على مر التاريخ من يتحكم بحياة البشر السياسي والطبيب
في الطب علم التشريح "التركيب والأعضاء" يقابله في علم الأحزاب والحركات "الهيكلية والأعضاء"
في الطب علم وظائف الأعضاء " الفسيولوجيا أي العمليات الكيميائية والفيزيائية الميكانيكية" ويقابلها في السياسة "النظام الداخلي"
في الطب تقوم يتناول صحة الفرد وليس المجموعات ما عدا الصحة العامة التي تهتم بصحة المجموعات والظواهر العامة على صحة الناس كمجموع
أما في السياسة فهي تقوم على شئون الناس كمجموع الشعب مثلا والجماعات المكونة له ما عدا المؤامرات داخل الاحزاب التي تقوم على أفراد أو بعض المناوئين
خطأ الطبيب في مريض واحد أو اثنين أما خطأ السياسي فهو خطأ عام يشمل المجتمع
لذلك فهم وهضم الهيكليات والنظام الداخلي بين الأطباء أفضل من فهم وإدراك السياسيين لأن خطأ الطبيب أقل كارثية على المجتمع من خطأ السياسي
في الغالب يفشل السياسيون في صحة المجموعات وهو ما يؤدي للدمار والضحايا بالآلاف والملايين ودمار المنشآت وتبديد الثروات
بينما ينجح السياسيون في الغالب في المؤامرات الداخلية الحزبية فيودون بحياة مناوئوهم أو استئصالهم أو ابعادهم من الطريق.
في الانسان يلعب الجهاز العصبي وجهاز الغدد الصماء دورا كبيرا في عملية استقبال ونقل الاشارات لتحضير وظائف الأعضاء في الجسم.
بينما في الأحزاب يفشل الحزب في غالب الأحيان في عملية تحضير ونقل الاشارات لتعبئة الأعضاء نحو الهدف.
لذلك العمل السياسي سهل ممتنع في ظاهره بسيط وفي باطنه معقد جدا لأنه يتعامل مع أعضاء مختلفين الادراك والثقافة والسلوك والبيئة النفسية لأداء الوظيفة المناطة بهم
الخلية هي التي اقتبست منها الأحزاب في تنظيم أعضائها كخلايا تبدأ في تراكيب معظم تنظيماتنا السياسية.
في الطب هناك علم يعتبر حديثا جدا هو "نظرية البيئة الداخلية للخلية" وهو التوازن المتناسق أو الاستقرار المنسق للخلية وباقي الخلايا لم يدرسه السياسيون إلى الآن في بلادنا وهو ما قد يفسر الفشل المتراكم للبناء الخاطئ في داخل أحزابنا وحركاتنا السياسية منذ البدء وعدم تمتع الأحزاب بالتوازن المتناسق الذي يؤدي لبقاء الحزب مرتبطا بشخص أو اثنين يعملان والباقي متلقي وكذلك غياب الديمقراطية داخل الأحزاب والحركات السياسية مما جلب الضرر والعبث بخارطتنا السياسية .. هكذا يبدو العمل السياسي بسيطا في الظاهر ويذهب إليه الناس ليأخذوا منه بدل العطاء ليحافظوا على المجموع والشعب وثرواته والأهم الحفاظ على الحياة.
د. طلال الشريف