إن استفحال الاحتلال الاسرائيلي على أرض فلسطين (المغتصبة) من اعتقال وتشريد وقتل متعمّد لأبناء شعبنا الفلسطيني المناضل (الاعزل ) يومياً وعلى مرأى ومسمع العالم ، فهو بحد ذاته ضرب بعرض الحائط كافة المواثيق الدولية ،أيضاً جنون اسرائيلي نازي بامتياز ،وان دل فانما يدل على تخبط حكومة نتنياهو الفاشلة والهرب من الاستحقاقات السياسية ،ليكون ذلك على حساب الدم الفلسطيني، الذي يمارس يومياً ولا حياة لمن تنادي.
والمتتبع لاستفحال اسرائيل ضد الفلسطينيين سيلاحظ انه جاء بتخبط وتزامناً مع المصالحة الوطنية الفلسطينية المنعقدة في الدوحة وليس صدفة.. لافشال الوحدة الفلسطينية.
هنا تكمن الخطورة الحقيقية اعطاء الاحتلال الاسرائيلي فرصة لتنفيذ مخططها المتواصل كتهويد القدس وتقسيمها، لذا تسعى حكومة اسرائيل بتغيير الواقع في المسجد الأقصى من خلال التذرّع بإتاحة حرّية العبادة لليهود. ومن الأهمّية بمكان أن ننظر إلى المخطط الإسرائيلي الهادف لتقسيم الأقصى، تمهيدًا لهدمه، كما جاء في نموذج مدينة القدس الذي قدمه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون عام 1996، وقد ألغى منه المسجد الأقصى قائلاً: "إسرائيل تحلم برؤية القدس وفق هذا النموذج."
والاكثر خطورة ان سياسة الاحتلال البغيض يجر شبابنا الذين هم عماد (فلسطين) الى مربع القتل المتعمد والمتواصل يومياً بدم بارد وبصورة ممنهجة ومخطط لها للقضاء على جيل باكمله خاصة الذين يتم اعدامهم بطرق وحشية.
ان سياسة اسرائيل ما هي الا سياسة هستيرية مصعورة ( قادة الجيش وحكومة ) ضد الاسىرى العزل والتصفية المقصودة لأسرانا البواسل داخل السجون الاسرائيلية والذي يمارسه السجّان من اقتحام وتنكيل وتعذيب هستيري وببشاعة دون رقيب ضد (اسرانا الابطال ) أو معاقبة دولياً كالامم المتحدة التي تنادي وتزعم بحقوق الانسان.
والفلسطينييون حقيقة تفوقوا بذكاء شديد في تحييد القوة العسكرية للجيش والأجهزة الأمنية الاسرائيلية ، فأقصى سلاح يمكن استخدامه هو المسدس، بدليل أن الفصائل الفلسطينية لسبب أو لآخر لا تزال لم تدخل على خط الانتفاضة، ولم تستطع أن تترك بصماتها عليها، فلا مشاركة لها في التخطيط، ولا تقوم بعمليات المساندة والحماية، ولا تمول المنفذين، ولا تشرف على عملياتهم، ولا تنصحهم أو توجههم، ولا تنتقي لهم أهدافاً أكثر دقة وأضمن نتيجة، بل تركتهم وحدهم يخططون وينفذون، ويجتهدون ويقررون، ولذا بإرادةٍ أو عن غير قصدٍ منهم، فقد انسحبوا من المواجهة، وسحبوا الذرائع من الجيش للفتك بهم، وتركوا المعركة قائمة بين جيشٍ مكفوف اليد وبين شعبٍ ماضٍ بأقل ما يملك وأبسط ما يستطيع أن يقاتل به.
لا شك ان اسرائيل تشعر انها تعيش اقليميا في عصرها الذهبي لان العرب مستنزفون في صراعات دموية تهدف الى تهتك الدولة العربية الوطنية وتتيح لإسرائيل فرصة ان تلعب في الساحة العربية وتمد اصابعها للعبث بالأمن القومي العربي وتصرف النظر عن القضية الاساسية في المنطقة وهي القضية الفلسطينية.
هل ترى ان التطورات الاخيرة فى مصر وانشغالها بقضاياها الداخلية قد اضعف الموقف المصري وبالتالي الموقف العربي من القضية الفلسطينية؟
لا شك ان مصر هي حجر الزاوية في الامن القومي العربي واذا انصرفت مصر عن الوضع الاقليمي لمداواة جراحها فان ذلك ينعكس على الوضع العربي وعلى قضيتهم الاساس قضية فلسطين.
علينا ان نعي تماماً ان الاحتلال قلق ومنزعج للغاية ،ويواجه خطراً حقيقياً ومأزقاً حرجاً ،وان العمليات التي يتعرض اليها كل دقيقة حقيقة تؤثر فيه وتهز كيانه ،وتضعف قوته وتشتت صّفه، وتصدع جبهته. لذا الفلسطينيون ماضون في خيارهم، ومصممون على نهجهم، فلا يوقفهم دمٌ، ولا يخيفهم قتلٌ، ولا يمنعهم عدوٌ من الإصرار على المطالبة بحقوقهم، والحفاظ على مكانتهم.
الصحفية ..غادة علي طقاطقة
فلسطين المحتلة