الوضع الإقليمي ومعداد الانقسام

بقلم: نبيل عبد الرؤوف البطراوي

خاصية التأثير والتأثر خاصية بشرية جمعاء وكذا تنطبق على كل ما يكون من نتاج تجمعات بشرية سواء احزاب او تنظيمات او دول ,هذا في الوضع الطبيعي للبشر ,فكيف سيكون الأمر حينما يتعلق الأمر بمكان جغرافي محصور ومن السهل جدا وضعه بين المطرق والسنديان ويكون عرضة لكل المؤثرات والعوامل الخارجي ويقع هذا الاقليم تحت ادارة من يريد أن يطير به ليغرد خارج السرب لوحده دون مراعاة مقدرات وامكانيات وقدرات أهل هذا الاقليم .

وهنا الساحة الفلسطينية اراد لها البعض لكي تكون مقدمة للفوضى الخلاقة التي عمت الدول العربية والتي اسقطت أنظمة وقسمت شعوب وحرفت بوصلة الأمة وسمحت لكل العابثين في الارض وضع يدهم في هذا الاقليم خدمة لمصالحهم الخاصة ورغبة في اضعاف الامة خدمة لمصالح اعدائها اولا واخيرا.

وقد كان تولى الرئيس محمد مرسي منصب رئيس الجمهورية رسميا في 30 يونيو 2012 أثر كبير في نفوس كل الطامحين في السلطة والتسلط وجر شعبنا وقضيتنا الى أن تكون ضمن أوراق تعبث بها قوى إقليمية خارجية من أجل تحسين مكانتها وتثبيت حضورها على المستوى الدولي ,وهذا ما أعطى الكثير مساحة واسعة من التماهي مع هذه القوى من باب حجز مقاعد لهم في هذا الموكب الذي اعتقدوا بأن الطريق سيكون محفوف أمامه بالورود ,فكانت في غزة مهرجانات البيعة وتعليق الصور واليافطات الكبيرة في الساحات العامة ووضع ملف القضية الوطنية والمصالحة ووحدة الشعب في ثلاجة الموتى الى أن يحدد موعد الدفن للقضية من خلال الاعلان عن استقلال (دولة غزة).

لكن لم تجري الرياح بما تشتهي النفوس الضعيفة فكان حراك الشعب المصري الوطني وتحرك الجيش المصري الثوري الذي اسقط نظام مرسي ,وبدا يعمل بكل حنكة سياسية ووطنية من أجل معافاة الاقليم بشكل عام من كل تلك الترهات والاوهام والعبثية للوقوف بحزم وقوة أمام الطفيليات الغربية عن أمتنا والتي جعلت الكثير من الحالمين العودة الى رشدهم والى بيتهم الوطني وازالت كل الوهم من الشوارع والميادين العامة التي لا تعبر عن حقيقة أهل غزة بشكل خاص وفلسطين بشكل عام .

وفي خضم تلك الضغوط جاء دعوة قيادات حركة حماس الى مصر من أجل اعادة العربة الة طريقها الطبيعية وعودة الوحدة الوطنية الى الهدف المرجو واعادة القضية الى بريقها الاقليمي والدولي في ظل حراك دولي عام وقناعة أممية بأن أم المشاكل في المنطقة هو الارهاب الصهيوني والاحتلال الاسرائيلي للأرض الفلسطينية .

وهنا كان الحراك الاقليمي والعربي بالتشاور مع القيادة الفلسطينية والتي ألحقت وفدها من أجل استكمال الحوارات التي كانت في الدوحة من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية والتجهيز للانتخابات بكل مؤسساتها وترميم البيت الفلسطيني حسب الحاجة الفلسطينية الوطنية بما يخدم قضيتنا على أسس وثيقة الاسرى واتفاقات القاهرة 2005م والتي تعد البرنامج المتفق عليه وطنيا كأساس يوافق عليه الجميع .

وهنا لابد من القول بأن تراجع بعض القوى عن بعض السلوكيات والافعال في مرحلة من المراحل ليس منقوصة في حقهم فكل البشر يجتهدون ومن يجتهد من الممكن ان يصيب وان يخطئ والتراجع عن الخطأ فضيلة ولا يجب أن تحسب عليه أنها غير هذا وخاصة أن كان هذا التراجع لصالح العام ولقضية مثل قضية شعبنا وعلى القيادة ان تعمل بكل جدية ومسئولية على ترميم تلك المرحلة وحل كل المشاكل التي ترتبت عليها بغض النظر عن الفاعل ودون تحميل جهة ما المسئولية هنا وهناك فالوضع لا يحتمل .

هنا لابد من الابتعاد من قبل الجميع عن التصريحات والتلميحات التوتيريه والاستفزازية وعدم لعب لعبة جمع النقاط على الاخر لان جميعنا في مركب واحد ان نجونا نكون معا وان غرقنا سنكون معا وهنا يبرز دور الاعلام والكتاب .

وعلى الشعب ان يساهم مساهمات جادة وحثيثة من أجل دعم تلك الخطى الطيبة من قبل الجميع من خلال حراك شعبي عام يدعم كل الفعل الايجابي لزوال الانقسام .

بقلم/ نبيل عبد الرؤوف البطراوي