معالجة التهميش التنظيمي 6/6 "التواضع التنظيمي"

بقلم: مازن صافي

مقدمة /

في الحلقة الأخيرة من حلقات معالجة التهميش التنظيمي، أود أن أتقدم بالشكر الجزيل للمفكر الفلسطيني عضو المجلس الثوري لحركة فتح الأخ الكبير بكر أبوبكر، لإهتمامه المستمر بإن تخرج هذه الحلقات بالصورة التي تم نشرها، وللحقيقة فإن الفكرة الأساس جاءت من خلال فكرته في حلقاته التي نشرت والتي تدور حول التهميش التنظيمي أيضا، وقد قمت بنشر الخمس حلقات الأولى من هذه المعالجات بحيث كانت الحلقة الأولى بعنوان  " التناقض التنظيمي"، وجاء فيها " المضاد الحقيقي للتهميش هو توزيع المهام، حيث ينص النظام الأساسي لحركة فتح على أن لكل عضو مهمة وأن الإطار هو المعنى الحقيقي للعمل التنظيمي"، و الحلقة الثانية كانت بعنوان "تلاقي الأجيال" ، وجاء فيها " التنظيم بمثابة "جسم الانسان" يمشي على قدمين، ليصل الى أهدافه، ويتحرك الى الأمام والخلف ويمينا ويسارا، وكل قدم ترتبط بحركة القدم الأخرى، ودونها يصبح الجسم عاجزا عن الحركة " أما الحلقة الثالثة فكانت بعنوان  "الإغتراب التنظيمي"، وجاء فيها " ان المعنى الحقيقي للتهميش هو الاضطهاد والظلم والتمييز السلبي، بالتالي يعتبر التهميش في أي من مستوياته المختلفة نقطة سوداء ومنعطف خطير في أي تنظيم، وهو إلغاء لمبدأ التراتبية والأطر والمبادرة والقيادة والنقد والرأي الآخر وحق التعبير" والحلقة الرابعة نشرناها بعنوان "الوعي التنظيمي"، وجاء فيها " إن أهم علاج للتهميش هو الوعي التنظيمي وتطبيق النظام وحماية العضوية ورفض القمع الفكري وحرية النقد، وهكذا ينجح التنظيم ويتراجع الانفلاش والتفشيل والاستزلام والضعف وتوثق العلاقة مع البيئة الخارجية " وفي الحلقة الخامسة والتي كانت بعنوان "العمل الجماعي"، فقد سجلت رأي فيها بالقول " على القوى القيادية أن تمنع وجود "التهميش"، وعليها أن تقوم بنقل المعلومات الى الأعضاء في المستويات المختلفة والمترابطة، وتشجيع المتميزين على طرح أفكارهم، وتشجيع الجميع للمشاركة في التثقيف الحركي" . واليوم أنشر الحلقة الأخيرة بعنوان "التواضع التنظيمي"وبذلك أتمنى أن تعم الفائدة للجميع.

معالجة التهميش التنظيمي "التواضع التنظيمي"

 في مجال الحديث عن معالجات التهميش التنظيمي، وفي ظل قناعتنا أن ما يصيب التنظيم يصيب الجميع بالوهن، فإننا نؤكد أن أحد أسباب الضعف التنظيمي وترهله وعزوف الجماهير عنه، هو وجود أشخاص يمنعون وصول صوت الناس الى صاحب القرار والمسؤول في أي من الأطر التنظيمية في كافة المستويات "بطانة التهميش".

وحين يصبح صاحب القرار منفصلا عن الواقع ولا يعرف ماذا يجري داخل الأطر أو مع الأعضاء "خارج الهيكل التنظيمي"، ولا يشعر بنبض الجماهير، يصبح منغلقاً في دائرة ضيقة بعيدا عن الواقع ولا يقدر على تقدير الأمور واتخاذ القرارات السليمة والتي تصب في الاستنهاض والتنمية التنظيمية.

إن أهم وسائل وأدوات علاج التهميش التنظيمي، هو الاستماع لهموم الأعضاء، وعدم منع أحد من الوصول ليتقدم برأيه أو مقترحاته وشكواه، وبل يجب تشجيع مبادراته، وهذا يسمى "التواضع التنظيمي"، وهو أهم أسس بناء الثقة والتنمية، والاستنهاض.

إن التواضع يعني الاعتراف للآخرين بالقدرة على الانجاز، وتوظيف وتهيئة البيئة السليمة للإبداع، وقبول النقد والمعارضة الايجابية ووجهات النظر المختلفة، وطرح الحلول والبدائل والمعيقات، ووصولا إلى تنفيذ القرارات وفق المنهجية التنظيمية.
 ومن هنا نقول أن صناعة مساحات تنظيمية للأعضاء ليتنفسوا فيها ويمارسوا أدوارهم ويؤدوا مهامهم، تعتبر أنسب الأمور للدخول في صلب الرؤية، وصمام أمان أمام كل المخاطر التي تسبب الإحباط والترهل والعمل المنفرد، وتعتبر علامات مرضية في الجسم التنظيمي .

بقلم د.مازن صافي