محمد القيق .. صمود يحاكي نقل الصورة

بقلم: حسن دوحان

ان اصرار الصحفي محمد القيق على الاستمرار في اضرابه المفتوح عن الطعام منذ ما يقرب من التسعين يوماً -احتجاجاً على اعتقاله من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي ادارياً بدون محاكمة في اطار سياساتها لقمع وارهاب الصحفيين ومنعهم من نقل الحقيقة للعالم- يؤكد انه صاحب ارادة وعزيمة قوية تابي الانكسار حتى وان وصل الامر للشهادة.

ان امعان دولة الاحتلال الاسرائيلي في منع الصحفيين من حرية الحركة والتنقل لتغطية الاحداث، ومنعهم من السفر، والقيام بعمليات قرصنة وحجب لمواقع المقاومة الفلسطينية، والاعتداء على الصحفيين ومصادرة كاميراتهم وغيرها من الممارسات القمعية، واخيراً اعتقال الصحفيين دون توجيه تهم محددة لهم يؤكد اصرار تلك الدولة المارقة على قمع الحريات في فلسطين ومنع الصحفيين من نقل الصورة والحقيقة للعالم لما يتعرض له اهلنا في القدس والضفة الغربية من انتهاكات واعتداءات خطيرة تصل لمستوى جرائم الحرب.

ان صمود الصحفي المميز محمد القيق 33 عاما - الذي يعمل مراسلا لقناة المجد السعودية ويخوض اضرابه عن الطعام منذ 25 نوفمبر الماضي احتجاجا على اعتقاله الاداري- يؤكد ان الفلسطيني قادر على تحمل الالام الجوع ولكنه لن يقبل بالمطلق بالذل والاذعان لأوامر دولة الاحتلال الاسرائيلي المارقة.

ان اضراب الصحفي الاسير محمد القيق بات يشكل عنواناً للكرامة الانسانية والعربية والفلسطينية، ورغم محاولة المحكمة العليا الاسرائيلية خداع الفلسطينيين والاسير القيق بتجميد اعتقاله الاداري الا انه لا زال مصراً على المضي نحو التحرر او الاستشهاد معلناً رفضه الاذعان والاستسلام لقانون التغذية القسرية أي اطعامه بالقوة ورافضاً استقبال أي نوع من الاطعمة بالقوة الا عند تحرره بالكامل من قبضة الاحتلال.

وفي ظل صمود الاسير الصحفي القيق الاسطوري تداعت مختلف الفعاليات والهيئات الوطنية الفلسطينية للتضامن معه ومن ضمنها نقابة الصحفيين التي كان لها دور مميز في ذلك.

وفي ظل احتدام المعركة مع دولة الاحتلال يبقى الصحفيون الفلسطينيون دائماً عنوان للتصدي والمواجهة الاعلامية ونقل الحقيقة وفظائع قوات الاحتلال بحق اهلنا في فلسطين، فخلال الحروب الاسرائيلية دفع الصحفيون ارواحهم فداء لنقل الحقيقة، فقد استشهد سبعة عشر صحفياً خلال حرب عام 2014، والعشرات من الصحفيين خلال الحروب السابقة.

ان الاسير الصحفي محمد القيق يمضي على درب زملائه الصحفيين نحو الشهادة او النصر من خلال اصراره على الاستمرار في الاضراب عن الطعام لنحو ثلاثة شهور متواصلة، ان الصحفي القيق يسطر بأمعائه الخاوية عنوان للتحدي والكرامة والاصرار على الانعتاق من قبضة الاحتلال الاسرائيلي.

ولا زالت قوات الاحتلال الاسرائيلي ماضية في ارتكاب جريمة اعدام منظمة بحق الصحفي الاسير محمد القيق تستوجب من كافة الهيئات الدولية الانسانية والحقوقية الدولية محاسبة دولة الاحتلال امام المحاكم الدولية من خلال مقاضاتها في تلك المحافل.

ان الصمود الأسطوري الذي يبديه الأسير الصحفي محمد القيق من داخل مستشفى العفولة رسالة يحاكي بها نقل الصورة التي عمل على نقلها للعالم عن مجازر الاحتلال في غزة وانتهاكات الاحتلال ضد اهلنا في الضفة والقدس..

ان الصحفي القيق يوجه رسالة تحدي للجماهير العربية والفلسطينية بخط يديه بعدما فقد قدرته على الحديث بقوله " أناديكم .. أشد على أياديكم .. وأبوس الأرض تحت نعالكم .. وأقول أفديكم"..

ان رسالة الصحفي الاسير محمد القيق للعالم بان من حق شعب فلسطين الذي يعيش منذ نحو سبعين عاماً في مظلومية الاحتلال الاسرائيلي ان يقاوم وينتصر ويحرر ارضه وقدسه واقصاه..

كل التحية للأسير محمد القيق الذي سطر بصموده وجوعه اسطورة وملحمة جديدة في تاريخ نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الاسرائيلي، والتحية لعائلته الصابرة والمحتسبة والداعمة لنضاله والتي تمنعها قوات الاحتلال الاسرائيلي حتى من زيارته..

بقلم د. حسن دوحان

باحث ، واعلامي