في البداية احي واهنئ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وحزب الشعب الفلسطيني بمناسبة انطلاقة الجبهة واعادة تأسيس حزب الشعب ، الفصيلين اللذان كانا لهم الى جانب فصائل الثورة الفلسطينية تاريخ مشرق ، فهم قدموا التضحيات من الفرسان روت دمائهم الحمراء لتحيا فلسطين ، ولم يبخلا بتقديم قادتهما شهداء ، حيث تأتي هذه المناسبات في ظل وضع فلسطيني مترقب للعديد من السيناريوهات ، تتأرجح بين تحقيق حلم المصالحة وانهاء الانقسام ، مع استمرار انتفاضة عمالقة يقودها شباب فلسطين ، وهرولة البعض الى العودة لمسار مفاوضات عقيمة ، نعم نحن امام مشهد جديد من مد وجزر مختلف الأبعاد والاتجاهات .
عام بعد عام تحتشد الذاكرة وتزدحم بتاريخ طويل سطره الرفاق في الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب الفلسطيني بعرق مناضليهم ودماء شهدائها الأبرار ، حيث شكلان تاريخ من المجد والبطولات ، حيث مدّوا جسومهم جسوراً للحرية والاستقلال ، حتى تكون أداة فعلنا بمستوى تضحيات شعبنا الفلسطيني وأسراه وجرحاه ومناضليه .
ونحن امام مناسبتان مجيدتان ، مطروح ان نطرح العديد من التساؤلات الوطنية المحتم وجوبًا أن تجيب عليهم فصائل العمل الوطني الفلسطيني ، وأهمها كيف تواصل المسيرة وتستعيد بريقها النضالي والكفاحي في ظل انتفاضة القدس، وتستعيد دورها عبر البندقية المقاتلة والفكر السياسي الثوري ، وتعيد الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني دون اي مراهنة على مفاوضات عبثية اوصلت الشعب الفلسطيني الى قناعة كاملة بأن لا خيار امامه الا العودة الى مسار النضال وخوض معركة الحرية والاستقلال والعودة.
البعض من يراهن على استمرار التنسيق الامني والعودة الى مسار المفاوضات يخطئ لانه هناك جيل اتى بانتفاضة عظيمة مجبولة بدماء الشهداء يكرّس حياته للعمل الدؤوب والمتواصل من أجل القضية الفلسطينية ، يعارض كل الاتفاقيات ، إيماناً منه أن هذه الاتفاقيات لم تلب الحد الأدنى من طموحات الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة فوق تراب فلسطين وعودة اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها .
ان جيل الانتفاضة اليوم يعشق الشهادة كما يعشق الثورة حيث يستمر في تأدية هذا الدور، لانه ملتزم بمبادئه ولا يحيد عنها قيد أنملة، لأن هؤلاء المناضلون من شابات وشباب الانتفاضة هم موجودين في كل مكان على الأرض الفلسطينية، ومنهم طلاب الجامعات ، والعمال والفلاحون ، وفقراء شعبنا يحملون رايات الفداء والصمود والتحدي ويؤكدون لشعبهم انهم لا نعدكم بالأحلام الوردية ، ولكن بمزيد من القتال ، من الصمود ، من التعبئة السياسية ، لان مشوار النضال طويل وقاسي ومرير ، لذلك نقول ان هؤلاء الشباب هم أصحاب الفعل الحقيقي في المواجهة مع الاحتلال وقطعان مستوطنيه هذه ليست بالمعركة السهلة أو السريعة ولكنها معركة مصير ووجود تحتاج إلى نفس طويل وقدرة على الإستمرار والصمود ، فهي انتفاضة تحمل شعار نموت ولا نهاجر عن ارضنا .
ومن موقع تقديرنا لدور الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وحزب الشعب الفلسطيني ولفصائل العمل الوطني الفلسطيني ، نؤكد لم تعد المرحلة تحتمل ترف التنظير أو الاتكاء علي الخطاب التقليدي السابق من دون أخذ المتغيرات العاصفة بل والمذهلة التي طرأت علي القضية الفلسطينية وعلي النظام العربي بشكل عام وعلي موازين القوي التي ما زالت ماثلة بقوة لصالح "اسرائيل" ولا يبدو في الافق العربي الراهن ان هناك محاولة جادة حقيقية ذات رؤي ورؤيا قومية لدعم صمود الشعب الفلسطيني ونضاله المستمر .
إن التحدي الذي يواجهه الشعب الفلسطيني هو العدوان الإسرائيلي الفاشي، والذي هو جريمة حرب موصوفة، وما يجب عمله هو التوحد لمواجهة العدو ، وتوفير الحماية الدولية المؤقتة للشعب الفلسطيني في غزة والضفة والقدس، فالأولوية الفلسطينية اليوم هو دعم انتفاضة القدس ، وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية في إطار م.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، حيث لا يُعقل ان تتحول القيادات والمؤسسات الفلسطينية الى برلمان بيزنطة، تناقش جنس الملائكة في الوقت الذي تسقط فيه القسطنطينية، مما يستدعي صون وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة القضية ووحدة التمثيل السياسي التي باتت اليوم قضية يجب ان تحظى بكل المسؤولية والاهتمام من جميع الفلسطينيين، لان تغليب المصالح الفئوية والحسابات الشخصية لهذا الفصيل أو ذاك، لهذا القائد أو ذاك، فلم يسجل التاريخ ان شعبا منقسما على نفسه يتمكن شبابه من القيام بانتفاضة عمالقة والاستمرار في الصمود ، وهذا خير دليل على ارادة الشعب الفلسطيني، فبالوحدة الصلبة المستندة للبرنامج السياسي الوطني هو الاساس لصون إنجازات وتعظيم جميع القوى نحو تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني الوطنية.
امام هذه الظروف نرى ان على القوى اليسارية والديموقراطية الفلسطينية العمل بشكل اساسي وفعال في قيادة نضال الشعب الفلسطيني ، لأن هذه القوى قدمت تضحيات كبيرة في خضم نضالها الدؤوب لتحقيق اهداف شعبنا, وهي قادرة على الاستجابة لاستحقاقات المرحلة الجديدة ،فإن المسؤولية التاريخية تلح عليها بالكف عن هدر تاريخها، والخروج فورا وبلا تلكؤ إلى حيز الحوار مع الشمس الحارقة، حتى تستمر في مسيرة النضال حتى تحرير الأرض والانسان.
ختاما: في ذكرى انطلاقة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين السابعة والاربعين والذكرى الرابعة والثلاثين لأعادة تاسيس حزب الشعب الفلسطيني نبرق بالتهاني ونؤكد على مسيرة النضال ونحيي الاسرى الأبطال الثائرين خلف القضبان وفي مقدمتهم الصحفي الاسير محمد القيق ، ونوجه التحية لكل أحرار العالم الصامدون في وجه المشروع الصهيوأمريكي الذي يهدف إلى الانقضاض على العالم وإحكام السيطرة عليه وتسخير طاقاته وثرواته لتحقيق مصالحهم وأهدافهم .
بقلم/ عباس الجمعة