عفوا منك يا بلادي فنحن منشغلون عنك ولذا سامحينا لان اشغالنا الهتنا عنك وقد تركناك بمن انشغل بك عن كل الارض وترك لنا الدنيا على رحبها ننشغل بها وتنشغل بنا ما دمنا ننساك وهو مدرك متابع جيد لنا فلا يسمح لنا بترك انشغالاتنا الكبرى لصالح قضية وطنية صغيرة, فكيف سننشغل بك وسوريا تضيع, كيف سننشغل بك وليبيا تهدم ومصر بحال يرثى له واليمن بحر من دم والعراق صارت قارة كبيرة وفي كل دولة عربية دول فهناك منا من تشغله حالة كل بلد من بلاد العرب او بلاد المسلمين, منا من ينشغل بالسنة ضد الشيعة او بالشيعة ضد السنة او مع مصر ضد اليمن ومع اليمن ضد السعودية, القضايا التي بين ايدينا اكبر منا ومنك ولا يجوز لنا ان نترك مثل هذه القضايا لننشغل بقضية وطنية ضيقة وصغيرة اذا ما قورنت بكل ارض العرب فاسمحي لنا ان ننتهي اولا من قضايا العرب او ننتهي منهم لعلنا نعود لك ان وجدناك لا زلت تحملين نفس الاسم ولا زالت عروبتك لا حالها, ان نعود للقدس ان وجدنا بها مقدسيين وليافا ان ظلت يافا ولغزة ان لم تغرق بماء الاشقاء لهدم الانفاق.
اسمحي لنا يا بلادي فهناك قضايا الامة ونحن لن نخذل امة خذلتنا عقودا طويلة بل لعلنا نعلمهم اننا ننشغل بهم على طريقتنا ونشاركهم صراعاتهم املين ان يتفقوا معنا لعلنا نعود بهم الى القدس ان ظل لصورتهم صورة, نحن نحضر الامر جيدا فحين ننتهي من حالة العرب سيكون لنا في الامم المتحدة الكثير من الاصوات وستفرخ كل دولة عربية دولا كثير وسيصوتون جميعا لوقف التهويد للقدس واكناف القدس وسيكون لنا في العالم عزوة ما بعدها عزوة.
سامحينا يا بلادي لان منا من هو منشغل بإرضاء السعودية ضد ايران او ارضاء ايران ضد مصر او مجاملة قطر ضد الامارات او القبول بتركيا بديلا لغيرها او قبول دم اليمن على القميص السعودي ودم سوريا على قميص قطر ويقتتل البعض على قتل ليبيا ويختلف البعض على تدمير العراق ويتفقون على ابعاد حزب الله عن دربنا واخراج ايران من صفنا ولا يخجلون ان اتفق من حالفهم مع اسرائيل بل اذا اعلن حزب الله انه سيحارب اسرائيل.
سامحينا لأننا لم ننتبه للملايين التي هربت من سوريا الى بقاع الارض تتوه هناك ولا ما يحضر للباقين في لبنان فكيف سننتبه للقدس واهلها واهل اليرموك ضاعوا وعين الحلوة على شفا الهاوية, اليس من واجبنا ان نظل يقظين لنعرف باي ارض سيحط الرحال باهل البداوي والرشيدية كما ضاع علينا ان نعرف اين ذهبوا من كانوا في العراق ولم نعد نعرف كم عدد الذين هربوا بالليل من الوطن باسم الوطن,
سامحينا يا بلادي لأننا ننشغل برا وبحرا وجوا في كل بقاع الارض الاك فانت احن علينا من غيرنا وانت ستقبلين اعذارنا وانت بالأصل مشغولة بسواري الاعداء تدق في القلب وفي الخاصرة فاحتملي وجع الاعداء لان وجع الاهل اقسى ونحن على العهد نبقى ونبقى والا برايك لماذا انقسمنا الا لأجلك... لماذا اقتتلنا الا لأجلك ... لما نجعل من الوطن اوطانا الا لأجلك... لماذا تنازلنا عن حيفا ويافا الا لأجلك... لماذا تركنا مخيم اليرموك يصير مليون مخيم في بقاع الارض ويتوه الا لأجلك, نحن حريصون على تحريرك بالتأكيد ولا تسالينا كيف كل ما عليك ان تفعليه هو ان ترقبينا واسمعي يا بلادي حقائق ما نقوم به لأجلك.
الم نتنازل عن حيفا ويافا لتبقي... الم نودع غزة لتبقى القدس... الم ننسى برطعة لتبقى جنين... الم نصمت عن غياب منفيينا لنهتم بالمنفيين الى كفر عقب وصور باهر... الم ننسى معبر رفح لننشغل بمعبر زعترة والكونتينر وغيرهما عن ماذا تريدين منا ان نتنازل اكثر وقد تخلصنا من الفلسطينيين في الكويت والعراق وسوريا ومن في لبنان على الطريق وبذرناهم وسنبذرهم في كل بقاع الارض لكي نحتل العالم بديلا لك ابربك السنا اذكياء ونخطط جيدا.
طبعا ان بالتأكيد تعرفين ايضا اننا في سبيلك انشغلنا في بغضنا, فتح منشغلة بحماس وحماس منشغلة بحماس وباقي الفصائل والحق يقال لم يقسروا فهم منشغلين بالعظات للطرفين احيانا والتحذير احيانا من ان يتفقوا من خلف ظهورهم وكلما جلس الطرفان معا صرخ المغردين من باقي الفصائل هذا تفرد ولا تجوز المحاصصة بين الطرفين بمعنى انها جائزة ان كانوا بها وطبعا غزة منشغلة بالضفة والضفة بغزة فان غرد غراب في الضفة قالوا حمساوي وان فعل في غزة قالوا فتحاوي والجليل والمثلث والنقب يقتلهم حزن الوحدة وقضاياهم ومن في المنفى يبحثون عن جواز سفر يحمل اسم بلد أي بلد يأوون الى ورق جواز الفر بديلا للغربة.
سامحينا يا فلسطين وليسامحني محمود درويش ان عارضته بقوله " كانت تسمى فلسطين... صارت تسمى فلسطين " فانا من ممن يؤمنون انك فلسطين لم يسميك احد ولن يسميك احد فالتراب هو التراب ولم يسمى ولن يسمى والمواليد هم من يحملون الاسماء او تنسب لهم الاسماء والبلاد هي اسماؤنا لا نحن من نسميها فانت فلسطين ولذا سامحي غيابنا لأننا سنعود يوما اليك طائعين ومهما كان تشاؤمنا فستظلين فلسطين فالطيور تعود الى اعشاشها مهما تاهت في السماء وابتعدت.
بقلم
عدنان الصباح