد واجهت العديد من المواقف المحرجة بسبب اتخاذ حلفائها الأساسيين في الشرق الأوسط مواقف مختلفة جذريا في كل مرحلة حاسمة تقريبا".

وأوضحت الصحفية أن "الغارات الروسية في شمال سوريا أضعفت قوى المعارضة المسلحة بقدر كبير، فيما يعزز الجيش السوري مواقعه"، مفيدةً أن "الدول التي أسهمت بأكبر قسط في الحرب ضد حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، ولاسيما تركيا وقطر والسعودية، تضغط على المعارضة السورية لكي لا تقدم على أي تنازلات في المفاوضات السلمية، بالتزامن مع مواصلة القتال".

ولفتت إلى أن "وزير الخارجية المصري سامح شكري قال في مقابلة صحفية يوم الاثنين الماضي إن الجانب المصري يتفهم من مناقشاته مع الجانب الروسي أن التدخل العسكري الروسي في سوريا يستهدف التنظيمات الإرهابية مضيفا أن القاهرة تدعم أي جهود دولية لاجتثاث الإرهاب في سوريا"، مشيرةً إلى أن "وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف زار الأسبوع الماضي الإمارات، حيث بحث الحملة الروسية في سوريا مع ولي عهد أبو ظبي ومسئولين إماراتيين آخرين. وفي ختام المحادثات دعا الجهتان إلى إيجاد مقاربة موحدة من أجل إنهاء الحرب في سوريا وإلحاق الهزيمة بالإرهاب".

وبشأن موقف الأردن، أفادت الصحيفة أن "عمان قد أنشأت مركزا مشتركا مع موسكو للتنسيق بشأن العمليات في سوريا"، لافتةً إلى أن "هذه التطورات الجديدة تدل على مدى خيبة الأمل التي يشعر بها بعض حلفاء واشنطن بسبب المواقف الأميركية".وأشارت إلى أن "السعودية والإمارات قد أعلنتا عن استعدادهما لإرسال قوات خاصة إلى سوريا لمساعدة العمليات الأمريكية الموجهة ضد تنظيم "داعش" الإرهابي هناك، لكنهما لم تلمحا إلى احتمال اتخاذ أي عمل أحادي بدون مشاركة واشنطن"، لافتةً إلى "تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي انتقد مؤخرا الإدارة الأمريكية بسبب دعم الأخيرة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي تتبع له وحدات حماية الشعب الكردية. وسبق لواشنطن أن أدرجت حزب العمال الكردستاني الذي يعد "المنظمة الأم" لحزب الاتحاد الديمقراطي، على قائمة التنظيمات الإرهابية لكن وحدات حماية الشعب الكردية كانت الأكثر شراسة وحزما في المعارك ضد "داعش" على أرض سوريا.

وينتقد الغربيون الروس منذ أشهر لقيامهم بضرب المجموعات المتطرفة والمعارضة المعتدلة التي يمكن أن تشارك في المفاوضات من دون تمييز، ويخشون من استمرار هذا القصف رغم اتفاق ميونيخ إذ يصنف الروس العديد من الفصائل المقاتلة بأنها “إرهابية”.وقال جوليان بارنز-داسي الخبير في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن “جبهة النصرة ناشطة في حلب وعدة مجموعات مرتبطة بها. انه ضوء اخضر أعطي للروس لمواصلة عملياتهم العسكرية والتظاهر باحترام الاتفاق”.وأكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أن روسيا “استهدفت بشكل خاص حتى الآن المجموعات المعارضة وليس تنظيم الدولة الإسلامية” ما “نسف الجهود الهادفة للتوصل إلى تسوية”.

ضمن كل مؤشرات التي تشير إلى أن هناك تنسيق روسي أمريكي بشان معالجة ألازمه السورية ضمن الموقف الروسي الذي أعلن عنه لافروف بشان المفاوضات بالقول أن هذه المفاوضات يجب أن تجرى “من دون مهل أو شروط مسبقة”.وترفض موسكو أن يكون رحيل الأسد شرطا مسبقا في حين يؤكد الغربيون أن لا حل دائما في سوريا مع بقاء الرئيس السوري في السلطة.وقال اليكسي ملاشينكو الخبير في مركز كارنيغي للدراسات في موسكو أن “جميع أطراف النزاع في سوريا وجدت نفسها في طريق مسدود. وأدرك الجميع أن الأوان قد حان لوقف المعارك”.وأضاف “دعت روسيا جميع الأطراف للجلوس إلى طاولة المفاوضات

لا شك ان الرهان السعودي التركي على امريكا هو رهان خاسر في ظل الوجود الروسي الذي غير من موازين القوى خاصة وان المنطقه تشهد اعادة تقسيم لمناطق النفوذ وان امريكا وروسيا متفقتان فيما بينهما لايجاد صيغه للحل السوري دون الاخذ بالتاثيرات والضغوط السعوديه التركيه القطريه وهي الدول الخاسره في هذا الصراع الذي تشهده المنطقه بفعل التغيرات في موازين القوى والتحالفات الدوليه الاقليميه التي تغيرت بفعل تلك التغيرات التي هي ليست في صالح التعنت السعودي والتركي وهما الخاسران لنفوذهم في المنطقه بفعل انحسار القوه الامريكيه في المنطقه والتسليم بالتغيرات العسكريه لصالح روسيا وحلفائها في سوريا.

بقلم/ علي ابوحبله