حينما نذكر في كتاباتنا مصطلح المصالحة الفلسطينية الفلسطينية ، ينتابنا موجة عارمة من السخرية والاستهزاء لما ألت إليه أوضاع البيت الفلسطيني من تصدعات أخلت به ، وعندما نسمع ونشاهد عبر وكالات الأنباء المحلية عن المصالحة لتعود بي الذاكرة إلى أيام الطفولة، حينما كنا نتشاجر مع أبناء الجيران دوما ،ثم نعود للمصالحة مرة أخرى وهكذا.... فيلم كوميدي تمثيله استمر سنوات عدة وننتظر الإخراج
لا أريد أن أذكر مصطلح قادة لأن زمن القيادات ولى من بعد استشهاد ياسر عرفات، سأستبدله بمصطلح ساسة .. عودنا الساسة على المضي بجولة حوارات كل عامين في مدينة عربية من اتفاق مكة لاتفاق القاهرة إلى اتفاق الشاطئ ومن ثم الدوحة.
بعد مرور أكثر من تسع سنوات على الانقسام ماذا بعد ؟
أسئلة كثيرة نوجهها لضيوف الدوحة .
ما هي المكاسب والإنجازات التي اكتسبتموها بعد تسع أعوام من الانقسام ؟ *
ماذا تبقى لكم في شعب أنهكته الخلافات السياسية ؟ *
ماذا أعددتم بعد 9 سنوات لعمال غزة ومرضى غزة وموظفون وخريجي غزة وكهرباء غزة ؟؟ *
* هل حافظتم على أمانة الياسر وشعب الياسر ؟
* ماذا ستردون على الله بعد وفاة مئات المرضى جراء الحصار ؟
* ما هى البرامج والخطط المعدة لمعالجة أثار ثلاث حروب شرسة تعرض لها أهل غزة ؟
إلى متى الانقسام الفلسطيني الفلسطيني؟
نحن الآن على أعتاب طبخة جديدة بطعم لم نذقه بعد ، يعدها المطبخ السياسي الفلسطيني في قطر، ومن الواضح أن العمل في المطابخ السياسية الفلسطينية شاق وصعب ومن المعيب القول اللهم ارزقنا بمطبخ كمطبخ غولدا مائير، ذلك المطبخ الذي استطاع أن يحمل مميزات سياسية قوية ، مبنية على اتفاق وقرارات حاسمة ما على مجلس الوزراء في الحكومة سوى اقرراها ،
لذلك نطالب الساسة في المطبخ السياسي الفلسطيني باتخاذ قرارات حاسمة وقوية، لإنهاء الانقسام الفلسطيني، والنظر لشعب غزة بعين من الرحمة. يجب طي هذه الصفحة التي بدأت بتاريخ 14/6/ 2007مما أدى إلى اشتداد الحصار بعد إعلان اسرائيل قطاع غزة كيان معادي واعلنت الغاء الكود الجمركي لقطاع غزة، وبالتالى اشتداد الوضع سوءاً ، وأصبح على ما نراه اليوم من اغلاق تام للمعابر .وحرمان الفلسطينين من التنقل والحركة والسفر . ووفاة ألاف المرضى نتيجة الحصار واغلاق المعابر ناهيك عن حرمان الطلاب الفلسطينين من التعليم والالتحاق بمقاعدهم الدراسية،اضافة لذلك حرمان الاف الموظفين الذين فقدوا فرص العمل بالخارج .
غزة معاناة لا تنتهي :ـ
يبلغ عدد سكان قطاع غزة المحاصر 1,957000مواطنفي خمس محافظات منهم 40% يقعون تحت خط الفقر ، في حين أشارت تقارير بأن 6 من كل 10 عائلات تعاني من إنعدام الأمن الغذائي ،ووصلت معدلات البطالة الى 43 % وهى النسبة الأعلى في العالم .غزة لا تعاني فقط من أزمة غذاء ودواء وإنما أزمة كرامة انسانية ، حتى أن قدرة الناس على التكيف مع حالة الحصار تتآكل مع مرور الوقت ، ناهيك عن الضغط النفسي الزائد الذي يحيا المواطن الغزي، ويؤدي الى ارتفاع ضغط الدم وانتشار مرض السكري وامراض القلب والجلطات وتفشى السرطان ، بالاضافة الى ازمة الدواء القائمة منذ فرض الحصار ، مما تسبب في استشهاد مئات المرضى ومما زاد الطين بلة تعرضت غزة لثلاث حروب شرسة خلال خمسة اعوام ، حرب حدثت في عام 2008 استمرت 22 يوماً ، استشهد فيها 1417 فلسطينيا ً وإصابة 4336 جريح، حرب واستشهد 155 شهيد ومئات الجرحى ، حرب2014 واستشهد فيها 2174 شهيد و10870 جريح وتدمير 17 الف منزل وتدمير العديد من المساجد والمستشفيات والمدارس والجامعات .
إضافة الى ذلك ازمة الكهرباء التى ما زال شعبنا يعانى من ويلات انقطاعها ، حيث ينتج محليا 40% من كهرباء غزة بإستعمال الوقود المستورد عن طريق المعابر الإسرائيلية و50% مباشرة من شبكة الكهرباء الإسرائيلية و10% عن طريق الشبكة المصرية ،هذا يعني أن 90% من الكهرباء هى تحت رحمة اسرائيل، وهو ما يؤدي الى توقف توزيع الكهرباء ما بين 8 ــ 12ساعة يوميا.
أما عن اوضاع العمال داخل قطاع غزة، بعد تسع سنوات من الحصار صعبة ومؤلمة ،فنحن نتحدث عن 2013عامل عاطل عن العمل وهذه احصائيات مرعبة لم تمر على غزة من قبل اما عن سكان الكرافانات فحدث ولا حرج مئات العائلات الغزية تقطن في كرافانات لا تصلح للسكن بعد تدمير منازلهم جراء العدوان الإسرائيلي على غزة ،اما عن ظاهرة الانتحار في غزة فبلغت حالات الانتحار في عام 2015خمس حالات مسجلة ناهيك عن الحالات الغير مسجلة رسمياً لدواعي اجتماعية ،أمافي 2014سجلت12حالة انتحار في غزة وفي 2013 سجلت 15 حالة انتحار بين الشباب الغزيين أما عن بداية عام 2016 سجلت العديد من حالات الانتحار.اضافة الى ذلك هناك اعداد لا باس بها من شبابنا تتجه هربا مخترقةً السياج الى اسرائيل،
وقد افادت إحصائيات صادرة عن المباحث الطبية في القطاع أن نحو350محاولة انتحار فشلت في غزة في عام 2014 أى بمعدل محاولة انتحار واحدة يوميا، فالانتحار أصبح وسيلة للخلاص ،وهذا مؤشر خطير نتيجة الظروف الضاغطة والقاهرة التى يتعرض لها شباب غزة،اما عن الخريجين منذ 2007 حتى ـ2016 في غزة ما يعادل 65 الف خريج لا عمل لهم ،عن أى ازمة نتحدث وعن اى مشكلة هكذا أصبح شعب الجبارين الشعب الذى تحدى اسرائيل معلنا الانتفاضة فى1987 ومرة اخرى في عام2000متحدياً اقوى ترسانة عسكرية في الشرق الاوسط رحمك اله يا فارس عودة، اصبح شعبنا الان شعب منكسر كان الله في عونه ، ماذا بعد وما ننتظر وماذا تبقى منا ..... لك الله يا غزة ففي ظل انشغال رجال السياسة والمسئولين عن الصراعات يبقى شعب غزة بانتظار رحمه وعدالة السماء التي لا تظلم احد ، ما يثير دهشتى أن بعض الساسة ينشرون الاخبار المتعلقة بالوضع الغزى وبنهاية الخبر يعلق بالدعاء حسبنا الله ونعم الوكيل هذه الظاهرة دليل واضح على قمة العجز والتهرب من المسؤلية،لا يكفي الدعاء والدعاء على من على المواطن ام على الراعي ،القيادة الفلسطينية في اضعف حالاتها لا تسطيع فعل شئ الا التضرع الى الله ، اليس هذا من سخريات الزمن الذي أفقدنا كل شئ رحمك الله يا عمر لو تعثرت دابة في العراق لخشيت ان يسأل عنها عمر رحم الله قادتنا اما اليوم لو تعثرنا جميعا وحرقنا انفسنا وقتلنا أطفالنا لما سئلوا عنا جميعا.
يا ضيوف الدوحة لا تدفنوا حلم الياسر والياسين لولا دماء الشهداء الذين سقطوا على تراب فلسطين لما اصبحتم وزراء وساسة وقادة تتجولون في البلدان العربية والغربية ، حان الان موعدنا للمطالبة بحقوقنا وحقوق ابنائنا منكم ،حان الان الالتفات لشعبكم والعودة الى الله مبشريين شعبكم ورمز عزتكم بالوحدة شاشات التلفاز سئمت من صوركم وشماعة الاحتلال سقطت من إلصاقكم بها فشل كل جولة حوار ،نطالب ساستنا في الدوحة أن يكونوا صريحين مع الجماهير لأن امتناعهم عن قول الحقيقة إنما يعنى شكلا من أشكال احتقار هذه الجماهير،يا ساستنا الوطن واحد والعلم واحد والقضية واحدة أذن لماذا الاختلاف أما حان لكم أن ترتقوا وتكفوا عن صراعاتكم أما حان لكم ان تتوحدوا ،فهذه الفرصة الأخيرة للحفاظ على ما تبقى منا ومن أحلامنا ، أما أن الأوان أن تجتمعوا على كلمة سواء من اجل فلسطين ومن أجل القدس ومن اجل غزة.
بقلم : أ. غادة عايش خضر