لا مصالحة في الدوحة والهدف اقتناص الملف من مصر وتجميده

بقلم: طلال الشريف

المتفائلون بالمصالحة ينتظرون على أحر من الجمر ولكن من هم المتفائلون ؟ إنهم أبناء الشعب الفلسطيني البسطاء الذين يرزخون تحت وطئ المعاناة المتصاعدة ولو خصصنا أكثر إنهم أبناء غزة فقط هم الذين يجرون وراء سراب المصالحة بعد أن تعقدت حياتهم ولذلك تحاول كل الأطراف صناعة أمل زائف للمضغوطين في غزة علهم يؤخرون انفجار المجتمع الغزي في وجه الجميع.

كل الأطراف تحاول صناعة الأمل السراب لأهل غزة خشية من ثورتهم فترى حماس تذهب إلى الدوحة وتتمسك بمطالبها وترى عباس يرسل وفده للدوحة ويتمسك بمواقفه وترى اسرائيل تهدد من حين لآخر بالحرب وترى أمريكا تعود لاسطوانة المفاوضات والقطريون يريدون اضطياد عصفورين بحجر فإن تم تنفيذ مطالب حماس فهي تصبح في وضع يكرس نفوذها على حماس وغزة وتقدم خدمة جليلة للإخوان المسلمين وإن لم تنجح في ابتزاز عباس فهي ستحتفظ بملف المصالحة لوقت طويل آخر بحجة المحاولة لإنجاز المصالحة وتبهيت الدور المصري رغم فهم المصريين لتعقيدات ملف المصالحة وحالة الاشتباك المتواصلة في سيناء ولذلك يتمنى البسطاء من شعبنا أن تنجح الجهود في الدوحة للوصول لمصالحة ولكن هذا غير كاف للتفاؤل كما ذكرنا فقضية غزة هي قضية الكون وتكاد تكون قد حلت محل القضية الأم حيث صراعات الأطراف في القضية الأم هي من يعقد قضية غزة ومصالحتها.

لو توسعنا قليلا لابد من الدخول في العمق الحيثياتي للأطراف فاللاعب الأول والأقوى في بلدنا هو الطرف الاسرائيلي وهنا نتساءل ما هي الفائدة التي ستجنيها اسرائيل من المصالحة بين الفلسطينيين؟ فوضع الانقسام هو الوضع الأفضل لاسرائيل ولذلك ستحافظ اسرائيل على الانقسام حتى تضمن مصالحها في حال تمت المصالحة وما هي مصالح اسرائيل كما يقولون هي أولا ضمان عدم قيام دولة فلسطينية وأكبر ضامن لعدم قيام دولة فلسطين هو هذا الانقسام وثانيا ضمان وقف صرخة أو انتفاضة القدس وهنا يبرز سؤال يبدو أن اسرائيل تيقنت من عدم مقدرة حماس وعباس على وقف الانتفاضة فمن القادر على وقف الانتفاضة ؟ لو أيقنت اسرائيل بأنهم أيا من الطرفين يستطيع وقف الانتفاضة لقلنا بأن اسرائيل قد تدفع في اتجاه المصالة وتوضيح ذلك ببساطة أن اسرائيل لم تكتشف خلال تحقيقاتها مع منفذي العمليات الذين تعتقلهم من ينتمي لهذين الحزبين المتنافسين على السلطة أو أنهم وراء الانتفاضة.

الشيء المهم الآخر ما هو التغير الذي حدث في مواقف المنقسمين لبعث الأمل بموضوعية لنجاح مصالحة الدوحة الصورية ؟ لا شيء لم يتغير شيء لا المواقف ولا المناكفات ولا خدمة الجمهور بل بالعكس زادت معاناة الجمهور من الطرفين أكثر.

والشيء المهم الآخر هو أن مشكلة غزة كما قلنا هي أصبحت مشكلة فلسطين مصغرة وثاني أكبر اللاعبين فيها هي الولايات المتحدة الأميريكية وهي مشغولة حتى الانتخابات في نهاية هذا العام ولن تنشغل في البحث في حلول لا تهمها كثيرا ناهيك عن طغيان الواقع الاسلامي العربي المشتبك لكسب مواقع استراتيجية في حروب مفتوحة في سوريا واليمن وليبيا والعراق.

إذا السؤال كيف يكون التفاؤل بالمصالحة في الدوحة؟ فالواقع يقول هي لعبة تسجيل نقاط أو احتلال مواقع استراتيجية بالمعنى الجغرافي والمعنى السياسي أو الجيوبوليتكا وهذا بارز بوضوح في صراع قطر على ملف المصالحة الفلسطينية مع جمهورية مصر العربية الأولى والأقدر على ادارة هذا الملف لأسباب يعرفها الجميع وأبسطها أن مصالحة قطر لو حدثت ولو هنا إنكارية تماما فمن سيضمن أن نرى تنفيذا حقيقيا لمتطلبات شعب غزة على الأرض وهل سنحتاج لسوات أخرى للبحث والتباحث على اتفاق مع الاخوة المصريين لتمرير حلول قطرية في موقع جغرافي له بعد وأمن استراتيجي مصري في غزة وتسجل مصر نقطة خسارة في مرماها للطرف القطري المناوئ لها .. خلي المجنون يقول والعاقل يسمع ولذلك أعيدوا ملف المصالحة إلى مصر فقد ننتظر تفاؤلا أقرب للواقع مع الجيران والإخوة في مصر.

بقلم/ د. طلال الشريف