اقف لاكتب عن صحيفة وجريدة عربية حملت راية العروبة وفلسطين ، فهي صوت الذين لا صوت لهم ، فهي صوت المقاومين ،هذا الصوت الذي اطلقه الاستاذ طلال سلمان ، لا يمكن ان يخفق ، فالسفير ستبقى عنوانا لكل الاحرار ، ونحن على مقربة من الاحتفاء باليوبيلِ الفضي لعروس الصحافة العربية ، فهي تكبر كل يوم وليلة، تثبت أقدامها، وتنشر حولَها عبقا من الثقافة والفكر والاخبار ، تتفانى خدمةً لقرائها، لانها تقول الحقيقة كل الحقيقة للجماهير ، فوقفت ودافعت عن فلسطين وما زالت ، كما وقفت ودافعت عن المقاومة في لبنان ، كما كان لها صرختها في وجه احتلال العراق ، وحذرت مما يحاك للمنطقة من فوضى ارادت الامبريالية والصهيونية من خلالها هدم ودمار وتشريد وتهجير، من خلال ما أسموه الربيع العربي، بدعمهم لقوى الارهاب التكفيري الذي يخدم اهداف الحركة الصهيونية باعماله الارهابية التي تستهدف كل دول العالمِ.
كانت جريدة السفير في قلب الحدث ، عبرَ مراسليها وكتابها ، وهي حققت من خلال دورها موقعا رياديا في الاعلام والصحافةِ العربية، مرده تميزهَا بدقة أخبارها، وعمقِ فكر كتابِها، وثراء محتوى مقالاتها، كل ذلك بمزيج بارع من الحرية والمسؤولية والمهنية ، فقد كانت رسالتها، هي رسالة أخلاقية، إنسانية، علمية، فهي رفضت أساليب الترغيب التي تتناقض ونهجها، وكذلك رفضت أساليب الترهيب ، واحتفظت بأهم ما يمكن أن تمتلكَه وسيلة إعلامية، وهذا يؤكد ثقة القارئِ بصدقيتها ونزاهتها.
وامام كل ذلك تبنت جريدة السفير مفهوم النشر الإلكتروني، وواكبت ثورةَ المعلومات، إذ استطاعت توظيف الإمكانات البشرية ، ولكن للاسف لم تتمكن من ايجاد مصادر مالية ، رغم الدور الكبير لفريقِ العملٍ الذي يتميز بالجدية في الأداءِ، والإبداع والابتكار، ووفق خطط مدروسة، للتوسع في الوسائلِ الإعلامية، وربطها بآلية تضمن الوصول الى إعلامٍ متعدد يحقق أهدافَه،السياسيةَ والثقافية والاقتصاديةَ والاجتماعيةَ والإعلاميةَ.
من هنا يكفي للسفير رئيسها و ناشرها الاستاذ طلال سلمان الذي حافظ على هويتها ونهجها وصدقيتها، كصحيفة عربية مستقلة تخاطب عقل القارئ، تعيش في قلب الحدث وتحتفظ بأمانة الشاهد، تعيش وسط العواصف ولا تنجرف أو تنحاز،حريتها لا تنفصل عن مسؤوليتها، وجرأتها لا تسيء إلى رصانتها، استقلاليتها ليست موضع نقاش .
نعم نحن نحتفل مع السفير بيوبيلها الفضي لاننا شديدين الاعتزاز بماضيها وحاضرها ومستقبلها ، بصحافييها وكتابها ، بقرائها ومحبيها وناقديهاـ اننا كشعب فلسطيني وعربي شديدين الاعتزاز بسياسة ناشرها ، فهي صوت الذين لا صوت لهم ، هي السفير التي يجب ان تبقى لتستكمل بداية مرحلة جديدة من التطور ومواكبة العصر ، فنحن عشاق السفير ، ومن تربى على صفحاتها متابعة وقراءة وأراء يجب أن يكون لنا رأي ايضا ، نرفعه الى كل القرار والمعنيين ، لنطالبهم بدعم السفير فلا يجوز ان تهدر اموال هنا وهناك دونما ان تهدر في مكانها اللائق ، فهي نبض المقاومة ، وهي صوت فلسطين ، وهي صوت الذين لا صوت لهم ، فهي صوت كل الكتاب
والقراء والمثقفين، هي مسيرة حافلة بالعطاء، ونحن نتطلع الى قرار الاستاذ طلال سلمان بأقفال جريدة السفير المنبر الاعلامي العربي ، نقول بكل وضوح ان هذا القرار شكل صدمة لكل المهتمين بجريدة السفير على امتداد العالم ليس عبر المطبوعة الورقية فحسب، بل عبر صفحات موقعها على الانترنت، الذي سيُحجب بدوره عن القراء،
ومن موقعنا نعلم جيدا ان ما اقدم عليه الاستاذ طلال سلمان وهيئة تحرير السفير ليس صدفة ، بل اتى في ظل حالة التراجع القومي، وتحول القومي والوطني إلى مذهبي وطائفي، وتراجع دور النقابات، وانكفاء الأحزاب، وزيادة حدة الانقسامات العربية، وتحويل قسم مهم من الإعلام إلى التجميد بهذا وذاك من انظمة وطابقة ثرية ، وشراء ذمم كبار الإعلاميين. يضاف إلى ذلك: ثورة التكنولوجيا والانترنت والمواقع الإلكترونية، وتراجع حجم الإعلان، كل هذه الظروف وضعت السفير وغيرها من الصحف المكتوبة أمام أزمة تراجع تدريجي، لهذا نرفع الصوت مع السفير ونطالب بتقديم الدعم المالي لها ، فهذه الصحيفة صاحبة الفكر واليقظة وحاملة مشعل فلسطين ، يجب ان تبقى في صميم معركة النضال ، فهي خاضت دروب الكفاح وقدمت مراسليها شهداء، ووقفت في وجه الظلم ونادت بالحرية وحثت على الثورة. بشفافيتها وصوتها " صوت الذين لا صوت لهم "
ختاما : لا بد من القول ، يكفينا كلام الاستاذ طلال سلمان فخرا واعتزاز الفـلسـطـينـيون جـوهـرة الشرق الأوسط ، لذك نقول ان تاريخ "السفير" لا يمكن ان يشطب ، ولا يمكن ان يستبدل بأي من الصحف ، فهي ستبقى مدرسة وعقيدة وفكرة وكتابة لن تسقط من الذاكرة، والفضاء الالكتروني يحتضن "السفير" لانها قادرة ومؤهلة للاضاءة فيه، لانها كتبت اسمها بمراسليها الشهداء والاحياء وهي يجب ان تمضي في السراج الذي يضيء الطريق لتخطي كل العقبات، ولا زالت جريدة السفير الذي لم ولن تنكسر أمام رياح الإعلام العاتية وستبقى تبحر حتى تصل إلى موقعها التي امنت به وانطلاقة من خلاله .
فألف تحية لجريدة السفير ورئيسها وناشرها الاستاذ طلال سلمان والى هيئة تحريرها ومراسليها وكل العاملين فيها .
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي