البرنامج السياسي الفلسطيني وإنهاء الانقسام ..

بقلم: مازن صافي

منذ بداية الانقسام والملفات تثقل الوطن، وتتدحرج إلى التعقيد، وبالتالي فلم يكون تحقيق المصالحة مفروشاً بالورود، فقد أصبح كل ملف من الصعوبة القفز عنه، وكان الطريق الآمن هو طريق الانتصار للوطن والقضية والهوية، وهو الطريق الوحيد المؤدي إلى الوحدة الوطنية، وإنهاء الانقسام، ومعالجة ما أمكن من تداعياته، وهذه التداعيات أصبحت "ملفات ساخنة" يجب معالجتها أولاً، وهنا يكمن سر "التجمد" كل مرة، ويبدو أن ضياء شمس الوحدة سيبقى "حِلماً"،  ومع بدء جولات الحوار في البدايات الأولى لإنهاء الانقسام خرجت الجماهير لترفع أعلام فلسطين ولتحقق وحدة حقيقية في الفرح الوطني، وهذا الحوار هو سمة أساسية من سمات المجتمع المفتوح على حياته بكل تفاصيلها، ومهما علت أمواج العوائق، فإن سفينة الحوار يجب أن تصل إلى البر حيث يستطيع الناس العيش فيه، ومن هنا يمكن تفهم الاختلاف والحرية في الرأي والنزاع والخصام والتقاطع، وفي نفس الوقت نفهم أن كل هذا يجب ألا يشكل حالة استعصاء وطني مستمرة، تتكسر فوقها أمنيات المستقبل، وجيوش الأجيال القادمين إليه، بكل ما يحملونه من قضايا ومطالب وحقوق وتراكمات اجتماعية واقتصادية وحياتية عامة.

 

 

يوم أمس أعلنت نتائج لقاءات الدوحة وكان العنوان جميلا منمقا، ولكن في التفاصيل يفهم مباشرة أن الأمور لم تتقدم كثيرا ونحتاج الكثير من الوقت لمعالجة إستراتيجية المصالحة، ففي الوقت الذي تعمل حركة فتح على تأمين عبور حكومة الوحدة الوطنية إلى العالم والقدرة على القيام بواجباتها، وذلك من خلال البناء على أساس برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، تقف حركة حماس رافضة ذلك الأمر، وتتمسك ببرنامج "وثيقة الأسرى"، وهذا الأمر يشكل نقطة خلاف "أساسية وعميقة" نحتاج في الأيام القادمة لفهم إلى أين تؤدي بنتائج اللقاءات .

 

 

إن مجتمع السياسة اليوم هو المجتمع السياسي، ونحن احوج ما نكون الى نهوض فكري وثقافي كبير، ويأتي اليوم دور المثقفين ليزرعوا الحراك الفكري في المجتمع ويحدث التقاء بين مختلف الفئات والتوجهات، المتفقين والمختلفين، لأن المطلوب تصحيح رواسب الانقسام والعلاقة بين المنقسمين، وبالتالي يمكن للمجتمع السياسي أن يحدث التوازن والقبول وتأمين الحوار الناجح.

 

 

 إن غبار المناخ الإقليمي المتصاعد من حولنا، أدخلنا في أوراقه سواء رضينا أم رفضنا، وأصبحنا جزء لا يتجزأ من مساحة الملعب الكبير، وعلينا أن نتقدم نحو أهدافنا، لا أن نبقى في الخطوط الخلفية ننتظر معالجة ما يتقدم لنا وما يقدم لنا، ولأن القضية الفلسطينية هي الورقة الأكثر ثباتا وقوة في هذا الملعب الإقليمي الكبير، يجب ان تتحقق الوحدة الوطنية وبالطريق الذي يفهمه الإقليم ويتعامل معه ويعترف به، وهذا هو هدف حركة فتح من المطالبة بأن يكون برنامج منظمة التحرير الفلسطينية هو البرنامج السياسي الذي تلتزم به حكومة الوحدة الوطنية.

 

 

مواجهة التحديات القادمة، تفرض علينا أن تكون حالتنا الفلسطينية أفضل بكثير من كافة النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وأن نعيد بناء المؤسسات الواحدة بعنوان واحد في الوطن، ولنزرع الثقة فيما بيننا، لنحقق سعادة شعبنا وانجازه التاريخي بتحقيق الوحدة الوطنية والذهاب إليه لكي يقرر ويسجل رأيه في الانتخابات القادمة والتي أصبحت مطلب حيوي لا يمكن تجاهله.


همسة : الوقت يضغط على الجميع، لا أحد مرتاح في دولاب الملعب الدولي الواسع، فلنسجل مرحلة جديدة ونقتنص فرصة ثمينة، ونكسب الرهان أمام العالم الذي يريد أن يعيدنا إلى الوصاية الإقليمية والقفز عن قضيتنا الأم، إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

بقلم د.مازن صافي*

*باحث وكاتب فلسطيني

[email protected]