هذا أبو بكر الصديق يخاطب الناس عامة ويخاطب عمر بن الخطاب خاصة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينا لهم حقيقة الإيمان بوحدانية الله تعالى :
ألا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ،
وَقَالَ: { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ } [الزمر: 30]،
وَقَالَ: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ } [آل عمران: 144]،
فما بالنا اليوم نجد البعض من المسلمين يشركون بالله شركا ظاهرا فيجعلون أناسا أدنى مراتب من رسول الله في مكانة عملية تفوق مكانة الله وقدرته والعياذ بالله، اعتقادا منهم بأنهم يعملون بقوله تعالى ( فليعبدوا رب هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) ، مفسرين بأن الرب هنا ليس هو الله الخالق كل شيء، وإنما هو الحاكم الذي يمنح الناس طعامهم ويحافظ على حياتهم ، متناسين أن الله تعالى قد قدر لكل إنسان رزقه في هذه الدنيا، وأنه لا أحد مهما كان شأنه يمنح الآخرين رزقهم أو يقطعه عنهم ، وأنه لا أحد يمنع الموت عن أحد.
ومن المؤسف حقا أن لا نرى هذا عند غير المسلمين ، هؤلاء الذين لا يؤمنون بوحدانية الله ، حيث لا يقدس هؤلاء حكامهم لأنهم يؤمنون ايمانا مطلقا بأن الحاكم هو من جنس البشر، ولا فضل له عليهم إلا أن يحكم بما اتفقوا عليه جميعا، فهو ليس معصوما عن الخطأ ما دام يعمل وفق فهمه للمعطيات التي تحيط به، وهو محاسب أمام القضاء عندما يرتكب الخطأ الجسيم الذي يضر بالعباد والبلاد.
فمتى يصحو المسلمون من سباتهم العقلي والفكري ويدركون إدراكا يقينيا أنه لا عبودية لغير الله تعالى، وإلا فالأنبياء والرسل أحق بالعبادة، لكن محمدا قد مات، ومن يمت لا يعبد.
2016/3/4. صلاح صبحية