فيما تزداد الهمزات واللمزات والاحاديث البينية والجماعية والانفرادية في داخل مركزية فتح ومن هم حول السيد عباس عن مرحلة ما بعد الرئيس ، وبعد ان فشلت كل الاطروحات وبعددة مبررات عن عدم تعيين السيد عباس نائبا له ، وفي ظل صراعات على خلافة عباس بين ما يدعون من حلف الجنوب وحلف الشمال في الضفة والرسائل الاعلامية للمتنافسين سواء لاسرائيل او غيرها من حسن النوايا تجاه الاحتلال والعملية السلمية والتنسيق الامني ومنهم من ذهب لانتقاد السيد عباس عبر تلفزيون فلسطين مدعيا حرصه على حركة فتح وشباب فتح ومستقبل فتح والنظام الداخلي لحركة فتح ، وكانهم في هذا الحين بالذات اكتشفوا المصائب والتعقيدات والترهل وغيره من الظواهر القاتلة التي اصيبت بها هذه الحركة .
ويبدو ان السيد صائب عريقات قد حسم تلك الصراعات البينية من ما اخفي ومنها ما اعلن ليصرح بان القائد الفعلي للضفة الغربية هو منسق الشؤون المدنية للاراضي المحتلة للحكومة الاسرائيلية، تصريح يحمل ما خلفه من معاني سياسية وامنية اوضحها وزير الدفاع الاسرائيلي بان وجود السلطة مرتبط بوجود التنسيق الامني ، وحقيقة ان اتفاق اوسلو والتفاهمات التي تلت ذلك تؤكد ان السلطة جانب غير مقرر في قضية التنسيق الامني بل هو الطرف الضعيف فالامر يتعلق باسرائيل والدول الراعية لاتفاق اوسلو وان اكد الرئيس بان اتفاق اوسلو لم يعد موجودا ، ولكن السيد عباس وبعض من مركزيته مازال متمسك بالبند الامني والبند الثاني في خارطة الطريق التي لم يعد لها اي اثر سياسي.
الكثير منهم يغمض عينيه عن الترتيبات الاسرائيلية التي تزحف للتطبيق على ارض الواقع في الضفة ولتنفي مستقبلا اي ايقونة سياسية وطنية على ارض الضفة وخاصة ان اسرائيل وكما تدعي تاريخيا قد حققت حلمها في يهودا والسامرى وهي اهم لديهم من تل ابيب وحيفا ويافا ، وليجاهر السيد صائب عريقات بحقيقة اخرى بان ما تبقى من ارض الغور لا يتعدى 8% بل ليصرح مسؤول المقدسات الاسلامية والمسيحية ومستشار جلالة الملك عبد الله بانها اقل من تلك النسبة .
ما زالت السلطة وحركة فتح غير قادرة على معالجة الظواهر السلبية الملزمة لها في التعامل مع الاحتلال ، بل تقف ضعيفة امام صرخة القدس التي تحاول بقدر امكانياتها لعدم تطويرها وخنقها كي لا تتلاشى بفيضان الجماهير والقوى الحاضنة لها وتنامي مقاومة الاحتلال ولتذهب في حالة هروب للامام لتزداد انضباطيتها والتزاماتها بالتنسيق الامني والتعاوم مع الاحتلال في حصار ومضايقة النشطاء وما تعجز عنه السلطة في المخيمات يترك ويسند للاحتلال وهذا ما تؤكده عملية اعتقال القائد الفتحاوي جمال ابو الليل الذي تلقى حكما اداريا 6 شهور وبعد ان اعلن في لقاء له مع كوادر فتحاوية ووطنية عزم فتح على دعم انتفاضة القدس واحياء الادبيات والتراث الحركي .
لقاءات كما ذكرت وكالات الانباء بين قيادات امنية للسلطة وقيادات اسرائيلية تبحث في كيفية استقرار الوضع في الضفة وانهاء الاثار الناجمة عن صرخة القدس ، وبجانب ذلك اكثر من ثلاث اجتماعات لحكومة الاحتلال ومجلسها الامني المصغر لبحث الاوضاع ما بعد عباس ، وكل ما يخشاه الاسرائيليون حالة الفوضى التي يمكن ان تحدث في حالة غياب عباس المفاجيء وهذا ما تعد له اسرائيل ، اما الفلسطينيون فهم ايضا قلقين من عدم ترتيب الاوضاع الوطنية وانهاء الانقسام الذي قد يوفر بيئة خصبة للاحتلال ولمشاريع تضر بالبرنامج الوطني والتصور الاستراتيجي للسلام في المنطقة ويهدد وحدة ما تبقى من ارض الوطن في غزة والضفة .
كشفت دنيا الوطن لقاء بين العالول ويؤاف مردخاي في نهاية الشهر الماضي للبحث في اوضاع صرخة القدس وتهديات تلك الصرخة لحالة الاستقرار في الضفة وهو ما يعرض مصالح السلطة واسرائيل للخطر .
لا ادري السلطة تعلم او لا تعلم عن مخططات اسرائيل القادمة التي بدت ملامحها تضح بتوسيع نشاطات الادارة المدنية، وفي كل الاحوال لا نريد ان نصحو في اليوم التالي لنرى ادارات مدنية لاقاليم في الضفة والرئيس يؤاف مردخاي وبالتالي انهاء الحلم الفلسطيني لاكثر من عقد لكيانية فلسطينية موحدة تشمل الضفة وغزة ولدولة فلسطينية ... والوضع خطير ومنطق السلطة السياسي والامني ليس في مستوى المسؤليات الوطنية ، ومرة اخرى يجب على الرئيس عباس الخروج من حالة التيبس السياسي والامني الذي يستفيد منه الاحتلال الى الخروج والذهاب للحالة الفتحاوية والوطنية والنهوض بها ووضع ترتيبات وطنية لوحدة فتح والحركة الوطنية والاسلامية ، والا قد لا يفهم وطنيا سلوك تلك السلطة ... والتي عليها اكثر من علامة استفهام؟
سميح خلف