الجرائم الاسرائيلية القديمة المتجددة بحق أبناء شعبنا الفلسطيني تطل علينا من جديد ولكن لتقتل اليوم الشابة ذات السبعة عشر ربيعاً ليعود بنا بالذاكرة لجرائم الاحتلال وقطعان المستوطنين بحق الشهيد محمد الدرة وعائلة الدوابشة وغيرهم من الشهداء في مشهد يجسد النازية وارهاب الدولة المنظم ضد أبناء شعبنا الفلسطيني لكسر وتحطيم أسطورة صمود شعبنا ضد هذا القزم الإسرائيلي .
محمد عبد الحليم العويوي يطلق اسم "كلزار" على مولودته قبل سبعة عشر عاما ولم يكن يعلم أنّه يسمي شهيدة على اسم قريب من الجنّة، وهو اسم تركي يعني "حديقة الورود" قام بإغتيالها جنود الاحتلال النازي تحت ذريعة الطعن التي يلفقها الاحتلال لاي شهيد أو شهيدة دون التمييز في ذلك ، حيث تم القيام بتصفيتها يثلاث رصاصات غادرة واحدة اخترقت اليد، والثانية اخترقت العنق، والثالثة استقرت في الرئة مسببة لها نزيفا، وقد حدد الطبيب الشرعي الذي عاين جسد الشهيدة بأن سبب الوفاة نزيف رئوي حاد، وكان من الممكن إنقاذ حياتها إذا ما قدمت لها العناية الطبية في حينها لو تم إسعافها حيث منع جنود الاحتلال سيارات الإسعاف الوصول إليها بدون أي رادع إنساني بمشهد يمثل الوحشية والبربرية التي يتمتع بها هذا الإحتلال ، حيث طوقت مكان العملية ومنعت وصول أبناء شعبنا الفلسطيني إلى الفتاة لإنقاذها والحفاظ على حياتها ، فوضعت عليها غطاء بلاستيكيا أسود اللون ونقلتها حينئذ إلى جهة مجهولة، و قد استشهدت "كلزار" في شارع السهلة القريب من المسجد الإبراهيمي، وأعلن الاحتلال الإسرائيلي إصابة أحد جنوده بعملية طعن نفذتها الشهيدة بحد زعمه الباطل .
اغتيال الأطفال والأحلام
"استشهادها " اختصر آلاف المشاهد والمآسي التي سجلها الصهاينة بحق أبناء شعبنا الفلسطيني وحتى العربي ، حيث عرض بشهادتها صورة حية لطبيعة العدو الصهيوني التي نسيها أو تناساها البعض، وليكون بذلك شاهدًا ودليلاً آخر بأن هذا المغتصب يحمل السلام كما يدعي ليثبت مرراً بأنه يقتل ويفتك ويغتال الأطفال والأحلام والنساء والرجال والأحجار ش .
مسيرة شعب منتفض
يخطئ من يعتقد أن الانتفاضة التي يقودها شعبنا الفلسطيني جاءت كرد فعل على حدث أو ما يحدث داخل فلسطين وإنما هي مخزون من اليأس الذي وصل إليه شعبنا الفلسطيني نتيجة الممارسات الإرهابية الاسرائيلية بحق أبناء شعبنا الفلسطيني ونتيجة اغتصاب المقدسات ومصادرة الأراضي وغيرها كثير من ممارسات .
حيث تطور إلى عقيدة تساوي مذلة الحياة مع الاستشهاد الحر ، وهذه المعادلة وضعت إسرائيل أمام خيار العنف كوسيلة لتأمين السلامة الذاتية المنشودة باستخدام شتى أنواع الإرهاب من قتل وحرق وتشريد وتصدير الإرهاب للدول العربية ، في خطوة منها لإجبار شعبنا الفلسطيني على القبول بسياسة الأمر الواقع الذي يحاول انتزاعه بدون جدوى حيث يتحطم تحت أقدام هذا الشعب الأسطوري الذي يرفض الخنوع .
الأمن الذاتي المنشود
قوائم الاستشهاد تتسع وتطول فنحن اليوم نزف الشهيدة كلراز كباقي الشهداء والشهيدات الذين استشهدو بالأمس القريب ، ولكن أعظم ما في الموقف أن توديع الشهداء، صار يشكل مصدر خوف للاسرائيليين، مما ضاعف يأسهم بحلولهم العسكرية الارهابية التي اعتادو عليها ، وحتى مع محدودية الوصول إلى العمق الإسرائيلي وإيذائه، إلا أن حالة الاستنفار لقوى الأمن، وتعطيل العديد من المؤسسات، والشعور العام بأن ما يجري حلقات متتالية لموت متكافئ، يؤكد أن الاسرائيليين يعرفون أن فرض التعايش مع دول المنطقة بتسخير القوة ونشر الإرهاب في دولها ، بدأت تشكل هاجساً آخر، حيث أن التعامل من منطق القناعة الإسرائيلية، يعتبر انتحاراً بطيئاً، والشاهد ما يجري على الأرض، وهو عنوان لفصول جديدة تخطها دماء كلزار ومحمد الدرة، وإيمان حجو وعائلة الدوابشة وغيرهم من الشهداء.
وأخيراً إن القضية الفلسطينية هي القضية الأم و المحور الأساسي و الذي يجب أن تتجه نحوه أنظار كل العرب والعالم إليها ، لتتحرر من الاحتلال الاسرائيلي الغاشم الذي خرق كل مواثيق حقوق الانسان و معاهدات السلام ليومنا هذا فالشهيدة كلزار سطرت بدمائها الطاهرة مرحلة جديدة من الصراع الذي لن ينتهي إلا باستعادة كامل التراب الفلسطيني مهما قدمنا من تضحيات لاستعادتها من النهر إلى البحر وعودة كافة اللاجئين بالشتات .
فأنت يا أيتها الشهيدة الأبية إنك الأن بما يحمل اسمك من معنى فأنت حديقة ورود إلى النصر الفلسطيني المنشود فهنيئاً لك .
بقلم الأستاذ وسيم وني