حين يهبط مستوى الوعي التنظيمي ، وينحصر تطبيق النظام على الضعفاء، وينعدم احترام العقول والمفكرين، ويرتدي العضو المسئول القفازات الناعمة في وقت الغنائم، ويَحجِم العضو عن ممارسة دوره ومهامه وممارسة النقد في مستوياته المختلفة وفي داخل الأطر، ويُحجَّم العضو ممارس النقد، ويعادى ويُبعد عن ومن مهامه، وتُسرد الأكاذيب وكأنها حقائق مُطلقة، هذا هو المعنى الأقرب لمفهوم التهميش الفاسد، وضياع المصداقية، ويطفو على السطح التغول على الصادقين والملتزمين، وهنا تنفجر صور التفرد والأنانية وضياع الانضباط والصواب وبالتالي الوصول الى الترهل والعزوف عن العمل والمبادرة، مما يقود ذلك الى الترهل العام.
وحين يكون هذا الشخص مسؤول على خلية او شعبة او منطقة او اقليم او هيئة او لجنة او أي من مكونات النظام "التنظيم"، عليه أن ينظر لذلك على أنه أمانة يُسأل عنها، ومستوى يستحق المثابرة والجدية والعدالة، كي لا يصبح انتزاع الحقوق عملا صعبا و متعبا، ويحدث التهميش الذاتي الذي يؤدي الى التفسخ والانفلاش والفوضى.
ان المعنى الحقيقي للتهميش هو الاضطهاد والظلم والتمييز السلبي، بالتالي يعتبر التهميش في أي من مستوياته المختلفة نقطة سوداء ومنعطف خطير في أي تنظيم، وهو إلغاء لمبدأ التراتبية والأطر والمبادرة والقيادة والنقد والرأي الآخر وحق التعبير.
التهميش في الأطر التنظيمية هو ممارسة الهيمنة الانفلاشية، وفرض الأوامر والتعدي على حقوق الأعضاء، وهذا معاكس لـِ الاستقطاب والتحفيز وممارسة القيادة، وفي بيئة التهميش يعيش العضو في عزلة واغتراب حتى يتحول مع الوقت الى عضو مُهمِل "غير مبالي" ومُهمَل "بلا مهام" ، فإن لم يأت له الإنصاف ينعزل ذاتيا، ويتحول الإطار الى غربة، وهذا الاغتراب التنظيمي تنعكس آثاره في كل المجالات العملية والتثقيفية، فالتهميش أزمة يجب أن تكتشف مبكراً وتعالج بأسس سليمة وناجعة وألا تتحول الى اختلاف فكري تراكمي، أو فعل سلوكي مرفوض.
بقلم د.مازن صافي