كل هذا الإرهاب

بقلم: رشيد شاهين

منذ انطلاقه، لم يترك تنظيم داعش الإرهابي عملا موبقا او جريمة وحشية إلا وارتكبها بطريقة مبتكرة، يصعب على العقل البشري استيعابها، فهم تنظيم "إبداعي" في الطرق التي يرتكب بها جرائمه. طرق تدل على عقول ونفسيات مريضة ومنحرفة.

داعش يعتبر ان كل من ليس معه "فكرا وإيمانا وانتماء" فهو ضده، وهو بهذا لا يختلف كثيرا عن فهم بوش الصغير في نظرته الى من هم الأعداء ومن هم الأصدقاء، الذي أعلن ان من ليس معنا فهو ضدنا عندما قرر غزو العراق.

الاعمال الارهابية التي ارتكبها داعش في اوروبا "باريس، تركيا وبلجيكا" لم تأت من فراغ ولم تكن بالنسبة اليه لمجرد ارتكاب جرائمه، او لإثبات انه "ما زال هنا" وان بإمكانه الضرب حيثما وأينما شاء.

داعش يؤكد بجرائمه تلك، انه يستطيع القيام بما يشاء عند الضرورة وان لديه امتدادات في أوروبا وان هذه الجرائم ربما تكون "بداية الغيث"، وعليه فإن على ليس فقط دول أوروبا، وإنما على دول العالم، ان تعيد حساباتها في التعامل معه، والرجوع عن محاربته، لان كل من سيشارك في تلك الحرب سيكون هدفا "سهلا" لعناصره وخلاياه المنتشرة في كل الدنيا.

من الواضح ان ما يواجهه التنظيم من "حرب" عليه في من سوريا والعراق، وما تحقق خلال الأشهر الماضية في البلدين من دحر لداعش في أكثر من موقع وفي الكثير من المواجهات، قد يكون واحدا من أهم الأسباب التي جعلت التنظيم يتجه شمالا نحو العواصم الأوروبية، من اجل إرسال رسالة إلى تلك الدول من انها لن تكون بمعزل عن إرهابه، وانه لن يتردد في إشعال تلك العواصم من اجل الحفاظ على "دولته" في العراق والشام.

ما قام به التنظيم من أعمال هزت العواصم الغربية، يهدف ليس فقط إلى التخويف، وإنما للتدليل على انه موجود في قلب أوروبا، المتمثل في مقر الاتحاد الأوروبي وكذلك الناتو، كما انها رسالة هامة لتركيا التي سهلت للتنظيم كل ما يتعلق بتسليحه وتمويله وتزويده بالمقاتلين كما تؤكد كل المصادر الاستخباراتية الغربية والعربية.

وإذا كانت زعزعة امن واستقرار بعض الدول وخاصة تلك التي وقعا فيها التفجيرات، وبث الرعب في باقي الدول التي لم يصلها بعد إرهاب داعش، هو من الأهداف الهامة للتنظيم، فان هدفا آخر ربما غير معلن يريده التنظيم من خلال تشجيع العديد من الشبان المتحمسين للالتحاق به وبالتالي تجنيد هؤلاء "المعجبين" به كي يكونوا يدا طولا له في مستقبل الأيام في قلب المدن والعواصم الغربية.

وهو عندما يستهدف بلجيكا وتركيا وفرنسا، فذلك لان في بلجيكا عدد كبير من المسلمين القادمين من عدد من البلدان العربية والإسلامية، وتعتبر الجاليات الإسلامية من اكبر الجاليات الإسلامية في أوروبا، وهذا ينطبق على فرنسا،، اما فيما يتعلق بتركيا، فهي بلد مسلم عدا عن الرسالة الأخرى المراد إيصالها لتركيا فهي ان على تركيا ألا تنساق وراء "الحرب على الإرهاب" المعلنة غربيا، وان عليها ان تستمر في سياستها السابقة او على الأقل التغاضي عن كل ما يمكن ان يأتي عبر حدودها للتنظيم.

أوروبا بما في ذلك تركيا وكذلك بعض العربان وأمريكا والكيان الصهيوني، ساهمت جميعها بإيجاد داعش، وترعرع على أيديها، وعمل الجميع على تدريب وتسليح وتمويل وتسهيل مهماته، وتم فتح حدود الدول لعناصره القادمين من كل العالم من اجل تدمير العراق وسوريا، يبدو انه آن الأوان لكي تتوقف تلك الدول عن الاستمرار في سياساتها تلك، خاصة وانها بدأت تحصد ما زرعت.

بقلم/ رشيد شاهين