حصانة النائب قضية شعب

بقلم: عدنان الصباح

 

الحصانة البرلمانية ليست منحة من احد بل هي ارادة شعبية يمنحها الشعب لممثليه حتى يتمكنوا من القيام بواجبهم تجاه قضاياه بدون أي موانع او تهديدات ولكي لا يخضعوا لأية ضغوط او ابتزاز او تخويف فالأساس في نواب الشعب انهم السلطة الاعلى في أي بلد وانهم اصحاب حق التشريع والمراقبة فلا سلطة اذن فوق سلطتهم أيا كانت صفاتهم ولا يجوز نزع الحصانة عن نائب الشعب الا بواسطة القضاء ولأسباب تتعلق بأدائه الشخصي وخروجه شخصيا عن القانون وفيما عدا ذلك فان الحصانة البرلمانية هي اهم الضمانات لتسهيل قيام النائب بواجباته تجاه مهمته الموكلة اليه من قبل الشعب والمقصود بالحصانة هنا هو منع السلطة التنفيذية من قدرتها على لجم النائب او منعه من القيام بواجبه ومسائلتها على ادائها واليات تنفيذها للقوانين والتشريعات الصادرة عن المجلس التشريعي وهو مقابل البرلمان او مجلس الشعب في سائر بلدان العالم.
ينص البند الاول من المادة 53 من القانون الاساسي الفلسطيني على ما يلي: " لا تجوز مساءلة أعضاء المجلس التشريعي جزائياً أو مدنياً بسبب الآراء التي يبدونها، أو الوقائع التي يوردونها، أو لتصويتهم على نحو معين في جلسات المجلس التشريعي أو في أعمال اللجان، أو لأي عمل يقومون به خارج المجلس التشريعي من أجل تمكينهم من أداء مهامهم النيابية." وبالتالي فانه لا يجوز مسائلة اعضاء المجلس عن أي عمل او افكار او معلومات او مسائلات بقدمونها او يقومون بها في اطار عملهم كممثلين للشعب وتعتبر من ضمن مهامهم مسائلة اعضاء السلطة التنفيذية بكل المستويات بما فيهم الرئيس.
وينص القانون الاساسي الفلسطيني على " عدم جواز اتخاذ أية إجراءات جنائية ضد أعضاء المجلس التشريعي في غير حالة التلبس بجناية، بحيث يتم حينها تبليغ المجلس التشريعي بالواقعة ليتخذ الإجراءات المناسبة." ومع ذلك فان المجلس وحده صاحب الحق برفع الحصانة عن احد اعضائه ولا احد عداهم وبذا فان توقيف النائب او مسائلته غير جائزة اصلا الا بعد ان يتم عرض الامر على المجلس التشريعي لاتخاذ القرار المناسب بهذا الشأن ومن ضمنه رفع الحصانة عن النائب تمهيدا لمسائلته وكل ذلك شريطة ضبطه متلبسا بجناية ولا تجوز الشبهة بهذه الحالة ولا باي حال من الاحوال.
كما وينص البند 5 من المادة 53 على ما يلي " لا تجوز مساءلة أعضاء المجلس التشريعي جزائياً أو مدنياً بسبب الآراء التي يبدونها، أو الوقائع التي يوردونها، أو لتصويتهم على نحو معين في جلسات المجلس التشريعي أو في أعمال اللجان، أو لأي عمل يقومون به خارج المجلس التشريعي من أجل تمكينهم من أداء مهامهم النيابية." بمعنى ان الحصانة فيما يخص اداءه كنائب مضمونة له مدى الحياة وهذا يدلل على اهمية الحصانة لأعمال المهمة لا للشخص فقط.
اليوم تعيش بلادنا حالة النائب الدكتورة نجاة ابو بكر التي تتحص في المجلس التشريعي منذ ايام منعا لاعتقالها او استجوابها من قبل النائب العام فيما يخص ما قدمته من مسائلات لاحد الوزراء وفي هذا الشأن فان القانون الاساسي واضح فيما يخص حصانة النائب عن ذلك اذ ينص بشكل واضح على ما يلي " لا يجوز مطالبة عضو المجلس التشريعي بالإدلاء بشهـادة عن أمر يتعلق بأفعاله أو أقواله أو عن معلومات حصل عليها بحكم عضويته في المجـلس التشريعي أثناء العضوية أو بعد انتهائها إلا برضائه وبموافقة المجلس المسبقة." بمعنى ان ما قدمته او قالته النائب ابو بكر بخصوص الوزير المعني يأتي ضمن حقها بالمسائلة والحصول على معلومات تساعدها في اداء مهمتها وهو ما حصل فعلا ولم يحدد القانون في نصوصه اهمية صحة او عدم صحة تلك المعلومات فالأمر بهذا الشأن متروك للقضاء ليسأل من يجب مسائلته ويبريء او يدين دون ان ينتقص ثبات الادانة او البراءة من حق النائب في متابعة ادائه ذلك ما دام القصد مهام النائب في المسائلة والمراقبة بعد مهمته الاساس وهي التشريع.
ان ما تتعرض له النائب ابو بكر هو تعدي صارخ على القانون الاساسي الفلسطيني ومحولة واضحة لتكميم الافواه ومنع الجميع من اعلان مواقفهم ومراقبة اداء السلطة التنفيذية تحت طائلة العقاب واذا تواصل الامر على هذا النحو فان علينا ان نعترف ان الديمقراطية في بلادنا باتت في خبر كان.


بقلم
عدنان الصباح